الجزائر ـ «القدس العربي» ـ من كمال زايت: قال مكتب التحقيقات والتحاليل الفرنسي أمس الخميس إن الصندوق الأسود الذي يسجل المحادثات والاتصالات داخل قمرة القيادة، والخاص بطائرة الخطوط الجوية الجزائرية التي تحطمت في شمال مالي لا يمكن استغلال المعلومات الموجودة بداخله، بسبب تعرضه لأضرار بليغة خلال تحطم الطائرة، وهو ما سبق أن نشرناه في «القدس العربي» منذ أيام.
وذكر مسؤولو المكتب في مؤتمر صحافي عقد أمس الخميس في العاصمة الفرنسية باريس للحديث عن النتائج الأولية للتحقيق الخاص بتحطم الطائرة بأن أحد الصندوقين الأسودين لا يمكن استغلال المعلومات الخاصة به، وأن الأمر يتعلق بالصندوق الذي يسجل المحادثات والاتصالات داخل قمرة القيادة خلال العشرين دقيقة التي تسبق تحطم الطائرة، وذلك لأن الصندوق تعرض إلى تلف بسبب شدة ارتطام الطائرة بالأرض عند تحطمها.
وأوضح المصدر ذاته أن الطائرة لم تنفجر في الجو، وهذا أيضا سبق وأن ذكرناه نقلا عن محققين زاروا موقع الحادث، كما فضل محققو المكتب الفرنسي عدم تقديم أية فرضيات بخصوص الأسباب التي أدت إلى تحطم الطائرة، وأن التقرير المقبل حول سير التحقيقات سيتم الكشف عنه في منتصف شهر سبتمبر/أيلول القادم.
جدير بالذكر أننا نشرنا في «القدس العربي» قبل أكثر من أسبوع أن الصندوق الأسود الذي يسجل المحدثات والاتصالات داخل قمرة القيادة تعرض إلى صدمة عنيفة، وأن استغلاله قد يكون صعبا، بالنظر إلى الحالة التي وجد عليها بالقرب من موقع تحطم الطائرة، وهذا من خلال المعاينة الأولية التي قامت بها فرق البحث الفرنسية، التي عثرت على الصندوقين الأسودين، قبل أن ينقلا من موقع تحطم الطائرة إلى مدينة غاو ومنها إلى العاصمة باماكو، ثم إلى باريس من أجل تحليلهما.
ويأتي الإعلان عن تعرض أحد الصندوقين الأسودين إلى التلف ليزيد في إشاعة الغموض حول هذه الكارثة الجوية، التي تحمل الكثير من علامات الاستفهام، مثلما سبق وأن ذكرنا في أعدادنا السابقة، وذلك منذ اختفائها عن الرادارات في الساعات الأولى من صباح يوم الـ 24 من يوليو/ تموز الماضي، إلى غاية العثور على مكان تحطمها، وكذا عدم العثور على كميات من الحطام تتناسب مع حجم الطائرة، فضلا عن الإشاعات التي ترددت حول الأسباب الحقيقية لسقوط الطائرة، ما بين فرضية سوء الأحوال الجوية التي بادرت بها السلطات الجزائرية، وفرضية وجود خلل فني في الطائرة بسبب قدمها، وفرضيات أخرى تتعلق بتعرض الطائرة إلى عملية إسقاط مقصودة، وإشاعات أخرى لا حصر لها. ورغم أن الكثيرين كانوا يعولون على التحقيقات للكشف عن ملابسات هذا الحادث الذي أدى إلى مقتل كل ركاب الطائرة وطاقمها، إلا أن أول تصريح رسمي من المكتب المكلف بتحليل المعلومات الخاصة بالصندوقين الأسودين يزيد القضية غموضا، ويؤجل الحقيقة إلى وقت لاحق، أو أن الحقيقة الكاملة قد لا تعرف، لتضاف هذه الكارثة إلى سلسلة الأسرار العالقة إلى الأبد.