القاهرة ـ «القدس العربي»: قبل أن ينتهي الشهر الفضيل كان الهجوم على المؤسسة الدينية وفي القلب منها الأزهر الشريف يتزايد، بسبب مآلات الحرب التي تتم شهرها السادس خلال أيام، واستمرار حرب الإبادة وتوقف لسان حال الأزهر ورجاله عند الدعاء لغزة بالنصر، ودعوة أهلها للصبر بينما يرى كثير من أنصار القضية في عموم مصر والعالمين العربي والإسلامي، أن الدور المطلوب من قبلة العالم الإسلامي، لا يمكن اختزاله في الشجب والإدانة، بل على الأزهر الشريف أن يكون الوقود لحراك واسع على المستوى الشعبي من أجل الضغط على الأنظمة والحكومات بهدف تصعيد الموقف ضد واشنطن للإنهاء الحرب. وأكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، أن المصائب وكل ما يحدث الآن من حروب، ظاهرها إهانة، ولكن قد يكون باطنها فيه خير، وذلك لحكمة إلهية قد تُخفى علينا. وقال إذا كان “البر” يعني إكرام الله وإعزازه أولياءه، كيف نفهم ما يفعله السفهاء والظلمة بعباد الله من تنكيل وقتل وتعذيب، كما نرى في غزة على سبيل المثال؟، قائلا: “هذا ليس معناه أن الله، وحاشاه تعالى ذلك، كأنه تخلى عن إكرامهم، فالمسألة ليست هكذا، بل لأننا فهمنا هذه الإهانة من وجهة نظرنا البشرية القاصرة”. وأوضح أنه من المفروض أن ننظر بعينين، فالفعل يكون إهانة حين يكون ظاهره وباطنه واحد، بمعنى إهانة في الظاهر وإهانة في الباطن، وكذلك يكون إهانة حينما يكون مبدؤه ومنتهاه ومآله إهانه، ونتيجته جاءت أيضا في سياق الإهانة. ووصف الطيب ما يحدث مع عباده المؤمنين في غزة، فهو يدخل في باب الابتلاء، لأن ظاهره إهانة، لكن باطنه يختلف أشد الاختلاف، فهو لحكمة يعلمها الله. وأكمل أن الإهانة في الشكل، أما المضمون فهو ليس إهانة يدخل في باب المحنة التي تعقبها منحة، إيمانا بقوله تعالى “إن مع العسر يسرا” فاليسر هو المآل، مبينا أن كل ما نراه ونظنه شرا فهو كله خير، فالله سبحانه وتعالى يريد دائما الخير، وهو تعالى إذا أراد الشر فلما يتضمنه من خير، لأنه لا يظلم. جاءت التصرحات خلال برنامج “الإمام الطيب” الذي يقدمه الإعلامي الدكتور محمد سعيد محفوظ، على قناة “الناس”.
أما سامح شكري وزير الخارجية فحذر من استمرار تأزم الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، مشددا على ضرورة قيام مجلس الأمن بضمان التنفيذ الفوري لقرار 2728 وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني بشكل آمن وسريع، ودون عوائق. وجدد خلال استقباله ونستون بيترز نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية نيوزيلندا، رفض مصر القاطع لأي سيناريوهات تستهدف التهجير القسري لسكان غزة، أو الاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية.. وبشأن الحدث الذي ينتظره الشارع السياسي أكد المهندس خالد عباس رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، أن العاصمة الإدارية على أهبة الاستعداد لحفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي وأداء قسم اليمين الدستورية في مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل. وقال عباس خلال تصريحات تلفزيونية، إن مراسم تنصيب الرئيس السيسي لولاية رئاسية جديدة في العاصمة الإدارية، تبدأ بوصول الرئيس للعاصمة الإدارية ثم يتوجه مباشرة إلى مجلس النواب، سيتم رفع العلم المصري في ساحة الشعب. وأضاف، أن العاصمة الإدارية جاهزة وقادرة على استقبال كل الأحداث، مؤكدا أن حفل تنصيب الرئيس السيسي سيكون بمثابة حفل افتتاح للمرحلة الأولى من العاصمة الإدارية.
معضلة رفح
يبدو الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لمدينة رفح مأزقا مستحكما يصعب تجاوزه، أو الحد من أخطاره الماثلة، حسب عبد الله السناوي في “الشروق”: إنه اختبار مصيري لجو بايدن ونتنياهو معا، يتوقف عليه مستقبلهما السياسي. إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لنتنياهو، أملا في الوصول إلى قيادات المقاومة الفلسطينية وتحرير الأسرى والرهائن، دون دفع أثمان قد تقوض حكومته وتنهي حياته السياسية للأبد. إنها مسألة حياة أو موت أخرى بالنسبة لبايدن، فقد تقوض صورته الرئاسية، ما يكلفه خسارة الانتخابات الرئاسية، التي اقتربت موعدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. لأول مرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية تتصدر أزمة دولية اهتمامات الرأى العام وتؤثر في توجهاته التصويتية. الاعتبارات الشخصية ماثلة في المشهد المأزوم قرب الحدود المصرية، لكن تداعياته المحتملة قد تتجاوز الرجلين معا إلى مستقبل المنطقة بأسرها والمصالح الغربية المتمركزة فيها. في اللحظة التي امتنعت فيها الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض لإجهاض قرار مجلس الأمن (2728)، الذي يدعو إلى وقف الحرب خلال شهر رمضان، تبدت ردات فعل إسرائيلية غير معتادة في تاريخ العلاقات مع الولايات المتحدة. إنها ورقة رفح في الضغوطات المتبادلة. كان ذلك ثمنا مطلوبا لمجرد الاستماع للمقترحات الأمريكية دون أدنى تعهد بالامتناع عن الاجتياح نفسه. في وقت قياسي تعدلت لغة الخطاب على الجانبين. تحدثت المصالح الاستراتيجية وتراجعت أي اعتبارات شخصية. البيت الأبيض اكتفى بإبداء «خيبة الأمل»، مؤكدا مرة بعد أخرى أن القرار «غير ملزم»، رغم أن قرارات مجلس الأمن لها قوة الإلزام بنص ميثاق الأمم المتحدة، بكل وضوح أكدت واشنطن أنه لا تغيير في سياساتها وطبيعة التزاماتها تجاه إسرائيل. في الوقت نفسه جرى التراجع في تل أبيب عن لغة الخطاب الحادة. هكذا عادت مسألة رفح موضوعا للتشاور مع البيت الأبيض. لم يكن ذلك التراجع على جانبي الأزمة العارضة اختياريا، إذ أن الدور الوظيفي الذي تلعبه الدولة العبرية في خدمة الاستراتيجيات الغربية في الشرق الأوسط لا يمكن الاستغناء عنه باعتبار أو آخر. كما أن إسرائيل يستحيل عليها أن يمضي جيشها في عملياته العسكرية المنهكة والطويلة، دون غطاء استراتيجي أمريكي وإمدادات سلاح وذخيرة تطلبها وتلح عليها.
السيناريوهات مفتوحة
انتهى عبد الله السناوي عند مجموعة من الحقائق الكاشفة: إذا ما أوقفت الحرب الآن فإنها ستكون بمحصلتها الأخيرة هزيمة استراتيجية مزدوجة لأمريكا وإسرائيل، تقوض مستقبل بايدن ونتنياهو بأقرب استحقاق انتخابي. بعيدا عن الاعتبارات الشخصية فإن الخيارات والاستراتيجيات شبه متطابقة في ضرورة اجتثاث «حماس» وعدم السماح لها بتمركز جديد في غزة، غير أن بايدن لديه شكوك عميقة في كفاءة الإدارة السياسية لنتنياهو، الذي تغيب عنه أي تصورات واقعية لليوم التالي بعد الحرب على غزة. إدارة بايدن غير مقتنعة بالخطط والاستعدادات الإسرائيلية لاجتياح رفح، لا تمانع في الاجتياح نفسه، لكنها لا تثق في جاهزية الجيش الإسرائيلي وقدرته على الحسم دون مجازر قد تفضي إلى أضرار فادحة بالمصالح الأمريكية في المنطقة. المقترحات والبدائل الأمريكية المسربة لا تفي بمتطلبات وتصورات نتنياهو، لكنها تظل نقطة اتفاق ممكنة تحقق بعض أهدافه، لا كلها. أخطر ما في تلك البدائل المقترحة استهداف قيادات «حماس» بالاغتيال المنهجى، أو استئصالها. هذا نهج طويل المدى، بدأته الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالفعل في لبنان. كان اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» الشيخ صالح العاروري مقدمته. ذلك الاقتراح، رغم محظوراته التي تناقض أي قانون دولي وأي اعتبار لسيادات الدول على أراضيها، ينطوى على اعتراف شبه معلن بأن الحركة لا يمكن تقويضها تماما، أو إلغاء حضورها في المعادلات الفلسطينية. ثم يبدو لافتا في البدائل الأمريكية: زيادة المساعدات الإنسانية، وهو طلب تتبناه الأغلبية الساحقة من دول العالم، ويحرص الأمريكيون على تأكيد التزامهم به بدواعي تحسين الصورة، لكنه في المقابل ينطوى على تخل نهائي عن مشروع التهجير قسريا، أو طوعيا. الكلام نفسه لا تستسيغه الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها، ويظل سيناريو الاجتياح ماثلا. هكذا يصعب التعويل على مباحثات واشنطن الأمريكية الإسرائيلية لوقف اجتياح رفح، وإبعاد شبح المذبحة المروعة التي تترتب عليه. السيناريوهات كلها مفتوحة على تفاهمات ممكنة حول الاجتياح.. طبيعته وحجمه ووسائل نقل المدنيين إلى أماكن أخرى وبعض ما هو مسرب عن ترتيبات وإجراءات لا تقل خطرا عن التهجير نفسه.
يجاهرون بوحشيتهم
يستعرضون قتلهم في كل لحظة ويدونون تلك اللحظات خشية أن لا تنال «ترند» على وسائل التواصل، أو لا تلتقطها إحدى المحطات العالمية لتنشرها. يصورون لحظة اقتحام المدن والبلدات والشوارع والأحياء والبيوت بيتا بيتا وغرفة غرفة. كما يفعلون الأمر ذاته وفق ما أخبرتنا خولة مطر في “الشروق”، أثناء قتلهم لمن يطلقون عليهم أسماء مختلفة وهي في مجملها تعبر عن معنى واحد أنهم «بشر أقل من البشر»، أو بنو آدميين أقل من البني آدميين. هي المرة الأولى ربما منذ أن اخترع التلفزيون أو حتى منذ آلة التصوير البدائية، المرة الأولى التي يصور فيها القاتل ضحيته، أو المجرم جريمته بكل تفاصيلها منذ أن يقتحم ويقصف ويقتل حتى سرقة لعب الأطفال والسخرية من الموتى، وهم مجثوون على وجوههم أو فوق بعضهم بعضا، أو تحت دمار بيوتهم أو بيوت غيرهم. هي المرة الأولى، فلم يقم هتلر بتصوير المحرقة ولا مطاردات اليهود وقتلهم، بل قام كثير من الناجين بتدوين قصصهم حتى اشتهروا بأسمائهم الأولى وحولوها إلى سيناريوهات لروايات وأفلام هوليوودية نالت جوائز طبعا، أليست هي المحرقة؟ وألا تدون فظاعة ما قام به النازيون؟ لكنهم اليوم في غزة وفي كل بقاع فلسطين يجاهرون بوحشيتهم وقبحهم وحقدهم المترسخ عبر مناهج تعليم وثقافة عامة غير محصورة في مدارسهم وجامعاتهم، بل تمتد لتصل إلى مدارس وجامعات وكليات في أوروبا وأمريكا، وكثير من دولنا أيضا. هم يرسلون الصور مشهدا خلف مشهد، وضحكات السخرية ترافق رشقات الدم، وآهات أوجاع أهلنا في فلسطين تأتي معها، ترافقها ولكن لا حياة لكل إعلامهم «العظيم»، إعلامهم غير المنحاز أبدا إلا لرواية المستعمر المغتصب، وإلا لما كنا نرى مثل هذه المشاهد المرعبة التي يصورها جنود الاحتلال، إما بهواتفهم الذكية أو بالكاميرات المرافقة لكل تلك المعدات العسكرية شديدة التطور والتعقيد.
يدون جريمته
كل آلة الحرب حسب خولة مطر تأتي في صور هدايا لا تتوقف من قبل أمريكا وألمانيا وغيرهما من الدول الأوروبية؛ أما الطعام والشراب وغيره فتركوه على الآخرين من حلفائهم المحليين يتكفلون به عبر جسور برية هنا أو موانئ هناك، أو حتى لنلقي ببضعة صناديق لنطعمهم علنا، نطفئ تلك الشعلة التي بدأت شرارة، تصور البعض أنها ستنطفئ سريعا، أو ربما تموت بفعل الزمن أو التعود على صور الموت، إلا أنها امتدت لتعبر الحدود والوديان والسهول، وتشعل الشوارع بصراخ يقول «من النهر إلى البحر فلسطين حرة». يستمرون هم في أخذ الصور وتدوين مقاطع فيديو في غرفة لطفلة فلسطينية، بل هي غرف لأطفال فلسطين كل منها تحكى قصصا وروايات لذكريات، وهنا بقايا لعبة أو ربما كرة قدم. يقوم الجنود بتصوير اقتحامهم لكل غرف الفلسطينيين والفلسطينيات وبيوتهم، لو لم يكونوا هم من يفعلون ذلك لقيل إن هؤلاء «حثالة» البشر، ولكنهم صهاينة بل جنود الصهاينة لذلك فالعالم المتحضر يبقى يتفرج على المجرم وهو يدون جريمته ورغم ذلك لا يخجل ذاك المذيع العريق من طرح السؤال الأول المكرر «هل تدين ما قامت به حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول؟»، يطرح السؤال وكأن كل هذا الكم من تدوين أحداث الجريمة لم يمر عليه ولم يلق اهتمامه، ولم يثر حتى ما تبقى من إنسانية تحت جلدههم يدونون إبادتهم الجماعية ويسترسلون في شغل العالم «المتحضر» في تعريف الإبادة أو حتى جرائم الحرب التي عرفتها. ألم يعتذر كثر من أنهم ما علموا طلابهم أن هناك عدالة كونية، وأن القانون والاتفاقيات الدولية هي ملاذ الضعفاء والمذبوحين على جراح أوطانهم وأرضهم؟ هي المرة الأولى التي يدون فيها المستعمر تفاصيل قتله وبشاعة استيطانه وسرقته للأرض وما عليها، ها هو العالم جنوبا خارج إطار «الرجل الأبيض» يرفض كل رواياته بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول ويقول سندينكم يوما بصوركم أنتم ورواياتكم.. هم يدونون جرائمهم فليتذكر العالم.
رجل برازيلي
وقف الرئيس البرازيلي داسيلفا قائلا: “سجنت عدة مرات، ترشحت للرئاسة مرات ولم أنجح مرتين ونجحت في ثلاث ولايات، لم أقبل المساومة على مبادئي لأخرج من السجن، واليوم أقول يجب وقف إطلاق النار في غزة فورا، ولن يكون هناك سلام إلا بإقامة الدولة الفلسطينية، ويجب الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة وقبولها في الأمم المتحدة، وما يجري في غزة هو إبادة جماعية وليست حربا، وسندعم الأونروا، ويجب إصلاح مجلس الأمن، وما يحدث في غزة يشبه المحرقة النازية”. كلمات وصفها الدكتور ناجح إبراهيم في “الوطن” بالقوية جدا من حاكم قوي، مبهر، لديه من المصداقية والشفافية الكثير، ويخسر بسببها الكثيرين في أمريكا وأوروبا فضلا عن حلفاء إسرائيل وما أكثرهم. تحية للرئيس داسيلفا، وهو رجل مسيحي وهذا يؤكد ما قلته من قبل، من ضرورة طرح قضية فلسطين كقضية حق ووطن مغتصب وليست كقضية إسلامية بإطار ضيق، فكل من نصروا غزة وفلسطين الآن ليسوا مسلمين، ومن نصرها من المسلمين هم الشيعة وليس السنة، أي من المذهب المخالف لمذهب أهل فلسطين. قضية الحق والعدل هي التي أخرجت مئات المظاهرات في أوروبا وأمريكا، وجعلت الملايين من غير المسلمين يتعاطفون مع غزة، وجعلت عشرات الدبلوماسيين الفرنسيين والأمريكيين يستقيلون من مناصبهم احتجاجا على سياسة بلادهم، وجعلت دبلوماسيين آخرين في هذه البلاد يقدمون عرائض احتجاج لحكوماتهم على سياساتهم الظالمة، وجعلت أيرلندا وإسبانيا تتخذ مثل هذا الموقف القوي الذي أغاظ إسرائيل وجعلها تتوعد أيرلندا بالويل والثبور. أيرلندا كلها مسيحية وموقفها أقوي من أي دولة إسلامية، كل ذلك انطلاقا من نصرة الحق والعدل.
كغثاء السيل
يرى الدكتور ناجح إبراهيم أن طرح قضية فلسطين وكل قضايانا كقضية حق وعدل وإنصاف أجدى وأقوى من طرحها كقضية إسلامية لا ينتصر لها إلا بعض المسلمين. وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الرائع “إن الله ينصر هذا الدين بالرجل الفاجر”، وفي رواية “بالرجل الكافر” ويقصد غير المسلم الذي لا يدين بديننا. ولعلنا ندرك موقف أبو طالب، الذي نصر الرسول صلى الله عليه وسلم نصرا مؤزرا ووقف ضد كل من عاداه، وكان حائط صد ضد الهجمات التي شنها الكفار على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم رغم رفضه للإسلام نفسه. وكذلك موقف المطعم بن عدي، الذي آوى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من الطائف، ولم يجد أحدا في مكة يجيره سواه وقد وقف هذا الرجل مع أبنائه بسيوفهم يتوعدون كل من ينال الرسول بأذى، تصورهم وهم غير مسلمين ويريدون الدفاع عن النبي بأرواحهم. وقد كافأه الرسول العظيم بقولته بعد غزوة بدر “لو كان المطعم بن عدي حيا وسألني في هؤلاء النفر” ويقصد أسارى بدر” لأطلقتهم له”. وكذلك إكرامه لأسرة حليمة السعدية التي أرضعته، والشيماء أخته من الرضاعة، حيث أطلق ستة آلاف أسير بعد حنين إكراما لهم. قضية الحق والعدل هي الأقوى، وهي التي تجعل الجميع يتجاوب معها، وهي تصلح مع المسلم وغير المسلم، الحق والعدل يصلح لإقناع أي منصف من أي ملة أو عرق أو دين. فهذه جنوب افريقيا حاكمها مسيحي ووزيرة عدلها مسيحية، ولكنهم وقفوا وقفة الأسود ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وخسرت جنوب افريقيا ماديا وسياسيا كثيرا بموقفها هذا، ولم تجرؤ معظم الدول العربية والإسلامية أن تنضم إليها ولكن بوليفيا وهي غير مسلمة ساندت الدعوى وآزرتها.
جديرة بالعار
النفاق السياسي الأمريكي من وجهة نظر جلال عارف في “الأخبار” مستمر وبلا حدود. منذ فترة لا تتوقف واشنطن عن الحديث عن ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، وعن عدم قبولها للأرقام الضخمة للضحايا من الفلسطينيين الذين وصلوا إلى أكثر من مئة ألف شهيد ومصاب غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء.. ومع هذا لا تتم ترجمة هذا «الخطاب الإعلامي» الأمريكي إلى فعل حقيقي يوقف المأساة ويمنع آلة القتل الإسرائيلية أن تواصل حرب الإبادة المستمرة منذ ستة شهور. تصور العالم أن تمرير واشنطن لقرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار لبضعة أيام في رمضان سيكون بداية لتصحيح الموقف الأمريكي، لكن الإدارة الأمريكية سارعت فورا إلى نسف هذه التصورات بالإعلان كذبا أن القرار «غير ملزم» وأن إسرائيل تستطيع الاستمرار في حربها المجنونة.. وهو ما حدث. وتصور البعض أن الضغوط الداخلية والخارجية سوف تجبر الإدارة الأمريكية على مراجعة الموقف من إرسال الأسلحة بلا أي قيود لآلة القتل الإسرائيلية، كما فعلت دول عديدة آخرها كندا حين أوقفت تماما تصدير السلاح لإسرائيل لإجبارها على وقف حرب الإبادة، التي ما كان يمكن أن تبدأ أو تستمر إلا بالسلاح الأمريكي، الذي يمثل ما يقرب من 80% من احتياجات إسرائيل، لكن إدارة بايدن مستمرة في نهجها.. تبدي الأسف على ارتفاع عدد الضحايا من الأطفال والمدنيين الفلسطينيين ثم تعلن عن صفقة سلاح هائلة تتضمن طائرات الفانتوم والهليوكوبتر الحديثة كما تتضمن كميات كبيرة من قنابل «إم. كي» التي تصل قدرتها التدميرية إلى 2000 رطل، والتي سبق أن استخدمتها إسرائيل مئات المرات في ارتكاب مذابح هائلة تمت فيها تسوية المباني بالأرض وقتل آلاف المدنيين. تبرر واشنطن الصفقة بالحديث الكاذب عن «حق الدفاع عن النفس» الذي هو في حقيقته حق الدفاع عن الاحتلال، وعن قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين، وتدرك إدارة بايدن أن الصفقة في هذا الوقت بالذات لا تعني إلا تأكيد الموقف الأمريكي الثابت بدعم حرب الإبادة الإسرائيلية واستمرارها. السناتور الديمقراطى البارز بيرنى ساندرز يلخص التخبط الأمريكي بالقول: «لا يمكن استجداء نتنياهو للتوقف عن قصف المدنيين، وفي اليوم التالي نرسل له آلاف القنابل».. أي سقوط.. وأي مصير؟
كفاية كلام
الحكومة لديها أجهزتها التي يمكنها مراقبة أحوال الأسواق في بلدنا وحركة الأسعار فيها، صعودا وهبوطا، ولذلك ليس مستساغا، كما أوضح عبد القادر شهيب في “فيتو”، أن يسمع الناس من المسؤول الأول في الحكومة طلبا منهم بإخبار الحكومة، إذا ارتفعت الأسعار أو لم تنخفض.. فما ينتظر الناس سماعه من الحكومة هو أمر واحد فقط مؤداه نحن نتابع حالة الأسواق ونراقب عن كثب تنفيذ مبادرة خفض الأسعار، التي تم الاتفاق عليها ما بين الحكومة واتحاد الغرف التجارية. إن التصريحات التي تصدر من مسؤولين في الحكومة عن الغلاء وارتفاع الأسعار غير موفقة لأنها لا تتضمن تأكيدا لدور الحكومة المهم في هذا الصدد.. أما مطالبة الناس بالشكوى إذا لم تنخفض الأسعار فهو كلام لا يطمئن حول تنفيذ مبادرة خفض الأسعار.. فهو أولا يتضمن توقعا بعدم الالتزام بهذه المبادرة.. وهو ثانيا يشا وهذا هو الأهم بأن الحكومة لا تراقب بجدية أحوال الأسواق، رغم أن لديها الأجهزة الكفيلة بالقيام بذلك. بصراحة شديدة الناس ينتظرون من الحكومة صرامة واضحة في تنفيذ جهود السيطرة على الغلاء واحتواء التضخم.. ويتعين أن تعكس تصريحات مسؤولي الحكومة ذلك بوضوح وحسم. كما يتعين على الحكومة أن تتوقف الآن عن رفع أسعار الخدمات التي تقدمها للناس وزيادة الرسوم والضرائب المختلفة.. فلا يصح أن تطالب التجار بخفض الأسعار ثم تقوم هي نفسها برفع الأسعار، خاصة أن بعض الأسعار التي ترفعها لها تأثيرها في ارتفاع أسعار خدمات أخرى، مثلما حدث عندما ارتفعت أسعار البنزين التي ترتب عليها ارتفاع أسعار النقل للركاب والسلع. وسيدرك الجميع أن الهم الأول والأكبر الآن لمعظم الأسر المصرية هو مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار خاصة أسعار السلع الغذائية التي تمثل الإنفاق الأكبر للأسر المصرية.
فتش عن التجار
ما زال حمدي رزق في “المصري اليوم” عند رأيه، مشكلة الأسعار في التجار وليست في الدولار، وربط سعار الأسعار بالدولار تعمية على مساعِير التجار، مرت الـ48 ساعة الأولى على اتفاق رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي مع كبار مصنعي ومنتجي وموردي السلع الغذائية، والهندسية والإلكترونيات، وممثلى كبريات السلاسل التجارية، (يمثلون أكثر من 70 % من حجم السوق). وكان التعهد من قبل كبار السوق فوريا بخفض الأسعار خلال 48 ساعة بما يتراوح بين 15% و20% على أن تزيد مستويات الانخفاض تدريجيا خلال الأيام المقبلة، لتصل إلى 30% بعد عيد الفطر. بعد العيد ما يتفتلش الكحك، الـ48 ساعة مرت.. عدت.. فاتت جنبنا، هل حدث الخفض المتفق عليه؟ طيب دلونا عليه، هاتوا برهانكم، أعلنوا قوائم الأسعار قبل وبعد الخفض إن كنتم صادقين. في موسم التخفيضات (الأوكازيون) عادة يكتبون السعر الأصلي والسعر بعد الخصم، هلا كتبتم الأسعار قبل الخفض وبعد الـ48 ساعة الماضية؟ وحتى نكون أمناء وصريحين، عدد من الشركات تُعد على أصابع اليد أعلنت عن خفض مباشر في الأسعار حتى قبل أن ينتهي اجتماع رئيس الوزراء، على طريقة قبل أن يرتد إليك طرفك، الشركات إياها ومعروف توجهات ملاكها الأصليين، وبعضهم إخوان برخصة، تتجمل سياسيا، تخاتل الحكومة، وكأنها تكافئ رئيس الوزراء، وبعدها، لا حس ولا خبر ولا تخفيضات، ولا أثر يُذكر، الأسواق بحطة إيدك، كما هي، والأسعار نار من أثر السعار.
الدولار بريء
كذر الرماد في العيون المفتحة على مسلكهم، الذي يصفه حمدي رزق بالانتهازي، تكذب الشركات علينا بخفض لا يساوي نسبة ضئيلة من السقف الذي خرقته الأسعار تحت مظنة الدولار، يلفون رؤوسنا بخفض ما هو خفض، بخفض من رفع أخير بعد متوالية ارتفاعات مجنونة. التجار في بلادنا (تجار الأرنص) بالسوابق يُعرفون، وينكصون عن التفاهمات الحكومية، كم تفاهمات جرت قبل.. إن كنتم نسيتم اللي جرى من تفاهمات هاتوا سجل رئاسة الوزراء تتقرى، اسألوا الدكتور علي المصيلحي وزير التموين، خابرهم، وعاجنهم، وخابزهم، وله معهم حوارات في جولات، لم يكسب منها جولة واحدة، لو أقسم التجار بأغلظ الأيمانات، عادة يحلفون بالطلاق الكاذب، ولو وقّع الموردون على تفاهمات، اللي فيه داء السعار لا يكف عن النهش على الطريقة الكلثومية، ما تصبرنيش بوعود، وكلام معسول وعهود، تجار الأقوات لا يرعوون لتفاهمات، ولا يوفون بعهود، التفاهمات السعرية تصح في سياقات طبيعية، ولكن في الأزمات المخططة التي تعكس بالسالب على الشارع، لا يجوز ترك المستهلك نهبا لشهوات التجار. إنما للصبر حدود، عادة «تجار الأرنص» ينشطون في الأزمات لمص دماء المستهلكين، دون استشعار لخطورة المسلك الانتهازي سياسيا.. معلوم الحكومة تتحرك على أرض زلقة، وتواجه شبكة عنكبوتية من اللوبيات الاحتكارية التي تمكنت من مصادرة الأسواق لصالحها ومصالحها، وتموضعت، ولن تسلم للحكومة طواعية. الحكومة تيقظت متأخرا لتعاين الأضرار، ومعالجة الآثار السلبية المتخلفة عن رفع يدها طويلا من الأسواق تحت زعم حرية السوق، ونظرية العرض والطلب، وهذا زعم مخاتل. القضية لا هي عرض، ولا هي طلب، ولا سوق حرة، ولا سوق مقيدة، هناك احتكارات.
أوضاع مقلوبة
الحوار الذي تم مع المطرب أحمد سعد، حول نجاحاته المادية والجماهيرية، مثلما هو الحال مع شقيقه الممثل عمرو سعد، مقارنة بتراجع الأحوال المالية لشقيقهما الثالث، الذي حصل على أعلى الدرجات العلمية واتخذ مسار العلم والأبحاث العلمية طريقا له، أثار لغطا كثيرا، وحظي بتعليقات عديدة، وعلق عليه عشرات الكتاب، ودارت بشأنه حوارات بين الكثير من أساتذة الجامعات، يتعلق بأوضاعهم المالية التي تحتاج بالفعل إلى مراجعة عاجلة، وفق ما طالب به الدكتور جلال مصطفى السعيد في “المصري اليوم”: كانت وظائف أساتذة الجامعات والمراكز العلمية حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي تضفي على من ينتمون إليها مكانة أدبية ومادية متميزة، استدعت أن تطالب فئات أخرى، بأن يكون كادرهم المالي مساويا لكادر أساتذة الجامعات، الأوضاع اختلفت الآن، ماديا وأدبيا، لم يعد لأستاذ الجامعة هذا المقام الرفيع الذي كان، ولم يعد راتبه يكفي للمتطلبات الأساسية لحياة كريمة مناسبة لوضعه الاجتماعي، الذي يحتم عليه الظهور بمظهر العالم الوقور المتعفف عن الجري وراء المكاسب المادية خارج نطاق عمله الجامعي الذي ارتضاه. تشكلت في أواخر عام 2007 لجنة لدراسة كيفية زيادة دخول أعضاء هيئة التدريس في الجامعات المصرية، وكان ذلك وقت تولي الدكتور هاني هلال وزارة التعليم العالي، وبتكليف من رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، وكنت أتشرف برئاسة هذه اللجنة بصفتي من أقدم رؤساء الجامعات وقتها، وانتهت اللجنة في أوائل عام 2008 إلى اقتراح زيادات على شكل بدلات تراوحت بين 1000 و2500 جنيه لكل عضو من أعضاء هيئة التدريس، حسب درجته الوظيفية كانت بالكاد تمثل تصحيحا بسيطا لخلل واضح في جداول المرتبات، بالإضافة إلى أن ما حدث بعد ذلك من زيادة فلكية في تكاليف المعيشة أعاد الأوضاع المالية لأساتذة الجامعات إلى ما هو أسوأ من ذي قبل.
المحنة مستقبلا
مجموع ما يتقاضاه عضو هيئة في الجامعة في الوقت الحالي، من المرتب والبدلات عندما يصل إلى أعلى الرتب العلمية (الأستاذ) هو في حدود 12-14 ألف جنيه، وهو الذي كان من الأوائل على أقرانه هذا الدخل نفسه كما أخبرنا الدكتور جلال مصطفى السعيد يحصل عليه خريج الجامعة الحديث من بعض الكليات فور تخرجه، ويحصل عليه أصحاب أحد الكوادر الخاصة في بداية السلم الوظيفي، المعضلة الكبرى تحدث بعد الوصول إلى سن التقاعد أو الوفاة، معاش الأستاذ الجامعي إذا وصل الستين عادة لا يتعدى الحد الأدنى للأجور، كونه محسوبا على مرتبه الأساسي، حيث معظم الدخل الشهري أساسه المكافآت والبدلات، وهذا المعاش لا يكاد يفي بالمتطلبات الأساسية من الغذاء والكساء والدواء والإنفاق على زواج الأولاد، والمساهمة في مصروفاتهم وشراء مجرد هدايا رمزية للأحفاد، معاش صغار أعضاء هيئة التدريس في حالة الوفاة، أقل كثيرا وهو ما يخلف مآسي حقيقية لأسرهم من بعدهم. هذه الأوضاع المالية الصعبة لا تقتصر آثارها على أستاذ الجامعة وحده، ولكنها تضر بالجامعات أيضا، حيث يجري الأساتذة، خاصة الصغار منهم، وراء مصادر دخل أخرى، البعض منهم يهجر الجامعات، لا يؤدون تعليما حقيقيا، ولا يجرون أبحاثا جديدة، وينعكس ذلك على مستوى الخريجين ومستوى الأبحاث وتتأثر أحوال الجامعات المصرية، وقد تسبقها جامعات أخرى في المنطقة لم تظهر إلا من سنوات معدودة، كما أن التوسع في إنشاء الجامعات الخاصة والجامعات الأهلية في السنوات الأخيرة، في ظل محدودية المتاح من أعضاء الهيئة فيها، قد أدى إلى نزوح أعضاء هيئة الجامعات الحكومية إليها، سعيا وراء ما تتيحه هذه الجامعات من مرتبات أضعاف ما يتقاضونه من الجامعات الحكومية.
عودة الروح
منذ عقود قريبة بدأ الحديث عن اختفاء الصحف المطبوعة والكتب المطبوعة وتناقص التعامل مع كل ما هو ورقي. الضربة الأكبر كانت للصحافة التي صارت صناعة ضخمة تتعامل بمليارات الدولارات والجنيهات واليوروهات وغيرها من العملات في كل مكان في الكرة الأرضية. كانت الصحافة وفق ما يرى رفعت رشاد في “الوطن” نتاج اندماج الورق والطباعة، وظهرت الصحف في بدايات القرن السابع عشر في إنكلترا التي كانت صاعدة واعدة في ذلك الزمن. مؤخرا أُعلن أن مجلة “لايف” الأمريكية ستعود مرة أخرى ورقية إلكترونية معا. لايف تعني باللغة الإنكليزية “الحياة”، وعودة الحياة.. إلى “لايف”.. أمر وحدث جلل، فقد كانت المجلة التي بدأت مسيرتها في نهايات القرن التاسع عشر تترنح وتذوي في طريقها إلى الزوال، لكن، للمفارقة، تعود المجلة بفضل عارضة أزياء وسيدة أعمال في الوقت نفسه وترأس دار نشر كبيرة. اتفقت مع زوجها رجل الأعمال ونسيب الرئيس ترامب من جهة ما، لكي تعود “لايف” المجلة التي اشتهرت بصورها الجذابة، والتي كانت متخصصة في عالم الأزياء والموضة والصور الجذابة. عودة “لايف” تثير التساؤلات: هل القائمون عليها سذج لكي يعيدوا طباعة المجلة؟ أم أنهم يدركون أن السوق الصحافية وعالم الأزياء يحتاج إلى مثل هذا التخصص الذي يصعب مجاراته من الصحف الإلكترونية؟ هل يمكن أن تحقق المجلة نجاحا وأرباحا إذا ما نجحت إدارتها في تنفيذ خططها وإعادة الإقبال عليها؟ هل المسألة ترتبط بأذواق القراء؟ أم بحاجتهم إلى مادة يقبلون عليها ويقرأونها؟ القارئ المصري لديه نهم للقراءة وهو يبحث عن الكتاب، وإن كانت ظروفه المالية تضطره إلى شراء ما يقدر عليه من الكتب الرخيصة، ولو نظرنا إلى أجنحة سور الأزبكية لوجدنا أن نظرية اندثار الكتب أو الصحف المطبوعة نظرية كاذبة وغير حقيقية.