انتهت الانتخابات في ايران واُعلنت نتائجها ليبدأ عهدٌ وينتهي آخر ومن تابع الحدث الايراني لا بد أنه توقف عند عدد من النقاط التي أرى أنها تثير الاهتمام إن لم اقل الاحترام حتى لا يعتب أو يغضب دعاة النفخ في بوق المذهبية وبعد أن تم تصوير ايران عدواً مبيناً. إن تحديد فترة الرئاسة في الدستور واحترام العمل به لا بد أنه يثير الاهتمام في منطقة لا يوجد من دولها من يعترف بذلك أو حتى يفكر به. ان نسبة الانتخاب كانت عالية فاقت 72′ وهذا يعني أن الشعب الايراني يضم الكثير من النخب ويتميز بحراك حي. فاز الرئيس الجديد بنسبة 50.68′ فقط لكنها تعبر عن إرادة أكثر من 18 مليون ناخب وتقاسم الاصوات مناصفة بل اكثر مع منافسيه مجتمعين. إن الرئيس الفائز يوصف بأنه اصلاحي معتدل تنافس مع خمسة من المحافظين المتشددين. النقطتان السابقتان تدلان بوضوح أن الشعب الايراني يتوق الى التغيير داخليا وخارجيا ويرفض الخطاب المتشدد محليا واقليميا ودوليا. سلم الجميع بنتائج الانتخابات وهنأ المرشد الاعلى والرئيس السابق الرئيس القادم في تقاليد عريقة جديرة بالاحترام ولم يحدث اي عنف او تشنج أعقب الانتخابات حيث اختلف المشهد تماما عن سابقه قبل اربع سنوات. يعتبر السيد حسن روحاني ابن الخامسة والستين الرئيس السابع في زمن الثورة له سيرة ذاتية ملفتة تبدأ به مناضلا ومعتقلا وهاربا في عهد الشاه لتصل به اليوم رئيسا وهو حقوقيٌ ودبلوماسيٌ كبير يتمتع بكاريزما شخصية له العديد من المؤلفات في الدين والسياسة والقانون خاض العمل السياسي والدبلوماسي منذ أكثر من ثلاثة عقود وتقلب بين العديد من المناصب بل انه كان في صدارة المشهد خاصةً عندما انيطت به إدارة مفاوضات الملف النووي مع الغرب ووصف حينها بشيخ الدبلوماسية الايرانية. اما العهد السابق الذي امتد لثماني سنوات فقد تميز بخطاب متشدد نتج عنه عدم الرضا داخليا وخارجيا ففي الداخل تأثرت الحريات العامة وساد التشدد ومع الخارج تعقدت علاقات ايران خاصة بعد الازمة السورية وارتفع منسوب الخطاب المذهبي في الاقليم ودوليا بقي الملف النووي مثيرا للجدل وفرضت العقوبات التي لا بد أنها اثرت ولو نسبيا في حياة الايرانيين. لكن في ظل نظام يكتنفه الكثير من الغموض وفيه من التسميات ما لا نجده في غيره مثل وجود المرشد الأعلى للثورة ومؤسسة مصلحة تشخيص النظام التي غالبا تضم رجالات الصف الاول او ما يحلو للبعض أن يسميه ولاية الفقيه وفيه يتحدث رئيس الجمهورية علانية عن مشاركة المهدي المنتظر في تعيين الحكومات واتخاذ القرارات يبدو أن مفاهيم الاصلاح والتشدد قد تكتسي معانٍ اخرى وأن قنوات صنع القرار ليس من السهل تتبعها. تنتظر الرئيس القادم العديد من الملفات الهامة إذ لم يعد كرسي السلطة مريحا بل ان عيون الملايين وقلوبهم ترقب عن كثب الاداء في هذه الملفات وتقيس النجاح بالإنجازات ولم يعد الرئيس يحتمي ببطانة فاسدة او إعلام افسد. في دعايته الانتخابية طرح فكرا معتدلا بدا فيه متحديا لنهج التشدد وتعهد بالعمل في ثلاث ملفات كبيرة حيث وعد بزيادة مساحة الحريات العامة ومعالجة الوضع الاقتصادي وتحسين علاقات ايران الخارجية. بدا أن فوز السيد روحاني حظي برضا الجميع بمن فيهم المعارضة السورية التي رحبت بالتغيير فهل يتخذ الرئيس الجديد موقفا يكسب فيه الشعب السوري وشعوب المنطقة بدل المتاجرة بنظام ساقط لا محالة ويعمل على تخفيف الاحتقان مع الجميع لصالح شعبه وبلده. منصور محمد هزايمة الدوحة قطر