السيد معاذ الخطيب يغرد خارج سرب المعارضة

حجم الخط
0

من الذي أعطى الحق للسيد معاذ الخطيب أن يتكلم باسم الشعب السوري فيطلق مبادرة شخصية أو عامة تمنع محاسبة الأسد وتنقذه من العقوبة وتبرئه من الدماء التي سفكها. ليس لمعاذ ولا للائتلاف ولا لأوباما ولا لمجلس الأمن كله أن يتكلم باسم الشعب السوري ويبيع ويشتري بدمائه.
العجيب أننا نطلق على معاذ الخطيب لقب شيخ، فهل أجاز له القرآن الكريم أو السنة النبوية أن يتنازل عن دم أخ أو ابن قتله الأسد، هل يظن نفسه الخليفة الذي يمثل الرعية. ألم يتعلم أن ولي الدم هو من يقرر التنازل عن الحق في القصاص من عدمه. إنني أبدي شدة استغرابي أن يعرض الخطيب على الأسد أن يخرج من سورية آمناً ولينسَ السوريون شهداءهم الذين بلغوا مئة ألف ولينسوا نصف مليون معاق ومليون منزل مدمر.
كيف يختصر معاناة السوريين بمبادرة أقل ما يقال عنها انها تعكس سذاجة سياسية وشرعية واجتماعية، ولا أعلم كيف نصب نفسه ممثلاً لأولياء الدم، ألم يتعلم الشيخ معاذ أننا سنقتل قاتل أبنائنا ولو بعد حين.
كنت، ولا أزال، متحفظاً على المبادرات، والضجة التي يثيرها على الدوام وبشكل دوري السيد الخطيب، وقد نصحته مرات بالاستقالة من رئاسة الائتلاف، لأنني على يقين أنه غير قادر على مجاراة السياسة وفهم ألاعيبها.
لقد طلب السيد الخطيب من الشعب السوري، أن يسيّر مظاهرات تحت شعار’ يا أوباما لا تخاف.. كلنا مع الائتلاف’ وكأن الشعب السوري يقيم وزناً لأوباما أو لغيره. وبقطع النظر عن فكرة ذلك الشعار، إلا أنه عكس بساطة وسطحية.
ليس هذا فحسب، فقد ‘ضرب معاذ الخطيب على صدره يوم تسلم رئاسة الائتلاف واعداً أنه سيستقيل من منصبه إذا لم يحدث تقدم على الأرض، لكنه لم يفعل ذلك بل ذهب إلى روما، وألقى كلمة المعارضة في الدوحة، ووعد أنه لن يفاوض الروس لأنهم شركاء في قتل الشعب السوري، ولكنه عاد وفاوضهم، بل والتقى وزير الخارجية الإيراني الموغل هو وحكومته بدماء السوريين.
في الشهر الأول من هذا العام أعلن السيد معاذ الخطيب عن مبادرة ‘شخصية’ قبل من خلالها الحوار مع نظام الأسد، على أن يبدأ الأخير وقبل أي نقاش، بإطلاق سراح المعتقلين، خاصة النساء والأطفال، وأن توعز أجهزة النظام للسفارات خارج البلاد بمنح جوازات سفر للسوريين. وقد كانت تلك المبادرة فضيحة، فهي لم تعط شرعية للأسد فحسب، بل قسمت الثوار والمعارضة على حد سواء، ويرى كثير من المحللين أنها ساهمت بوقف التسليح الأوروبي للثوار وخاصة فرنسا، التي لم تستطع بسبب مبادرته تلك، بالإضافة إلى استقالته المريبة في شهر آذار/مارس وقت اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إقناع الدول الأخرى بجدية المعارضة السورية وقدرتها على قيادة المرحلة.
اليوم يفاجئنا السيد معاذ الخطيب ‘المستقيل’ بمبادرة شخصية جديدة، لكنها هذه المرة تتحدث مباشرة عن ‘السيد رئيس الجمهورية’، وتطلب إليه أن يسلم السلطة وأن يحل مجلس الشعب وأن يفعل كذا وكذا، وكان ينقصها أن تطلب منه أن يرضى على المعارضة ويباركها ويعترف بها.
كنت أتمنى على معاذ الخطيب وعلى أعضاء الائتلاف أن يخاطبوا الشعب السوري حول ما يحدث اليوم في القصير الصامدة، وأن يقدموا مبادرات تنقذ هذه المدينة وتنصر أهلها على العدوين الأسدي والإيراني وأزلامهما من ميليشيات المالكي وحزب الله. تمنيت عليهم لو أنهم يتحركون الآن في بلاد العالم يطلبون حظراً جوياً أو ضغطاً على الأسد، لا أن يقدم الخطيب مبادرة تنقذ الأسد وصف الإجرام الأول من المحاسبة.
كنت قد اقترحت على السيد معاذ الخطيب أن يستقيل من رئاسة الائتلاف، وأقترح عليه اليوم أن يستقيل من الائتلاف بل ومن العمل السياسي كله، وأن يوقف مبادراته الغريبة المريبة وليته يفعل.

د. عوض السليمان فرنسا
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية