السيسي يستقبل وزير الخارجية الجزائري ويتمسك باتفاق ملزم بخصوص سدّ النهضة

تامر هنداوي
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، موقف بلاده الثابت بالتمسك بحقوقها التاريخية من مياه النيل لمصر، داعياً إلى اتفاق شامل وملزم قانوناً حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك خلال استقباله رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري الذي تقود بلاده مبادرة لحلحلة أزمة السد.
وحسب بيان للرئاسة المصرية، «استقبل السيسي لعمامرة، بحضور سامح شكري وزير الخارجية، والسفير محند لعجوزي، السفير الجزائري في القاهرة».
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن «السيسي طلب نقل تحياته إلى الرئيس عبد المجيد تبون، مثمناً سيادته العلاقات الثنائية التاريخية والأخوية بين البلدين، ومؤكداً حرص مصر على تطوير التعاون الثنائي مع الجزائر الشقيقة في شتى المجالات، وعلى نحو يعكس عمق أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين، وذلك في الإطار الثابت لسياسة مصر الساعية دائماً إلى التعاون والبناء والتنمية ودعم كل الجهود التي تسعى لبلوغ تلك الأهداف والقيم».
ونقل الوزير الجزائري إلى السيسي تحيات تبون، مؤكداً «اعتزاز الجزائر بما يربطها بمصر من علاقات وثيقة ومتميزة على المستويين الرسمي والشعبي، واهتمام الجزائر بتعزيز مجالات التعاون الثنائي مع مصر وتكثيف العمل لاستطلاع آفاق جديدة للتعاون، ومشيداً بما حققته مصر بقيادة السيسي على عدة أصعدة، خاصةً الإنجازات في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن والاستقرار والتنمية والقضايا الإقليمية».

العلاقات الثنائية

وأضاف المتحدث أن اللقاء «تناول التباحث حول آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، حيث تم التأكيد على الإرادة السياسية والرغبة المشتركة لتعزيز أطر التعاون بين مصر والجزائر وتعظيم قنوات التواصل المشتركة، لا سيما على مستوى تيسير حركة التبادل التجاري وزيادة حجم الاستثمارات البينية، وكذلك التنسيق السياسي والأمني وتبادل المعلومات في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف الذي يمثل تهديداً للمنطقة بأكملها».
كما تطرق اللقاء إلى «مناقشة تطورات عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً الأوضاع في ليبيا، حيث توافقت الرؤى في هذا الصدد حول أهمية تعزيز أطر التنسيق المصرية الجزائرية ذات الصلة، وذلك لتحقيق هدف رئيسي وهو تفعيل إرادة الشعب الليبي من خلال دعم مؤسسات الدولة الليبية، ومساندة الجهود الحالية لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا، وذلك من خلال تنفيذ المقررات الأممية والدولية ذات الصلة من حيث عقد الانتخابات في موعدها دون تأجيل خلال شهر ديسمبر(كانون الأول) المقبل، وخروج كافة القوات والمرتزقة من ليبيا».
كما تم «التباحث بشأن تطورات الأوضاع في تونس الشقيقة، حيث تم التوافق في هذا الصدد نحو دعم كل ما من شأنه صون الاستقرار في تونس وإنفاذ إرادة واختيارات الشعب التونسي الشقيق حفاظاً على مقدراته وأمن بلاده».
كذلك تم استعراض آخر تطورات ملف سد النهضة، حيث أكد السيسي «موقف مصر الثابت بالتمسك بحقوقها التاريخية من مياه النيل وبالحفاظ على الأمن المائي لمصر، مع التشديد في هذا الإطار على أهمية قيام كافة الأطراف المعنية بالانخراط في عملية التفاوض بجدية وبإرادة سياسية حقيقية للوصول لاتفاق شامل وملزم قانوناً حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة».
ويأتي لقاء السيسي مع لعمامرة ضمن مبادرة جديدة طرحتها الجزائر لحلحلة أزمة سد النهضة، تتضمن عقد لقاءات مباشرة بين مصر والسودان وإثيوبيا برعاية الاتحاد الأفريقي.
جاءت المبادرة في أعقاب طلب إثيوبيا من الجزائر لعب دور في الأزمة، وتصحيح ما أسمتها «الرؤية المغلوطة لدى جامعة الدول العربية بشأن الأزمة».

مرحلة دقيقة

والسبت قال وزير الخارجية الجزائري إن «العلاقة بين دول مصر والسودان وإثيوبيا بسبب أزمة سد النهضة تمر بمرحلة دقيقة».
وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية سامح شكري، مساء السبت، إن «بلاده في حاجة للاطلاع على جزئيات الأمور ولا تكتفي بمعرفة سطحية لهذا الملف الحيوي» مشددا على «أهمية توصل الدول الثلاث إلى حلول مرضية تحقق لكل طرف ما له من حقوق وتحفظ واجبات كل الأطراف لتسود الشفافية المطلقة في هذه العلاقة وتجعلها مبنية على أسس قوية على قدم المساواة في الفائدة من الثروة المائية التي تمثل شريان الحياة».
وتابع: «ما زلنا في اهتمامنا بهذا الموضوع لأنه ملف أساسي للدول الثلاث، والجزائر لها موقف ثابت بحرصها على ألا تتعرض العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين العربي والأفريقي لمخاطر نحن في غنى عنها».
ولفت إلى أنه «استمع باهتمام للمعلومات من الجانبين الإثيوبي والسوداني، إلى جانب جزء من المعلومات من قِبل وزير الخارجية المصري» مؤكدا أنه «سيتم استئناف الحديث لجمع مزيد من المعلومات».
وأكد «تطلع بلاده لأن تكون جزءا من الحل في كافة الملفات الكبيرة والوجودية عندما تتوفر الشروط ويكون المناخ ملائما» موضحا أن الجزائر على «استعداد لمناقشة النقاط الخلافية والمعقدة، مع من وصفهم بـ«الزملاء الأجانب» الذين يريدون أخذ رأي بلاده في هذا الملف».
شكري التقى أيضا وزير الخارجية التشيكي جاكوب كولهانك، الذي أكد أن بلاده تشارك مصر مخاوفها بشأن التصرفات الأحادية لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده كولهانك مع شكري في القاهرة، بثه التلفزيون المصري الرسمي.
وأضاف كولهانك: «نشارك مصر المخاوف التي ستنجم عن التصرفات الأحادية الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي».
وشدد على أهمية استئناف المفاوضات وأن تتم مراعاة عامل الوقت، وأهمية وجود وسيط دولي لدعم التوصل إلى اتفاق بين كافة الأطراف.

العمامرة: العلاقة بين مصر والسودان وإثيوبيا تمر بمرحلة دقيقة

وتابع: «مصر بلد حليف وثيق لبلدنا، وتلعب دورا أساسيا في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».
شكري قال إن مباحثاته مع نظيره التشيكي تطرقت إلى الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق واليمن والقضية الفلسطينية والعمل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وشرق المتوسط.
والسبت، وصل وزير الخارجية التشيكي ياكوب كولهانك، إلى القاهرة، في زيارة رسمية تستغرق يومين، لبحث سبل دعم التعاون وآخر التطورات الإقليمية والدولية.
وكانت وزارة الخارجية الإثيوبية أعلنت أن الملء الثاني لسد النهضة تم وبالكمية التي كانت مقررة من قبل وهي 13.5 مليار متر مكعب، مضيفة أن هذا الملء لم يضر مصر والسودان، لكنهما – أي الدولتين – لا تريدان الاعتراف بذلك.
خبراء مصريون كذبوا الرواية الإثيوبية، وأكدوا فشل أديس أبابا في عملية الملء الثاني واحتجاز 4 مليارات متر مكعب فقط ليصل حجم المخزون في عمليات الملء إلى 9 مليارات.
محمد نصر علام، وزير الري المصري الأسبق، قال إن «إثيوبيا من حقها أن تقول ما تشاء، لكن الحقيقة التي نعلمها جيدا وتتفق مع المنطق والواقع تقول إن ارتفاع الممر الأوسط بالسد حاليا والذي يبلغ 574 مترا وثبت بصور الأقمار الصناعية لن يستوعب أكثر من 8.5 مليار متر مكعب من المياه المخزنة».
وأضاف أن «إثيوبيا قامت في الملء الأول بتخزين 4.9 مليار متر مكعب، وبالتالي لن تستطيع بأي حال من الأحوال تخزين أكثر من 3.6 مليار متر مكعب في الملء الثاني، حتى يتناسب مع الارتفاع الحالي للممر الأوسط من السد».
وتابع أن «المسؤولين الإثيوبيين يعلنون اكتمال الملء الثاني وبالكمية المطلوبة هربا من غضبة شعبهم الذي خدعوه بتصريحات نارية ألهبت حماسهم عن السيادة والنهضة والتنمية من وراء السد، وأنهم ماضون فيه بقوة رغم اعتراض مصر والسودان ورغم الضغوط الاقتصادية» مضيفا «أنهم يخشون من أن يصاب هذا الشعب بالإحباط وينفجر بركان الغضب ضدهم لو علم بالحقيقة المرة».
كذلك أوضح الخبير المصري في مجال الري، عباس شراقي، أن «إثيوبيا تدعي تخزين 13.5 مليار متر مكعب، في 15 يوما منذ بداية التخزين في 4 يوليو(تموز) وعند اكتماله في 18 يوليو، مع أن متوسط إيراد الشهر كله 7 مليارات متر مكعب فقط من مياه الفيضان» متسائلا بالقول «كيف يقول المسؤولون الإثيوبيون إنهم نجحوا في الملء الثاني وبالكمية المقررة وهي 13.5 مليار متر مكعب؟».
وأضاف أن «بحيرة السد تحتجز حاليا نحو 8 مليارات متر مكعب، وهو ما يتوافق مع الارتفاع الحالي للممر الأوسط والذي فشلت أديس أبابا في إكمال بنائه ليستوعب الكمية المقررة قبل بدء موسم الفيضان» مشيرا إلى أن إثيوبيا «اضطرت لسحب معدات البناء قبل وصول مستوى الفيضان لأعلى السد واكتفت بـ8 أمتار خرسانة و3 مليارات متر مكعب من المياه المخزنة.
إلى ذلك، أكد محمد عبد العاطي وزير الري المصري، أن بلاده تواجه «تحديات» في قطاع المياه في على رأسها «الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية المتاحة. «
جاء ذلك خلال لقائه أمس يرلان بايداولت، مدير عام المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، والوفد المرافق له.
وقال عبد العاطي إن «مصر تعد من أعلى دول العالم جفافا، وتعاني من الشح المائي، حيث تُقدر موارد مصر المائية بحوالى 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه، معظمها يأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار التي تقدر بحوالى 1 مليار متر مكعب، والمياه الجوفية العميقة غير المتجددة بالصحارى، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنوياً من المياه».

التغيرات المناخية

وأوضح أن «مصر ودول العالم تشهد تغيرات مناخية متزايدة» مشيراً لما «ينتج عن هذه التغيرات المناخية من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان في الحصول على المياه، وتُعد مصر من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير غير المتوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بالإضافة للتأثير على مجالات الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائي والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية، إلى جانب المخاطر التي تواجهها أراضي الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة الذي يؤثر على جودة المياه الجوفية، الأمر الذي سيؤدي لنزوح الملايين من المصريين المقيمين في شمال الدلتا».
وأضاف أن «هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار، وقد تصل إلى 100 مليار دولار، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 تعتمد على 4 محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه».
وأشار إلى أنه «تم خلال السنوات الخمس الماضية اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض له المنظومة المائية من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومي لتأهيل الترع، الذي يعد من أكبر المشروعات على مستوى العالم في هذا المجال، والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة».
وتابع: «كما يتم العمل في المشروع القومي للتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع في استخدام تطبيقات الري الذكي، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة للمشروعات الكبرى التي تستهدف التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، كما تنفذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال الحماية من أخطار التغيرات المناخية، مثل مشروعات الحماية من أخطار السيول ومشروعات حماية الشواطئ».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سعيد علي:

    سؤال بسيط السيسي انت كرئيس لمصر لماذا وافقت على سد يتحكم في حياة و مستقبل مصر يعني ما هي الفائدة التي ستحصدها مصر من هذا الاتفاق؟

إشترك في قائمتنا البريدية