لمن لا يعرف مصطلح الطابور الخامس، فهو ترجمة عن الإسبانية quinta columna الذي يُنسب إلى الجنرال’إيميليو مولا، أحد قادة فرانكو خلال الحرب الأهلية الإسبانية. عندما سُئل مولا أي الطوابير الأربعة التي يتكوّن منها جيشه، سيكون له شرف فتح مدريد؟ قال إن هذه من مهام’الطابور الخامس في إشارة ضمنية إلى العملاء الذين كانوا يشتغلون في الخفاء، داخل مدريد، لصالح الجنرال.
يبدو اليوم واضحا أن طابورا خامسا نشأ في صلب التيارات الإسلامية يعمل، عن وعي أو غير وعي، لصالح تدمير أي صورة إيجابية وعقلانية لهذا الدين وللملايين من الذين يعتنقونه، ممهدا الطريق أمام كل المغامرين المحليين والأجانب للاستيلاء على خيرات بلدانه. يشهد العالم العربي والإسلامي منذ فترة ليست بعيدة، نشوء ظاهرة إسلاموية غريبة أكثر تشددا وأكثر تخلفا أيضا، إذ إنها لا تستند على أي مشروع ولا على أي تصور مسبق إلا الفعل الإرهابي العدمي، في ظل اختلالات عالمية وحقوق مهضومة وخيرات مسروقة، بين شمال متطور وجنوب يملك الوسيلة المادية للتطور لكن خيراته تنهب بسبب أنظمة فاسدة وعميلة.
هذه الإسلاموية ترسخت مع بن لادن وكل من حام حوله من تيارات متطرفة في أفغانستان، مصر، والعراق وغيرها، التي أعطت صورة كارثية عن مجتمع عربي هش ومنكسر وبلا مستقبل لأنه بلا دولة. أخفق في مشروع التحويل الحداثي، فانقلب ضدها متشبثا بوهم الماضي الحضاري الذي أصبح اليوم جزءا من تاريخ البشرية بما له وما عليه. أصبح الإرهاب بديلا لأي فعل حي ومنتج، الأمر الذي دلّ على انسداد حقيقي في الآفاق وانخراط كلي في الرؤية العدمية، وعجز صارخ أمام غطرسة حاضر نفعي وجشع تحكمه المصالح المالية ووضع اليد على ثروات الجنوب وعلى رأسها المحروقات. ولا يحتاج المرء إلى كبير تفكير ليلمس الخراب الذي لحق بالعرب والمسلمين بسبب هذا الطابور الخامس، الذي جعل من الإرهاب والعدمية مسلكه. يحتاج العرب والمسلمون إلى زمن طويل للتمكن من رتق هذه التمزقات التي مست كل الجسد العربي والإسلامي أيضا. وبوكو حرام التي تحتل اليوم المشهد الإعلامي العالمي تؤكد على فرضية وجود هذا .
فمنذ اختطاف تلميذات المدارس والمقايضة بهن لإطلاق سراح سجناء الحركة، وهذه التجليات تزداد اتضاحا. تأسست هذه الحركة التي تعني في لغة الهوسة التعليم الغربي حرام، في عام 2002، في ولاية بورنو بشمال نيجيريا، وتزعمها وقتها رجل الدين المتوغل في الأوساط الطلابية محمد يوسف، قبل أن تتحول إلى جهاز عسكري متمرد على الدولة المركزية وتنقل نشاطها إلى حدود النيجر. وأولى مطالبها كما يبدو من اسمها هي القطيعة مع ثقافة الغرب، وتعميم تطبيق الشريعة الإسلامية في كل نيجيريا بما في ذلك المناطق المسيحية الغنية بالثروات النفطية. تذكّر هذه الغباوة، لا يمكن وصفها إلا كذلك، بما قام به الإسلاميون في السودان الذين مددوا تطبيق الشريعة إلى الجنوب المسيحي، مركز الثروة النفطية التي تتقاتل عليها كارتيلات أجنبية أمريكية وصينية وأوروبية وإسرائيلية أيضا. بوكو حرام حلقة من حلقات الطابور الخامس. فبعد اغتيال زعيمها في صيف 2009، توغلت هذه الأخيرة في تطرفها على الرغم من تطمينات الحكومة المركزية بأنها دمّرت قواعدها، وجففت منابعها المالية. قائدها الجديد أبو بكر شكاو لم يجد أحسن وسيلة إعلامية للحديث عن حركته، مثل اختطاف 276 تلميذة من شيبوك، شرق ولاية بورنو التي تعتبر من معاقل بوكو حرام، ذات الغالبية السكانية الإسلامية وتعيش فيها بعض القبائل المسيحية. تحدث 17 دقيقة في شريط فيديو الذي أظهر أيضا حوالي 130 فتاة جالسات، ومتحجبات وهن يقرأن ‘سورة الفاتحة’ وقال إنه تم تحريرهن بإدخالهن في الإسلام. حالة غرابة كلية ، وغير مسبوقة للدين وللغة. لا شيء بريء في الصورة التي تظهر حديثا متخلفا عن الإسلام، بلغة عربية بائسة وركيكة. ما هي الخدمة الجليلة إذن التي تسديها هذه الحركات للعرب والمسلمين أو للمتعطشين للحرية؟ لا شيء سوى التحول إلى طابور خامس يمارس عداوته أولا على شعوبه قبل غيرها، ويعطي كل المبررات للتدخل ورهن بلدان الجنوب الغنية، تحت آلة استعمار جديد لم يعد قادرا على لجم أطماعه في الاستيلاء على ثروات البلدان الضعيفة اقتصاديا وعسكريا. وإلا، كيف أمكن الصمت حتى اليوم عن بلد مثل الصومال الذي لا يهم أحدا وهو يموت أمام أعين ورادارات المنظومة الدولية ووكالات الغوث الإنسانية؟
فقد تم تحويله إلى خراب كلي، يُقتل فيه آلاف الناس يوميا، في ظل غياب مطبق لحقوق الإنسان؟ نفط جنوب نيجيرية أهم بكثير من أية حياة بشرية. نحتاج إلى الكثير من الغباء لنرى ذلك كله خارج معادلة المصالح الدولية وخارج فكرة الطابور الخامس. صحيح أن للأنظمة الدكتاتورية البائسة والمتخلفة دورها في كسر بلدانها، لكن للحسابات المصلحية الدولية أيضا سلطانها.
كيف نفهم بدء تحريك الآلة الأمنية الأنجلوساكسونية والأوروبية والصينية والإسرائيلية لإنقاذ الفتيات الرهينات النيجيريات؟ القضية إنسانية بامتياز وتستحق كل الاهتمام الذي يليق بها، لكن ماذا لو لم تكن نيجيريا بلادا يزخر جنوبها بالنفط؟ هل كانت هذه الآلة التي كثيرا ما تصاب بالعمى، تتحرك؟
لا يمكن فصل ما يحدث اليوم عما ترتب من نتائج أعقبت جريمة البرجين التوأمين والانهيار الكلي لصورة العربي والمسلم الذي بلدته سينما هوليوود منذ خمسينيات القرن الماضي، بشكل يكاد يكون انتقاميا. فقد أعطت جريمة البرجين الموصوفة ضد الإنسان وضد العمران، كل مبررات غزو العراق على الرغم من عدم مسؤوليته في ما حدث في نيويورك. لم يكن في المجموعة التي نفذت العملية إرهابي عراقي واحد. ليدخل هذا البلد الحضاري الكبير، بغض النظر عن الدكتاتورية التي أنهكته، في دوامة غير مسبوقة، فسقطت الدولة وتشتّت النظام نفسه.
فالتفكك المتواتر الذي يشهده العراق والتمزقات الطائفية والعرقية تتحمل مسؤوليتها الكبرى، التيارات الإسلاموية المتطرفة المتمثلة اليوم في داعش وجبهة النصرة وغيرهما. فقد كانت الوسيلة الكاسرة للظهر، واستمرار التفكك والانهيار. فباستثناء مشروع الحرق والتقتيل والاغتيالات وتدمير البنية التحتية لسوريا والعراق، لم نر شيئا يمكن أن يفرح، بل وفرت غطاء محليا ودوليا لاستمرار الأنظمة المتهالكة.
ماذا أضافت هذه الحركات سوى سجل جديد من الجرائم أتت على الأخضر واليابس. يجب الاعتراف أولا بأن هناك وضعا غير عادل يقف وراء هذا التمزق العربي والإسلامي. نيجيريا مثلا هي أكبر منتج إفريقي للنفط، بين شمال إسلامي شديد الفقر وتمزق اثني وعرقي قديم، وجنوب ذي غالبية مسيحية تتمركز فيه كل الثروات النفطية. هل هو هو سوء التسيير فقط، المتسبب في تفقير قطاعات اجتماعية واسعة؟ أم النهب والفساد المنظمين اللذين تتحكم فيهما الكارتيلات النفطية العالمية وساسة البلاد؟
هل هناك خدمة أكبر من هذه التي يقدمها للأنظمة التي يدعي محاربتها وللمصالح الدولية الناهبة لخيرات بلدان الجنوب؟ فالتفكك، وانهيار الدولة، والتشريد، والتفقير، والعودة إلى الأنظمة البدائية، ورهْن خيرات البلاد، وإعطاء كل المبررات للتدخل الدولي الاستعماري حفاظا على الحضارة الإنسانية ومحاربة التوحش، كلها علامات عن عمالة مضمرة، وطابور خامس مسبق الصنع، وُجِد لتأدية وظيفة محددة قبل العمل عل اندثاره.
واسيني الأعرج
تحليل غاية في الدقة و بعد نظر موضوعي اليوم علينا ان نقبل بطغات الحاضر و حتى طغات الماضي من اجل تجنب عنف اﻻسلامين ﻻنهم يمثلون العنف العشوائي الغير من منظم عنف الطغاة منظم يضع لك قانون عليك احترامه وﻻ تنافس على سلطة اﻻمور تيسير لكن العنف اﻻسلامي اليوم عنف عشوائي يشتهد به من كان و عليك الطاعه و هم مزقوا ما تبقى لحمة اﻻوطان انهم مزقوا ابناء القرية الواحد هذا من جماعة فﻻن و ذاك من علان مع تحياتي
المعركة ضد الاسلام بدأت منذ ١٤١٥ عاما وهي مستمرة الى نهاية العالم.
اتخذت هذه المعركة أشكالا منها المكيدة والحرب وحتى بناء مسجد ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين .
هذه المعركة تفاوتت ضراوتها قوة أو ضعفا بحسب حال المسلمين كما اتخذت شكلا آخر وهو ضرب المسلمين ببعضهم تحت ستار اختلاف المذاهب أو بظهور تجمعات تشبه الخوارج( يقرأ ون القران لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية). ومنهم بوكو حرام في نيجريا وداعش في الشام والعراق.
هذه التجمعات وأضرابها تديرها منظمات لها برامج وهمية لتدمير الاسلام
من ينظر الى زعيم بوكو حرام وهو يتكلم عن خطف فتيات بعمر الزهور وهو ممسك ببندقيته يدرك ان هذا الرجل يجهل الحلال والحرام ولا يعرف عدد ركعات صلاة الصبح وكذلك عندما نسمع عن أفعال داعش التي تنحدر الى حضيض الوحوش الضارية نتبين بعدهم عن رحمة الاسلام وسماحته وهول ما يفعلونه
لكن كل هذا سيزول فقد مرت عواصف أعنف بكثير على الاسلام فتخطاها
( مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء …توتي أكلها كل حين بإذن ربها…
ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار)
هناك ثلاث أسئلة تمكن الإجابة عليها من توضيح الصورة : 1ـ هل هناك مسلمون متنورون ؟ ـالإجابة : نعم ، إنهم يعدون بالملايين . 2ـ هل هناك إسلاميون متنورون ؟ ـ الجواب : نعم ، إنهم يعدون بالآلاف . 3 ـ هل هناك حركات دينية إسلامية متنورة ؟ إن الإجابة على هدا السؤال تتطلب التحقق من المواقف المسجلة للحركات الدينية و الإسلام السياسي المرتبط بها من جملة من القضايا من ضمنها الموقف من الآخر بدء من المسلم غير الإسلامي و العلماني و اللامتدين و الملحد و أتباع الديانات الأخرى ، وكدلك الموقف من ممارسات العديد من حركات الإسلام السياسي التي تمارس العنف ( التنظيمات الجهادية ) . إن الوقائع على الأرض تدعو إلى الإحباط ، فبالعودة إلى مواقف و أدبيات حركات الإسلام السياسي نلاحظ أنها تركز على مهاجمة الآخر و التحريض عليه و ادعاء احتكار الحقيقة و تلتزم صمتا مطبقا حيال الممارسات اللاإنسانية التي تقوم بها بعض الجماعات الإسلامية ، و في الكثير من الأحيان تبحث لها عن تبريرات و درائع ، بل قد تنبري للدفاع عنها . أما النصوص الدينية الإسلامية التي تدعو إلى التسامح و احترام كرامة الإنسان ، و ما أكثرها ، فهي تستعمل فقط لمحاججة الآخر في المناسبات و في الإعلام . إن المشكلة ليست في الدين ، كيفما كان هدا الدين ، و إنما المشكلة تكمن في فهم و قراءة الدين ، و لدلك نجد مسيحيا متسامحا و مسيحيا آخر عنصري كما نجد مسلما متنورا و مسلما آخر ظلاميا .
..حركة المجاهدين بدأت من أفغانستان لقتال الروس وكانت مجهزة بصواريخ ستينغر!..بعد طرد الروس من هناك حاول المجاهدون العودة لدولهم لأخذ نصيبهم فمنعوا..وكان لا بد من إطلاق صفة الإرهاب عليهم..ومن ذلك الحين وهم يمثلون مشروع دراسة الدكتوراه للمخابرات المركزي الأميركية…البقية معروفة…….
مقال أكثر من
ممتاز..أتمنى على الأستاذ الكاتب أن يلقي الضوء على من يقف وراء تكوين هذه التنظيمات، ومن يدعم نشأتها وتسليحها لاتمام الصورة، مع كل التقدير
Bravo, un bon article
اذا كان المسلم ردة فعل سيفقد حتما بوصلته .هذه النماذج ،عن وعي او غير وعي كما قلتم ، تفعل بنفسها ما لا يفعل العدو بعدوه .لكن الاعلام الغربي يركز على نقاط بعينها و يسدل ستارا من الغموض على مساحات اخرى .مثل ذلك الانقلاب في مصر بمباركة امريكا رغم جرف الناس في رابعة العدوية و انتهاك حقوق الانسان امام حركة هي الاكثر اعتدالا. مثال اخر : لا يرى الاعلام و لا تستنفر الدبلوماسية الغربية امام مجازر الهندوس ضد مسلمي الروهينيا في منيامار . لايرى الاعلام المجازر التي يرتكبها النصارى في حق المسلمين في افريقيا الوسطى و لا يتحرك الا متاخرا .
تعليق الاخ محمد ابوالنصر من كولومبيا صحيح تأريخيا
لكن أمنية الأخت ريما كمال من الاردن هي الحاضر
والسؤال هو لقد عرفنا تأريخ هؤلاء الجماعات
لكننا لم نعرف بالتحديد من يمولهم
فهناك مصالح كثيرة بالمنطقه جذورها مع الأسف اسرائيل
ولهذا الجواب المنطقي هو ابحث عن المستفيد
ولا حول ولا قوة الا بالله
توصيف دقيق وموضوعي يضع النقاط على الحروف. متى يعلم بعض المسلمين ان اننا الان في سنة 2014 وان التاريخ مضى ولن يعود وان الجهاد كما يفهمونه لم يكن في اي فترة ً تاريخية كما يفهمونه بل كانت الحروب والثورات والقلاقل عبارة عن سبب لهذه الأحداث وان الدعوة للجهاد كانت وسيلة تعبوية وتبررية للعمل المسلح الذي كان يؤدي الى كثير من الظلم والقتل لإناس أبرياء. لو ان ابو بكر او عمر او علي على قيد الحياة وفي موضع القيادة لحاربوا هؤلاء المجانين.
يجب الحديث بصراحة عن مصادر تمويل هذه الجماعات و عن شيوخهم الذين يحللون القتل فإذا جُففت منابع التمويل و لُجم الشيوخ عديمي الضمير او المعرفة او كلاهما فستنتهي هذه الظاهرة المريضة التي إن إستمرت فستؤدي الي تدمير المجتمعات العربية و المسلمة كلياً
مقال ممتاز غاية في الدقة لا فض فوك