هذا العنوان ليس تعبيراً عن أمنية ينتظرها كثيرون في مصر، ولا عن كابوس يخشى آخرون وقوعه. بل هو النتيجة الطبيعية التي ستسفر عنها الأحداث الجارية في مصر.
أغلب ما يحدث في مصر يقود الى الجزم بأن الفريق عبد الفتاح السيسي هو رئيسها المقبل. هناك القراءة الفردية للاشياء، وهناك القراءة الجمعية. ولا يمكن فصل واحدة عن الأخرى.
على صعيد القراءة الفردية، لا أحد يصدّق ان الفريق السيسي قام بكل ما قام به من أجل أن يسلم مصير البلاد، في منتصف الطريق، إلى رئيس غير مأمون الجانب، حتى لو كان هذا الرئيس من حلفائه المدنيين والعسكريين الذين دعموه وشجعوه في انقلابه العسكري. ضمن هذا المنطق يمكن تفسير تعيين السيسي (نفسه) نائبا لرئيس الحكومة حازم الببلاوي.
الجانب النفسي مهم هنا: في منطقتنا، الثقة مفقودة بين الجيوش والمدنيين، رغم محاولات ادعاء العكس. والسبب هم العسكريون الذين كرّسوا الشعور بأنهم الأسمى والأعلى، وبأنهم هنا لتصحيح حماقات المدنيين وحماية الدول من مغامراتهم.
وعلى ضوء هذا لا يجب استبعاد أن تكون القناعة داخل المؤسسة العسكرية المصرية هي أن البلاد يجب أن يقودها في السنوات المقبلة عسكري، لكي يحميها. وإذا كان لا بد من عسكري، فالسيسي أولى. وإذا أضفنا لهذا المصالح الاقتصادية والمالية التي يستحوذ عليها العسكر ويرعاها، اكتملت الصورة وزالت أسباب التساؤل.
كما يجب الوقوف عند كون التحالف بين المؤسسة العسكرية وبقية التنظيمات الشبابية المدنية، تحالفا غير طبيعي فرضه الخوف من الرئيس السابق محمد مرسي والرغبة في التخلص من الإخوان المسلمين لا غير. فهذه هيئات تنشد الحرية، والمتفق عليه ـ في كل مكان من هذا العالم ـ أنه إذا دخل العسكر من الباب قفزت الحريات من النوافذ. ولا يملك عسكر مصر ما يجعلهم الاستثناء.
وعسكر مصر، بمخابراتهم ومجموعات التفكير لديهم، يعرفون أن هذا التحالف مؤقت ومرشح للصدمات، ولهم في محمد البرادعي الذي ‘قفز’ من المركب عند أول عاصفة، مثال ساطع. كما أنهم لا يمكن أن يثقوا في مجموعات شباب اقتلعت حسني مبارك الذي، من حيث العقيدة والانتماء، هو جزء من المؤسسة العسكرية الحاكمة اليوم.
في حالات رجال الدولة ومَن يعتقدون أنهم صنـّاع التاريخ، هناك شعور لدى صاحبه بأهمية إتمام ‘المهمة التاريخية’. ومثلما يرون التدخل في اللحظة المناسبة عملا وطنيا بطوليا، وعدمه خيانة، يؤمنون بأن مواصلة المهمة عمل لا يقل وطنية وبطولة، وترك القافلة في منتصف الطريق خيانة أخرى.
وكما هو معروف، السيسي ‘تورط’ بشكل مباشر في ما تعيشه مصر منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي، ويتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية عن الدماء التي سالت وتسيل في أرجاء البلاد. وهنا يجب الانتباه الى أن ما يسمى ‘العدالة الدولية’ غير بعيدة عن مصر، فمثلما لاحقت وزير الدفاع الجزائري السابق اللواء المتقاعد خالد نزار واضطرته للهرب من باريس في جنح الظلام وحرمته من الاستمتاع بتقاعده متجولا في أوروبا، ومثلما تلاحق رؤساء دول إفريقية، لا شيء يمنع أن تلاحق السيسي يوما ما. يكفي أن مصرياً واحداً يحرك دعوى قضائية ضده في دولة أوروبية، كي تنطلق آلة الملاحقات والمضايقات التي، وإن لم تسفر عن محاكمة وإدانة، فستنغص على صاحبها معيشته وتحد من حركته وحريته. كما أنها إساءة معنوية كبرى أن يجد رجل بحجم السيسي وقامته، ظنّ أنه خلـّص مصر وشعبها، اسمه في قوائم المتهمين المطلوبين دوليا مثل عتاة المجرمين.
وفوق هذه وتلك، استنتج قادة العالم، والعرب بالخصوص، واقتنعوا بأن حلفاءهم في الغرب والولايات المتحدة، سيبيعونهم بأبخس ثمن عند أول اختبار مثلما باعوا حسني مبارك وزين العابدين بن علي وعلي عبد الله صالح والقذافي. بالنسبة لمصر، لا يهم الولايات المتحدة إلا أن تكون دولة مستقرة تحافظ على التوازن في المنطقة وتسهم في الحفاظ على أمن إسرائيل، بغض النظر عن من يحكمها (وهل كان لواشنطن حليف أقوى من مبارك؟ أو هكذا أوحي إلى الناس).
وعليه لا شيء يضمن للسيسي قليلا من الحصانة سوى أن يكون رئيسا للدولة في السنوات المقبلة. أن يكون رئيسا يعني ايضا أن في يديه فرصة لإصلاح بعض ما ينسب اليه من ضرر، ما قد يشفع له بعض الشيء، سياسيا وقضائيا. وبعدها لكل حادث حديث.
أما على صعيد القراءة الجمعية، فهناك في مصر فئات عريضة من الرأي العام، متأثرة بالضخ الإعلامي القوي والمستمر، تعتقد أن الفريق السيسي خلّص البلاد من خطر الإخوان وأعادها الى صوابها.
وبغض النظر عن صحة هذا الاعتقاد من عدمها، مثل هذه الانطباعات يشاهدها السيسي ذاته وتصله عن طريق القنوات المختصة، ما يزيد في حجم غروره الذاتي، وهذا شيء غريزي لا يمكن لوم المرء عليه: كل إنسان يطرب للإطراء ويرقص له.
عندما يُنادى للانتخابات الرئاسية في مصر ويتحدد سياقها، ستتحرك الآلة الإعلامية والشعبية متوسلة وضاغطة وراجية، بصدق من البعض ونفاق من البعض الآخر، لأن يترشح السيسي. وبعد تردد وصمت مقصودين، سيعلن الأخير أنه لم يسعَ يوما الى منصب، وأن أمنيته كانت أن ينصرف لبيته وعائلته، لكنه وافق على الترشح نزولا عند رغبة الجماهير التي لا يمكن لرجل وطني مخلص لأمته أن يتجاهلها. هكذا تصرف وأعلن قادة سابقون، وهكذا سيـُعلن آخرون لاحقا. وطبعا، إذا ترشح السيسي فسيفوز لأن التاريخ العربي الحديث لا يحفظ في ثناياه اسما مشابها لحالة السيسي ترشح لانتخابات رئاسية وخسرها. كل الانقلابيين يصلون الى الحكم بطريقتهم الخاصة ثم ينظمون انتخابات تتوجهم رؤساء: من عبد الناصر في 1952 الى بن علي في تونس بعد انقلاب 1987، وعمر البشير في السودان عام 1989، والجنرال اليمين زروال في الجزائر (وصل للحكم في سياق انقلاب وليس بانقلاب مباشر منه) في 1995.
موضوعيا، لا يوجد ما يمنع السيسي من الترشح، ولا من ينافسه. فالإخوان كتنظيم ضُرب في العنق، كوادره في السجون وقواعده اقرب إلى التيه عرضة للخوف والابتزاز والتقسيم وللاختراقات.
مصر اليوم بدون معارضة. وهذا أيضا يصب في حظوظ السيسي الانتخابية. من كان يـفترض فيهم أن يعارضوا أو يشكلوا قوة توازن انحازوا إلى ما بعد الثالث من يوليو/تموز وأصبحوا جزءاً منه.
وهو وضع عجيب جعل الجمعيات الأهلية مثل ‘تمرد’ لا تملك خيارا إلا المضي في هذا التحالف وهي تعلم أنه غير طبيعي وستدفع ثمنه من رصيدها النضالي وهامش حريتها وحقها في التظاهر والاحتجاج. فستدعم السيسي وتقود حملاته الانتخابية. هي في ورطة سياسية ولا فرصة لها للفصل بين السيسي الشخص وأحداث ما بعد الثالث من يوليو. حالها حال النخب السياسية والإعلامية والثقافية التي سيكون صعبا عليها بعد اليوم، وغير مقبول منها، أن تشكو من الديكتاتورية وحكم العسكر.
ما لم تحدث معجزة تقلب مسار الاشياء، . إن جرت انتخابات حرة فهو الرئيس، وإن زُوّرت فهو الرئيس. بل قد لن تكون هناك حاجة للتزوير إلا في أرقام ونسب المشاركة، لإفشال نداءات المقاطعة التي ستصدر عن الإخوان وبقايا المعارضة، ولكي يقول هو لاحقا: أنا انتخبني الشعب بكذا وتسعين في المئة من الأصوات.
‘ كاتب صحافي من الجزائر
please change your picture ……… thank you
كل هذه التحولات السلبية الخطيرة حدثت في مصر والأمة كلها احوج ما تكون لمصر القوية القادرة الرائدة !! ان وضع مصر الحالي لا ينبئ بخير لشعبها ولأمتها !! فما هو المطلوب للخلاص من هذا المأزق الذي صنعناه بأيادينا رغم محاولات البعض منا تحميل الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية المسؤولية.
املنا في الشباب الثوري وبالأخص شباب الجامعات الذين يقفون اليوم صفا واحدا امام سلطة الطغيان والاستبداد. لن يشعر السيسي ورفاقه بالأمن والأمان لو شاءت الأقدار ان يسيطروا على السلطة طال الزمن ام قصر . ومن هنا فاننا ننتظر مرحلة من الزمن يسود فيها الاستبداد باعنف صوره وبالتالي فلسوف ينهار الاقتصاد ويعم البلاء . لاسبيل امام الغيورين على وطنهم والحريصين على مستقبله الا الاستمرار في الثورة ومنع الجيش من التدخل قي ادارة شئون الدوله .
شكراٌ للكاتب على تحليله على الرغم انى اختلف معه فى بعض الاشياء, هناك امر يجب ان يعلمه الجميع و هو ان نظام مبارك قام بتجريف الحياه السياسيه فى مصر و ترك احزاب معارضه هشه لا تستطيع ان تهش او تنش و بعد ثورة يناير خرج الى النور كثير من الاحزاب التى لا يعلم عنها احد, و اصبح عدد الاحزاب الموجوده فى مصر الان حوالى 81 حزب و إذا اراد اى حزب منهم تنظيم فاعليه او مسيره لن يجد غير بضع العشرات من المشاركين فأ غلبهم احزاب وهميه بإستثناء بعض الاحزاب ذات المرجعيه الدينيه و التى فى الاغلب الاعم سوف تُحل بعد إقرار الدستور الجديد , حتى تمرد ليس لها الشعبيه الجارفه كما يتصور البعض و دورها فى ثورة 30 يونيو ينحصر فى انها ازاحت الغطاء عن القدر الذى يغلى نتيجة الافعال الغبيه من الاخوان او انها كانت ساعى البريد الذى حمل الاستمارات الموقع عليها الى من يهمه الامر, و لذلك انا ازعم انه فى حالة ترشح السيسى للانتخابات الرئاسيه القادمه سوف يحصل على حوالى 80 % من اصوات الناخبين اياٌ كان المنافس المرشح امامه
على الفريقين في مصر ان يلتقيا في منتصف الطريق فيعود الجيش لثكناته ويعترف الاخوان بخطيئتهم عندما تفردوا بالسلطة واقصوا غيرهم والا فان مصر الى انهيار