درجنا منذ بداية الربيع العربي على عادة مساءلة الأشياء لا التسليم بها كما وردت. فأسوأ أنواع التفكير هو ذلك الذي يلتهم الظواهر كما تقدم نفسها. العقل النقدي يرفض ذلك. حافظنا على هذه الزاوية مجالا مفتوحا لإعمال الشك. واليوم وبمناسبة ما يتردد عن قرب بدء الأعمال العدوانية الأمريكية على سوريا وهي قد تكون قد بدأت فعلا الآن- فقد اتضح أن المنهج الذي اتبعنا لم يجانب الحقيقة ولم يكن ظالما للربيع العربي ولشعاراته المعلنة.
لا يختلف اثنان اليوم على أن العدوان الأميركي يستهدف كل سوريا سوريا البلد وسوريا الدولة وسوريا البنى والإمكانات. الخلاف ينحصر في خلفيات الهدف من العدوان. فهناك من يراه عدوانا على النظام بسبب صموده وممانعته وهناك من يراه عدوانا لدعم النظام وتثبيته ومن اجل تجريد الثورة الديمقراطية من قوتها ومن جذريتها.
الوجهة الثانية ترى في النظام عدوها الرئيسي. كما ترى في العدوان الأميركي داعما له. ومن الناحية المنطقية عليها إذا أن تقف ضد العدوان ‘حليف’ النظام. لكنها لم تفعل. بالرغم من وضوح أهداف الأمريكي بالنسبة لأصحاب هذه الوجهة تراهم يتأرجحون في مواقفهم وسلوكياتهم بين الحياد الايجابي وبين الدعم الكلي.
وأيا كان موقفنا من هذه النظرية أو تلك فالملاحظ هو اتفاق الجميع على أن العدوان الأميركي هو الذي يطبع الصراع بطابعه. أهدافه هي الأهداف وصراعه هو الصراع. فالمسائل الداخلية لم تعد هي المسائل التي ينقسم العرب حولها. دقت ساعة الحقيقة وبان اللاعب الأساسي على الساحة كما بان الموضوع والرهان. دخول ‘البطل’ غيّر النقاش.غيّر الموضوع. دخول البطل دفع بالجميع إلى الاتفاق بأن الهدف هو الوطن لا حكمه ولا شكل حكمه. وسواء دعم النظام أو لم يدعمه فان المؤكد أن الأميركي لم يأت بجبروته وأساطيله مدفوعا بحبه للنظام أو كرهه للمعارضة. لا حباً بالديمقراطية ولا كرهاً للاستبداد.
بقينا حوالي سنتين نُساءل الربيع العربي حول أهدافه الحقيقية وحول محتواه ومضمونه. وهنا على هذه الصفحة حاولنا أن نشير إلى مدى صحة إشكالية أولوية الداخل على الخارج في بلادنا التي لا تزال تحت الهيمنة الخارجية العسكرية والاقتصادية والمالية والفكرية والثقافية.
وحاولنا أكثر من مرة أن نشير إلى التناقض ما بين شعار الديمقراطية وما بين التركيب الاجتماعي لنسيج لم يصل الى مرحلة المواطنة. وكم من مرة تساءلنا حول فعالية هذا الشعار وراهنيته والقدرة على تطبيقه في بلاد لا مواطن فرد فيها بل جماعات عصبية موسعة لا ترى الى الكون الا من خلال عين الجماعة. كم من مرة تساءلنا حول شعار يحاكي الوضع الداخلي كما لو كان معزولا عن الخارج المهيمن، كما لو كان في جزيرة نائية.
حاولنا أن نستثير أهل الربيع العربي لكي يجيبوا على الأسئلة الصعبة التي كانت تختفي خلف الجموع المحتشدة في الساحات بشعارات جلّها حقوقي. وكجواب لم نكن نحصل على اكثر من تبرير بأن الحركة عفوية وبدون قيادات. فهل صحيح؟
النقاشات كانت حامية ولكل حججه وافكاره ورؤاه. لكن الواقع بتطوراته الكبرى غالبا ما يحسم النقاش كالعادة ويعيد الجميع الى الاسئلة الواقعية الفجة. الواقع لئيم ولا يتيح الكثير من الوقت للأحلام أو الأوهام اذا شئتم. عودة الأساطيل الأميركية و’الحلفاء’ والتعبئة الدولية والكيماوي والدفاع عن الناس والأطفال وحب الإنسان لأخيه الإنسان ذكرتنا بحرب اخرى جرت على بلد عربي آخر منذ وقت ليس بطويل وانتهت الى ما صار الكون يعرف عن ظهر قلب؟
لم نكن إذا بعيدين عن الحقيقة عندما اشرنا الى استحالة التغيير الداخلي والتحولات الديمقراطية في ظل هيمنة الخارج على قاعدة اللعبة. أيا كان الحليف الداخلي حاليا للعدوان فان التغيير في ظل الهيمنة مرهون بالخارج وارادته المبنية على مصالحه ورؤاه. اما عودة الاساطيل فليس أكثر من تذكير بالقاعدة. فالأساطيل حتما لن تأتي من اجل إرساء دولة القانون والحق والديمقراطية. الأساطيل حتما لم تأت من اجل الدفاع عن الاطفال وحقوق الانسان. الأساطيل الخارجية بمدافعها وصواريخها لم تمدن البربري مرة بل زادته عنفا وبربرية كما بينت تجارب التاريخ.
اضطرار الدول الخارجية الى العودة مباشرة إلى مسرح الاحداث ومن دون أدوات لا يمكن ان يكون إلا امتدادا منطقيا لربيع غير واضح الأهداف ولا الأعداء ولا الحلفاء. العودة المباشرة لا تشير لغير انسداد المشروع الخارجي ووصوله الى نقطة لا تفيده ولا تفيد مصالحه. عودته هذه المرة من دون إجماع ‘المجتمع الدولي’ مؤشر واضح.
بعودة الدول الغربية إلى لغة التدخل المباشر بدون وسيط وبعيدا عن الأهداف المعلنة وغير المعلنة لهذا التدخل عاد الوضوح إلى الصراع في المنطقة وبانت قضايا الداخل قضايا ثانوية الأهمية أمام ضخامة الرهانات والمصالح الدولية. غرقت الديمقراطية مع تحولاتها في محيط الأطماع الدولية وغرقت الأوهام المتصلة بها بالقيام بتغيير للأنظمة من الداخل وعاد السؤال إلى نقطة البداية. فقبل التحرر من ربقة الهيمنة الخارجية لا مجال للقيام بأي تغيير داخلي مهما بلغت درجة بساطته أو عمقه.
عاد اليانكي إلينا وسوف يعيد إلينا النقاش الذي ظن بعضنا أنه قد حسم إلى غير رجعة. عاد الموقف من الناهب الدولي إلى الواجهة واجهة التحديات وواجهة الأسئلة. فلا تغيير داخلي بدون الاستقلال الوطني ولا دولة بدون حرية الوطن أولا. ثبت إذن أننا ما نزال في مرحلة التحرر الوطني وأن تحديات هذه المرحلة هي التحديات المطلوب التصدي لها.
عندما قال محمد مرسي ان مصر ستنتج غذاءها و دواءها و سلاحها نورت كل اللمبات الحمراء في الغرب و سحقت التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر لصالح الدول الكبرى و لاستمرار ارتهان مصر لعصابات النهب و السرقة في الداخل و الخارج ،، ولكي يبلغ الفجور و الاستهتار مداه أطلق سراح مبارك الذي كان ذخرا استراتيجيا لإسرائيل على مدى ثلاثين عاما،،، أصبنا بالسلع من كثر ما شدينا شعورنا و بحت أصواتنا من الصياح و التنبيه إلى عبثية ما يجري بغير ضوابط ولا أهداف ،،،ولكن الله غالب على أمره أولا و أخيرا ،،،
تحليل صادق لما يمر به الوطن العربي
من لم يحضر العرس من بدايته بصير متل الاطرش بالزفه ومنذ ان اعلنت كونادليزا رايس عن مشروع الشرق الاوسط الجديد واعطته فيما بعد تسميه عربيه ( الربيع العربي) كان واضحا ان هذا الاعلان لم يكن البدايه كما اعتقد البعض ولم بل جاء ليعبر عن مرحله مضت تم من خلالها تحديد الاهداف ووضع الاستراتيجيات وكانت الادوات هي الاهم بهذا المشروع ,,, ولم تفصح السيده كوندليزا عن كيفية بناء شرقها الجديد واكتفت بالقول من خلال الفوضى الخلاقه لم تمتنع كوندليزا عن الافصاح عن ادواتها لانها لا تعلم بد تدرك ان سرية هذه الادوات ومتطلباتها هي سر النجاح,,, والذي لم يتعرف على هذه الادوات التي اوكلت لها الفوضى الخلاقه منذ البدايه سوف يبقى فعلا متل الاطرش بالزفه ,,,
سيدتي الكاتبه ان احد الاسباب الاساسيه التي تدفع امريكا الان لضرب سوريا هو ادراكها العميق ان ادواتها الخلاقه قد سحقت بمصر وسوف تنتهي بسوريا وحينها لن يتبقى للسيده كوندليزا الا فتح بيت العزاء بالبيت الابيض .