السودان: عمليات عسكرية واسعة للجيش بالتزامن مع خطاب البرهان أمام الأمم المتحدة

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم- «القدس العربي»: شهدت مدن العاصمة السودانية الخرطوم الثلاث – الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان- فجر أمس الخميس، عمليات عسكرية تعد الأوسع للجيش السوداني منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي.
وتتزامن المعارك مع خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهم خلاله أطرافاً إقليمية ودولية بتمويل الحرب، قائلاً: “إننا ماضون في هزيمة ودحر هؤلاء المعتدين مهما وجدوا من دعم ومساندة”.
وحسب مواطنين تحدثوا لـ” القدس العربي” نفذ الطيران العسكري التابع للجيش طلعات متعددة بينما سمع دوي عنيف من جهة مقرن النيلين غرب مدينة الخرطوم المتاخمة لمدينة أمدرمان، حيث تقدمت القوات البرية، فضلاً عن أحياء الحلفايا والكدرو بمدينة بحري الواقعة شمال العاصمة الخرطوم.
وقال القيادي المنشق عن حركة العدل والمساواة، التي تقاتل إلى جانب الجيش، سليمان صندل، إن المواطنين الذين ما زالوا في الخرطوم، والخرطوم بحري استيقظوا على استئناف القتال بين الجيش، والدعم السريع، مشيراً إلى انخفاض وتيرة المعارك خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي زاد آمال السودانيين بوقف الحرب على نحو كبير. وأضاف القيادي المقرب من قوات الدعم السريع: “لكن ظاهر هذه المعارك الأخيرة، وكذلك ما جرى في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الأجندة الحربية لمجموعة بورتسودان قد انتصرت، وأوهموا الجميع أنهم قادرون على حسم المعركة عسكرياً”.
وقال مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، إن قواتهم تصدت لثلاثة متحركات للجيش حاولت عبور جسور، الحلفايا، والنيل الأبيض والأزرق، والفتيحاب، بالإضافة إلى منطقة الري المصري جنوب الخرطوم، معتبراً العمليات التي نفذها الجيش “مغامرة فاشلة”.
وفي ظل احتدام المعارك العسكرية، انقطعت شبكات الاتصال والإنترنت عن نطاق واسع من العاصمة الخرطوم، بينما يتكتم الجيش على مجريات المعارك.
وفي نيويورك، قال رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مخاطبته الدورة (79) للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن “إرادة الشعـب السوداني ستنتصر في هذه الحرب التي شنتها قوات الدعم السريع بتعاون ودعم دولي”، مشيراً إلى أن خارطة إنهاء الحرب في السودان واضحة المعالم تتمثل في إنهاء العمليات القتالية وانسحاب قوات الدعم من المناطق التي “احتلتها وشّردت أهلها وتجريدهم من السلاح” ليتمكن المواطنون من العودة إلى مناطقهم.
وشدد البرهان على حرصهم على هزيمة قوات محمد حمدان دقلو “حميدتي” التي تم وصفها بـ”المعتدين” مهما وجدوا من دعم ومساندة. وطالب الأمم المتحدة بوصف الدعم السريع “وصفاً حقيقياً”، مشيراً إلى أنها “قوة مسلحة تمردت على الدولة وارتكبت جرائم ترقى لتصنيفها كجماعة إرهابية”. وأكد التزام القوات المسلحة بعملية التحول الديمقراطي وحق الشعب السوداني في اختيار من يحكمه وأنها حريصة على الوفاء بالتزامها الأول الذي ضربته بعد ثورة ديسمبر/ كانون الأول في العام 2019 في تسليمها للسلطة لأي حكومة توافقية أو منتخبة. وأضاف: “لن نسمح بعودة النظام السابق الذي رفضه الشعب إلى سدة الحكم”، مؤكداً التزامها بالمساهمة الإيجابية في تسهيل عملية الانتقال إلى الحكم المدني.
وقال إن الحكومة ملتزمة بالبحث عن السلام مع كل المجموعات التي لا زالت تحمل السلاح مع التزامها بإكمال اتفاق سلام جوبا الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
واتهم أطرافاً إقليمية ودولية بإشعال الحرب في السودان عبر تقديم دعم سياسي ولوجستي محلي وإقليمي لقوات الدعم السريع، معتبراً ذلك تحدياً صارخاً للقانون والإرادة الدولية، مضيفاً: “أتساءل لماذا لم تتخذ المنظومة الدولية إجراءً حاسماً ورادعاً حيال هذه المجموعة ومن يقف خلفها في ارتكاب لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ورفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية”.
وجدد البرهان عزم الحكومة وحرصها على تسهيل العمل الإنساني، وحماية القوافل، والطواقم الإنسانية، والطبية.
وقال إن السودان يُؤمن ويدعم دور الأمم المتحدة ويدعم المبادرات الراعية لإصلاح وتطوير عمل أجهزتها وخاصة مجلس الأمن لترسيخ التُعددية والأمن الجماعي وصيانة حقوق الإنسان ومواجهة تحديات التغير المناخي والإرهاب المحفز عرقياً وأيدولوجياً.
وندد البرهان بما اعتبره تنامياً في التصرفات الفردية خارج نطاق الأمم المتحدة بما يتنافى مع الميثاق والقانون الدولي واستخدام وسائل وآليات الإكراه السياسي والاقتصادي لتحقيق أهداف سياسية تساهم بشكل رئيسي في زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وإشعال الحروب، مشيراً إلى أن الانتقائية وازدواجية المعايير باتت السمة الغالبة في العلاقات الدولية.
وقال إن قوات الدعم السريع بدأت الحرب بمحاولة للاستيلاء على السلطة بقوة السلاح وإنها سرعان ما تغيرت إلى حرب شاملة ضد الشعب السوداني، مشيراً إلى أنها تجد الدعم والمساندة من دول في الإقليم تمدهم بالمال والمرتزقة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية في تحد صارخ للقانون والإرادة الدولية.
وأضاف أن “جرائم هذه المجموعة طالت حتى مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات ومنقولاتها ومباني الأمم المتحدة”، متهماً قوات حميدتي بتحدي القوانين والالتزامات الدولية دون الاكتراث إلى العواقب، متهماً قوات الدعم السريع برفض مقررات إعلان جدة وقرارات مجلس الأمن بحظر توريد السلاح إلى دارفور والاستمرار في التطهير العرقي في دارفور.
وتابع أن “هذا العدوان المدمر الذي تقوده الدعم السريع مسنودة بدول في الإقليم وفرت لهم الدعم المالي وسهلت لهم تجنيد وترحيل المرتزقة والسلاح مما تسبب في قتل عشرات الآلاف وتهجير ملايين السودانيين من مواطنهم حيث إنهم يهربون من كل مكان تذهب إليه تلك القوات”. وأشار إلى أن الأزمة الإنسانية التي يعيشها جزء كبير من السودان تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي والمنظمات والإيفاء بالالتزامات الدولية المعلنة في تقديم العون المطلوب واللازم لملايين الفارين والنازحين واللاجئين.
وفي خطابه قال البرهان: “إننا أمام تحد كبير وهذه المنظمة الأممية يجب أن تضطلع بمسؤولياتها في حماية الدول النامية من أطماع الدول التي ما زالت تعتقد أنها ستتحكم في مقدرات الشعوب بما تملكه من قوة أو مال نقول لهم إن الشعوب إرادتها أقوى من كل ذلك وستنتصر إرادتها، مشدداً على أن الكثير من الأزمات سببها ازدواجية المعايير والإكراه السياسي والابتزاز الاقتصادي وعجز المنظومة المنوط بها حفظ الأمن والسلم الدوليين من ردع من يتحدى الإرادة الأممية. وأضاف أن “سوق المبادرات وتجيير وتوجيه مقترحات الحلول لخدمة جهات معينة أو لتلبية مصالح دول أصبحت هذه الأساليب غير مقبولة وليست ذات جدوى في دولنا النامية التي تكثر فيها النزاعات المفتعلة، فالملكية الوطنية للحلول هي الطريق الأمثل للمعالجة”.
وفي التصور الذي عرضه لإنهاء الحرب، شدد على ضرورة أن تنتهي العمليات القتالية، مشيراً إلى أن ذلك لن يتم إلا بانسحاب قوات الدعم السريع وتجميعهم في مناطق محددة وتجريدهم من السلاح ليتمكن المواطنون من العودة إلى مناطقهم حيث يسهل وصول المساعدات إليهم وتفتح الطرق والمطارات وتعمل وسائل الإنتاج.
ويعقب ذلك عملية سياسية شاملة تعيد مسار الانتقال السياسي الديمقراطي ووضع الحلول المستدامة بملكية وطنية تمنع تكرار الحروب والانقلابات العسكرية.
وأكد أن القوات المسلحة السودانية تعمل بمهنية تامة دون الارتهان لأي كيان سياسي، وأنها ملتزمة تماماً بعملية التحول الديمقراطي وحق الشعب السوداني في اختيار من يحكمه.
وأشار إلى التزامهم بالقانون الدولي والإنساني واتفاقيات وبروتوكولات جنيف وبذل أقصى الجهود لحماية المدنيين وتسهيل إيصال العون الإنساني لمختلف مناطق السودان، مؤكداً استعدادهم للانخراط في أي مبادرة تنهي الحرب.
واشترط أن تدعم “المبادرة” الملكية الوطنية للحل وتنهي “احتلال قوات الدعم للمناطق المختلفة” كخطوة أولى وضرورية لاستعادة المسار الديمقراطي، مشيراً إلى أنه لن يكون مقبولاً مشاركة أي دولة أو منظمة دعمت الحرب أو شاركت في قتل السودانيين وتشريدهم سواء بالإمداد بالسلاح أو تسهيل عبوره أو قدمت الدعم السياسي أو أي من أنواع الدعم فيما يلي العدوان على الدولة السودانية وشعبها”.
وتابع: “أؤكد أننا ماضون في هزيمة ودحر هؤلاء المعتدين مهما وجدوا من دعم ومساندة”.
وأكد البرهان تمسك حكومة السودان بموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ضمن حدود 1967 والإنهاء الفوري للعدوان على غزة ويوصي بقبول عضوية فلسطين الكاملة في هذه المنظمة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية