تلجأ الفنانة التشكيلية علا الأيوبي إلى تشخيص صور منزاحة المعالم الواقعية، لتتقصد التتابعات الفنية في تحولاتها المرتبطة بالظواهر الشكلية المحاكية للسيريالية، تنجزها وفق الأشكال التي ترغبها، فترسم الشخوصات على نحو من الانزياح المتسم بالتعقيد، انطلاقا من تثبيت الملامح المشخصة، ومرورا بالإسكابات الداخلية التي تضفيها المبدعة على منجزها، ووصولا إلى إدراك الحقيقة الفنية والمعرفية التي تتوخاها من خلال العملية الإبداعية، التي تفضي إلى معانٍ ودلالات متنوعة. لهذا تظهر معظم الشخوصات والبورتريهات التي تقدمها الفنانة علا الأيوبي في مواجهة إيجابية مع القارئ. ومن خلال مقاربة أعمالها بالواقع؛ فإنها تتبدى ملأى بالمعاني البلاغية، لأن عملية إنجاز تلك الأعمال الواقعية الفائقة تحمل في طياتها مفاهيم ذات مغازٍ عميقة، ودلالات تشكل رسائل واضحة، لأنها تتحدى المنطق، وتخوض في فلسفة فنية وجمالية وثقافية ومعرفية ذات منطلق خفي.
وفي وقفة نقدية تستهدف هذه الأعمال، فإنها تتخطى ببراعة الشكل العادي الذي تنبني عليه صور الواقع، إلى الشكل المتحرر الذي يروم معاني الانسجام والفكر والفلسفة، والذي يتجاوز مجموعة من المفاهيم الكلاسيكية. فهذا الإنجاز يأتي في سياق معرفة مرئية كآلية للتعبير، بجماليات غير متناهية، وشمولية إبداعية متحررة، تخفف من صلابة الصورة الشخوصية المعتادة بمحرك سيريالي، فتجعل القارئ أمام فهم بياني للعملية الإبداعية التي تنشد المشروع الذاتي والشعوري للمبدعة. وبذلك تتواشج أعمالها على نحو من المعنى العميق والمبهم، باعتبارها ترصد الواقع من العقل الباطن، المرتبط بالتفكير الفني الذي يتوفر على الخبرة الجمالية والفنية المقترنة بالفكرة، فهو الهاجس المحرك لعملية الإبداع لديها، بما تحمله من لغة تشكيلية ذات القدرة الدلالية والإنتاج البلاغي. إن ثمة روحا من الواقع تأتي طرحا فنيا، في سياق رؤية تشكيلية إبداعية مغايرة للمألوف، بمتعة حل تلك العلاقة القائمة بين الشخوصات وما تعنيه في الواقع؛ لتصنع الإيجاب بتصورات وتحويلات فنية وجمالية، مع إضفاء الحركة من خلال أشكال تنوعية وتوظيفات لونية. وكلها عناصر فنية ومفردات تشكيلية محملة بالايحاءات والإشارت المولدة للدلالات المتنوعة، التي تخرج المادة التشكيلية إلى حيز وجودي بفهم بلاغي وخطاب فني يباشر العين والإحساس. وتلعب فيه المهارة والتقنيات العالية دورا محوريا؛ وفعالا في إحداث الجديد.
إنه أسلوبها الخاص في التعبير، ومشروعها الإبداعي الذي تنتج من خلاله قضايا متنوعة، تحملها لوحاتها، بإبداعات لونية منسجمة، تُوازن فيها بين التركيب الشكلي واللون والمساحة، وتحولها بإبداعها المتفرد إلى مادة فنية تتكامل فيها الدوال والمدلولات. وهي رسالة فنية تحقق بها نتاجا تشكيليا يشعل وهج العلامات اللونية برمزيتها في نطاق إبداعي يوفر توازنا أكبر بين مختلف المكونات والعناصر التشكيلية والمفردات الفنية.
كاتب مغربي
شي حلو جدا ومميز جدا لوحات في غاية البهاء حبيبتي علا ونقد خطيييييييييير ورائع من الناقد محمد البندوري تسلم