غزة ـ ‘القدس العربي’: عادت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة للعمل بعد توقف إجباري دام لأكثر من شهر ونصف، بعد أن تبرعت دولة قطر بمبلغ مالي كبير ساهم في شراء وقود لهذه المحطة، في خطوة من شأنها أن تخفف كثيرا من الأوضاع الصعبة والمتردية التي يعيشها سكان القطاع جراء ما حل بهم من خسائر فادحة بسبب المنخفض الجوي الأخير، فيما بدأ السكان الذين شاهدوا الشمس بعد أربعة أيام عصيبة في تفقد الخراب الذي حل بمنازلهم.
وأعادت محطة توليد الكهرباء تشغيل مولداتها لتنتج من جديد الكهرباء التي تغذي نحو ثلث احتياجات سكان القطاع، بعد أن وصلتها كمية وقود صناعي قدرت بـ 450 ألف لتر، وذلك بعد توقف دام لأكثر من شهر ونصف، بسبب نفاذ الوقود المخصص لتشغيل هذه المحطة.
وقال المهندس وليد سعد صايل المدير التنفيذي لمحطة توليد الكهرباء إن الطواقم الفنية في المحطة جاهزة للتشغيل بشكل كامل، لإنتاج طاقة تصل إلى 120 ميغاوات،
وجاءت الخطوة بعد أن أوعز أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بالتبرع بـ 60 مليون دولار لصالح قطاع غزة، بينها 32 مليون دولار للوقود، ومساعدات ومواد إغاثية عاجلة بقيمة 28 مليون دولار.
وستساهم المساعدات التي ستصل غزة بمساعدة السكان الذين غمرت مياه المنخفض الذي انحسر ليل السبت وفجر الأحد في التغلب على وضعهم المأساوي.
وطالب الرئيس محمود عباس، من أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، بتوجيه نداء عاجل لإغاثة قطاع غزة، جراء الأوضاع الصعبة التي يعيشها، كما قرر إرسال مساعدات عاجلة لمتضرري المنخفض الجوي.
وسبق وأن أعلن إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة التي تديرها حرك حماس أن دولة قطر تبرعت بإرسال 10 مليون دولار للسلطة الفلسطينية ثمن ضريبة وقود محطة تشغيل الكهرباء، وقال إن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعده خلال اتصال جرى بينهما بأن قطر لن تتخلى عن الشعب الفلسطيني وأهل غزة.
يشار إلى أن توقف محطة توليد الكهرباء ساهم في زيادة معاناة سكان القطاع خلال المنخفض، إذ لم يتمكن المواطنون من تشغيل أي من أجهزة التدفئة، خاصة وأن غالبيتها يعمل بالكهرباء.
وخلال المنخفض قلصت ساعات وصل التيار بسبب الأزمة إلى أربع ساعات يوميا، بدلا من ست ساعات وهو الجدول الذي كان يتبع طول الشهر الماضي. وبدأت أزمة كهرباء غزة بعد أن دمر الجيش المصري أنفاق تهريب البضائع، ومنع دخول الوقود المهرب إلى القطاع الذي كان يستخدم جزء منه في تشغيل محطة التوليد، وتواصلت الأزمة عندما لم تتفق الحكومة المقالة في غزة التي تديرها حركة حماس، مع السلطة الفلسطينية على ثمن الوقود المزود من إسرائيل، إذ كانت تطلب الأولى أن يعفى الوقود من الضرائب.
ومن المقرر أن يعود جدول انقطاع التيار الكهربائي كما كان الحال عليه قبل شهر، بوصل يصل إلى ثمان ساعات مقابل عملية قطع لثمان ساعات أخرى.
وبالعودة إلى آثار المنخفض الجوي بعد أن شرقت الشمس على قطاع غزة بعد أربعة أيام عصيبة عاشها السكان لم تمر عليهم كما يقول كبار السن منذ أكثر من أربعون عاما، شرع العديد من المواطنين لتفقد منازلهم التي لا تزال مغمورة بمياه الأمطار.
وعلى مشارف أحد مناطق حي الزيتون وقف رجال ونساء وأطفال ينظرون من مكان مطل على منازلهم إلى المياه التي تغمر المنطقة، في حين كانت طواقم الإنقاذ والبلدية تعمل على ضخ هذه المياه إلى محطات الصرف الصحي ومنها إلى البحر بطاقة إضافية للتخلص من الفيضانات التي خلفتها مياه الأمطار خاصة في المناطق المنخفضة.
ووصلت إلى قطاع غزة ليل السبت أربع مضخات من معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، للمساعدة في ضخ كميات المياه التي تغمر المنازل والبيوت.
وقال أحد الرجال من حي الزيتون وهو يراقب أعمال طواقم الإنقاذ ‘بيتي دمر بالكامل’، ويضيف بأن المياه أتت على كل أثاث ومحتويات البيت.
وأشار إلى أنه لم يتمكن سوى بالخروج هو وعائلته بما عليهم من ملابس فقط، بعد أن وصلتهم طواقم الإنقاذ على المراكب.
وأخلت طواقم المنقذين السكان التي غمرت المياه منازلهم عبر قوارب صغيرة كانت تجوب الأحياء السكنية في تلك الطرق التي كانت مخصصة للسيارات، في مشهد لم يعتد عليه قطاع غزة من قبل. وطفت مياه الأمطار في بعض أحياء غزة لتصل إلى نحو المتران، وحاصرت العديد من السكان، وكادت أن توقع خسائر في الأرواح.
ولجأ العديد من سكان غزة إلى الاحتماء في الأدوار العلوية من المنازل، بعد أن غمرت المياه الطوابق الأرضية، وأخلوا من المكان بعملية صعبة من قبل الدفاع المدني.
وجراء المنخفض توفي مواطنان وأصيب أكثر من 100 آخرين بجراح بينهم أطفال ونساء حسب المصادر الطبية، وجرى نقلهم إلى المشافي لتلقي العلاج اللازم.
وفتحت العديد من مراكز الإيواء في المدارس من قبل حكومة حماس، ووزعت العائلات على الفصول الدراسية للمبيت.
وأعلن هنية من جهته خلال تفقده متضرري المنخفض عن مشاريع استراتيجية ستنفذها حكومته مستقبلا في المناطق التي تضررت بشكل كبير، لتلافي أحداث مماثلة مستقبلا في هذه المناطق.
كذلك طالب هنية في اتصالات أجراها مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين أوغلو، بالتدخل السريع من أجل تخفيف الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وقدرت حكومة حماس الخسائر المادية جراء المنخفض بـ 64 مليون دولار أمريكي، وقال وزير الأشغال العامة والإسكان يوسف الغريز إن هذه الأضرار قابلة للزيادة.
وأشار إلى أن كمية الأمطار التي سقطت على القطاع بلغت حوالي 300 مليون لتر مكعب بنسبة 85′ من المعدل السنوي، وأن سرعة الرياح بلغت نحو 70 كليو/متر في الساعة، بشكل يفوق قدرة الأجهزة للتعامل مع المنخفض.
وبين الغريز أن نحو سبعة آلاف أسرة تضررت من المنخفض بواقع 40 ألف نسمة، وأن ما يزيد 3300 وحدة سكنية تعرضت للغرق، فيما تم إيواء 900 أسرة في 19 مركز موزعة بشكل مؤقت على كافة أرجاء القطاع.
وأشار إلى أن أضرار البنية التحتية والطرق تقدر بنحو 12مليون دولار، بجانب تضرر نحو ألف وحدة صناعية وتجارية بخسائر مالية تقدر بحوالي 3 مليون دولار، ولفت إلى أن القطاع الزراعي تضرر بتكلفة 7 مليون دولار، فيما تضرر قطاع النقل والمواصلات بـ 2 مليون دولار.
وأوضح أن الاحتلال فتح السدود المائية على الحدود الشرقية للقطاع ما أدى لغرق عدة مناطق.
وطالب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار الدول والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية المانحة بالعمل السريع والعاجل من أجل إغاثة المنكوبين في غزة جراء المنخفض الجوي.
وأوضح أن مراكز الإيواء التي لجأت إليها مئات العائلات غير مجهزة لذلك وتفتقر لأدنى مقومات الحياة.