قد يكون ثمن الخسارة جراء الغزو الروسي لأوكرانيا والحرب في أوروبا، عالياً. وبدءاً من الاهتمام العالمي بالنووي الإيراني وحتى حرية عمل إسرائيل في سوريا، فإن المواجهة الحادة التي قد تتطور بين الولايات المتحدة وروسيا قد تمس بمصالح إسرائيلية صرفة، بل وتؤثر في العلاقات مع روسيا أيضاً. إسرائيل هي الأخرى تبقي على خط حذر جداً كي لا تمس بالعلاقة مع حكم بوتين، وإذا ما اضطرت لاختيار طرف فسيكون بشكل واضح في صالح الأمريكيين، أما في غير صالحها فقد تجد نفسها في منطقة وسطى بين القوتين العظميين.
إن رياح الحرب التي تهب في أوروبا، والآثار المتوقعة على مسائل عديدة ترتبط بجدول الأعمال العالمي كفيلة بأن تكون ذات آثار دراماتيكية على العالم، وذلك فضلاً عن ثمن الحرب الرهيب الذي سيدفعه المواطنون في أوكرانيا، الذين سيبقون وحدهم إذا ما نشبت الحرب. إسرائيل بالطبع ليست لاعباً مركزياً في إنزال الأيدي بين القوى العظمى، لكن حرباً في أوروبا قد تؤثر على مسائل استراتيجية دراماتيكية ترتبط بإسرائيل – من البرنامج النووي الإيراني وحتى حرية العمل في سوريا.
أما بخصوص الموضوع النووي، فتأتي أزمة أوكرانيا في مرحلة حرجة في مفاوضات القوى العظمى مع إيران. إسرائيل تنظر بقلق كيف تواصل إيران التقدم – ببطء ولكن بنجاعة – في برنامجها النووي. صحيح أن إسرائيل تعارض الموقف الأمريكي والاتفاق المتشكل، ولكنها في الاختيار بين اتفاق سيئ وعدم الاتفاق- وهو وضع تواصل فيه إيران التقدم إلى النووي، فإن جهاز الأمن واثق بأن الأفضل وجود اتفاق يوقفها على الأقل من مزيد من التقدم. إيران بعيدة عن أن تكون على رأس سلم أولويات إدارة بايدن، والمواجهة مع الروس سيدحرها أكثر عن جدول الأعمال الأمريكي. وضع كهذا، كما يخشى جهاز الأمن، ستستغله إيران جيداً في صالحها وتسمح لنفسها بتنفيذ خطوات أكثر جرأة، كانت حذرة من تنفيذها حتى الآن، باستمرار التقدم في برنامجها النووي.
من ناحية إسرائيل، يعتبر الروس لاعباً نزيهاً جداً، سواء في العلاقة أم في المطالب تجاه إيران بألا تصبح دولة مع سلاح نووي. تخشى إسرائيل من أن يتمكن الروس الآن من تغيير قواعد اللعب والسير في اتجاه إيران، ومن شأن حرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا أيضاً أن يتأثر بذلك. وبعامة، تخط إسرائيل في السنوات الأخيرة طريقها بحكمة في الوسط بين الأمريكيين والروس.
صحيح أنه لا يكاد يحدث هجوم إسرائيلي في سوريا إلا ويمر باحتجاج غير علني من جانب الروس عبر أجهزة التنسيق، ولكن الروس يلعبون أيضاً لعبة مزدوجة يدركون فيها احتياجات إسرائيل ومصالحها. ففي الأسبوع الماضي، اختار الروس نقل رسائل تنديد بشكل علني، ولم يكن هذا صدفة. وهذه الرسالة التي مرت عبر إسرائيل استهدفت أساساً الولايات المتحدة: تدخلكم في أوروبا كفيل بأن يؤثر أيضاً على ما يجري في الشرق الأوسط وعلى حليفتكم. هذا لا يزال لا يعني بعد أن الروس سيبدأون باستخدام منظومات الدفاع ضد الطائرات الإسرائيلية وسيطرحون على إسرائيل إنذاراً لوقف الهجمات، ولكن السيناريوهات المختلفة التي ليست لصالح إسرائيل قد تتطور في هذه المنطقة أيضاً كلما احتدت الأزمة في أوكرانيا وعرض الأمريكيون خطاً متصلباً ضد الروس.
بقلم: تل ليف رام
معاريف 14/2/2022
بوتن روسيا يثبت في كل يوم أنه لاعب ماهر يحسن التفاوض
نعم إنها صفقة بوتن لأمريكا