السياب وأدونيس: عود على بدء سجالي

حجم الخط
12

قبل أيام نشر موقع arablit.org ترجمة إلى الإنكليزية، قام بها غريب إسكندر، لمقالة أدونيس التي تتحدث عن زيارة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب (1926 – 1964) إلى بيروت، ربيع العام 1957، بدعوة من مجلة «شعر» حيث اجتمع مع عدد من محرري المجلة وشعرائها، وأحيا أمسية شعرية. وفي مقالته، التي ضمّها إلى كتابه «ها أنت أيها الوقت: سيرة شعرية ثقافية» دار الآداب 1993، يرسم أدونيس صورة صداقة عالية الودّ والتفاهم جمعته مع السياب؛ فيقول مثلاً: «وقد نشأت بيني وبينه صداقة متميزة، شخصية وشعرية، أعدّها بين أعمق التجارب الصداقية التي عرفتها. كنت أشعر أنه لو قال لي، مثلاً، أرى أن تتخلى عن شعرك الذي كتبته حنى الآن، لما ترددت لحظة في التخلي عنه. وكان هو أيضاً يشعر الشعور نفسه».
لسنا، في حدود ما تعلم هذه السطور، نملك رواية من السيّاب تؤكد صلة مع أدونيس بلغت ذلك الشأو العميق؛ لكننا، في المقابل، نملك وثيقتَين على الأقلّ يمكن أن تضع تلك الصداقة على محكّ اختلاف غير سطحي وافتراق غير قليل، في مستويات شتى: حديث السياب مع أركان «شعر» والذي نشرت المجلة مقتطفات منه في عددها 3 سنة 1957 ومكّنتنا تقنيات الميديا المعاصرة من الحصول الآن على تسجيل صوتي له؛ والوثيقة الثانية رسالة مباشرة، نشرتها «شعر» أيضاً في العدد 15 سنة 1960 يعلّق فيها السياب على قصيدة أدونيس «مرثية القرن الأول». ولعلّ المنطقي، والأكثر انسجاماً مع معطيات تلك الحقبة على أصعدة جمالية وفنّية وفكرية، فضلاً عن مخاضاتها السياسية بين تيارات يسارية وقومية ناصرية وقومية اجتماعية سورية وسواها؛ أن يكون الاختلاف هو سمة الصداقة بين السياب وأدونيس، وليس الاتفاق والتطابق والوئام إلى درجة تسليم الواحد منهما شعره كاملاً للأخر يفعل فيه ما يشاء.
ففي الوثيقة الأولى، ما بات بعدئذ يُعرف تحت مسمى «محاضرة» السياب، يقول الشاعر العراقي (أمام نفر من كبار المتأثرين بالقصيدة الغربية، شكلاً ومضموناً): «هناك فئة من النقاد والشعراء ما تزال ترى أنّ في الإمكان التعبير عن هذا العصر تعبيراً مباشراً. وهناك الكثير من القصائد التي عبّرت عنه بصورة مباشرة دون أن تفقد ماهيتها كشعر. وقد تأثر الشاعر العربي الحديث بكل هذه التيارات، لأنه فتح نوافذ بيته جميعاً لكلّ الرياح. وفي الوقت الذي فقد فيه التافهون من الشعراء شخصياتهم، وأصبحوا مجرّد مقلّدين لهذا الاتجاه أو ذاك، نجد نخبة طيبة من الشعراء المحدثين تدرك أنّ الاقتباس غير التقليد، وأنّ العالم كلّه لا قيمة له إذا ربحناه، وخسرنا أنفسنا». واضح، في هذه الفقرة وسواها، أنّ نظرة السياب إلى عمليات التأثّر والتقليد ليست أحادية تعتنق التأييد أو الرفض، بقدر ما تُبنى على موازنات جدلية قوامها الأوّل هو الحفاظ على الشخصية، الشعرية والثقافية في آن؛ ولهذا تقصّد الإشارة إلى تجارب التحديث في التراث، ثمّ موشحات الأندلس، وصولاً إلى خليل شيبوب وتجارب مجلة «الرسالة»…
في الوثيقة الثانية يبدو السياب أشدّ وضوحاً، وقسوة على صديقه أدونيس كما قد يقول قائل، إذْ كتب له هكذا: «أمس كنت عند جبرا. حدّثني عنكم كثيراً، وكانت شاعريتك الضخمة الحية وقصيدتك الأخيرة مدار الكثير من الحديث. كانت قصيدتك رائعة بما احتوته من صور، لا أكثر. لكن هل غاية الشاعر أن يُري قرّاءه أنه قادر على الإتيان بمئات الصور؟ أين هذه القصيدة من «البعث والرماد» تلك القصيدة العظيمة التي ترى فيها الفكرة وهي تنمو وتتطور، والتي لا تستطيع أن تحذف منها مقطعاً دون أن تفقد القصيدة معناها؟ أما قصيدتك الأخيرة، فلو لم تُبقِ منها سوى مقطع واحد، لما أحسستَ بنقص فيها. ليس هناك من نموّ للمعنى وتطوّر له. مازلتَ، أيها الصديق، متأثراً بالشعر الفرنسي الحديث أكثر من تأثرك بالشعر الإنكليزي الحديث، هذا الشعر العظيم، شعر إليوت وستويل ودلن توماس وأودن وسواهم». وغنيّ عن القول إنّ تحفظات السياب على قصيدة أدونيس (في صدد حشد «مئات الصور» وغياب «نموّ المعنى» مثلاً) لا تُساق من باب الانحياز إلى الشعر الإنكليزي على حساب نظيره الفرنسي؛ بل من زاوية أولى كبرى، هي أصول التأثر ومزالق التقليد.
ويبقى أنّ تمحيص حقائق الصداقة بين الشاعرين يتيح فرصة جديدة لإعادة التأكيد على قناعة نقدية سبق لهذه السطور أن فصّلت القول فيها، ومفادها أنّ شعر السياب لعب دوراً ملموساً، لعله كان بالغ الحيوية أيضاً، في تشجيع وتحصين الولادات المبكّرة والنماذج الأولى من قصيدة النثر العربية، أواخر الخمسينيات ومطالع الستينيات. وذلك على الرغم من أنّ السياب لم يجرّب قصيدة النثر، واقتصرت تجربته الشعرية على العمود الخليلي ثم التفعيلة أو الشعر الحرّ حسب المصطلح الذي كان شائعاً آنذاك؛ وأنه، كذلك، لم يخفِ مناوءته لهذا الشكل في التعبير الشعري.
والسبب جوهري: يقين أعرب عنه في محاضرة بيروت، من أنّ التجريب مفتوح ومطلوب ومرغوب شريطة ألا ينقلب إلى مسخ حرفي لتجارب الأخرين، وثمة «طريق لجيل جديد من الشعراء، سيجعل الشعر العربي مقروءاً في العالم كلّه».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلمى سعيد:

    أستاذ صبحي حديدي، أنت الآن تستذكر ذاك الحديث «الصداقي» بين شاعرين عربيين “حديثين”، كمثل السياب وأدونيس، شاعرين من المفترض أنهما من خيرة ما أنتجه المجتمع العربي “الحديث” من شعراء “حديثين”؛ ومع ذلك، فإننا نراهما يتساجلان (أو، بالأحرى، يتصافقان ويتثامنان ويتساعران) في أصول التأثر بالشعر الأوروبي المقابل وفي مزالق التقليد الشكلي والمضموني لهكذا شعر أوروبي مقابل، وسواء كان فرنسيا أم إنكليزيا – فها هو السياب، من طرفه، ينعت شعر أدونيس الأخير (آنئذ) بالإفراط في «حشد الصور» وينعته كذاك بالافتقار إلى «نمو المعنى»، وذلك باتخاذ الشعر الإنكليزي الحديث (عند ت.س. إليوت، مثلا)، كمقياس ثابت أو كمعيار نهائي (أو بالكاد)؛ [يتبع]

    1. يقول سلمى سعيد:

      [تابع] فماذا يُقال، إذن، عن أولئك المتشاعرين ؟؟ المجتمع العربي تحكمه أنظمة ديكتاتورية وأتوقراطية على مدى عقود وقرون، فمن الطبيعي أن يخلِّق هكذا مجتمع نزوعا ديكتاتوريا وأتوقراطيا في تفكير جل “مثقفيه” أيا كانوا

    2. يقول خليل مطران (حفيد شاعر البلدين):

      وفي المقابل ، كان علي أحمد سعيد (الذي يسمي نفسه “أدونيس”) يقول بدوره عن بدر شاكر السياب إن هذا الأخير له قصائد لا يتجاوز عددها العشر يمكن اعتبارها شعرا يستحق القراءة ، في حين أن بقية قصائده فإما شعر أقل من العادي وإما مجرد نظم لا يرقى إلى مرتبة الشعر – وبالمناسبة ، لقد صرح الأول في أكثر من مناسبة بأنه هو الذي اختار للأخير عنوان قصيدته الشهيرة “أنشودة المطر” !!!؟ مع التحية للأخت سلمى سعيد وللأخ صبحي حديدي

  2. يقول مجتهد:

    الغريب أن بدر شاكر السياب عاش 38 سنة فقط (بالتمام والكمال لإنه توفي في يوم مولده) و مع أنه كان من قرية صغيرة بالكاد كان فيها مدرسة وأغلب أهلها من الفلاحين العاملين في الزراعة وكانت مهملة تقريباً من قبل الدولة العراقية مع ذلك شغل الشعراء العرب كثيراً وله شعر غزير ودواوين عدة ويعتبر رائد من رواد الشعر العربي الحديث. أعترف أنني لم أقرأ حرفاً واحداً للأدونيز -ولن افعل- ولكن قرأت الكثير من النقد عنه ومع ذلك أعتقد أنه لا يستحق كل هذا الإهتمام. بل لا أعتبره شاعر وإنما هو أقرب إلى الكاتب.

    1. يقول نينار إسبر - اللاذقية:

      ليس دفاعا عن أدونيس ، ولكن لا بد من قول الحق : أنت تقول بأنك لم تقرأ له أي شيء ومع ذلك حكمتَ عليه حكما قيميا نهائيا بأنه ليس شاعرا ، بالتأكيد حكمك هذا ليس مبنيا على أي شيء له صلة بالعلم الحقيقي ، ألم تسمع الأديب الكبير برنارد شو يقول : احذروا العلم المزيف فهو أشد خطرا من الجهل ؟؟!

  3. يقول S.S.Abdullah:

    هل هيكل وقواميس اللغة الأم أولاً،

    أم التعبير عن الفكرة بأي لغة أو لسان أو صورة أو شكل أولاً؟!

    أم الأهم وضع بصمة، حتى لو كان، على حساب القواميس، واللغة، وأي قانون أو دستور أو دولة، على أرض الواقع؟!

    هو أول ما خطر لي عند قراءة عنوان (السياب وأدونيس: عود على بدء سجالي)، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!

    الظاهر الحزب الإسلامي، بدأ تركيز جهوده، في كتابة تجربتهم في العملية السياسية، من أجل البداية في النقد، لأن في زيارتي الأخيرة للعراق، عباس الدوري، أبا مأمون، أعطاني مجلدين عن رجال حول الرسول،

    بعدها ظهر كتاب سيرة (محسن عبدالحميد) والآن ظهر كتاب سيرة (سليم الجبوري)، ولكن أين سيرة (د محمود المشهداني)، قبل سيرة (أياد السامرائي)،

    ومن وجهة نظري سيرة حياة خالي (مؤيد)، أه‍م؟!

    ولذلك أرسلت إلى مصطفى العاني، خالي مؤيد، ضروري، يكتب مذكراته، وأنا أتحمل طباعتها وترجمتها إلى الإنجليزية وغيرها من لغات العالم، والأهم لماذا؟!

    خالي حضر (كطبيب/جرّاح) في غرفة العمليات، وشاهد، كيف ردة فعل (الإنسان والأسرة والشركة) وهي تواجه الموت، ما الفرق بين ردة الفعل بين أهل منطقة وغيرها، التي شاهدها على أرض الواقع:

  4. يقول S.S.Abdullah:

    في باكستان وأفغانستان وقت الاحتلال الروسي عام 1980،

    في يوغسلافيا، وقت تقسيمها،

    في أوكرانيا، وقت تقسيمها،

    في العراق، وقت تدمير دولة العقلية القومية، وقيام على أنقاضها دولة عقلية الأقليات، وأخيراً وقت تدمير دولة (داعش)، في مدينة سرداب (المهدي/المسيح) المنتظر،

    فلا تنس متابعة ذلك مع شاكر، هو وعدني يكتب، خبرته، فهذه الخبرة كمنتِج لغوي لم يحصل عليها إنسان آخر حسب علمي، والله أعلم،

    يا أستاذ استاذي الذي علمني (AI or Robotics Thinking) من خلال لغة القرآن وإسلام الشهادتين د تمّام عدي، د نزار، في الفيلم، الكتابة والكلام (ياباني)،

    ولذلك لا أظن، له أي علاقة (بالصين)، بل له علاقة بتسونامي (اليابان)، قبل عقد من السنوات،

    إشكالية (الصين) مع أهل اللغة الچاوية (التركمانستان)،

    من وجهة نظري له علاقة بالأزهر التابع إلى الرئيس المصري (عبدالفتاح السيسي)، والمفتي (حسون)، التابع إلى الرئيس السوري (بشار الأسد)، كما حصل مع الروهينغا، للعلم، في تبرير جرائم السلطة والحكم والعلم ضد أهل لغة القرآن وإسلام الشهادتين، بعد 11/9/2001، حول العالم.

  5. يقول S.S.Abdullah:

    وهذه إشكالية (الجهل اللغوي)، في أجواء سوق العولمة، بشكل عام،

    سياسة منع استخدام أي (لغة)، غير لغة الدولة الرسمية (الماندرين (المبسطة) وليس (التقليدية) التي تُستخدم في تايوان)، يتعارض حتى مع طريقة تصميم (العلم الصيني) بالذات، عكس فرنسا (إيمانويل ماكرون)، مثلاً،

    الذي يجمع لغات وثقافة الأقليات، مع اللغة والثقافة الأم، بواسطة النجم الكبير، وحوله أربع نجوم، فيكون المحصلة قبضة اليد،

    ولكن الإشكالية من يتفاوض مع (الصين) على حقوق المسلم، ليس أحد من أهل (ماليزيا) أو (أندونيسيا)، أو حتى من أهل (الفلبين) أو (سنغافورة)، مع الأسف،

    أنا تماماً، ضد زاوية الرؤية وطريقة تفكير ، البدوي الرائع (د المسعري) وزملاءه الذين خرجوا معه، بعد ما قام به (صدام حسين) في 2/8/1990، بالذات

    https://youtu.be/ApyPIC4cYx0

    وبالنسبة لمحمود عباس، حلال عليه ذكاء، أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، يا د زياد، بسبب أن لم يكن (ياسر عرفات) يجلس على الطاولة في مدريد عام 1991، بالنتيجة،

  6. يقول S.S.Abdullah:

    فأراد قلب الطاولة على من حضر مؤتمر عرض أسلوب (الترتيب الجديد للعالم)، تحت قيادة صندوق النقد والبنك الدولي وأخيراً معهد الحوكمة الكندي، في الوصول إلى الدولة الذكية المؤتمتة السعيدة:

    – الشفافية،
    – اللا مركزية،
    – حاضنة التقنية،
    – الحوكمة الرشيدة،
    – حق تعليم لغات الأقليات نفس حق تعليم اللغة الأم، في أي دولة،

    والتي دفعت نظام دول مجلس التعاون في الخليج العربي، تغيير نموذج النظام الاقتصادي الذي تتعامل به من خلال (نظام الكفيل)، الذي هو دليل عملي على اعتراف الدولة بوجود الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية، كشريك في إدارة وحوكمة الدولة،

    إلى نظام أنت ومالك وحتى لغة جسدك ملك الدولة، أي الاستعباد/العبودية، ودليلي على ذلك، هو تم بدء عملية حرمان (البدون) من أي خدمات الدولة، كما حصل في الصين في عهد (ماو تسي تونغ) لكل طفل ولد لأي أسرة، بعد أول طفل، فلا يتم إصدار شهادة ميلاد له، فيصبح من (البدون)،

  7. يقول S.S.Abdullah:

    وعلى هؤلاء (البدون)، أصبحت الصين في عهد (تينغ شاو بينغ)، الأكثر منافسة، في إنتاج أي منتج داخل (الصين)، حتى من دول شبه القارة الهندية، سبحان الله،

    فالذكاء هو في كيفية استغلال ما لديك، لكي تستقطب الآخر، من أصحاب العقول والمال والمنتجات، في تكامل كفريق إقتصادي واحد، في عام 2021،

    أحسنت، خلاصة الحكمة، هي يا (عادل رشيد الأسعد)، كيفية خلق (روح الفريق) هذا؟!

    وهذا ما تفعله لغة القرآن وإسلام الشهادتين، على أرض الواقع،

    ومن هنا سر غضب (الدولة العميقة) في فرنسا أو الأردن أو المغرب أو إيران قبل الكيان الصهيوني للعلم،

    فقد وافق لأول مرة في عام 2021، ومن أجل الإطاحة بممثل الفساد/الغش (نتنياهو)، وافق اليهود، جرع السم مثلما جرع (الخميني) السم، أي دخول ممثل الإسلام السياسي/البراغماتي منه،

    أي ليس جماعة (رائد صلاح) في فلسطين أو جماعة (حارث الضاري) في العراق،

  8. يقول S.S.Abdullah:

    لأن (صدام حسين) بالذات، لم يعمل على (أسلمة) حتى حزب البعث العربي الإشتراكي، إلّا بعد (أم المعارك/عاصفة الصحراء)، لمن يجهل التاريخ والجغرافيا، وينكر من هم أهل (تدوين) لغة الحضارة الانسانية،

    إن كان بالأبجدية (المسمارية السومرية)،

    أو كان بالصورية بعد ألفي عام (الهيروغليفية الفرعونية)،

    أو كان بالأشكال بعد ألفي عام (الماندرين، التقليدية (تايوان)، أو المبسطة (الصين) بعد الثورة الثقافية أيام حكم ماو تسي تونغ في القرن الماضي).??
    ??????

  9. يقول محمد عبدالله العراقي:

    الشاعرين متأثرين بالشعر الانجليزي والفرنسي وحسبو هما شاعري القرن. شاعران من إنتاج كوزستان.

إشترك في قائمتنا البريدية