الخرطوم ـ «القدس العربي»: قتل 23 سودانياً وأصيب 13 آخرون جراء هجوم على منطقة أبوزريقة جنوب مدينة الفاشر شمال درافور، نفذته قوات «الدعم السريع» التي واصلت قصفها لليوم الثالث على التوالي معسكر زمزم للنازحين غرب البلاد، فيما احتدم القتال في عدة محاور في ولاية الجزيرة وسط البلاد.
«جريمة بشعة»
وقالت شبكة «أطباء السودان» إن «الدعم السريع ارتكب جريمة بشعة ضد المواطنين الأبرياء في منطقة أبوزريقة، مؤكدة مقتل 23 شخصاً وإصابة 13 آخرين مما يعكس فداحة الفظائع التي ترتكب بحق المدنيين العزل».
بينما قالت تنسيقية «لجان مقاومة» مدينة الفاشر، إن مخيم زمزم للنازحين في ولاية شمال دارفور شهد الأربعاء، تجدداً للقصف المدفعي من قبل القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» مشيرةً إلى أنه خلال اليومين الماضين قتل وأصيب نحو 20 شخصاً
قال سكان محليون في المعسكر لـ«القدس العربي» إن القصف المدفعي الصادر من «الدعم السريع» تسبب إلى جانب سقوط ضحايا مدنيين، بإغلاق الأسواق والمطاحن والمستشفيات بالإضافة إلى نزوح مئات الأسر، مشيرين في الوقت نفسه إلى استهداف القصف مقر منظمة «أطباء بلا حدود» داخل معسكر زمزم للنازحين.
وحذرت المنظمة من تعرض أكبر موقع للنازحين في السودان، معسكر زمزم لقصف مكثف من قبل قوات «الدعم السريع» مما تسبب في كابوس للنازحين، مؤكدة سقوط ضحايا وانتشار حالة من الذعر وسط المواطنين وتصاعد موجة النزوح الجماعي.
ونوّهت إلى أن فرقها الطبية استقبلت مساء الإثنين 8 مصابين، من بينهم نساء وأطفال، لا تتجاوز أعمارهم أربع سنوات يعانون من إصابات خطيرة مثل الكسور والإصابات البالغة في الصدر.
في السياق، أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن القصف العشوائي لمخيم زمزم للنازحين، الذي طال العيادات الصحية والملاجئ.
احتدام المعارك في الجزيرة… والجيش يقترب من مدينة ود مدني
ووفق المنسقة العامة للنازحين واللاجئين، نزح 354 أسرة بعدد 1.770 فرداً من الفاشر إلى مناطق جبل مرة.
وقال الناطق باسم المنسقة آدم رجال، إن العائلات القادمة في حاجة ماسة للغذاء والدواء ومواد الإيواء، مبيّناً أن المنطقة تشهد موجة برد قارس، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً من المنظمات والخيرين وتوفير «بطاطين ودفايات» للنازحين.
ميدانياً، كشفت مصادر ميدانية لـ«القدس العربي» سيطرة الجيش والمتطوعين معه وقوات درع السودان بقيادة القائد المنشق من «الدعم السريع» أبوعاقلة كيكل على جسر ود المهيدي الاستراتيجي في منطقة أم القرى بعد معارك ضارية مع «الدعم السريع» التي تكبدت خسائر.
وُيعد الجسر، والمنطقة المحيطة به، من أهم المواقع الدفاعية التي كانت تتخذها قوات «حميدتي» لتأمين مدينة ود مدني، حيث حشدت قواتها بكثافة هناك، عقب خسارتها لمنطقة أم القرى شرق الجزيرة الأحد الماضي.
ويرى خبراء عسكريون أن وصول الجيش إلى ود المهيدي، يعني أن الطريق أصبح سالكاً إلى ود مدني، وأن خسارة الدعم السريع في المنطقة تعني بالمقابل كسر وتشتت أقوى دفاعاتها ما سيحدث ارتباكاً في صفوفها قد يعجّل تحرير عاصمة الولاية، خاصة في ظل اشتداد المعارك في محاور أخرى.
كذلك، أفادت مصادر عسكرية أخرى بأن الجيش توغل داخل منطقة «ود الحداد» كما استعاد عدد من البلدات جنوب الجزيرة منها «ودحميدان، ودالنعيم، ودالشافعي وغيرها» فيما انسحبت قوات «الدعم السريع» شمالاً إلى منطقة الحاج عبد الله التي من المتوقع أن تشهد معركة فاصلة خلال الساعات أو الأيام المقبلة.
استعادة قرى
في الموازاة، قالت المقاومة الشعبية في المناقل، إن الجيش حرر عدداً من القرى مع تواصل زحفها إلى منطقة مهمة واستراتيجية في محور القتال الحربي في ولاية الجزيرة.
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، أطلق الجيش والقوات المساندة له، عملية برية واسعة، استعاد على ضوئها مصنع سكر سنار وعدداً من القرى شمال غرب ولاية سنار، إضافة إلى تحرير مدينة أم القرى شرق الجزيرة. كما أن هذه القوات تضيق الخناق على ودمدني من عدة محاور أخرى.
وفي 18 من ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، استطاعت قوات «الدعم السريع» فرض سيطرتها على ودمدني وتوسيع سيطرتها في مدن وقرى الجزيرة ،عقب انسحاب مفاجئ للفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش.
ورأى مراقبون، إن الجيش مازال يخوض معارك استنزاف وتطويق في مواقع في ولاية الجزيرة ونحو عاصمتها ودمدني، ولم يبدأ بعد معارك التقدم وامتلاك الأرض، مشيرين إلى أن المعارك الجارية في الجزيرة أربكت حسابات «الدعم السريع» نسبةً لاندلاعها في أوقات متزامنة وفي عدة محاور فضلاً عن قطع وتضيق خطوط إمدادها بالعتاد الحربي.
في التطورات العسكرية أيضاً، نفذ الطيران الحربي غارات مكثفة على تجمعات «الدعم السريع» داخل بلدة أم روابة في ولاية شمال كردفان. كما كشفت مصادر أهلية أخرى، أن قصفاً جوياً ومدفعياً طال ارتكازات «الدعم» في جبل كردفان بهدف فتح طريق قوات الجيش التي ستدخل معركة أم روابة من ناحية «الأبيض».
ويشار الى أن منطقة الغبشة شرق أم روابة، شهدت معارك عنيفة *يوم الاثنين، واستطاع الجيش خلالها هزيمة قوات «حميدتي» وصد هجوم بقيادة حسين برشم ـ أحد قادة الدعم السريع البارزين ـ الذي أكدت المعلومات تعرضه لإصابة بالغة وتلقيه العلاج بأحد مشافي المدينة عقب نقله إلى منطقة أخرى.
ويحاول الجيش الذي تتمدد قواته في بلدات كردفان منذ أيام، استعادة بلدة أم روابة وفتح الطريق القومي الرابط بين مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض ومدينة الأبيض في شمال كردفان وفك الحصار على قواته المتواجدة هناك.