ترجمة منصف الوهايبي
ما أكثر القصائد «اليتيمة» أو مجهولة النسب أو متّهمة الأصل، في كلّ شعر العالم. وها هو الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، يسند الكلمة في هذا النصّ إلى «شاعر مجهول» نسمعه ولا نراه، بل هو نفسه لا يعرف من هو/ من هي؟ وهل هو حقّا صاحب النصّ الذي لم يطوِه الزمن في ما يطوي من نصوص وآثار وأشياء.
؟ أهوَ صوتي
أم صوت شاعر مجهول
مخترقًا ظلمات الأزمان
متى عشتُ أنا
وعلى أيّة أرض
أيّةَ امرأة أحببتُ
وبأيّ هوى
ومن يدريني
أنّي لم أكن امرأةً بحقّ
وأنّي لم أعرف أيّ رجل قطّ
إذ كانت بي دمامةٌ مفرطة
أو ببساطة، لم يكن فيَّ
ما يستلفتُ أنظار الرجال
تُراني صارعتُ
من أجل شيء ما
أم تصرّفت على مضضٍ
هل كان بي إيمان الأطفال
هل متّ ولم أُمتّع بالشباب
شقيّا، نابغةً غير مقدّر
أم هل متّ طاعنا في السنّ، محبوبا، مدلّلا
أم كنت بشير قبيلة تتأهّب
لفتح العالم
وهل عاشت آثاري بعدي
هل ماتت لغتي
قبل أن تُدوّن
لكن في بداءة الأمر، هل كنت شاعرا صنّاجة
أم هل كنت ملكا تِنْبِلاً
أم كنتُ كاهنا
أم كنت نائحة محترفة
أم كنتُ ملاّحا
هل كنت جنّيّا أم هل كنتُ إنسيّا
هل كنت امرأة متحذلقة محبوبة
تضرِب بالمزهر، لنساء الحريم
لعلّي لم أكن سوى
سَرّاجٍ ماهر
لم يركبْ حصانا قطّ
وكان يغنّي
ويكدّ طولَ النهار
حتّى يلين الجلد بين يديه
ويجود بالصِّنْعة اللطيفة
(السرج) الذي يمتطيه الأثرياء
إذن ماذا كنتُ أنا
حتّى يزدوجَ كلامي
ويوقعني الشبيه الماكر ذاك الذي يمسك بالزمام،
في أحابيله
بهذا السؤال غير الوحيد:
أهوَ صوتك
أم هو صوت شاعر مجهول
مخترقًا ظلمات الأزمان؟