الظاهرة الترامبية: باقية وتتمدد

حجم الخط
6

في سنة 2015 كانت حظوظ المتنافسين على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية تشير إلى التالي: جيب بوش، 22%؛ سكوت ووكر، 17%؛ ماركو روبيو، 14%؛ بن كارسون، 11%؛ مايك هكابي، 9%؛ ريك بيري، 5%؛ تيد كروز، كريس كريستي، 4%؛ كارلي فيورينا، 2%؛ دونالد ترامب، 1%. قبيل الانتخابات العامة، وفي حزيران (يونيو) 2016، انحصر التنافس بين ترامب وكروز، فحصد الأوّل 1441 مندوباً، و14,015 مليون ناخب، ونسبة 44%؛ وتبقى للثاني 551 مندوباً، 7,822 مليون ناخب، ونسبة 25%.

هذا معطى جدير بالاستعادة، والاستئناس بدروسه اليوم، على صعيدَين لعلهما الأبرز بالقياس إلى أصعدة أخرى: 1) أنّ المناخات المختلفة، الدينية والسياسية والعنصرية، التي قفزت بالمرشح العاشر إلى هرم اللائحة، ثمّ إلى سدّة الرئاسة تالياً، قد لا تكون تبدّلت كثيراً، بل قد يكون العكس هو الصحيح، في أنها تفاقمت على نحو أشدّ وتطوّرت أكثر لصالح ترامب؛ و2) أنّ من المبكّر تماماً إصدار أحكام قيمة، وحظوظ فوز بالبطاقة، على حشد المرشحين الديمقراطيين ضدّ ترامب، وهم 25 حتى الساعة، خاصة وأنّ أكثر من فجوة تفصل بينهم، ومعها نقاط اختلاف برنامجية واسعة وجوهرية.

فإذا صحّ أنّ نائب الرئيس السابق جو بايدن، ومنافس هيلاري كلنتون على بطاقة الحزب في انتخابات 2016 برني ساندرز، يحتلان الصدارة في استطلاعات الرأي حالياً؛ فالصحيح، الذي اتضح أخيراً من خلال جولتَيْ السجال المتلفز بين المتنافسين، أنّ أياً منهما لم يثبت قدرة كافية على مجاراة كامالا هاريس (54، الأفرو ـ أمريكية)، أو بيت بيتجيج (37، الذي يعلن أنه مثلي). كذلك فإنّ الهوّة العُمْرية بالمقارنة مع بايدن (76 سنة) وساندرز (77 سنة)، لا تترك هامشاً كبيراً للمراهنة على احتمال رأب الصدع بين ثلاثة أجيال على الأقلّ.

ومن المفيد هنا استذكار ثلاثة عناصر لعلها الأكثر تعبيراً عن معادلة صعود ترامب في الحياة السياسية الأمريكية المعاصرة، من جهة أولى؛ وهي، استطراداً ومن جهة ثانية، تحظى باحتمالات ترجيح أعلى في أنها ما تزال قائمة، تنحسر تارة أو تشتدّ طوراً، بدون أن يتبدّل ما هو محوري حاسم في مكوّناتها العميقة. العنصر الأوّل هو أنّ شعبية ترامب لم تهبط من السماء على نحو مباغت، حتى إذا كانت معدّلات صعوده قد اتخذت صيغة قفزات مفاجئة. هذه شعبية انبثقت، وتواصل الانبثاق، من صميم التأزّم العميق الذي يعيشه المجتمع الرأسمالي الأمريكي، لجهة انعدام الأمان الاقتصادي والعواصف المالية وكوابيس البطالة، وأشباح الركود، وأزمات البورصة، وسوى ذلك.

العنصر الثاني هو أنّ الحنين إلى السلوك الفاشيّ، الذي تبيّن أنّ ترامب لا يغازله فقط، بل يدغدغ مكامنه لدى شرائح عريضة في قطاع الشباب والطبقة المتوسطة، قبل الكهول والشيوخ؛ إنما يتخذ هيئات شعبوية شتى تضمر التمييز العنصري والتفوّق العرقي الأبيض تحت شعارات “أمريكا أوّلاً” أو “لنجعلْ أمريكا عظيمة مجدداً”. وفي هذه السياقات، تجاسرت مجموعات من أنصار ترامب على الدعوة إلى إحياء النظام العبودي، والرجوع بأمريكا إلى ما قبل 1862! كما أنّ مواقف المسيحية الصهيونية المؤيدة لانتخاب ترامب ليست سوى الوجه المكمّل لهذه التيارات، أو بعض أشرس معامل تصنيعها وزرعها في النفوس.

العنصر الثالث تقف خلفه مواقف النخبة، أي طبقة الساسة وكبار المتنفذين وأجهزة الإعلام، إزاء صعود ترامب؛ إذ اتضح أنّ للغالبية الساحقة من شرائح النُخب مصلحة ما في إذكاء الظاهرة الترامبية، وفي استغلالها وحُسن توظيفها؛ رغم علائم الحرج (في بعض أوساط الحزب الجمهوري)، والشماتة (في غالبية أوساط الحزب الديمقراطي)، التي طبعت المواقف المعلنة. ولعل عيّنة مثل السناتور الجمهوري لندزي غراهام خير مثال: بدأ بالسخرية من ترامب وأنّ من المحال أن يكون مرشح الحزب، وهو اليوم أقرب إلى بوق للإدارة وببغاء خلف ترامب في كلّ كبيرة وصغيرة.

وقصارى القول إنّ الظاهرة الترامبية ليست باقية فقط، بل هي تتمدّد، ولعلها لن تنحسر حتى إشعار آخر طويل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول .Dinars.:

    ترامب يعتمد على MBS للتخلص من كل الخصوم الذين يحتمل أن يعترضوا على انتهازية ترامب.
    لا تقتصر العلاقة على ترامب بـ MBS إنما هذا الأخير أيضا له علاقات بكل قصر في البلاد العربية للتغيير من أجل محور الشر وبذلك لن تكون هناك مقاطعة محتملة من قبل أي بلد عربي للسعودية وإن لزم الأمر العمل بالأغتية الشعبية. ” هو وإلا لا هو وإلا لا وإلا نُشرب كأس دواء . . .”.
    والدواء هنا هو السّم .
    وكن ذئب حتى لا تأكلك الذئاب.
    واللبيب من عملاء الإمارات والسعودية يفهم.

  2. يقول good:

    هذا ليس غلوا مني ولا تطرف أو حتى تزمت عقائدي أوفكري أو حتى (جنسي أقصد بشري)..ان أعتبرت هذا الكائن الأشقر المائل الى الاحمرار مثل بني جنسه البغال الاسكندنافية..المسمى ترمب..المسيحي الانجيلي ..من أخطر خشاش الارض.وأقذرهم..فالقذارة اللفظية التي يشتهر بها. تماثل السم الزعاف الذي تنفثه شقيقاته العقارب وكل الخشاش الخطير على الانسان وحتى الحيوان…

  3. يقول تاوناتي:

    في لقاءه مع قناة CNN الامريكية، صرح بوتين بأنه مع الشعبوية وضد الليبرالية،وكما يعلم الكل،الشعبوية تتغدى من العداء للإسلام والمهاجرين.
    كما انتقد ميركل ،المستشارة الالمانية، لاستقبالها مليون لاجئي سوري، واتهم هؤلاء بالمسؤولية عن تصاعد جرائم الاغتصاب والقتل والسرقة..فابو على بوتين، لم يكفيه تدمير سوريا، بل هو غاضب على السوريين لأنهم لم يموتوا تحت انقاض المدن التي دكتها طاءراته.
    خلاصة، ليس بين الفنادق املس.

  4. يقول محمد السوري:

    انها طباع الكاوبوي والبنكي اللي وصل الى القارة الجديدة فقط بثيابه وأخلاقه الباليه عندما لفظته القارة العجوز وبعد ان كان مستعبداً من المبللة والإقطاعيين اللذين كانوا يتحكمون في حياته حتى ان ليلة العرس الأولى من حق السيد فإذا كانت العروس جميلة ضاجعها والا يتركها الى أخر بإمتعاض وجد نفسه فجأة سيداً يملك الأرض ويستطيع بسلاحه ان يقتل الملايين من الهنود ولايعاقبه على جريمته احد بل اصبح بطلاً تحتفي به هولويًد عندما يقتل العدد الكبير من الهنود الغير حضاريين وبعدها يصبح سيداً على آلاف الزنوج اللذين يعملون لديه ويقطفون له القطن بدون مقابل فجأة يستفيق على خبر هز وجدانه وأيقظه من غفوة لم يحسب لها حساب عندما اكتشف ان زنجي هجين اصبح رئيساً له وكان عليه ان يتحمل هذه الجريمة ٨ سنوات ولكنه في هذه الفترة كان يعمل لإعادة الإعتبار لجنسه الأبيض وكم كانت مفاجأته عظيمة عندما اكتشف ان من سيحقق له هذه الأمنية ليس سوىالكاوبوي المعتوه ترامب وهذا ماحصل ترامب سيفوز بالدورة الثانية ولكنه لن يحقق كل طموحات الينكي العنصرية لان عالم العصور الوسطى تغير

  5. يقول محمد السوري:

    انها طباع الكاوبوي والينكي اللذي وصل الى امربكا فقط بثيابه وأخلاقه الباليه عندما لفظته القارة العجوز عندما كان مستعبداً من النبلاء والإقطاعيين اللذين كانوا يتحكمون في حياته فجأة يستفيق على خبر هز وجدانه وأيقظه من غفوة لم يحسب لها حساب عندما اكتشف ان زنجي هجين اصبح رئيساً له وكان عليه ان يتحمل هذه الجريمة ٨ سنوات ولكنه في هذه الفترة لم يتباكى على حظه العاقر بل كان يعمل لإعادة الإعتبار لجنسه الأبيض وكم كانت مفاجأته عظيمة عندما اكتشف ان من سيحقق له هذه الأمنية ليس سوى الكاوبوي المعتوه ترامب اللذي يتمتع بكل الصفات اللتي تذكره بأعداده اللذين سرقوا العالم الجديد وهذا ماحصل ترامب سيفوز بالدورة الثانية ولكنه لن يحقق كل طموحات الينكي العنصرية لان عالم العصور الوسطى تغير واليوم هناك من سيقف في وجه هذا الينكي البربري فإذا كانت ايران بكل ضعفها وكوريا الشمالية قد اعادت الينكي الى حجمه الطبيعي فكيف سيكون حاله مع الكبار

  6. يقول بلحرمة محمد:

    قيل ما قيل في ترامب وادارته وصقوره ولكن هل ترامب وزمرته قدر محتوم على العرب والمسلمين؟ هل كان العرب مرغمين على الاستسلام والخنوع بهدا الشكل المهين لترامب وادراته؟ اسئلة كثيرة تطرح نفسها توضح ان العيب يتحمله الحكام العرب والمسلمون قبل ترامب او غيره من الرؤساء الامريكيين فلو كنا نملك انظمة نزيهة ووطنية وحكيمة وصلبة وعادلة ومنصفة لتمكن العالم العربي والاسلامي من مواجهة اي ساكن في البيت الابيض لاننا بكل بساطة نملك من القوة ما تمكننا من فرض وجهة نظرنا واحترامنا على الاخر وبالتحديد الطرف الامريكي الدي يلعب دورا كبيرا في ماسينا ومصائبنا وكوارثنا التي لا تنتهي فلا اظن الرؤساء الامريكيون او الكونغريس او مجلس الشيوخ سيحترمون العرب والمسلمون او يعاملونهم بحدر وباحترام ما لم يبادر حكامنا الى فرض ارادتهم على الغير وفي طليعتهم الامريكيون فالعيب تتحمله الانظمة في المقام الاول قبل ترامب او غيره.

إشترك في قائمتنا البريدية