الرباط ـ ‘القدس العربي’: لقيت زيارة العاهل الاسباني للمغرب اهتماما رسميا واعلاميا واسعا، لما تكتسيه هذه الزيارة من اهمية ليس على مستوى العلاقات بين البلدين او على مستوى العلاقات الاقليمية لكل منهما، انما ايضا واساسا على مستوى الوضع الداخلي في البلدين الجارين اللذين يعانيان من ازمة مالية واقتصادية، اذا ما تطورت يمكن ان تعصف باستقرارهما.
وعبر العاهلان المغربي الملك محمد السادس والملك خوان كارلوس، عن ارتياحهما للتطور الملموس الذي شهدته العلاقات بين البلدين الجارين خلال السنوات الأخيرة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو التقني أو على مستوى حوارهما السياسي والأمني.
وحرص العاهل المغربي على اضفاء طابع انساني على زيارة العاهل الاسباني لبلاده نظرا للعلاقات المتينة بين العائلتين الملكيتين واقام له حفل افطار رمضاني عائلي. وقال بلاغ للديوان الملكي ان العاهلين المغربي والاسباني أعربا عن ارتياحهما لجودة الروابط الشخصية القوية والودية، بما يخدم الوئام وتعميق العلاقات بين المملكتين. وأبرزا التوقيت المناسب لهذه الزيارة وما تنطوي عليه من دلالة خاصة ومغزى عميق، في هذه المرحلة بالذات من تطور البلدين، وأيضا على مستوى السياق الإقليمي المتحول على هذه الضفة و تلك من حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأعرب الملك محمد السادس عن ارتياحه للمستوى الرفيع للوفد المرافق للعاهل الإسباني، الذي يضم في نفس الوقت أعضاء من الحكومة وتمثيليات رجال الأعمال ومن الوسط الأكاديمي والثقافي.
وسجل بلاغ الديوان الملكي أن المغرب وإسبانيا اللذين تجمعهما روابط تاريخية عميقة، يقيمان علاقات مكثفة ومتنوعة في إطار شراكة دينامية وبإمكانات قوية، كما سجل العاهلان بارتياح تطابق المصالح بين البلدين الصديقين والتطلعات المشتركة إلى المستقبل، مبرزين الثقة القوية التي تطبعها، كما دعيا حكومتي بلديهما ومختلف الفاعلين في هذه العلاقة، الواعدة دائما، للتعبئة من أجل تحديد وتجسيد مبادرات مشتركة مدرة للثروة والاستغلال الفعال للفرص المتاحة في مختلف المجالات.
وتوجت زيارة الملك خوان كارلوس للمغرب، بالاضافة الى نشاطاته البروتوكولية، بترؤسه للملتقى الاقتصادي المغربي الإسباني الذي نظم يوم اول امس الثلاثاء تحت شعار ‘المغرب إسبانيا : فضاء للازدهار المشترك’.
واثنى خوان كارلوس على العلاقات القوية التي تربط البلدين ‘كما تدل على ذلك وتيرة الاتصالات’ مؤكدا أن زيارته إيذان ببداية مرحلة جديدة من حوار سياسي وشراكة اقتصادية. وقدم أفاق الشراكة والفرص المتاحة في التعاون بين الجارين اللذين يتعرضان لازمة حادة و’في السنوات الأخيرة تعرض النسيج الاجتماعي والاقتصادي الى محنة’.
وتعتبر اسبانيا الشريك الاقتصادي الثاني للمغرب في مجال المبادلات التجارية للسلع حيث استورد المغرب، سنة 2012، 50,9 مليار درهم (حوالي 5 مليارات اورو) من السلع الاسبانية (14,3 بالمائة من واردات المغرب) و صدر ما قيمته 30,5 مليار درهم من السلع إلى اسبانيا حيث يصل معدل تغطية الواردات بالصادرات إلى 60 بالمائة، أي واحدا من أعلى المعدلات التي يسجلها المغرب مع دولة من دول الاتحاد الأوروبي مما يجعل اسبانيا أول ممون للمغرب و ثاني زبون له سنة 2012 وهي السنة التي وصل فيها عدد المقاولات الاسبانية بالجار الجنوبي الى 1000 شركة.
ودعا الملتقى الاقتصادي الاسباني المغربي الذي نظمه الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية وترسيخ التعاون المقاولاتي بين البلدين .
وقال العاهل الاسباني أن العلاقات بين إسبانيا والمغرب تتميز بكثافة مهمة كما تدل على ذلك وتيرة الاجتماعات والاتصالات على جميع المستويات وأن حكومتي البلدين وضعتا الأسس المتينة لشراكة إستراتيجية جديدة، من شانها الرفع من مستوى العلاقات الاسبانية المغربية إلى مرحلة جديدة ومتقدمة من خلال حوار سياسي مكثف وشراكة اقتصادية جديدة وبرنامج طموح على المستوى الاجتماعي والثقافي.
واكد أمام مدراء الشركات الإسبانية الكبرى ونظراؤهم المغاربة على ضرورة استغلال العلاقة الاستراتيجية المغربية- الإسبانية علاوة على التاريخ المشترك والقرب الجغرافي لمواجهة المستقبل بكل ثقة. وركز الملك خوان كارلوس على العامل الاقتصادي، لان الروابط الاقتصادية والتجارية وسيلة لمواجهة الوضع الاقتصادي الحالي المتأثر بالأزمة في البلدين. وأوضح ‘أمامنا الفرصة لتحقيق النمو ومناصب الشغل إذا أدركنا كيف نستغل ما تقدمه الشراكة الاقتصادية، لمواجهة التحديات وتعزيز الحوار في المجالات الاقتصادية مجيبين بذلك على الفرص التي تقدمها لنا العولمة’.
وشدد ملك اسبانيا على الجو المناسب لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين خاصة في ظل رهان الشركات الإسبانية على الخارج وتدويل نشاطها وتوفير المغرب أجواء الاستقرار اللازمة بفضل الاصلاحات السياسية التي قام بها الملك محمد السادس. وقال ان اسبانيا تحولت الى الشريك التجاري الأول للمغرب السنة الماضية. وهي المكانة التي كانت تحتلها فرنسا منذ استقلال المغرب منتصف خمسينات القرن الماضي.
ويعتبر الملك الاسباني أن شركات بلاده رائدة عالميا في قطاع البنيات التحتية مثل النقل والطاقة والماء ولديها حضور في المغرب ولكن ‘نريد أن تذهب أبعد لمرافقة المغرب في إشعاعه الدولي.
و أعلن أن الدورة القادمة للاجتماع السنوي الإسباني المغربي من مستوى عال تعقد في الخريف القادم في إسبانيا، مضيفا أن مدريد ستحتضن أيضا قبيل ذلك الملتقى البرلماني الاسباني المغربي الثاني.
وأشرف العاهلان الاسباني والمغربي على تدشين معرض ’25 سنة من التعاون الأركيولوجي المغربي- الإسباني: من جبالة إلى درعة، ما بين فترات ما قبل التاريخ والعصور الحديثة ‘.
ويقدم هذا المعرض، المنظم بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، نتائج أهم المشاريع المشتركة المنفذة بموجب بروتوكول التعاون الإسباني- المغربي في مجال الأركيولوجيا والثراث الموقع سنة 1988 ، لاسيما تلك المرتبطة بالتواجد البشري في المنطقة الشرقية للمغرب خلال حقبة البلايستوسين، والأبحاث الأركيولوجية بمنطقتي ‘جبالة- غمارة’ و’سوس- تكنة’، والخريطة الأركيولوجية لشمال المغرب، وأصول العصر الحجري الحديث بالمغرب المتوسطي.
واشرف على تنظيم معرض ’25 سنة من التعاون الأركيولوجي الإسباني- المغربي’ كل من السفارة الإسبانية بالمغرب ومعهد ثيرفانتيس بالرباط، تحت رئاسة الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، بتعاون مع المكتبة الوطنية بالرباط ووزارة الثقافة المغربية.
في لقاءات القمة نناقش الاقتصاد وفي لقاءات رؤساء الوزراء نناقش الاقتصاد فمن سيناقش الاهانات السياسية المتكررة من طرف الاسبان ليس أقلها اهانة الاخيدو و جزيرة تورة وزيارة جلالته المتعافية لمليلية ومساندتهم للبوليزاريو وهلم جرا؟