“الضم” و”النووي” والسؤال الإسرائيلي: ماذا لو انتصر بايدن؟

حجم الخط
0

في نقاش حول الضم ثمة حجة تطرح مفادها أن أمام إسرائيل نافذة فرص نادرة ينبغي استغلالها لأنها لن تتكرر، والسياق هو سياسة ترامب العاطفة وخطته للسلام التي تتضمن ضماً بحجم 30 في المئة من أراضي يهودا والسامرة. والفرضية هي أنه حتى لو انتصر بايدن والديمقراطيون، الذين يعارضون الضم بشدة في الانتخابات القريبة للرئاسة، فإنهم سيسلمون بالخطوة وسيقبلون بالضم كحقيقة ناجزة. وبالفعل، من أجل تحقيق تواصل سلطوي، فإن الحكومات المنتخبة في الدول الديمقراطية تحترم القوانين والقرارات المبدئية للحكومات السابقة، ولا سيما في شؤون الخارجية والأمن. وأفضل مثال هو موقف الليكود من اتفاقات أوسلو. زعماؤه، بمن فيهم نتنياهو، هاجموا بحجة الاتفاقات وإقامة السلطة الفلسطينية ولكنهم لم يلغوها. وعندما وقف نتنياهو أمام مسألة تنفيذ اتفاق الخليل ونقل معظمها إلى حكم عرفات كان فعل ذلك رغم الضغوط الجسيمة.

إذا انتصر بايدن وأصبح رئيس الولايات المتحدة قد يستخدم نموذج التحولات السياسية والدبلوماسية التي خلقها ترامب نفسه. فقد ألغى ترامب الاتفاق النووي مع إيران الذي تصدره أوباما ووقع عليه، وأعاد فرض العقوبات المتشددة على طهران التي كان ألغاها الاتفاق. وسمح أوباما بقرار موضع خلاف في مجلس الأمن قضى بأن المستوطنات الإسرائيلية في يهودا والسامرة ليست قانونية وتخرق القانون الدولي، أما إدارة ترامب فقضت وصرحت بالنقيض التام، وذلك إلى جانب نقل السفارة إلى القدس، ووقف المساعدة الأمريكية للسلطة الفلسطينية ولوكالة الغوث والاعتراف بضم هضبة الجولان لأول مرة منذ 1981.

يعد بايدن سياسياً معتدلاً وله سجل من التأييد لإسرائيل، ولكنه كان نائب أوباما، وهو عرضة لضغوط شديدة من الجناح الراديكالي في الحزب الديمقراطي. ويحتاج إلى الناخبين من هذا الجناح الذي يقف على رأسه خصوم سابقون في ترشيح الحزب للرئاسة، مثل بارني ساندرز وإليزابيت وورن، وأعضاء كونغرس صاعدون يسمون أنفسهم “تقدميين” مثل نساء “العصبة”: إلهان عمر، ورشيدة طليب، وألكسندريا اوكسيو كورتيج، وايانا بارسلي. كل أولئك سياسيون متطرفون لا يكتفون بالإصلاحات، بل يريدون تنفيذ ثورة حقيقية في مبنى الإدارة والشؤون الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.

لقد انتقد الجناح الراديكالي بحدة كبيرة التغييرات الدراماتيكية التي أحدثها ترامب في علاقات الولايات المتحدة – إسرائيل، ويطالب بقلبها رأساً على عقب. هذا الجناح يتعزز. وفي الأسبوع الماضي، خسر إليوت آنجل، أحد مؤيدي إسرائيل الأهم، رئيس لجنة شؤون الخارجية في مجلس النواب، لصالح مرشح راديكالي في الانتخابات الديمقراطية في محافظته بنيويورك.

لقد صرح بايدن بأنه سيستأنف الاتفاق النووي مع إيران، وسيتجاهل خطة ترامب للسلام، وسيستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس مبادئ أوباما، وسيعيد المساعدة للسلطة وللوكالة. من جهة أخرى، قال إنه لن يعيد السفارة إلى تل أبيب، ولن يشترط المساعدة العسكرية، مثلما يطالب الراديكاليون، بتغييرات في سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين. وحذر من الضم وشرح بأنه سيلغي كل اعتراف أمريكي به. والمعنى هو أنه يكاد كل شيء يكون قابلاً للتراجع، وإذا كان التأييد الأمريكي للضم يعد اليوم حرجاً، فماذا ستكون أهميته إذا خسر ترامب وألغاه الرئيس بايدن في غضون وقت قصير.

بقلم: البروفيسور ايتان غلبوع

 معاريف 29/6/2020

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية