قد يكون الدوري الانكليزي الممتاز هو الأشهر والأثرى والأكثر مشاهدة في عالم كرة القدم، الا أن شعبية البريميرليغ الطاغية لا تأتي بلا مشاكل أو صداع للرأس، والسبب الرئيسي لذلك هو الشغب وحالات فوضى الملاعب، وهو أمر لم ينجح الانكليز في اجتثاثه تماماً من قلب وروح اللعبة الاكثر شعبية في العالم.
لا شك في أنه في كل مكان يشهد اقبالا كبيراً في الحضور والاهتمام، ستكون هناك مشاكل متوقعاً حدوثها، وكرة القدم في بريطانيا ليست استثناء، حيث نشر تقرير مؤخراً أن في موسم 2023-2024، شهدت إنكلترا وويلز ارتفاعا ملحوظاً في عدد الاعتقالات المتعلقة بكرة القدم، حيث تم تسجيل 2584 حالة اعتقال، بزيادة قدرها 14% عن الموسم السابق الذي بلغ 2264 حالة اعتقال. وهذه الزيادة نُسبت إلى ارتفاع أعداد الاعتقالات بسبب حيازة المخدرات من الفئة «ايه»، والتي ارتفعت بمقدار 144 حالة اعتقال مقارنةً بالعام السابق.
وتم تسجيل 180 حالة اعتقال إضافية في إنكلترا وويلز في ما يتعلق ببطولة يورو 2024، مقارنةً بعدد الاعتقالات في البطولات الخارجية في الموسم السابق. وأوضحت وزارة الداخلية أن حيازة المخدرات من الفئة «ايه» أصبحت جريمة بموجب قانون الجدول الأول في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، ما ساهم في زيادة عدد الاعتقالات. وفي الإجمال، تم تسجيل 417 حالة اعتقال مرتبطة بمباريات المنتخب الوطني، منها 291 حالة في إنكلترا وويلز، و281 حالة منها كانت مرتبطة بيورو 2024. كما تم تسجيل 126 حالة اعتقالً إضافية في ألمانيا أثناء البطولة.
والغريب أن مفتعلي الشغب والمشاكل معروفون للسلطات، وهم من نوعية مختلفة عما اشتهرت عليه مجموعات الشغب في السابق، عندما اشتهرت مجموعات «الهوليغانز» قبل نحو 4 عقود، واعتقد أنه تم احتواؤهم، لكن مثيري الشغب الحاليين أكثر تنظيماً وشغفاً باللعبة، أي أن شغبهم نابع من عشقهم لفرقهم. وكان هناك 2172 أمرا بحظر حضور المباريات ساريا اعتبارا من 1 أغسطس/ آب 2024، بزيادة قدرها 21% عن العام السابق. وتم إصدار 825 أمرا جديدا خلال الموسم الحالي، وهو أعلى رقم منذ موسم 2010-2011.
وربما ليس غريباً معرفة أن الغالبية العظمى من مثيري الشغب هم من الرجال، حيث بلغت نسبتهم 99.4% من تلك الحالات، وهذا يعني أن هناك نسبة ضئيلة من مثيرات الشغب. والفئة السنية الأعلى من بين هؤلاء هم بين سني 18 و34 سنة.
ومن الأندية الأكثر تسجيلًا للاعتقالات والأوامر، كان نادي وستهام الأعلى في عدد الأوامر بحظر مشجعيه من الحضور، حيث بلغ الرقم (93)، يليه مانشستر يونايتد (89)، ثم ميلوول اللندني (82). كما كان وستهام الأعلى في عدد الاعتقالات المتعلقة بكرة القدم للعام الثالث على التوالي، حيث تم تسجيل 103 حالات اعتقال في موسم 2023-2024. فيما شهد ناديي مدينة مانشستر، سيتي ويونايتد، 88 حالة اعتقال خلال الموسم، فيما جاء بعدهم أرسنال بـ85 حالة اعتقال، ومن ثم نادي تشلسي بـ67 حالة اعتقال. وفي المقابل كان نادي ليدز، الذي اشتهرت جماهيره باثارة المشاكل في السبعينات، الأكثر انخفاضا من جهة الاعتقالات، بنحو 46 حالة اعتقال، فيما كان نادي وست بروميتش ألبيون الأكثر ارتفاعاً، حيث بلغ 25 حالة اعتقال. وأشارت وزارة الداخلية أيضا إلى زيادة كبيرة في الجرائم المتعلقة بالكراهية على الإنترنت، حيث تم تسجيل 423 حادثة مقارنة بـ234 في الموسم السابق.
طبعاً مشاكل كرة القدم وحالات الشغب فيها ليست حصراً على الكرة الانكليزية، بل هي أصبحت عادة سيئة حتى في عالمنا العربي ودورياتنا أيضاً، لكن ما هو مختلف، ونجده في هذه الأرقام والتقرير، أن هناك أرقاماً دقيقة ودورية عن كل حالات الشغب والاعتقالات والسبل للحد منها، ونظرات مستقبلية لهذه الآفة، فبدل الاكتفاء بسرد الخسائر المادية ونتائج الشغب، فان التقرير يغوص أكثر في أسباب ارتفاع الحالات، وسبل مواجهة المشاكل للحد منها، وتلقائيا القيام باجتثاثها، رغم تكرار حدوثها دائماً بطرق جديدة ومتحورة، وبهذا من الضروري استدراك أن الشغب في الملاعب ليس مجرد أرقام واحصاءات.