بيروت ـ «القدس العربي»:صدر حديثا لمحمد عبيد الله كتاب جديد بعنوان «الصناعة المعجمية والمعجم التاريخي عند العرب» من منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، بدعم من جامعة فيلادلفيا، ويقع الكتاب في 248 صفحة من القطع المتوسط.
يناقش الكتاب أهمية الصناعة المعجمية، وسبق العرب إلى هذه الصناعة منذ القرن الثامن الميلادي، ويقدم الكتاب قضايا المعجم التاريخي التي شغلت المهتمين بتطوير اللغة العربية، والنهوض بها في العصر الحديث. ويكشف المؤلف أن العربية هي اللغة الحيّة الوحيدة التي ما زالت دون معجم تاريخي، بينما حظيت معظم اللغات الحية بمعجم أو أكثر من المعاجم التطورية التاريخية والتأثيلية. وما يثير العُجْب حيال هذا الأمر أنها ـ أي العربية- رائدة صناعة المعاجم اللغوية، وقبل أن يبدأ هذا النشاط بعدة قرون في اللغات الأوروربية المعروفة، ومن الطريف أن معجم صموئيل جونسون مثلاً، وهو أول معجم معتبر باللغة الإنكليزية، عاصر آخر معجم تراثي عربي وهو معجم «تاج العروس» لمرتضى الزبيدي. ونشطت الصناعة المعجمية في العالم نشاطاً ملحوظاً خلال القرون الأخيرة، وغدت عملاً من أعمال الجماعات والمؤسسات، ولكنها في العالم العربي ما زالت بطيئة النموّ، ولا تتناسب مع مكانة اللغة العربية وحاجتها إلى مصنّفات معجمية متعددة.
ويرى المؤلف أن المعجم التاريخي أخَصُّ بهذه اللغة من غيرها، فتاريخها الطويل الممتد يقتضي كتباً أمهاتٍ يُتاح للعربي المعاصر من خلالها أن يتجوّل في حياة ألفاظ لغته، وأن يتابع سيرتها وتحولاتها، فيرى ما هُجِر من ألفاظها، وما ظل مأنوساً حياً على مدى العصور، مع ما أصابه من تغيرات وتحولات، وكذلك ما استجدّ من الألفاظ الحضارية في كل عصر من عصور العربية، وما أضيف إلى ثروتها المعجمية بعد عصور الاحتجاج، وأما الألفاظ المعاصرة والحديثة ومقتضيات التطوّر وتعريب العلوم، فهي من دوافع إصدار ذلك المعجم، ومن تمام العناية بأمر هذه اللغة الحيّة الخالدة.
ويأمل الكاتب أن يمثل كتابه عملاً بحثياً تمهيدياً يسهم مع أعمال وبحوث عربية أخرى سابقة ولاحقة في تأكيد الحاجة إلى المعجم التاريخي للغة العربية، مع التنبيه، أنه ليس بديلاً للثروة المعجمية المنجزة في الماضي والحاضر، أو التي ستنجز في المستقبل، فعلى أهمية المعجم التاريخي فإنه ليس بديلاً عن غيره من المعاجم، وإنما هو معجم إضافي له قيمته وخصوصيته وشخصيته، ولكنه ليس إصلاحاً للمعاجم السابقة، إن كانت محتاجة إلى إصلاح، وأن وظيفته مختلفة عن وظائف غيره من المعاجم القديمة والحديثة.