الجلوس في غرفة فندق شبه فارغ على شواطىء المتوسط بعد التوثق من إستحالة الخروج يتيح لمدمن فضائيات مثلي التجول بين باقة من المحطات الدينية التي تدعي دوما انها تمثل السماء والعدالة والله.
سمعت بأذني مذيعة أنيقة جدا كأنها خارجة من حمام منعش للتو تدعي أنها تتحدث برسالة ‘المحبة والسلام’ في برنامج تبثه محطة الحياة بإسم’المرأة المسلمة’.
صاحبتنا تتحدث، طبعا بإسم المسيحيين العرب، وخلال دقائق إنتقلت السيدة تفاعلا مع متصلة متشددة من ألمانيا من رسالة المحبة والنور والحياة على طريقة اللبنانية مريم نور إلى الإشادة بالجنرال عبد الفتاح السيسي بإعتباره الرجل الذي ‘خلص البشرية من أتباع محمد’.
المقصود طبعا محمد عليه الصلاة والسلام والاخوان المسلمين.
خلال المحادثة وصف السيسي بأنه ‘يد الله’، التي توفرت للقضاء على محمد مرسي وجماعة الأخوان.. يمكنني أن أقترح إصباغ لقب السيستاني على الجنرال ما دام أيضا ممثلا للسماء وليس لربع الشعب المصري الذي خرج نهاية حزيران.
يمكن أن أنضم ببساطة للمعارضين لكل محطة تحرص على التحريض أو تسيء للأديان، لكن تلك الكاهنة وفي برنامجها الناعم تقدم لأمة ممزقة أصلا دليلا إضافيا نحو أقوى فتنة عبر الخطاب الديني تحت ستار أنها تريد من المرأة المسلمة الشعور بالمحبة.
أي محبة تلك عبر الإساءة لمشاعر مئات الملايين من المسلمين بهذه الطريقة التي لا يمكنها أن تكون برأيي الشخصي بريئة بكل الأحوال، فالعاملون في قطاع مقاولات الكراهية منتشرون بكثافة بيننا هذه الأيام، هؤلاء ليسوا مسلمين وليسوا مسيحيين وهم على الأرجح يقومون بوظيفة لا دين لها.
مشايخ ‘مولينكس’!
لكن للأمانة رصدت ثلاثة برامج في ثلاث محطات ‘دينية’ الخطاب، وسجلت ملاحظتين، رغم أن المحطة الأولى تتبع الشيعة بالعراق، والثانية تتبع سلفيا من بتوع الإنقلاب في مصر، والثالثة تدعي أنها تمثل اليسوع رسول المحبة والسلام وتديرها نفس السيدة، التي تريد هداية النساء المسلمات إلى الحق والمحبة.
في المحطة الأولى وإسمها ‘هل الجنة’، يطل علينا شيخ معمم بثوب أسود يتحدث العربية بلكنة صينية فيتلقى إتصالات تسمح بالإساءة لأصحاب رسول الله – عليه الصلاة والسلام – وتشتمهم في تحريض طائفي واضح.. فجأة يطل صوت أحد الأتباع فيمتدح الإمام المذيع ويدلي بأبيات شعرية، ثم يبدأ الشيخ بالإنتحاب والبكاء على الشاشة متأثرا بالأجواء الروحية لأتباعه.
في محطة أخرى يتصل أحد أتباع الشيخ المصري، الذي يتغزل بالرسول – عليه الصلاة والسلام – وبأصحابه فيمتدح الرجل، ويطلب منه التدخل للحفاظ على زوجته وعودة الكهرباء لمنزله عبر الدعاء فيتأثر الشيخ المذيع ويأخذ بالبكاء على الشاشة وسط تأوهات كومبارس من الأشخاص بالإستديو وظيفتهم التأمين على الشيخ وإطلاق عبارة واحدة بين الحين والأخر هي: ألله ..ألله’.
تذكرت وأنا أشاهد هذا الفيلم الهندي ما قالته إمرأة مجاورة لي ونحن بصدد رجم إبليس عليه لعنة الله في موسم الحج، فقد خلعت السيدة حذاءها عن بعد عن حفرة إبليس وضربته بقوة في إتجاه الشيطان الرجيم وهي تصيح: يا إبليس يا إبن الكلب.. طلقتني من زوجي.
المفارقة، وبكل صراحة، شاهدت الحذاء يطير ويستقر على رقبة حاج ماليزي بعد خمسة أمتار، سرعان ما إتهم مطلقة الحذاء بانها زوجة إبليس، وإندست بين جموع المؤمنين.
سعودي ينضم للمسيحية
عند الشيخة الثالثة، التي ‘تمكيجت’ وأظهرت بعض مفاتنها يتصل مواطن سعودي من شيكاغو ليخبر السيدة المذيعة بأنه تلمس روح اليسوع، وقرر الإنضمام لأتباعه والتبرع للمحطة الفضائية فتبكي الشيخة بتأثر إستعراضي وتؤدي صلاة الشكر، لإن رسالة يسوع إخترقت المجتمع السعودي.
الجماعة في المحطات الثلاث إنهاروا وإنهمرت دموعهم على الشاشة.. هنا تحديدا يمكن رصد الملاحظة الثانية، فبعد موجة هطول الدموع مباشرة طلب الثلاثة من الميسورين المسارعة لدخول الجنة بتبرعاتهم.
رأيي الشخصي أن الله بريء من كل هذه الدموع، وكذلك سيدنا عيسى – عليه السلام – وأقترح على مشايخ ‘المولينكس’ الثلاثة زيارة مدينة مادبا وتحديدا مسجد عيسى بن مريم – عليه السلام- نعم هذا إسم المسجد- وقد شيده رجل مسلم ميسور في المدينة المسيحية ردا على شباب مسيحيين ساهموا بجهدهم وبيدهم وبدعم من كنيستهم المجاورة في بناء مسجد القرية بعدما لاحظ الخوري بان جاره الإمام المسلم تغيب لأسبوع عن المكان.
‘الجزيرة’ و’العربية’
اللواء محسن حفظي هو الرجل الذي إستضافته محطة ‘الغد العربي’ للتعليق على مسار الأحداث في مصر، خصوصا بعد إعتبار جماعة الاخوان المسسلمين إرهابية، حيث أكثر الرجل من ذكر آيات من القرآن الكريم، مستعرضا مهاراته في الإفتاء بين الحين والاخر.
لفت نظري ان الرجل وردا على كل الأسئلة التي وجهت له كان يتحدث عن قناة ‘الجزيرة’ ويحشرها في الإجابة والتعليق بهدف وبدونه.. طبعا هذه مجرد ملاحظة بريئة تثبت بأن المسؤولين المصريين يقضون الجزء الأكبر من وقتهم في متابعة ‘الجزيرة’.
بالمناسبة، لاحظت ما يلي عند متابعة تغطية المحطتين لما جرى في جامعة الأزهر: بالنسبة لـ’الجزيرة’ إقتحم رجال الأمن، برفقة البلطجية مبنى كلية التجارة وتسببوا بإحراقها بالقنابل الدخانية التي أطلقوها على الطلاب المعترضين.
بالنسبة لـ’العربية’ أحرق طلاب الاخوان المسلمين المبنى نفسه، مما إستدعى تدخل الشرطة لحماية مرافق الجامعة.. من يخبرني أيا من الروايتين أصدق سأخصص له جائزة.. كمشاهد لم يقدم لي اي دليل مقنع لا على الرواية الأولى ولا على الثانية!
مدير مكتب ‘القدس العربي’ في عمان
انا من قرأ القدس العربي..عربي مسيحي ثقافتي وجذوري عربية اسلامية. لا اريد الاطالة ولكن عتبي عليك في استخدامك عبارة اليسوع وقد غمزة من قناته واردت الاستخفاف والتهكم. فهو يسوع المسيح والمفردة ليست اجنبية – هامبرغر وماهذا البرغر الافرنجي العين الكافر-. يسوع جذورها ارامية والعربية مشتقة من الارامية وكذلك المسيح -عبري ارامي- و لااريد ان اعطيك درسا في اللغات والتاريخ الاجتماعي. فان لم يعجبك كتابة يسوع المسيح فقل عيسى عليه السلام واستخدم لغة القرأن الكريم
والله انت رائع دايما ما يفش غلي الا انت
بارك الله فيك مقال رائع ومعبر ولولا تدخل ممن يحسبون انفسهم رجال دين ووعاظ والان لدينا واعظات بحمد الله لكان حالنا بالف خير اما عن صدق الروايتين فلا تستغرب استاذنا العزيز ان تكون انت المتهم وبقرار من السيسي ؟ تمنايتي لك بل الموفقيه وشكرا
مقال ممتع كالعاده
يا سيد البدارين، هل حقيقة انت جاد بسؤالك …؟ لعلك تقصد ان هناك حرب كواليس بين هتين القناتين، و لكن تيقن ان الزبد فيذهب جفاءًا واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض. و لعلمك وانا متيقن انك تعلم ذلك ، ان قناة العربية انشاتها السعودية لمواجهة الجزيرة لموقفها الجريء ضد حرب الخليج الثانية، !
مقال فوق الممتاز. انت اختصرت ما يحدث في هذا المقال.
نحن في زمن الفتنة التي حذر منها سيد الانام محمد الامين عليه افضل الصلاة و السلام. وفي نفس الوقت نحن نعيش فتنة الدجال.
الايام القادمة صعية جدا على العرب خاصة و سيشهدوا ما حذر منه سيد الانام في كتاب الفتن.
هو اسمه يسوع بن مريم وليس أليسوع………وقد ذكر في قرآننا باسمه ألعربي
عيسى أبن مريم وليس ألعيسى…..كما أسم نبينا محمدا وليس ألمحمد……..
ويسوع هو وجيه في الدنيا ووجيه في ـلآخرة هو لاغير
تصدق الذى إذا أخطأ يعتزر ، ولاتصدق من ظل يكذب منذ 2013/06/30 حتى اصبح جراب الكذب عنده خاوياً . لا أدرى ما هى الفريْة القادمه بعد الإرهاب!!!!.
ولهذا العالم العربي مقسم الى العربية والجزيرة…..
أجمل ما في المقال قصة مادبا. أما عن القنوات الدينية فمعظمها ليس فيه من ” الدين” شئ و لا تمت له بصلة, و ربما مشاهدة المسلسلات التركية أقل سوءا من مشاهدتها.
ماذا نفعل ….ببساطة