الخرطوم ـ «القدس العربي»: سباق محموم تدور فصوله في العاصمة الخرطوم لإعلان هياكل الحكم الانتقالي. وفيما يدور جدل بين «الحرية والتغيير» و«الجبهة الثورية» حول التأخر في حسم الوزارات، وعدم حسم هوية الأعضاء المدنيين الجدد في مجلس السيادة، تلوح بوادر أزمة داخل التحالف الحاكم، بعد مطالبة حزب الأمة بـ 6 وزارات من جملة 17 وزارة مخصصة للتحالف.
وقال القيادي في التحالف الحاكم، أحمد حضرة لـ«القدس العربي» إن «المشاورات تسير بشكل طيب، وكان يمكن إعلان الحكومة في وقت قريب، حيث كان يفترض أن يعلن أطراف السلام عن أسماء مرشحيهم لمجلس السيادة، ليتم تعيين الثلاثة المنصوص عليهم، لكن هذا الأمر لم يتم بعد، التأخير سببه أن أطراف السلام لم يدفعوا بأسماء المرشحين على ما يبدو لتعقيدات داخلية تخص الجبهة الثورية».
وتابع «واضح أنهم ينتظرون ما ستسفر عنه المشاورات حول مجلس الوزراء وطبيعة الوزارات التي سيحصلون عليها. تم حسم الجدل حول وزارة المالية والخارجية بأن ينالوا هم المالية والاقتصاد لكنهم عادوا وطالبوا بوزارة الزراعة إضافة للوزارات الستة التي اختاروها، وهو ما أسفر عن تجديد اجتماع أمس الأول اليوم السبت». وزاد: «لكن على العموم نحن مستعدون متى ما اختاروا وزارتهم، وحسم أمر وزارة الزراعة المستجد في النقاش نحن سندفع بأسمائنا لرئيس الوزراء ويمكن إعلان الحكومة في وقت أقرب مما يتصور أي متابع».
قيادي آخر في «الحرية والتغيير» رفض الكشف عن هويته، قال لـ«القدس العربي» : «رفاقنا من أطراف عملية السلام تركيزهم جله على الوزارات الإيرادية والمالية حيث نالوا وزارة المالية والتعدين والتنمية الاجتماعية التي تضم الصناديق الاستثمارية للدولة كلها والتي ستدخل عبرها أموال مؤتمرات المانحين، والآن قالوا إنهم يريدون وزارة الزراعة أو الاستثمار ما أرجع كل المشاورات إلى الوراء بعد أن استغرقنا وقتا طويل في انتظار أن يحسموا أمرهم بين المالية والخارجية وواضح أننا موعودون بتأخير طويل آخر لحسم الجدل حول ما يطلبونه من وزارات جديدة».
«مسألة غير صحيحة»
في المقابل بيّن القيادي في «الجبهة الثورية» والناطق باسمها، محمد زكريا، لـ«القدس العربي» أن «مسالة أننا تأخرنا في تقديم مرشحينا لمجلس السيادة غير صحيحة، ما حدث هو إننا أبلغنا رفاقنا في الحرية والتغيير بعد أن علمنا أنهم يريدون تغيير ممثليهم من المكون المدني في مجلس السيادة أن يحسموا أمرهم ويختاروا البدلاء لكي نقوم بعملية التعيين مرة واحدة في السيادي لما له من خصوصية باعتباره رأس الدولة. وليس من الجيد أن يجري فيه تغيير، يتم فيه، إعلان دخول أطراف السلام للمجلس وبعد أسابيع يجري تغيير آخر بإخراج أعضاء المدنيين. نحن متفقون تماما على من سيمثلنا في السيادي وننتظرهم أن يحسموا أمرهم».
وأوضح الملابسات التي لازمت اختيار وزارت أطراف السلام في مجلس الوزراء قائلاً: «نسبتنا المنصوص عليها في الاتفاق هي 25٪ وهي تعادل 6.5 ٪ وزارة من جملة 26 حقيبة وزارية هي قوام الحكومة المقبلة. ونحن قلنا إن المنطق الرياضي في كل الدنيا هو أن يجبر الكسر إلى واحد لتكون وزاراتنا التي سنخدم فيها عبارة عن 7 وزارات، وتم رفع الموضوع إلى لجنة رباعية من الأطراف جميعها».
وزارة إضافية
وتابع: «اللجنة عند اجتماعها توصلت للاتفاق على جبر الرقم إلى وزارة إضافية للجبهة الثورية، كما اقتنعت بمبرراتنا حول عدم جدوى قيام وزارة للسلام في ظل وجود أكثر من لجنة عليا ومفوضية مختصة بالسلام منعا للازدواجية، وحسمت الجدل بأن تؤول وزارة المالية لأطراف السلام والخارجية للحرية والتغيير».
وزاد «سمينا وزارة الزراعة لتكون من نصيبنا واتفقنا على ترفيع هيئة الاستثمار إلى وزارة. والحديث حول أننا نستأثر بالوزارات الإيرادية غير صحيح. نحن اخترنا الوزارات المتعلقة بتنفيذ اتفاق السلام واختيارنا للزراعة جاء لأن لدينا كفاءات مقتدرة فيها. وسبق وأن تنازلنا عن وزارة التجارة في النقاش لتعقيدات داخلية تخص الحرية والتغيير».
يشار إلى أن أطراف عملية السلام اختارت وزارات المالية والاقتصاد والتعدين، والتنمية الاجتماعية، والحكم الاتحادي، والتربية والتعليم.
روح توافقية
ونوه زكريا إلى «وجود روح توافقية عالية المستوى في أعمال اللجان المشتركة».
وقال: «هناك روح عالية من التفاهم والتناغم في أعمال اللجنة واليوم سيكون لدينا اجتماع لحسم الجدل حول المفاضلة ما بين وزارة الزراعة والاستثمار، ونحن نعلم حجم التعقيدات داخل صفوفهم، لكن بالنسبة لنا المسألة ليست في الأشخاص، وإنما في البرنامج، وما دام هو موحد ليس هناك مشكلة في الذي يتولى تنفيذه إن كان من بيننا أو من رفاقنا في الحرية والتغيير لأن الهدف واحد ويتمثل في خدمة المواطن وتنفيذ اتفاق السلام».
مطالبة «الجبهة الثورية» بالزراعة تخلط الأوراق… وأزمة داخل التحالف الحاكم
وفي الأثناء، كشفت صحيفة «التيار» المحلية أن اتجاها قويا برز بتولي رئيس حركة «العدل والمساواة» لوزارة المالية على أنّ يقوم بتبديل مقعده في المجلس السيادي، لصالح الهادي إدريس، رئيس «حركة جيش تحرير السودان ـ المجلس الانتقالي» كما أنّ وزارة الخارجية سوف تؤول لصالح حزب الأمّة القومي، ممثلا في نائب رئيس الحزب، مريم الصادق، لتولي المنصب.
وأشارت، وفقًا لمصادرها، إلى أنّ «أبرز الباقين في مناصبهم من الوزراء الحاليين هم نصر الدين عبد الباري وزير العدل، نصر الدين مفرح وزير الشؤون الدينية، ووزير الريّ ياسر عباس».
وأكّدت أنّ هناك «اتّجاهًا قويًا لإزاحة مدني عباس من التشكيلة الجديدة إلاّ أنّ الكتل التي ينتمي لها بالحرية والتغيير (تجمّع منظمات المجتمع المدني) تطالب بتركه من ضمن التشكيل الجديد».
معضلة مستحدثة
في السياق، كشف مصدر مطلع في تحالف «الحرية والتغيير» عن وجود معضلة مستحدثه تتمثل في دخول حزب الأمة على خط تقسيم الوزارات. وقال، بدون كشف هويته، «ليس هناك أي اتفاق على أي اسم لأي من الوزارات الـ 17 المخصصة لتحالفنا، ويشمل ذلك مريم الصادق وإبراهيم الشيخ الذي كتبت صحف أنه ضمن وزراء الحكومة، وحال ما علمنا ما هي الوزارات التي سننالها سنقوم بعدها بالدخول في مسالة الأسماء والمرشحين».
وأضاف «المعضلة التي تواجه التحالف الآن تتمثل في مطالبة حزب الأمة بإعطائه وحده 6 وزارات التي تمثل 25٪ من جملة مجلس الوزراء وهذا النقاش سيعطل تشكيل الحكومة بشكل كبير أخذين في الاعتبار أن الجدل مع الجبهة الثورية لم يحسم أيضا وبدلاء أعضاء مجلس السيادة (حسن شيخ إدريس وعائشة موسى ورجاء نيكولا ) لم تحسم أسماؤهم بعد، لذا الحكومة سيتأخر إعلانها كثيرا طبقا لهذه المعطيات».
إلى ذلك، قال رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، لدى حديثه لبرنامج «اتجاهات الأحداث» الذي تبثه إذاعة «بلادي اليوم» إن الخلافات التي تصاعدت مؤخراً داخل قوى الحرية والتغيير، يجب أن تكون محطة عبور إلى الأمام».
وأكد على «ضرورة التماسك للمضي قدما وترك التخندق والتربص، والاتجاه نحو صياغة البرنامج الوطني ووضع منهج إدارة لبناء الدولة، والاستفادة من العثرات السابقة».
وحسب قوله فإن «الشارع غير راض عن الأوضاع الحالية، إلا أنه يمد حبال الصبر مع القوى السياسية، وعلى القوى السياسية تقدير تضحياته، وتحقيق تطلعاته».