السوق السوداء تصاب بالشلل… والورقة الخضراء تواصل صعودها… ومرتضى يقرر الانسحاب من الدوري

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : لا حديث يعلو فوق الحديث عن الجنون الذي أصاب “الفلافل” أو الطعمية، كما يطلق عليها أغلب أهالي الصعيد والدلتا، إذ تجاوز سعر القرص المتوسط أربعة جنيهات، بينما يباع بضعف ثمنه في الأحياء الراقية.
أما السؤال الذي أصبح يسيطر على الأثرياء، الذين باتوا يفقدون الثقة في عملتهم الوطنية، فهو في أي المجالين يتجهون هل لادخار الذهب، أم التنقيب عن الدولار الذي لم يعد موجودا.. من جانبها تراهن الحكومة على أن تدفع من يحتفظون بالورقة الخضراء للتخلي عنها، بعد رفع الفائدة البنكية لشهادتين جديدتين أصدرهما بنكا الأهلي ومصر لـ25%، ومما يعزز من تفاؤل الحكومة إعلان البنكين تمديد العمل يوم الإجازة لاستقبال الجماهير التي تتدفق، أملا في حصد مزيد من الأرباح.
وبدورها سعت دار الإفتاء لحث المواطنين على إيداع أموالهم في البنوك، مؤكدة جوازها شرعا، فيما أصر العديد من دعاة السلفيين على التأكيد أنها ربا محرم.. وشهد مساء الخميس الماضي، وصباح الجمعة 6 يناير/كانون الثاني، حالة من الشلل التام للسوق السوداء للعملات الأجنبية، مع عروض كثيفة للبيع دون أدنى طلب شراء؛ ما أدى لانخفاض السعر الموازي ليبدأ في الاقتراب من السعر الرسمي، الذي ارتفع إلى 27.16 جنيه في البنك المركزي.. وحول الجهود التي تبذلها الحكومة لتوفير السلع الغذائية: قال الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، إن تكاتف وتعاون المصريين هو الأساس للوصول إلى بر الأمان في تخطي الأزمات، ومنها أزمة التضخم وارتفاع الأسعار التي نعاني منها الآن. وأشار الوزير خلال افتتاحه معرض “أهلا رمضان” في ميدان المؤسسة في شبرا الخيمة، إلى أن هذه المعارض ستنتشر في أرجاء الجمهورية خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى منافذ التموين المنتشرة لتقديم كل العروض للسلع المخفضة.
ومن معارك الرياضيين: وجه مرتضى منصور رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك، هجوما عنيفا ضد اثنين من نجوم الفريق، عقب التعادل مع الداخلية في الدوري الممتاز. وقال مرتضى: «عبدالله جمعة وأحمد فتوح يتعاطيان مخدر الحشيش، وأبلغتهما بإحضار عروض من أجل الرحيل عن النادي». وأضاف منصور: «فتوح وعبدالله جمعة رفضا فكرة الخضوع لتحليل المنشطات بعد الماتش وخافا وعشان كدة غابا.. سأجتمع بالمدير الفني فيريرا غدا، كيف يجلس نبيل عماد دونجا بديلا لمحمد أشرف روقا؟». واختتم مرتضى: «لن نكمل الدوري، أنبي كان له ركلة جزاء واضحة ولم تُحتسب لمجاملة الأهلي، واليوم رفض الحكم احتساب ركلتين للزمالك ضد الداخلية».
المعضلة تشتد

أكد عبد القادر شهيب في “فيتو” أن القرارت المفاجئة بطرح شهادات بفائدة 25% وتخفيض الجنيه بنسبة 7% كان لها من قبل الذين اتخذوها ما يبررها، ولها أيضا من قبل الذين توقعوها ما يفسرها.. فالذين أصدروها يحاولون امتصاص السيولة في السوق للسيطرة على التضخم والمحافظة على احتياطيات النقد الأجنبي، وعدم تبديدها على تثبيت سعر الجنيه.. والذين توقعوا هذه القرارات يرون أنها تأتي في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي، الذي يقضي بالالتزام بمرونة سعر الصرف ومحاصرة السوق السوداء للعملة. وأيا كانت أسباب القرارات المصرفية التي اتخذها البنك المركزي، وأكبر بنكين مملوكين للدولة، فإنها تتعامل مع أعراض المرض الاقتصادي، ولا تقدم العلاج المطلوب لهذا المرض حتى الآن.. إننا نسلك منذ التسعينيات من القرن الماضي السبيل ذاته، وهو تخفيض سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم. فعلنا ذلك عدة مرات حتى الآن سواء بالاتفاق مع صندوق النقد، أو من دونه، ومع ذلك ما زلنا نعاني من وجود سوق سوداء للعملة ومن تضخم غلاء لا يتوقف عن الزيادة منذ بداية العام الماضي، الذي ودعناه قبل أيام قليلة.. والفطنة تقضي بأن نجرب التعامل مع أسباب المرض الاقتصادي، وليس مع أعراضه، حتى لو كنّا سنتحمل هذه الأعراض بعض الوقت حتى يحقق العلاج تأثيره المطلوب. وسبب مشكلتنا الاقتصادية معروف لدينا، وهو إننا نستهلك أكثر مما ننتج، ونستورد أكثر مما نصدر، ولذلك أصبحنا أكثر عرضة لعدوى أي مشاكل تلم بالاقتصاد العالمي، كما حصل في أزمة كورونا، ثم أزمة الحرب الأوكرانية. والعلاج المطلوب هنا معروف أيضا وهو، التخلص من هذا الخلل الاقتصادي بزيادة إنتاجنا وتخفيض استيرادنا من الخارج، وإذا كانت زيادة إنتاجنا تحتاج لوقت فإن تخفيض استيرادنا لا يحتاج لهذا الوقت، وإنما فقط لقرار حاسم، وبالتالي وقتها قد يجد البنك المركزي أن رفع سعر الفائدة يعطل زيادة الإنتاج ولا يفيد بالتالي كثيرا في السيطرة على التضخم المستورد من الخارج، وإن تخفيض الجنيه يزيد التضخم.

كارثة تحيط بنا

الأمر كما يصفه أشرف راضي في “المشهد” جد خطير ولم يعد يحتمل ترف الصمت أو السكوت. وبدأت بالفعل تتعالى الأصوات التي تدعو إلى تغيير المجموعة التي تدير الشأن الاقتصادي في الحكومة المصرية، والأخطر أن تدهور الوضع الاقتصادي، الذي بات جليا للجميع وعنوانا صارخا للفشل، يثير انزعاج حتى أكثر الناس تأييدا للرئيس السيسي وسياساته، ولا يقفون كثيرا عند الثمن المدفوع من أجلها، ولا يدعون إلى إعادة ترتيب للأولويات على نحو يظهر انحيازا للسواد الأعظم للمصريين، الذين يعانون ارتفاعا متواصلا لا كابح له لأسعار السلع، على نحو يؤدي إلى تآكل مستمر في القدرة الشرائية للعملة المحلية. وحذر الكاتب من أي قراءة خاطئة لدلالة عدم استجابة المصريين لدعوات التظاهر في الشهر الماضي، ونبه لخطورة تفسير ذلك على أنه تأييد لسياسات الحكومة، وشدد على خطورة التمادي في سياساتها، وما قد يترتب على التمادي في هذه السياسات من نتائج كارثية وعواقب نبه لها، كثير من الخبراء والدارسين المهمومين بالشأن العام واستغلوا المتاح من نوافذ قليلة يمكن من خلالها نشر آراء غير تلك الآراء التي يرددها عدد من الإعلاميين والصحافيين المروجين بشكل دعائي فج للسياسات الحكومية، الذين تربحوا من ممارستهم مهنة “التضليل” و”التطبيل”. لقد أولت القيادة السياسية في مصر، ومنذ مطلع الثمانينيات، الاقتصاد الاهتمام الأكبر، وأصبح ملف الإصلاح الاقتصادي أولوية للحكومات المتعاقبة منذ المؤتمر الاقتصادي الأول عام 1982. أربعون عاما تفصل بين المؤتمر الاقتصادي الأول والمؤتمر الاقتصادي الأخير، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ولا اختلاف كبير في المسارات التي سار عليها المؤتمر الأول والمؤتمر الأخير، والتي تمثلت في ثلاثة مسارات أساسية هي: السياسات الاقتصادية الكلية؛ تمكين القطاع الخاص وتهيئة بيئة الأعمال؛ ووضع خريطة الطريق للمستقبل. ربما يكون لافتا أن الفكر الاقتصادي السائد لدى دوائر التفكير الاقتصادي الرسمية في مصر، لم يتغير منذ التحول الكبير الذي بدأ مع سياسات الانفتاح الاقتصادي التي أطلقها الرئيس السادات.

كيف حدث هذا؟

كانت وستظل ملاذا آمنا لأهالي أطفال السرطان؛ خاصة الفقراء الذين جاءوا إليها من داخل مصر وخارجها؛ وعلى أعتابها خلعوا آلامهم وبعد حين خرجوا بابنائهم أصحاء، بعد أن منّ الله عليهم بنعمة الشفاء. إنه مستشفى سرطان الأطفال (57357) الذي يتوجع منذ فترة، كما أوضح عبد العظيم الباسل في “الوفد”، بسبب نقص التبرعات التي أدت من قبل إلى غلق المستشفى الآخر في مدينة طنطا، والدور سيأتي عليه بعد ثلاثة أشهر فقط، كما أكد ذلك مديره. كيف حدث هذا وهل أزمة المستشفى تنحصر في نقص التبرعات أم هناك سوء إدارة؟ الإجابة تأتي من المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية الأسبق وعضو مجلس أمناء المستشفى حاليا؛ الذي جمد عضويته في أول اجتماع لمجلس أمنائها بسبب اعتراضه على تشكيله فهو بحكم القانون باطل؛ لعدم تمثيل أعضاء الجمعيتين المؤسستين للمستشفى في مجلس الأمناء بالتساوي؛ حيث يجب أن يكون لكل جمعية ستة أعضاء، بالإضافة إلى ثلاثة معينين؛ لكن واقع الحال داخل المستشفى غير ذلك ويتطلب ضرورة تشكيل مجلس أمناء جديد؛ يقوم بمراجعة أعمال المجلس الحالي في ضوء موارد المستشفى واحتياجاته ويتحمل مسؤولية التنفيذ. وفي ظل وجود هذا المجلس الباطل توالت المخالفات داخل المستشفى التي تمثلت في مصروفات لا جدوى من ورائها مثل، إنشاء أكاديمية لتدريب العاملين؛ والانفاق ببذخ كبير على المرتبات باعتراف مدير المستشفى ذاته في إحدى الفضائيات بأنه يتقاضى شهريا 400.000 جنيه فقط؛ فماذا عن باقي المرتبات، الأمر الذي ترتب عليه استنزاف مبالغ كبيرة من تبرعات المستشفى.

بيد الوزيرة

بعد أن عدد عبد العظيم الباسل العديد من صور التسيب، وعدم الرقابة الصارمة على أوجه الإنفاق في المستشفى، الذي يعد قبلة مئات الآلاف من الأطفال الفقراء الذين لا تستطيع أسرهم التوجه بهم للمستشفيات الخاصة بسبب تكاليف العلاج الباهظة فيها، انتهى الكاتب إلى أن الأغرب من ذلك أن هناك بعض التبرعات تأتي للجمعية باسم المستشفى فتأخذ جزءا كبيرا منها باعتبارها هي التي تسلمتها؛ وكذلك إنشاء جمعيات فرعية لجمع التبرعات من الخارج مثل كندا وأمريكا، ولا يتم تحويلها؛ في حين أن هناك اتفاقا بين أكثر من 10 بنوك في الداخل والخارج؛ يتم التبرع من خلالها بعيدا عن أي تبرع مباشر للجمعيات، واليوم ونحن على أبواب تبرعات جديدة بقدوم الشهور المباركة، وعلى رأسها رمضان؛ نأمل من وزيرة التضامن أن تسرع إلى إنقاذ المستشفى من خلال تشكيل مجلس أمناء جديد حتى يشعر المتبرعون بالاطمئنان على تبرعاتهم، بسبب ما أثير من شبهات ومخالفات؛ فضلا عن تغيير الجهاز التنفيذي في مختلف درجاته ومواقعه؛ مع استدعاء لجنة محايدة مشكّلة من مختلف الأجهزة الرقابية، لمراجعة التبرعات التي حصلت عليها الجمعيات المؤسسة للمستشفى، وتحديدا ما تم توريده لها وما احتفظت به تلك الجمعيات لنفسها. في اختصار علاج هذا المستشفى في يد الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن؛ ولا نظن أنها ستتباطأ في تقديم العلاج رحمة بأطفال السرطان.

ليس وقته

في الجَد هزل وفي الهزل جَد، مؤذٍ بشدة الهزل في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، المشروع كما أشار حمدي رزق في “المصري اليوم” يمس البنية الأساسية للمجتمع، الأسرة، اللبنة الأولى، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. الخفة الضاربة في الفضاء الإلكتروني تهكما على مشروع القانون، والسخرية من مواده التي لم يتعمق في مطالعتها كثير من المغردين، تورث المشروع رفضا مجتمعيا مصطنعا، قبل أن يناقشه مجلس النواب. مشروع القانون يواجه بحملة سخرية مرتكزة على وضعية القاضي في عقد الزواج، وشروط الأهلية، وصندوق رعاية الأسرة، وهناك تغريدات ساخرة من شخصيات تحسبها عميقة، سقطت في فخ «الترند» فغردت بائسة، تصطنع خفة ظل وعرفت بثقل الظل. دعك من هراء مساعد مأذون الغبرة إياه، نال جزاءه، بعد أن كشف غطاءه، مثل هذا القانون ليس نزهة خلوية، من أخطر مشروعات القوانين، وأهمها، وضرورته من ضروريات الأمن الاجتماعي الذي هو عماد الأمن القومي، لذا يحاط برعاية رئاسية، وشغل حكومي، وبحث قانوني، ومراجعات دينية، ورقابة مجتمعية. هذا قانون يمثل نقلة حضارية في مشروع الأسرة المصرية، تخلصا من ربقة قوانين ماضوية انتهت إلى معدلات غير مسبوقة في قضايا الطلاق، وما يتفرع عنها من قضايا النفقة والحضانة، وما أدراك بمأساوية هذه القضايا في بيوت مغلقة على ما فيها من أحزان طافحة، راجع قضايا محكمة الأسرة.. حاجة تحزن.

للمعارضين حجتهم

حتمية قانون الأحوال الشخصية، من وجهة نظر حمدي رزق تضعه في صدارة الأولويات الوطنية، والحوار المجتمعي الذي أطلقه الرئيس بإعلانه عن مشروع القانون، مستوجب أن يكون على مستوى الحدث الأبرز مجتمعيا، وعليه مستوجب خضوع مشروع القانون إلى حوار جاد ومحترم على المستويات كافة، دون زيادة أو نقصان. وابتداء تنشر مواد المشروع على العامة، حتى يتبين للشارع كنه هذا القانون ومحتواه، والفائدة المرتجاة من وراء الشروع في إصداره.. أولوية أولى إن شئنا الدقة في حديث الأولويات، وتؤجر الحكومة على طرحه، ويحمد للرئيس حماسته لهذا القانون الذي ظل معلقا خشية سوء الظن المختمر في العقول. إجهاض مشروع القانون تحت وابل من القصف الإلكتروني قبل أن نقف على مواده، والتعاطي مع المشروع بالرفض المسبق على طريقة، حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا، والتسفيه والتنكيت والتبكيت، يضيع على المجتمع فرصة سنحت لتغيير معادلات مجتمعية ماضوية، لا تزال تحكم سياقا اجتماعيا مغايرا، فرصة وسنحت لا تضيعوها.. وكم فرص كانت سانحة وضاعت هباء منثورا. إذا كانت الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والأحوال، فما بالنا بمواد قانونية سكت في زمن «سي السيد» ولا تزال تحكم وتتحكم وتستعبد من ولدتهم أمهاتهم أحرارا. التولي عند مناقشة القانون، والنزوع إلى الهزل في موضع الجد يكلفنا ما لا يحتمل من مآسٍ مجتمعية، ومراجعة ملفات الأسرة في محاكم الأسرة، أو ما يصل منها إلى المؤسسات الدينية والاجتماعية، وإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تحتم قانونا رؤوفا رحيما جامعا لكل ما يخص الأسرة، ويؤسس لمجتمع جديد قائم على العدالة بين طرفي المعادلة، الزوج والزوجة، ويضمن حق الأطفال في حياة كريمة.

يستحقون الدعم

ما أروعه من يوم عاشته مصر مؤخرا حسبما أشار محمد البهنساوي في “الأخبار” مع فئة مهمة من أبنائها، أصحاب العزيمة الصلبة والهمم الفولاذية. القادرون ليس باختلاف إنما بروعة وتميز هذا الاختلاف، تلك الفئة التي شاء المولى أن يمنحهم ميزة الحرمان من بعض نعمه لحكمة لا ندرك بقصر تفكيرنا مبتغاه سبحانه منها، لنتأكد أنها ميزة ومنحة وليست نقمة أو نقصان، تلك الفئة التي عانت من ظلم فوق طاقة البشر، لدرجة أنه كان يطلق عليهم في عصور سابقة «أصحاب العاهات» ولنتخيل ما يستتبع تلك التسمية من ظلم مجتمعي، ليتحملوا وأسرهم حكمة واختبار المولى، وكذلك ظلم البشر، بالطبع كانت هناك دائما جهود شخصية وأهلية للتخفيف عنهم، لكنها لم تكن يوما توجها مجتمعيا يناسب معاناتهم وأسرهم. اليوم، ومع جهود إعلاء قيمة الإنسان بجمهوريتنا الجديدة، يكتب لتلك الفئة ميلاد مجتمعي جديد، ميلاد يناسب قوة عزيمتهم وصلابة تحملهم، ويصبحوا في أعماق قلوب المصريين، وبمنتهى الموضوعية لو لم ينجح أي رئيس أو مسؤول إلا في إعادة الحياة والكرامة والإنسانية لتلك الفئة التي ظلمت لعقود وقرون لكفاه ذلك مجدا وعطاء، لقد جعلهم الرئيس السيسي في مقدمة اهتمامات الدولة والمجتمع، وكانت النتيجة المبهرة ليس فقط في تغيير نظرة الجميع، ولا الخدمات العديدة التي تقدمها الدولة، ولا العطاء والتكريمات والرعاية، لكن الإنجاز الأهم إعادة اكتشاف قدراتهم الخارقة لهم، لنكتشف جميعا أنهم وبحق واستحقاق لديهم من الإمكانيات والمزايا ما يفوق الكثير من نظرائهم الأصحاء الذين أسبغ الله عليهم نعمه، لكنهم لم يكونوا يوما على قدر التحدي مثل أصحاب الهمم لن أتحدث عن معاناة هؤلاء الأبطال وأسرهم والنماذج المضيئة من كفاحهم، ولا قسوة الظروف التي يمرون بها، لكنى اليوم أتوقف عند تلك النماذج التي أبهرتنا وفاجأتنا كالعادة في احتفالات «قادرون باختلاف» التي نظمتها وزارتا الشباب والرياضة والتضامن والتي تؤكد ما أشرت إليه من إعادة اكتشاف ما حباهم الله من نعمة التميز باختلاف، الآن وبعد ما بدأه الرئيس من إعادة هؤلاء الأقوياء للحياة، أعتقد أن علينا جميعا التحرك ليس لتعويضهم عقود حرمان وظلم، إنما لإطلاق طاقاتهم الإبداعية لتصبح قوة دفع إضافية لمجتمعنا.

تجارة رائجة

أصبح لافتا للانتباه كما يرى محمد بركات في “الأخبار” ذلك الكم المنهمر من التوقعات والتنبؤات، التي انطلقت من كل هؤلاء المنجمين والمتنبئين، الذين خرجوا علينا من كل فج عميق مع نهايات العام الماضي وميلاد العام الجديد، ليزفوا إلينا رؤاهم لما هو متوقع ومنتظر من أحداث ووقائع تحملها إلينا حقيبة العام الجديد. ورغم ما تحمله هذه التوقعات في مجملها من طرائف، وما تشتمل عليه تلك التنبؤات في طياتها، من غرائب يمكن اعتبارها نذير سوء في بعضها، أو بشارة خير في بعضها الآخر، بالنسبة للأفراد أو الجماعات، أو حتى الدول والشعوب، وهو ما يجعلنا نتوقع عزوف الناس عنها وانصرافهم عن تصديقها في ظل هذه الغرائب وتلك الطرائف. إلا أننا نجد لها انتشارا واضحا وإنصاتا متزايدا بين كل الفضائيات، وفي غالبية البرامج الحوارية على القنوات المختلفة. في تصوري أن ذلك الإقبال والانتشار لا يعود في جوهره إلى تصديق عموم الناس لهذه التوقعات وتلك التنبؤات، ولكنه يرجع في جزء كبير منه إلى طبيعة البشر، وما جبل عليه الإنسان من فضول لمعرفة ما هو مخفي من الأمور، وما يتملكه من رغبة عارمة في الكشف عن المستور. ورغم احترامي لما يقول به هؤلاء المتنبئون من أنهم لا يهرفون بما لا يعرفون، وما يؤكدونه دائما من أن هذه التنبؤات هي نتاج دراساتهم الطويلة، ومعرفتهم الواسعة والدقيقة لعلوم الفلك والأبراج وحركة الشمس، ومواقع النجوم والكواكب، وعلاقة كل ذلك بما يجري على الأرض وما يقع للناس وما تجري به المقادير. إلا أنني ممن يؤمنون بأن ما يقع لنا هو نتاج عملنا، وأن الأفراد والجماعات والشعوب هم الذين يصنعون واقعهم ويبنون مستقبلهم بعقولهم وجهدهم وعملهم وأيديهم، وفي هذا السياق.. أذكر هؤلاء جميعا وأذكر نفسي بالقول المأثور «كذب المنجمون.. ولو صدقوا».

لهذا يفضله الكثيرون

هناك عدة أسباب لتفسير تنامي جاذبية Tiktok في مصر، أولها ببساطة وفق رأي الدكتورة إيمان رجب في “مصراوي”: أنه يعبر عن التريند، والكل يريد أن يكون جزءا من هذا التريند الجديد، وفي مصر نحن نعشق التريند بكل أنواعه. السبب الثاني يرتبط بالخصائص المميزة لهذا التطبيق التي تسمح للجميع بنشر أي شيء دون وجود رقابة على المحتوى، ومن تلك الخصائص سهولة النشر ومعالجة المحتوى قبل نشره، وإمكانية إخفاء الهوية الحقيقية لمن يقوم بصناعة المحتوى ونشره، باستخدام أدوات عدة يوفرها التطبيق. وهذا يفسر وجود محتوى على هذا التطبيق لا يتماشى بالضرورة مع عادات وتقاليد المجتمع المصري ويتضمن العديد من الكلمات النابية. ثالث هذه الأسباب يتعلق بأن هذا التطبيق يعد قناة للوصول لقطاعات من النشء والشباب تتعامل معه على أنه المنصة الرئيسية للتعبير عن آرائها ووجهات نظرها في أمور عدة، ولذا من يرغب من الشركات أو الجهات الحكومية في التواصل مع هذه الفئة أصبح بحاجة لأن يكون حاضرا ومؤثرا في هذا التطبيق. ورابع هذه الأسباب ينصرف إلى تنوع المحتوى الموجود في هذا التطبيق، الذي يأخذ شكل الفيديو القصير وفق ثقافة “الرسالة السريعة”، ما يجعل منه منصة للترفيه بـ”المجان” أفضل من التلفزيون المليء بالإعلانات التجارية ومن الفيسبوك واليوتيوب اللذين ينشران فيديوهات طويلة تصيب من يشاهدها بالملل، حيث يمكن أن تجد عليه محتوى فنيا وكوميديا ونصائح تتعلق بالصحة النفسية ونصائح طبية ونصائح دينية ومقاطع من برامج تلفزيونية ومقاطع لتعليم اللغات الأجنبية وغيرها، ولكن عليك دوما أن تتحقق من صحة ما يقال في فيديوهات Tiktok. وتشير توقعات موقع ستاتيستا الخاصة بمستقبل هذا التطبيق، إلى أنه بحلول 2025 سيبلغ عدد مستخدميه في العالم 955.3 مليون مستخدم، أي أن هذا التطبيق لا يزال في المراحل الأولى، ومتوقع أن يستمر معنا لسنوات. وهذه التوقعات تشير إلى ضرورة التعامل الواعي مع تطبيق Tiktok، بصورة أكثر تنظيما من الطريقة التي تعاملنا بها مع الفيسبوك حين انتشر في مصر منذ مطلع الألفية الجديدة، ومع اليوتيوب والإنستغرام، لاسيما أنه واضح خلال المرحلة الحالية أن Tiktok له إيجابيات، ولكن أيضا له تأثير سلبي في الشباب والنشء وعلى مناحٍ عدة في المجتمع المصري.

يفضي للجنون

البون شاسع بين التوتر وبين الذهان، على حد رأي الدكتور خليل فاضل في “المصري اليوم”: مرضى القلق لديهم استبصار بالحالة ووعي بها، أما مرضى الذهان فلا يدركون أنهم مرضى، والمتوترون والواقعون تحت ضغطٍ شديد يخشون عبور الحدود من العُصاب إلى الذُهان.. أو فقدان العقل، وهو عرض مُزعج يشكِّل هاجسا لكثير من المُضطربين نفسيا. إن التوتر والقلق والضجَر والخوف، والضغوط، ذلك الإجهاد الجسدي والنفسي، الذي يُسببه ظرف حياتي قاس، أو فكرة مُحبطة، مع الغضب والانفعال الشديد، ورد فعل لموقف صعب، كاحتياج شديد في ظلّ ظروف صعبة، وأحيانا ما يكون مفيدا لتحفيز الإنسان على النجاح وإتمام مشاريعه الخاصة، أما الذهان فهو فقدان الصلة بالواقع والانفصال عنه، وتتضمن سماع أو رؤية أشياء غير حقيقية، أو الإحساس بأن هناك أفكارا أو مشاعر اضطهادية وضلالات تنافي الواقع. التوتر يقع ضمن اضطرابات «العُصَاب» والثاني في «الذهان»، الإجهاد الشديد والتوتر العالي، قد يدفعان الإنسان إلى إحساس غريب بالانفصال عن الواقع، كسماع صوت غير موجود، أو كما لو أنه في الغرفة ظلّ أو شخص، كامرأة فقدت بيتها واضطرت للانتقال إلى بيت حماتها، فغيَّرت مكانها وذكرياتها وراحتها، واضطرَّت إلى السَكن في غرفةٍ بمفردها، فتهيأ لها أن هناك من يجلس في انتظارها في الخارج، ويتحرش بها ويودّ معاشرتها، ففسَّرت تلك التخيلات على أنها عفريت دخل المكان، كُل ما في الأمر أنها فقدت الصلة بالواقع، لكنها لم تعان من الذهان لأن قواها العقلية ظلَّت مُتماسكة، لكنها تفككت بسبب الضغط الهائل للظروف، وآخر يعيش مع والده بمفردهما وعليهما ضغوط مادية لا تُحتمل، وأبوه يضغط عليه من أجل التأقلم مع الظروف الجديدة، فيكون القلق شديدا، مما يفقده الصلة بالواقع، وأن هناك من يناديه وكأنها أمه المُتوفاة، وهناك من يضغط عليها زوجها بكل السبل وكل الطرق، ما يجعلها تفقد ثباتها الانفعالي وتوازنها النفسي فتنفك أواصرها وتصرخ وتبكي ما يجعله يصورها وكأنها تعاني من فصام العقل.

اعتذار متأخر

منذ أسابيع، فاجأ رئيس وزراء هولندا الجميع بأن قدم اعتذارا عن دور بلاده في تجارة العبيد، التي امتدت لحوالي 250 سنة، وانتهت بقرار إلغاء العبودية في المستعمرات عام 1862. وكانت هولندا مسؤولة وحدها عن نقل ما لا يقل عن 600.000 إنسان من الساحل الغربي لافريقيا إلى مستعمراتها في أمريكا اللاتينية، وبالذات سورينام أو غيانا الهولندية. والغريب من وجهة نظر علي عبد العزيز سليمان في “الأهرام”، أن مثل هذا الاعتذار لم يأت من الدول الاستعمارية الكبرى، التي كانت تجارة العبيد عمادا لسياستها في تعمير المستعمرات، وأولها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا. وكانت تجارة العبيد تمثل ضلعا مهما في مثلث التجارة عبر المحيط الأطلسي، حيث كانت منتجات العالم الجديد من الذهب والتبغ والقطن والخمور ترسل إلى أوروبا مقابل مدفوعات من البشر، وكان هؤلاء البؤساء يجمعون بقوة السلاح، وأحيانا كثيرة بالتواطؤ مع الزعماء الافارقة أنفسهم، مقابل البنادق وقطع القماش، وأحيانا الخرز والمرايا، ليقطعوا رحلتهم إلى العالم الجديد، مقيدين في جوف مراكب جهنمية خصصت لنقل أكبر عدد ممكن في مساحات ضيقة تكفي فقط للاستلقاء وسط القاذورات. ويقدر عدد العبيد الذين تم نقلهم في المراكب الأوروبية إلى الأمريكتين بما لا يقل عن 25 مليون نسمة. وفي الكاريبي والبرازيل كان استخدامهم أساسا في مزارع قصب السكر، وفي أمريكا الشمالية في مزارع القطن والتبغ. ورغم أن بريطانيا ألغت تجارة العبيد في المستعمرات عام 1807 إلا أن ملكية العبيد في بريطانيا استمرت حتى 1838. وتم تحريرهم في بريطانيا مقابل دفع تعويضات لأصحاب العبيد، الذين فقدوا ممتلكاتهم وبلغت هذه التعويضات 20 مليون جنيه استرليني (وهو ما يساوي 20 مليار جنيه في أسعار اليوم). مع ذلك لم تدفع أي تعويضات للضحايا أنفسهم، أو للبلدان التي فقدت خيرة أبنائها في هذه التجارة الشريرة. وبالمثل لم تقدم فرنسا أي اعتذار أو تعويض عن دورها في تجارة العبيد.

صحوة ضمير

على الرغم من الترحيب العام بشجاعة رئيس الوزراء الهولندي، إلا أن بعض الأوساط الممثلة لأبناء سورينام في هولندا، اقترحوا وفق ما أخبرنا به علي عبد العزيز سليمان، أن تلحق بهذا الاعتذار تعويضات لأحفاد العبيد ومساهمة في تنمية هذه المجتمعات المدمرة. وقد حرصت الشريعة الإسلامية على إصلاح مؤسسة العبودية الموجودة منذ الأزل. وكانت أول هذه الإصلاحات هي إقرار حقوق العبد كإنسان حريته مقيدة، ولكن له حقوق البشر كافة، ومنها حقه في معاملة جيدة وفي الزواج وفي العقيدة. وكذلك وسعت الشريعة في الوسائل التي يتم فيها تحرير العبيد. فأصبح تحرير رقبة من الفضائل، ومن المكفرات عن الذنوب، ووسيلة للتقرب إلى الله. كذلك قطعت الشريعة سلسلة العبودية، فأولاد العبيد ليسوا عبيدا. وأولاد الجارية من السيد يضمنون الحرية لأمهاتهم. بينما مؤسسة العبودية في الغرب خلقت أمة من العبيد، بلا فكاك للأجيال الجديدة من أسر آبائهم. ويجب ألا ننسى أن العبودية في ظل الحضارة الإسلامية ضمنت لأسرى الحرب وضحايا الحروب والغزوات حياة في ظل كنف الأسر، بدلا من القتل أو العمل في البغاء.. وقد بدأت وسائل السينما والإعلام الغربي، في الخمسين عاما الماضية، تبرز الجانب الشرير لتجارة العبيد ومؤسسة العبودية. ولعل مسلسل “الجذور” الذي ظهر في السبعينيات، وفيلم مثل “ماندينجو”، وأخيرا فيلم العتق Emancipation الذي نزل الأسواق هذا العام من تمثيل صاحب الأوسكار ويل سميث، الذي كلف 120 مليون دولار، تسهم في إعادة تشكيل الرأي العام بالنسبة لمؤسسة العبودية وشرورها. وهكذا وبعد مرور 150 عاما من انتهاء العبودية في أمريكا وأوروبا بدأت صحوة الضمير والاعتراف بذنوب الغرب تجاه الرجل الأسود.

ملياردير متعوس

(أكبر خاسر في التاريخ) لقب جديد غريب يحمله إيلون ماسك، بعد أن خسر العام الماضي نحو 200 مليار دولار، حيث انخفضت ثروته من 340 مليار دولار إلى 137 مليارا فقط لا غير، ورغم هذه الخسارة المدوية التي يصعب تصور أن يخسرها شخص ما، إلا أنه وفق ما أوضح أحمد عبد التواب في “الأهرام” صار ثاني أثرى رجل في العالم، بعد أن كان يعتلي القمة بلقبه السابق (الأكثر ثراء في العالم وفي التاريخ)، وأفسح القمة لبرنار أرنو رئيس مجلس إدارة مجموعة الأزياء ومستحضرات الموضة «إل، في، إتش، إم» الذي تبلغ ثروته حاليا 165 مليار دولار، وأصبح أول أوروبي يتصدر القائمة. وقد ذكرت وكالة بلومبرغ في تقرير لها تلقفته عدة مواقع إخبارية، أن العام الماضي شهد خسائر ضخمة لعدد كبير من المليارديرات، فقد خسر أغنى 500 شخص في العالم نحو 1.4 تريليون دولار، كان على رأسهم ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة (تسلا) للسيارات الكهربائية، الذي اشترى قبل بضعة أشهر منصة (تويتر)، ومعه جيف بيزوس، مؤسس أمازون، ومارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك. وفي بعض التقديرات، انخفض عدد المليارديرات في العالم من 2671 إلى 2523 مليارديرا فقط، وفي تفسير الوكالة، فإن الخسائر تعود إلى ارتفاع التضخم المالي، وتشديد سياسة البنوك المركزية، والحرب الروسية الأوكرانية، والعقوبات الاقتصادية المتبادلة بين طرفي الصراع. أما المليارديرات الروس، فقد بلغت خسائرهم منذ بدء الحرب 93 مليار دولار. وقد أضيف في حالة ماسك أنه اضطر لبيع بعض أسهمه في تسلا من أجل تمويل صفقة تويتر التي بلغت 44 مليار دولار، وقد تسبب هذا في تأثير سلبي على سهم تسلا، خاصة أنه تزامن مع اضطراب الإنتاج في مصانعها في شنغهاي في الصين، نتيجة إجراءات مكافحة فيروس كورونا المستجد، فهبط سعر السهم سريعا بنحو 60% من قيمته، من أكثر من 340 دولارا، إلى حيث بلغ حاليا أقل من 125 دولارا. لم تشر التقارير المتداوَلة إلى الآثار الكارثية لهذا الانخفاض في سعر الأسهم على المستثمرين الصغار الذين تعصف مثل هذا الأزمات بكل استثماراتهم وتقذف بهم في قلب الخطر، حيث ينقلب مسعاهم إلى توفير سبل الحياة إلى تدمير إمكاناتها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية