الخرطوم ـ «القدس العربي»: تمتد منطقة الفشقة شديدة الخصوبة، على مسافة 168 كيلومترا، شرقي السودان، بمحاذاة الحدود الإثيوبية، وتحيط بأراضيها الزراعية التي تقدر بنحو مليوني فدان، ثلاثة أنهار، موسمية؛ عطبرة والسلام وستيت، منحتها تلك الأنهار، سمات تفضيلية عديدة كأرض زراعية غنية ولكنها كذلك جعلت منها شبه جزيرة معزولة، وغير آمنة.
وما تزال الفشقة خارج دائرة الإنتاج منذ نحو 25 عاما، في وقت يتمدد في المنطقة مزارعون إثيوبيون تحت حماية مجموعات عسكرية تابعة للجيش الإثيوبي وميليشيات أخرى.
ويعود ذلك، إلى تعرض الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، لمحاولة اغتيال، في 26 حزيران/يونيو 1995 خلال مشاركته في فعاليات القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
لاحقا، أشارت اتهامات، لتورط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في الحادثة، وتداعت الأحداث وصولا لتوتر العلاقات بين السودان وإثيوبيا، وتمدد قوات ومزارعون إثيوبيون في منطقة الفشقة شرقي السودان، بينما تراجع الجيش السوداني.
وبعد أن كانت المنطقة تشهد خلافات محدودة بين المزارعين السودانيين والإثيوبيين لعشرات السنين، أصبحت منطقة نزاع عسكري.
وتوقف معظم المزارعين السودانيين عن الزراعة في منطقة الفشقة منذ 25 عاما، بينما واصل آخرون العمل بشكل حذر وفي نطاق محدود.
المزارع حمزة عبد القادر، قال لـ«القدس العربي» أنه ظل يزرع السمسم والذرة وعباد الشمس في أرضه التي تقع على بعد 11 كيلومترا شرق نهر عطبرة، حتى العام 2020 إلا أنه خرج عن دائرة الإنتاج بعد تجدد المعارك بين الجيش السوداني والأثيوبي.
وما يميز الفشقة، حسب عبد القادر، أن لها تربة نوعية وغير مستهلكة فضلا عن أن أراضيها المنحدرة تمنع ركود المياه وغمرها للمحاصيل.
وأشار إلى ان الجانب الأثيوبي قام ببناء مستوطنات مزودة بجميع الخدمات تحرسها قوات تابعة للجيش الأثيوبي وعصابات موالية له، لافتا إلى أنه مقابل الحماية التي يجدها المزارعون الإثيوبيون داخل الأراضي السودانية يعاني المزارعون السودانيين من الهشاشة الأمنية وعدم الحماية فضلا عن غياب المعينات على الأرض وضعف الخدمات.
ولفت إلى أن معظم المزارعين السودانيين، فقدوا رأس المال الخاص بهم خلال اعتداء الجيش الأثيوبي على المنطقة، قبل نحو 25 عاما، والذي كان بالتزامن مع فترة الحصاد، وكذلك خسروا معداتهم والياتهم الزراعية.
وأضاف: منذ ذلك الوقت يتعرض المزارعون السودانيون للاختطاف من قبل عصابات مسلحة تابعة للجيش الأثيوبي، ويتم ابتزاز أسرهم لدفع فدية مالية، في حين أحجم معظم المزارعين الكبار عن الزراعة في المنطقة، لجهة الخسائر الفادحة المتوقعة حال تعرضهم للهجوم أو تجدد الاشتباكات بين الجيشين السوداني والأثيوبي.
وأشار إلى أن المنطقة التي استطاع المزارعون السودانيون في الفشقة الصغرى، زراعتها هذا العام لا تتجاوز 25 فدانا.
وتابع: بعد تحركات الجيش السوداني الأخيرة، تراجع المزارعون والقوات الإثيوبية التي أخلت عددا من المستوطنات إلى منطقة الردمية القريبة من الجبال التي تحادد إثيوبيا، مشيرا إلى أن الوضع على الرغم من الهدوء المؤقت ينبئ باشتباكات مرتقبة.
وتشهد المنطقة تحركات واسعة للجيش السوداني. وحسب «سودان تربيون» استعاد الجيش السوداني، الثلاثاء الماضي، مستوطنة برخت التي شيدها الإثيوبيون في منطقة الفشقة في العام 1995 وتعد من أكبر المستوطنات الإثيوبية.
قوانين وأعراف الحرب
والإثنين الماضي، أعلن الجيش السوداني، أن الجيش الإثيوبي، أعدم سبعة جنود سودانيين ومدني واحد، كان قد أسرهم قبل نحو أسبوع، في منطقة الفشقة الحدودية شرقي البلاد.
واستنكرت السلطات السودانية، قتل الجيش الإثيوبي للأسرى السودانيين والتمثيل بجثثهم، مشددة على أن ذلك يتنافى مع كل قوانين وأعراف الحرب والقانون الدولي الإنساني.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العميد ركن نبيل عبد الله، في بيان وقتها، إن الجيش الإثيوبي بعد قتله للجنود والمواطن السوداني الذين كانوا أسرى لديهم، قام باستعراض جثثهم أمام المواطنين، بكل «دناءة وخسة».
وتوعد بالرد على الموقف الذي وصفه بالجبان من الجانب الإثيوبي بما يناسبه، مشددا على أنه لن يمر بلا رد.
فيما أقرت وزارة الخارجية الإثيوبية بالحادثة، لكنها قالت إن الجيش السوداني توغل إلى داخل الأراضي الإثيوبية مع قوات تتبع للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
وقالت في بيان، إن الحكومة الإثيوبية علمت بالحادثة المأساوية التي وقعت على الحدود الإثيوبية السودانية المشتركة يوم 22 حزيران/يونيو الماضي.
وحسب البيان الإثيوبي، وقعت الحادثة داخل الأراضي الإثيوبية بعد توغل وحدة من الجيش النظامي السوداني تدعمها عناصر إرهابية من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.
وأضاف البيان: تأسف الحكومة الإثيوبية للخسائر في الأرواح نتيجة المناوشات بين الجيش السوداني والميليشيا المحلية التي سيُجرى التحقيق بشأنها قريبًا.
وتابع: الحكومة الإثيوبية ترفض رفضًا قاطعًا تحريف هذه الحقائق من قبل القوات المسلحة السودانية التي ألقت اللوم ظلماً على إثيوبيا بينما كانت وحدة من الجيش السوداني هي التي عبرت الحدود الإثيوبية بطريقة استفزازية حسب تعبير البيان.
وأشارت إلى أنها تأمل في أن تمنع الحكومة السودانية نفسها من أي تصعيد للحادث وتتخذ تدابير من شأنها التهدئة من تصعيد الموقف.
وادعت الحكومة الإثيوبية، أن الحادث تم اختلاقه عمدا لتقويض العلاقات العميقة الجذور بين الشعبين الإثيوبي والسوداني، علاوة على ذلك، أن الهدف من الحادثة هو عرقلة إثيوبيا من طريقها نحو السلام والتنمية، ومع ذلك تظل الحكومة الإثيوبية ملتزمة بمبادئ الحل الودي للخلافات بين الدول.
فيما أكد القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في تصريحات من منطقة الفشقة التي زارها، الاثنين، على عزم قيادة القوات المسلحة على إسناد القوات وتمكينها من أداء واجبها المقدس في حماية الأرض والعرض.
وقال إن أفراد القوات المسلحة لن تضعف عزيمتهم وأنهم ماضون في طريق الفداء والاستشهاد في سبيل البلاد، مشددا على أن دماء الشهداء لن تضيع سدى ومؤكدا على أن الرد سيكون واقعا ملموسا على الأرض، وأن ما جرى من أحداث خلال الأيام الماضية لن يتكرر مرة أخرى، موجها بعدم السماح بأي تحركات أو تعديات جديدة على الأراضي السودانية والمواطنين حتى خط الحدود الدولية.
شكوى رسمية لمجلس الأمن
وفي وقت أعلنت السلطات السودانية إغلاق معبر القلابات الحدودي، الرابط بين البلدين، مؤكدة أنها شرعت في تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي.
واستدعت وزارة الخارجية السودانية السفير الإثيوبي في الخرطوم، على خلفية قتل الجنود والمواطن السوداني من قبل الجيش الإثيوبي، وأبلغته بموقفها الرافض لما وصفته بالسلوك غير الإنساني والجريمة النكراء التي تجافي مبادئ القانون الإنساني الدولي.
ونددت بقتل الجيش الإثيوبي للجنود والمواطن السوداني بعد اختطافهم من داخل الأراضي السودانية بتاريخ 22 حزيران/يونيو الماضي واقتيادهم إلى داخل الأراضي الإثيوبية وقتلهم والتمثيل بجثثهم على الملأ .
وقالت وزارة الخارجية في بيان وقتها، أن السودان يستضيف أكثر من مليوني مواطن إثيوبي ينعمون بمعاملة كريمة ويتقاسمون مع الشعب السوداني موارده ولقمة عيشه في كرم وتسامح.
وأضاف: حفاظاً من وزارة الخارجية على سيادة بلادنا وكرامة مواطنيها شرعت الوزارة في تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة، مؤكدا أن السلطات السودانية تحتفظ بكامل الحق الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة في الدفاع عن أراضيه وكرامة إنسانه.
وأشار إلى استدعاء السودان سفيره لدى إثيوبيا فوراً للتشاور بخصوص هذه الانتهاكات.
والأربعاء قبل الماضي، شهدت الحدود الشرقية، اشتباكات بين جنود سودانيين وإثيوبيين، على خلفية توغل مزارعين وجنود إثيوبيين في المناطق السودانية.
اصيب خلال الاشتباكات جندي سوداني وأسر سبعة آخرين ومواطن مدني، قام الجيش الإثيوبي، بقتلهم والتمثيل بجثثهم لاحقا.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 2020 أعاد الجيش السوداني انتشاره في الحدود السودانية الشرقية ذات الأراضي الخصبة، والتي ظلت تشهد توسع مزارعين إثيوبيين تحت حماية الجيش الأثيوبي لقرابة 25 عاماً.
وفي العام 1902 وقعت بريطانيا، اتفاقا لترسيم الحدود مع الإمبراطور الإثيوبي، منليك الثاني، حدد الحدود بين السودان وإثيوبيا، والتي تم ترسيمها في العام 1903.
وفي العام 1957 قام عدد من المزارعين الإثيوبيين، بزراعة نحو 4000 فدان في منطقة الفشقة، تزايدوا لاحقا إلا أنهم لم يتجاوزوا الثلاثين، الأمر الذي أثار أول نزاع مسلح في المنطقة في العام 1967.
وفي العام 1972 اتفق الجانبان على الوقوف على أوضاع المزارعين في الحدود بين البلدين، وإيجاد حل ودي لمشاكل الزراعة والاستيطان، والشروع في تكثيف الحدود بين البلدين.
وبعد عامين من الاتفاق شهدت إثيوبيا تغييرات سياسية، أطاحت بالامبراطور هيلا سيلاسي، مما عطل الاتفاق الموقع بين البلدين.
وفي تسعينيات القرن الماضي، ارتفع عدد المزارعين الإثيوبيين في الأراضي السودانية لأكثر من 1000 مزارع.
وفي العام 1995 بدأ الجيش الأثيوبي ومجموعات مسلحة تابعة له بتشكيل اسناد عسكري للمزارعين الإثيوبيين، الذين احتلوا نحو مليون فدان من الأراضي السودانية.
وتوقع الخبير الأمني، أمين مجذوب، أن تشهد منطقة الفشقة في الفترة المقبلة اشتباكات واسعة، بعد الانتهاكات التي قامت بها إثيوبيا في حق الأسرى السودانيين وقتلهم والتمثيل بجثثهم بما يخالف الأعراف والقوانين الدولية.
وأشار إلى أن السودان سمح لعدد محدود من المزارعين وفق اتفاق بالزراعة والعودة بعد الحصاد إلى بلادهم وفق ترتيبات محددة، مشيرا إلى أن محاولة اغتيال حسني مبارك في أديس أبابا، عام 1995 والتي اتهم نظام الانقاذ بالضلوع فيها، منح إثيوبيا فرصة للضغط على السودان بشكاوى ثانوية في مجلس الأمن.
وقال إن ثمن سكوت إثيوبيا، عن محاولة اغتيال مبارك في أراضيها، كان هو التغاضي عن تمدد المزارعين والجنود الإثيوبيين في منطقة الفشقة لأكثر من 25 عاماً.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020 أعادت القوات المسلحة السودانية انتشارها في المنطقة واستعادت الأراضي الزراعية الغنية هناك في وقت تعاني إثيوبيا اقتصاديا مشيرا إلى أن عرق الأمهرا التي كانت مستفيدة اقتصاديا في الفشقة تمثل الحاضنة السياسية لرئيس الوزراء الإثيوبي ابي أحمد.
وحسب مجذوب تعمل إثيوبيا على تفريغ أزماتها الداخلية، ونقلها للخارج، مشيرا إلى أن المناوشات الإثيوبية تصاعدت قبل شهور بخطف مواطنين وطلب فدية وقتل آخرين وعمل كمائن للقوات المسلحة التي تتحرك لتمشيط المنطقة وكانت آخرها إعدام الجنود والمواطن السوداني والتمثيل بهم.
يجب على الجيش السوداني حماية بلاده و طرد اللصوص الاثيوبيين من أراضيه
الجيش السوداني كغيره من الجيوش العربية
يستاسد على بتي جلدته فقط و أسد على السودانيين فقط اما على الأعداء فلم يصل حتى نعامة بل دجاجة
هو مشغول بتأمين الحكم للبرهان و عصابته و ليس
الدفاع عن الحياض و المواطنين. ربما هو أيضا يحتفظ
بالرد في الزمان و المكان المناسبين شانه في ذلك شأن
الجيش السوري عندما يتعرض البلد لاعتداءات إسرائيلية.