“الشاب الذكي” والعراق الجديد: الكاظمي… بين الدعم الأمريكي وحماسة التطبيع و”مصير الهاشمي”

حجم الخط
0

انتبهوا لجدول رحلات الطيران المكتظ لرئيس حكومة العراق الجديد الذي انتخب في أيار، مصطفى الكاظمي. قفز إلى طهران في الشهر الماضي، والتقى الحاكم الروحاني الإيراني عليّ خامنئي الذي يقرر كل شيء، والرئيس الإيراني حسن روحاني الذي حذره بكلمات حادة من الرئيس ترامب والجنرالات الأمريكيين. وبعد نحو أسبوع صعد الطائرة مرة أخرى وهبط في البيت الأبيض، لدى ترامب، وطال اللقاء بينهما، وطلب من الكاظمي أن يضيف إلى الزيارة يوماً آخر لكي يلتقي أعضاء كونغرس ديمقراطيين أيضاً. وقد خلف انطباعاً ممتازاً، وسارع ترامب لإلصاق لقب به “الشاب الذكي”. وفي الأسبوع المقبل، سيجري زيارة خاطفة إلى عمّان، لعقد قمة مع الملك عبد الله والرئيس المصري السيسي. وبعد بضعة أيام من ذلك، يخطط اللقاء الأهم له: الرياض، السعودية، مع الملك سلمان وابنه ولي العهد.

الكاظمي، بكل الآراء، شخصية استثنائية بين الزعماء العرب: ابن 53، نفي من بلاده في عهد صدام حسين، وقام علاقات مع منظمات المعارضة ومسؤولين أمريكيين كباراً. وسرعان ما تبين نشطاً وذكياً، وبدأ الضباط الأمريكيون يعنون به بصمت. في سنوات منفاه، عمل صحافياً في “مدل إيست مونيتور”، حيث يعمل أيضاً صحافيون إسرائيليون. وعندما عاد إلى العراق، عُين رئيس أجهزة المخابرات، حتى تعيينه الجديد كرئيس للوزراء. ومع أنه لم ينتم لأي من الأحزاب الكبرى، وقف وكلاء الاستخبارات الأمريكية خلفه في الظل؛ كي لا يورطوه مع الإيرانيين. والآن، بعد أن أنهى لقاءه الأول في طهران، حصل من ترامب على تعهد بمساعدة اقتصادية، واستعراضاً واسعاً عن الخطوات بين الإمارات وإسرائيل. لا يقترح عليه البيت الأبيض الانضمام الآن: فالعراق يحتاج قبل كل شيء إلى مخرج لإبعاد وكلاء الحرس الثوري الإيرانيين. ولكن الكاظمي، وهذا من المهم الانتباه له، يؤيد موقف الإمارات، ومن المتوقع أن يهبط في أبو ظبي قريباً. عراقه يطلق إشارة واضحة بأن وجهته نحو الغرب: لا يدعو إلى إخراج القوات الأمريكية، ولا يقف ضد اتفاقات التطبيع مع إسرائيل. ولكن في العراق، مثلما في العراق، رصاصة واحدة قد تصفي كل المخططات.

سهل جداً التخمين بأن رئيس وزراء العراق يعرف مسؤولين إسرائيليين كباراً من منصبه السابق، رئيساً للمخابرات. ومسموح التخمين أيضاً بأنه سيكون مطالباً بسماع موقفه عن الموضوع الإسرائيلي في لقاءات عمان والرياض. وستكون هناك أيضاً إعلانات اقتصادية وخطط للتعاون، ولكن الموضوع الإسرائيلي، الذي يثير أعصاب المسؤولين الإيرانيين، هو الآن في مكان بارز على الطاولة.

وعليه، ينبغي أن يحذر الكاظمي على حياته الآن أكثر من ذي قبل. ففي الشهر الماضي، أطلق رجال الحرس الثوري النار على رجل الأمن العراقي الكبير هشام الهاشمي، الصديق المقرب من الكاظمي، وهو خارج من بيته في بغداد. وكانت هذه إشارة واضحة من طهران: لا تتذاك. ووثقت الكاميرات أربعة ملثمين يقتربون من سيارة الهاشمي، يفتحون النار ويفرون. رئيس وزراء العراق، حسب التقارير، محوط الآن بحزام سميك من الحرس، عراقيين وأمريكيين.

يوضح الكاظمي في محادثاته أنه مستعد لتحسين العلاقات مع إسرائيل. ويسعى الجانب الإسرائيلي لتبريد حماسته تلك: لا شيء ملحّ طالما يواصل الحرس الثوري إبداء حضور يقظ في العراق. ومع ذلك، ثمة مادة للتفكير: كيف يرص العالم الإسلامي السُني الصفوف أمام واقع لم نشهده من قبل، إذ لم تعد إسرائيل هي العدو؟

بقلمسمدار بيري

يديعوت أحرونوت 25/8/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية