العالم لن يسقينا إن عطشنا ولن يطعمنا إن جعنا… والحرب طريقنا الوحيد للنجاة من لقب رجل افريقيا المريض

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي للحديث عن الخطوط الحمر لحماية حق المصريين في الحياة، ملمحا للخيارات الصعبة بشأن النزاع حول نصيب بلاده من المياه قائلا “إن ممارسة الحكمة والجنوح للسلام، لا يعني في أي شكل من الأشكال المساس بمقدرات هذا الوطن، الذي لن نسمح لأيٍ من كان أن يقترب منه، ولدينا في سبيل الحفاظ عليه خيارات متعددة، نقررها طبقا للموقف وطبقا للظروف”. وأضاف السيسي، في كلمته أثناء فعاليات المؤتمر الأول لمشروع “حياة كريمة” لتنمية قرى الريف المصري، “شعب مصر إنني على عهد ووعي، أجدده بين حين وآخر، أن أظل ابنا لهذا الوطن، عاملا من أجله، متجردا من الهوى، مخلصا لإرادتكم، واثقا في قدراتكم، مؤمنا بعزائمكم داعيا الله بالتوفيق والسداد”. وفي اعتراف لافت قال الرئيس “لا كنت ولا كان الجيش قبل أن يحدث هذا”، مشيرا لمخاوف المصريين من أن تستولي إثيوبيا على شريان الحياة، داعيا إياهم لممارسة الحياة والثقة في وطنهم.
وبدوره قال العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن تصريح الرئيس السيسي خلال احتفالية مبادرة حياة كريمة، بأن مصر لا يليق بها القلق من أزمة سد النهضة، لا تمثّل تقليلا من هذا التحدي. وأضاف، أن الرئيس السيسي وصف هذا القلق بأنه مشروع، لكنه أكد أنه لا يليق بدولة كبيرة مثل مصر تملك هذه الإمكانيات والقدرات. وأشار إلى أن مصر قادرة على إنفاذ إرادتها، ومستعدة بقيادتها السياسية وقواتها المسلحة أن تجابه أي تحدٍ من الممكن أن يمس أو يقترب من دوائر الأمن القومي المصري، مشددا على أن هذه الرسائل تنبع من رجل دولة رصين يقف على أرض ثابتة حقق ما يمكن تلمسه فعليا.
وأبرزت صحف أمس الجمعة 16 يوليو/تموز محاولة بعض الكتاب الزج بالأخوان ورموز في قوى المعارضة، من أجل الضغط على الأغلبية من بأن تطالب بالحرب، حيث يعلو صوت كثير من الكتاب الداعمين للسلطة محذرين من خطورة الحرب، وتذكير الأغلبية بالهزائم التي تجسدت في نكسة 67 وقبلها حرب اليمن، في ما يرى الداعون للحرب أن خوضها فريضة، من اجل كبح جماح إثيوبيا ومن يقف وراءها، وحماية لنصيبنا من المياه، وكذلك كي لا تنعت مصر في المستقبل بأنها رجل افريقيا المريض، وفق ما بات يزعم كثير من الإثيوبيين وخصوم المصريين.
ومن تقارير صحف أمس الجمعة: أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن هناك تكليفا رئاسيا بالتوسع في استثمارات مشروعات الاقتصاد الأخضر؛ بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، بمراعاة البعد البيئي، على النحو الذي يساعد في الحد من التلوث، وتحسين جودة الهواء من خلال تقليل انبعاثات الكربون الضار، وترشيد استهلاك الوقود، ويتسق مع جهود تعظيم نسبة المكون المحلي في الصناعة الوطنية، ورفع معدلات النمو، وخلق فرص عمل جديدة. ومن أخبار الثقافة: ودع الجمهور فعاليات الدورة 52 من معرض القاهرة للكتاب، التي أقيمت تحت عنوان “في القراء حياة” على مدار أسبوعين في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات بالتجمع الخامس. وشهدت الدورة مليون و700 ألف زائر.
عالم منافق

توقع الدكتور عمار علي حسن في “المصري اليوم “أن تكون الدبلوماسية الإثيوبية معنية في الفترة المقبلة بإيهام العالم بأنها هي التي تسعى إلى حلول نهائية لمشكلة السد، وأن مصر والسودان يعرقلان جهودها. وهذا بالطبع على عكس سير الحقيقة، لكن ما دام الصراع حول الكلام والإيهام، فلننتبه إلى أن الأداء الحالي لمصر والسودان غير كافٍ أبدا. وهنا يجب على ساستنا وإعلامنا ألا يكونوا معنيين أكثر بمخاطبتنا نحن هنا لإقناعنا بشيء ما، أو لاحتواء غضبنا، وعليهم تسخير كل الجهد أو أغلبه لمخاطبة الرأي العام العالمي، كي يدرك عدالة قضيتنا وحيويتها وضرورتها. لم يكن عاقل يتوقع أن يصدر عن مجلس الأمن غير ما سمعناه. سوابقه تقول إنه يدعو إلى حل المشكلات بالتفاوض، وهذا أفضل بالقطع.. لكنه لا يمثل قيدا أخيرا ونهائيا على دولة رأت أن الحل بطرق أخرى حال تعثر التفاوض لازم حيال مسألة وجودية، في النهاية العالم لن يسقينا إن عطشنا، ولن يطعمنا إن جعنا. إن ممثلى الدول في مجلس الأمن هم مجرد مجموعة من الدبلوماسيين الذين يقولون كلاما باهتا باردا مكرورا بلا روح، وأحيانا بلا تفكير ولا أخلاق. لا أحد منهم يعرف كيف أقام النيل على ضفافه حضارة.. لولاها، لظل هؤلاء أبعد كثيرا من الفهم والعلم والتحضر الذي هم عليه الآن. إن العالم المنافق المزيف يترك بلدا هو أول من علّم الناس في مشارق الأرض ومغاربها، يواجه مصيره على هذا النحو. لا بأس، نحن سندافع عن بلدنا الذي نعرف قيمته. مصر تريد السلم دوما، لكن ما عسانا أن نفعل في قضية حياة أو موت؟

أوامر أسيادهم

أكد إبراهيم حجازي في “الأهرام” على أن الحكومة الإثيوبية تردد ما يُمْلَى عليها ممن يحركونها.. ويدفعونها لغرض والغرض مرض والعياذ بالله. يدفعونها إلى التشدد والتعنت والرفض والتسويف. ومؤخرا التصريحات المستفزة البالغة الوقاحة والبجاحة.. على أمل استدراج مصر إلى ما تريده الدول التي تحرض وتحرك الحكومة الإثيوبية، والذي تريده هذه الدول وتنفذه الحكومة الإثيوبية بغباء شديد.. أظنه الجزء الثاني من مسلسل «الربيع» على أمل أن يوقف تقدم مصر على طريق نهضتها الذي قطعت فيه مسافة سبع سنوات إعجازات. وأشار الكاتب إلى أن مجلس الأمن أول من يعلم.. مثلما مصر تعلم.. أن الحكومة الإثيوبية تنفذ تعليمات أسيادها، ويعرف أنها لا قضية كهرباء ولا تنمية.. إنما هي توزيع أدوار وتلاقي أهداف.. لاستكمال مخطط صرفوا عليه دم قلبهم وفشل. من يراقب ويرصد الأحداث.. يلاحظ أن الجزء الذي يخص إثيوبيا في «اللعبة».. هو التشدد والتعنت والتسويف والمماطلة، في المرحلة الأولى من الخطة.. وفي الثانية: الانتقال من المماطلة والتسويف إلى الاستفزاز بالتصريحات الوقحة البجحة المستفزة.. التي تستهدف الرأي العام المصري وليس الدبلوماسية المصرية والقيادة السياسية، لأن الدول المحرضة.. تعلمت جيدا من درس «الربيع العربي».. أن «اللعب» مع هذه القيادة السياسية لن يجدي نفعا. التصرفات غير المسؤولة التي تقوم بها الحكومة الإثيوبية.. تستهدف في المقام الأول الرأي العام المصري.. بتصريحات هي رسائل تيئيس واستفزاز. واتهم الكاتب الإخوان بخلق مناخ حرب كما يريدون أن يكون الرأي العام وسيلة ضغط للدفع بمصر للحرب.. ما جعل حال المصريين يدور حول سؤال واحد: هنحارب إمتى؟

الرافال جاهزة

مضى إبراهيم حجازي مؤكدا على أن قرار تسليح جيش مصر بعد الربيع العربي، وظهور أزمة سد النهضة من جهة، والتحركات والتهديدات التركية الفجة من جهة أخرى، هذا القرار لم يكن مجرد اتفاقية على سلاح.. إنما كان القرار، إمداد مصر بالعتاد، الذي يمكن استخدامه في الأزمتين اللتين ظهرت بوادرهما أيام الربيع العربي. عندنا لأول مرة، حاملات طائرات تحمي ثروات البحر الأبيض.. وتؤمن المسارات حتى باب المندب في البحر الأحمر. الميسترال، جيش يتحرك فوق الماء جاهز لكل عمليات الإبرار في القوات الخاصة المصرية، القادرة على تنفيذ أي مهام تكلف بها في أي وقت وأي مكان أيا كان. الميسترال.. تحمل طائرات ودبابات وتحمل قوة عسكرية خاصة جبارة.. قادرة على الذهاب إلى ما بعد باب المندب والعودة بدون الحاجة إلى التزود بالوقود. الرافال، الطائرات المقاتلة المرعبة.. مداها في الطيران بدون الحاجة إلى تزود بالوقود.. يصل إلى ما بعد الـ2000 كيلومتر، وصواريخها قوتها التدميرية هائلة.. وتصيب أهدافها بدقة متناهية.. داخل أي بلد.. من خارج حدود هذا البلد. وأشار حجازي إلى أن صبر مصر الهائل في المفاوضات، التي كلها استفزازات، ليس ضعفا عسكريا منا. مصر اتجهت وما زالت إلى كل الطرق المؤدية للحوار.. عن قناعة تامة بأن الحصول على حقها بالتفاوض.. أفضل مليون مرة من نفاد الصبر واللجوء إلى القتال. وانتهى الكاتب إلى أن «اللعبة» أكبر من حكومة إثيوبيا.
لن تتنازل

ما زالت إثيوبيا، كما يرى جلال دويدار في “الأخبار” ماضية في سياسة التعنت والمراوغة، لتعويق التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن سد النهضة يضمن حقوق ومصالح الأطراف، شركاء نهر النيل الثلاثة، مصر والسودان وإثيوبيا. جاء ذلك بعد العرض على مجلس الأمن بناء على طلب كل من مصر والسودان. المجلس، واتصالا بالمناقشات التي دارت طالب بالتفاوض الجدي من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق القانوني الملزم من خلال وساطة الاتحاد الافريقي. إذن فإن الكرة الآن في ملعب الاتحاد الافريقي الذي عليه أن يثبت فاعلية وجوده كمنظمة إقليمية تضم كل دول القارة الافريقية. إنه وفي إطار مسؤوليته لا بد أن يمارس مهامه بفاعلية حفاظا على الأمن والاستقرار، الذي تهدده السلوكيات الإثيوبية. وأكد الكاتب على أنه لا جدال في أن دول القارة شاهدة على تعارض الموقف الإثيوبي مع مبادئ الاتحاد الافريقي الداعية إلى التعاون واحترام الحقوق وواجبات الجيرة بين دوله. إنها تُدرك عن يقين عدالة المطالب المصرية والسودانية وتقديرها لموقفهما وإقرارهما بحق إثيوبيا في إقامة المشروعات على النيل، بهدف التنمية. هذا الحق مشروط بعدم الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان، وفقا لما تقضي به المواثيق الدولية المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود. لا يمكن وصف التصريحات الإثيوبية الأخيرة بعد قرار مجلس الأمن، الذي يدعو للعودة إلى التفاوض، سوى أنها تتسم بعدم المصداقية، وأنها وبعد عشر سنوات من المفاوضات العقيمة ما زال موقفها يفتقد إلى حسن النوايا . وباعتبار أن مياه النيل وفقا لما أعلن الرئيس السيسي تُمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، فإنه ومن هذا المنطلق على إثيوبيا أن تعي عواقب أي مساس بأمن مصر المائي. حول هذا الشأن أعلن كل من السفير سامح شكري وزير الخارجية والدكتور محمد عبدالعاطي وزير الرى والموارد المائية، أن مصر تملك القدرة للدفاع عن مصالحها المائية باعتبارها قضية وجود.

ضحايا العالم

ما أشد حاجة البشرية لنظام دولي عادل ليس فيه فيتو ظالم تتحكم بمقتضاه خمس دول فقط في مصائر العالم.. نظام يكون القرار فيه بتصويت أغلبية أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة. تابع علي هاشم في “الجمهورية” قائلا، يحدونا الأمل في أن يصدر مجلس الأمن قرارا يعيد الأمور لنصابها في أزمة سد النهضة، وإلا فإن الأمر سيكون كاشفا أكثر وأكثر لتهافت هذا المجلس.. فإذا لم تكن حياة أكثر من 150 مليون نسمة مهددة بالعطش والجوع والتشرد مهمة، فما الداعي لوجود مثل المجلس.. ومتى يتحرك لنزع فتيل الحروب التي يتنبأ العلماء بأن المياه ستكون سبب أساسي في اندلاعها؟ إذا اكتفى المجلس كعادته بإصدار بيان باهت لا يثني إثيوبيا عن غيها، فإن معنى ذلك أن المجلس يكرس لشريعة الغاب، ويسمم الأجواء بين الدول ويشعل الصراعات بينها. لم تدخر مصر والسودان جهدا في رأب الصدع، وتقريب وجهات النظر، والبحث عن حلول توافقية تضمن لإثيوبيا التنمية، وتقلل من مخاطر السد وتداعياته على دولتي المصب، وقد آن الأوان أن ينصفهما المجتمع الدولي.. ويجب ألا يستهين أبدا بخطورة ترك أبي أحمد يتصرف بإرادة منفردة في إيرادات نهر دولي تحكمه قوانين واتفاقيات وأعراف دولية. لقد أغلق رئيس وزراء إثيوبيا المتعنت ومن معه كل أبواب التوافق رغم عدالة قضيتنا وثبوت حقوقنا التاريخية في مياه النيل.. ويكفي أن إثيوبيا تستقبل سنويا ما يقرب من ألف مليار متر مكعب من المياه يذهب منها 84 مليارا لسقي الماشية الإثيوبية، وهو ما يزيد على حصة مصر والسودان مجتمعتين.. فماذا تريد إثيوبيا من سد النهضة.. ومن يشجعها على التعنت ومحاولة فرض إرادتها على بقية أطراف الأزمة؟ وإلام يستند أبي أحمد الذي تسامح معه المجتمع الدولي، رغم ارتكابه انتهاكات في إقليم التيغراي ترقى لجرائم الحرب؟ لماذا يغض العالم طرفه عن تلك الخروقات الجسيمة التي لم يكتف بها أبي أحمد، بل يسعى لجرجرة المنطقة لصراع وحروب يمكن تفاديها بحلول توافقية، تضمن مصالح الدول الثلاث. سؤال الكاتب للدول التي جاء موقفها سلبيا رغم عدالة قضيتنا: ماذا كنتم فاعلين لو تعلق الأمر بمياهكم؟

الفيل والكعبة

شواهد كثيرة قدمها الدكتور محمود خليل في “الوطن” تدل على أن العلاقة بين العربي والحبشي علاقة شديدة التركيب: فعلى الرغم من أن أبرهة زحف بجنده وفيلته إلى الكعبة المشرّفة ليقوم بهدمها في العام الشهير بعام الفيل -عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم – فإن هذا الحدث لم يؤدِّ إلى توتر العلاقة بين الطرفين، بل يشهد العديد من المحطات التالية له على أن العلاقة بين العرب والأحباش كانت على خير ما يكون، رغم ما كان يُفترض أن يتركه الهجوم الحبشي على الكعبة من جروح وضغائن في النفس العربية، سواء قصدنا بالعرب من آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو المشركين من عرب مكة. حين زحف أبرهة إلى مكة، كان يستهدف إحداث تحول ديني وتجاري شديد الخطورة، فقد بنى كنيسة في صنعاء أطلق عليها «القليس» وأراد أن يجعل منها مقصدا بديلا للبيت الحرام يحج إليه العرب، من كل حدب وصوب، فالهدف الديني المتمثل في نشر المسيحية كان حاضرا في ذهن أبرهة، أضف إليه بالطبع الأهداف الاقتصادية المتمثلة في السيطرة على «مكة» كعاصمة للتجارة العربية، لما تتمتع به من موقع وسط داخل الجزيرة العربية، بالإضافة إلى وجود الكعبة المشرّفة فيها. فشل أبرهة في تحقيق أهدافه.. بعدها بما يزيد على أربعة عقود ظهرت دعوة الإسلام، وأوذي المسلمون الأوائل، فأذن لهم النبي بالهجرة إلى الحبشة، حيث يحكمها ملك لا يُظلم عنده أحد.

أحباب الأحباش

كان للقرآن الكريم، كما أوضح الدكتور محمود خليل، موقف شديد الحفاوة بالمسيح وبالمسيحية، ولم يكن قد تطرّق بعد إلى تبني موقف عقائدي من أصحاب الملل الأخرى، ومنهم اليهود والنصارى، فقد حدث ذلك في المدينة. ويعني ذلك أن النبي وصحبه لم يكن لديهم موقف سلبي من الحبشة ونجاشيها، والواضح أنهم لم يتأثروا من قريب أو بعيد بمحاولة أبرهة لغزو البيت الحرام قبل ما يقرب من أربعة عقود من الزمن، وهو الحدث الذي سجلته «سورة الفيل» ..فرّ المسلمون المستضعفون إلى الحبشة وعاشوا فيها وقتا، لكن المشركين لم يسكتوا عليهم وبعثوا إليهم من يطلب استردادهم وإعادتهم إلى مكة من جديد، كان على رأس الوفد المكي عمرو بن العاص، وهو رجل سياسة وسياحة وتجارة معروف في قومه، ولديه قدرات خاصة في إدارة المفاوضات.. ذهب الوفد المكي بالهدايا إلى النجاشي واستثمر كثيرا العلاقة الطيبة التي تربط ما بين عرب مكة وبينه، وهي أيضا علاقة مستغربة مع ملك كان ينوى أجداده غزو بلادهم وهدم البيت الذي يعظمه عرب قريش، ومؤكد أن هذه العلاقات الطيبة تأسست خلال العقود الأربعة التالية للغزو، ما يعني أن العرب لم يتأثروا بالواقعة جديا منذ السنوات الأولى التالية لها.. فاوض عمرو بن العاص النجاشي على أمر إعادة الفارين، فطلب الملك إحضارهم، وأقنعوه بوجهة نظرهم، لكن ابن العاص تدارك الموقف، واتهمهم بأنهم يقولون في «مريم» قولا، فردّ عليه المسلمون بتلاوة سورة مريم، فقال النجاشي قولته المشهورة: «إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة»، وكان ما كان من تأمين النجاشي للمؤمنين وعودة العرب – أحباب الأحباش- إلى قومهم مخذولين.

لمصلحة العدالة

طالب المستشار بهاء أبو شقة في “الوفد: بضرورة القضاء على الظواهر السلبية وغير الطبيعية في دور العدالة، فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون دور العدالة تعاني من مظاهر سيئة وغير طبيعية.. بل المفروض أن تكون المحاكم هي القدوة والمثل الذي يجب أن يحتذى به، وأن تكون مضرب الأمثال لغيرها من المصالح والجهات الأخرى، وأن تكون الجهة والنموذج الصحيح للاقتداء بها في المجالات الأخرى كافة، على اعتبار أنها القائمة على تحقيق العدالة وإنجازها. المحاكم التي تنظر القضايا المختلفة يجب أن تكون على قدر كبير من الالتزام، ومحققة لكل الضوابط المطلوبة وبدون ذلك يكون هناك شيء خطأ، ولا بد من علاجه في التو والحال. لا يجوز على الإطلاق أن يجد القاضي القائم على تحقيق العدالة المعوقات التي تعرقل تطبيقه العدالة، وكذلك الحال بالنسبة إلى المحامين الذين يترافعون في المحاكم أن يجدوا الجلسات التي تعقد في أوقات غير منتظمة ووفقا لحضور القاضي، رغم أنه يجب أن تكون مواعيد محددة لفتح الجلسات. كما أن من حق المتقاضين ألا يواجهوا الصعاب والمشاق التي باتت ظاهرة مؤسفة في جميع المحاكم. وبخصوص المتهم فلا بد أن يعامل معاملة «البني آدميين»، حيث أن المتهمين يحشرون في الأقفاص بطريقة تأبى الحيوانات أن تفعلها أو تقوم بها. الثورة التشريعية ليست قوانين صماء لا تجد من يفعّلها أو يتجاهل تطبيقها، إنما هي بهدف إنجاز العدالة وتحقيقها والبحث عن راحة المواطنين، وتحقيق آمالهم وأهدافهم، في إطار سيادة القانون. الضوابط المطلوبة لدور المحاكم ليست مستحيلة ويجب أن يتغير كل شيء، بما يتوافق مع طبيعة المرحلة الجديدة. الضوابط ليست كلاما مرسلا، وإنما هي واجب والتزام يجب أن يكون.

الحرية للقاضي

نبقى بصحبة المستشار بهاء أبو شقة، الذي أكد على أن الهدف هو تطبيق القانون على الجميع، بدون استثناء، أو تفرقة، وإعماله على الجميع بدون تحيز. والمعروف أن الدور أو المحاكم التي تطبق القانون، وتسعى إلى تحقيق العدالة لا بد أن تكون على قدر كبير من المسؤولية المنوط بها تحقيق العدالة وإسعاد الناس. في هذا الصدد لا بد أن تتغير الصورة تماما، فلا يجوز على الإطلاق عقد جلسات محاكم الجنايات في أوقات مسائية، أو في غرف مغلقة، لا تناسب جلالة الموقف. قلنا قبل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، أن محاكم الجنايات تضطر إلى عقد جلساتها في غرف لا تتحقق فيها أي ضمانة من حقوق الدفاع ولا جلالة الموقف. وإذا كان هذا قد حدث في فترات سابقة استثنائية، فيجب ألا يحدث هذا الآن، بعد استقرار الأوضاع، وبما يتماشى مع طبيعة مرحلة بناء مصر الحديثة.. لا بد أن يتصرف القاضى بحرية في جلسة تتوافر لها الصلاحيات الكاملة، والدفاع لا يكون مكبلا، والمتهم موجود بطريقة آدمية احتراما لحقوقه التي كفلها القانون والدستور.

حلم أم حقيقة؟

واصل الدكتور عمرو هاشم ربيع في “الشروق” تقييمة لمشروع تطوير الريف المصري، حيث اختار في الحلقة الأخيرة، تأمل المشروع الرئاسي القائم منذ عام 2019 تحت مسمى حياة كريمة، والهادف لإيصال الخدمات إلى القرى في أكثر من 20 محافظة، التي تتم عبر 3 مراحل تم تقسيمها وفقا لمعدلات الفقر التي تراوحت من أقل من معدل فقر 50% إلى ما فوق الـ 70%. المرحلة الأولى اشتملت على قرى في 11 محافظة، وبدأت عام 18/2019، والمرحلة الثانية (الحالية) اشتملت على قرى في 21 محافظة، وبدأ العمل فيها منذ بدء الإعلان الرئاسي عنها في 28 ديسمبر/كانون الأول 2020. وأكد الكاتب على أن اختيار القرى تم بموجب معايير تتعلق بالضعف في وجود الخدمات الأساسية من صرف صحي ومياه شرب، وكذلك انخفاض نسبة التعليم وارتفاع كثافة الفصول، وسوء أحوال شبكات الطرق، وارتفاع نسبة الفقر، وشدة الاحتياج للخدمات الصحية، لسد احتياجات الرعاية الاجتماعية، وغيرها من الأمور التي لا ينفى أن مواجهة التطرف والإرهاب كانت الهدف الرئيس أمام من يحدد القرى المستهدفة. المشروعات القائمة بالأخص تركز على ما يسمى بالإسكان الكريم، ومواجهة الإعاقات، وتحسين خدمات الكهرباء، والغاز وغيرها، إلى أن يصل الأمر إلى تأسيس أحوزة صناعية وإنتاجية محدودة لتشغيل الشباب.
المشكلات الرئيسة التي يمكن حصرها في هذا المشروع الضخم والمهم، تتعلق بعدة أمور، أولها قلة التمويل: إذ على الرغم مما هو مرصود من مبالغ ضخمة تصل لعشرات المليارات من الجنيهات، إلا أن الاحتياجات الكثيرة تجعل القائم على إدارة هذا المشروع يعمل بشكل انتقائى، في ما يتصل بإيصال الخدمات وغيرها. وألمح الكاتب إلى أنه كان هناك منذ عدة سنوات، المشروع القومي للتنمية الريفية المتكاملة (شروق)، وكان عبارة عن منحة من الخارج مخصصة لتطوير الريف، وكان المشروع انتقائيا من حيث الهدف أو طبيعة العمل، وكذلك من حيث القرى المستهدفة.

الفلاح منسي

نبقى مع الدكتور عمرو هاشم ربيع، والمخاطر التي تواجه مشروع تطوير الريف، مشيرا إلى أن الصراعات الأهلية تعد من أحد أبرز تلك التهديدات مضيفا: تعتبر الصراعات والمنافسة بين سكان القرى المستهدفة من المشروع واحدة من أهم مشكلاته، إذ أن تلك الصراعات فحواها محاولة إثبات الأهالي أن قراهم هي الأولى بالرعاية من القرى الأخرى، وأن مشروعات بعينها يجب البدء فيها عن مشروعات أخرى في قرى أخرى. وقد يصل الأمر إلى حد المنافسة بين أبناء القرية الواحدة، بغية اتجاه المشروع لجهة محددة دون أخرى. ولا شك في أن تلك المنافسات ناتجة عن حال الفقر الشديد في الخدمات، وساق الكاتب تهديدا ثالثا يواجه المشروع، يتمثل في رغبة وجهاء القرى والعصبيات داخلها في الظهور أمام الأهالي بمظهر من ساعد، وربما من قام بنفسه في تقديم الخدمة عبر المشروع. وقال الكاتب إن الرغبة في الاستحواذ على (الشو) تعد من الأمراض المعروفة في حالات كثيرة مشابهة. أين الخدمات الأخرى؟ إن النقد الرئيسي للمشروع الذي يمكن ذكره بشكل أساسي، هو أنه يهتم بمشروعات محددة على حساب مشروعات أخرى.. بعبارة أخرى، أن المشروع يهتم بأمور متصلة بالإسكان والصحة والتعليم، وكلها بدون شك أمور في غاية الأهمية في تلك القرى الأكثر فقرا، على حساب الاهتمام بمشكلات الفلاح صاحب الأغلبية الكاسحة، أو النشاط الرئيس في تلك القرى وهو الزراعة، أي أن هناك رغبة في أن يكون للمشروع عناية بقضايا الفلاح، كالأسمدة والبذور وتسعير الحاصلات الزراعية، وفتح باب التصدير الخارجى لها، ومقاومة الآفات الزراعية، ودورات الري في ظل شح المياه.. وغيرها من قضايا وأمور يكون الاهتمام بها بمثابة مد يد العون للفلاح، للمساعدة على تأمين قوت يومه.

حقوقنا عند غوغل

تثير الغرامات المالية الضخمة، التي فرضتها فرنسا على شركة غوغل المهيمنة عالميا، عددا من القضايا المهمة، وهو ما دعا أحمد عبد التواب في”الأهرام” إلى القول إننا يجب أن ننظر لها في مصر بجدية، للاستفادة من المبادئ التي تصدر عنها، والتي يجب أن تُطبَّق بحسم لضمان توازن مصالح أطراف متعددة في المجتمع، ينبغي عدم تركها للفوضى التي يَفرض فيها القوي رؤيته على الضعيف. وقد وصلت قيمة الغرامة الأخيرة، الثلاثاء الماضي، التي أعلنتها الهيئة الفرنسية المنوط بها تنظيم المنافسة النزيهة، مبلغ 500 مليون يورو (نحو 9 مليارات جنيه مصري)، لأن غوغل أخفقت في التفاوض بحسن نية، وفق القواعد واجبة الاتباع في الاتحاد الأوروبي، مع شركات الإعلام حول استخدام المحتوى الذي تقدمه، ما يفسر الموضوع أنه، وقبل شهر واحد، أعلنت الهيئة الفرنسية أنها أبرمت تسوية غير مسبوقة مع غوغل، التي وافقت على دفع غرامة 220 مليون يورو (نحو 4 مليارات جنيه مصري)، بعد أن تأكدت الهيئة أن جوجل أساءت استغلال قوتها السوقية في نشاط الدعاية المعقد. وقد توصلت الهيئة، وفق المعلومات التي طيرتها وكالات الأنباء، إلى أن إدارة إعلانات غوغل تمنح أفضلية لسوق الإعلانات الإلكترونية الخاصة بها، حيث يبيع الناشرون مساحات للمعلنين، وأن هذا يحرم الناشرين الآخرين من حقهم في الإعلانات، التي هي واحدة من أهم الموارد. فرأت الهيئة أن من الضروري أن تتدخل لصالح الناشرين، بإعادة التوازن في صراع الهيمنة على الإعلانات الإلكترونية، بعد أن كان الناشرون يتمتعون بنفوذ كبير في هذا المجال في عصر ما قبل الإنترنت، ولكنهم خسروا الكثير من نفوذهم مع صعود غوغل وشبيهاتها. وقال ممثلو الهيئة آنذاك أن قرار معاقبة غوغل يكتسب أهمية خاصة، لأنه أول قرار في العالم يركز على العمليات المعقدة التي تعتمد على أنشطة الدعاية الإلكترونية، وقالوا إن الغرامة خُفِّضت بسبب التسوية، كما أن غوغل وافقت، على إدخال تغييرات على بعض خدمات الدعاية الإلكترونية التي تقدمها والمستخدمة على نطاق واسع. كما أعلن ممثلو الهيئة أن هذه التسوية تفتح الباب أمام الناشرين المتضررين لطلب تعويضات من غوغل.

القراءة تهزم كورونا

نجح معرض القاهرة الدولي للكتاب، والكلام ليوسف القعيد في “الأخبار” نجاحا شهد به الجميع. ومن ذهبوا للمعرض من المصريين والعرب والأجانب خرجوا مبهورين بدقة التنظيم، وحسن الأداء، ورخص أسعار الكتب بصورة لم تحدث من قبل. رغم أن هذه الدورة تحمل رقم 52، ومع ذلك استطاع المعرض هذا العام بقيادته الرشيدة والحكيمة التي تمثلت في الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، والدكتور هيثم الحاج علي رئيس هيئة الكتاب. وانتصر المعرض على فيروس كورونا الذي يخيف الجميع. لكن الإجراءات الاحترازية التي اتخذها القائمون على المعرض، وتشديد التأكد من الكمامات والحرص على سلامة من دخلوا المعرض، من حيث الوباء الفتَّاك، الذي حوصر محاصرة حكيمة وصحية. وشهدت الدورة إطلاق مبادرة: ثقافتك كتابك، وضمت عشرات الآلاف من العناوين من دور النشر، وقطاعات الوزارة على ألا يتجاوز سعر الكتاب فيها عشرين جنيها مصريا، وهذا يحدث لأول مرة، حيث يكون هناك حرص على أسعار الكتب. وأن تكون في متناول كل زوار المعرض. علاوة على الأنشطة الافتراضية التي تم تنفيذها عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بالمعرض. تضمنت الفعاليات إطلاق مبادرة لأول مرة: ثقافتك كتابك. كما تم تخصيص ركن سعر الكتاب فيه يبدأ من جنيه ولا يزيد عن 20 جنيها. وشهد المعرض المنصة الإلكترونية التي أقيم فيها أول معرض افتراضي موازٍ بتقنية الشاشة المجسمة. كم تم إطلاق جميع الأنشطة والفعاليات افتراضيا على المنصة حرصا على الصحة العامة والسلامة للجمهور. وأكد الكاتب أن نجاح المعرض كان مُدويا والحضور فاق كل التوقعات.

حلا تشوه الفن

علق مجلس إدارة المهن التمثيلية، على أزمة الفنانة حلا شيحة، والفنان تامر حسني، بشأن فيلم “مش أنا”، بعد أن أعربت حلا عن انزعاجها بسبب طرح كليب الأغنية الذي يحتوي على العديد من المشاهد الرومانسية. ونقل عبد الله نبيل في “فيتو” عن نقابة المهن التمثيلية، في بيان لها: “يعلن مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية رفضه التام لكل محاولات العودة بنا للوراء بنشر الفكر الظلامي، الذي عانى منه المجتمع المصري، طوال عقود، سواء عبر الصفحات العامة بالوسائط الإلكترونية، أو الصفحات الخاصة لمن يعتزلون الفن تحت غطاء التوبة، وكأن الموهبة التي منحها الله للمبدعين خطيئة”. وأضاف البيان: “ويعلن مجلس نقابة المهن التمثيلية أنه لن يقف ساكنا أمام محاولات تشويه الفن والإبداع، الذي يعد أحد المؤشرات الثقافية لتطور الرؤية في المجتمعات المتحضرة، كما يؤكد الدعم الكامل للإبداع والمبدعين في كل الفنون عامة، والمهن التمثيلية خاصة، فخروج البعض من دائرة الفن وعودتهم المتكررة له، إنما تعبر عن تذبذب فكري ورؤية ربما تحكمها مصالح شخصية، وهي حالات نادرة ولا تعبر إلا عن ذاتها”. وطالب البيان بمقاطعة هذه الصفحات التي يريد أصحابها أن يعودوا برؤيتنا الثقافية للمربع صفر، في رجعية جديدة لا تستهدف سوی مصالح خاصة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية