‘قرار اوباما وقف الهجوم المخطط في سورية في الدقيقة التسعين فاجأ الجميع. في اسرائيل بالطبع، الهزء والتبجح اختلطا معا. والسبب في ذلك هو أن توقعات الخبراء والمحللين في وسائل اعلام اهتزت تماما وظهرت زائفة، فللرئيس الامريكي عادة مستهجنة بعض الشيء، في عدم الاعلان مسبقا لكل جامعي الاخبار الوهمية ما الذي ينوي عمله، ما هي اعتباراته لوقف الخطوة العسكرية، ماذا يعتبر لديه استراتيجية وما هي معاني الحملة الامريكية موضع الخلاف الشديد مع روسيا بوتين. برأي الاسرائيليين، فان الولايات المتحدة ملزمة ايضا في أن تتجاهل تماما مواقف الصين المتصلبة جدا. ينبغي تحليل الوضع من دون حماسة ومن دون احتقار للامريكيين. ونقرر هنا: رغم كل الانتقاد لاوباما، ورغم كل التعقيدات النابعة من الحرب الباردة التي عادت مرة اخرى الينا، لا تزال الولايات المتحدة هي القوة العظمى في العالم، المزودة للغاية من ناحية عسكرية، ذات قدرة على النفوذ الاكبر على العالم. ومع أن هناك من سيعارض هذا القول، الا ان نظرة واعية الى موازين القوى في العالم تثبت ان الولايات المتحدة هي بالفعل قوة عظمى في كل مفهوم ممكن. فان تكون دولة’ما قوة عظمى في العالم له فضائل وله نواقص، احداها هو أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تسمح لنفسها بان تخرج في مغامرة اخرى على نمط مغامرات الرئيسين بوش الاب والابن. الوضع في منطقتنا معقد، لدرجة أنه يجب فحصالخيارات الافضل، المرة تلو الاخرى، من دون المخاطرة بالانجازات الضرورية من ناحية استراتيجية. وخلافا للاخرين الذين يعتقدون انه من بين السيناريوهات الموضوعة على طاولة اوباما، فانه سيختار بالذات الخيار الادنى للعملية في سورية، فاننا نعتقد ان تأخير العملية بالذات قد يشير الى أن وجهة الولايات المتحدة هي تبني امكانية الضربة العسكرية التي تؤدي الى اسقاط حكم الاسد. ولان خطوة من هذا النوع يجب أن تعتمد على اجماع واسع جدا داخل الولايات المتحدة، فانه من المعقول الافتراض ان اوباما يسعى الى الحصول على موافقة الكونغرس ومنح شرعية داخلية. يوجد لهذا اهمية عليا. ورغم التشاؤم والاحابيل الاعلامية بالنسبة لمصاعب اوباما الكبرى في نيل مثل هذا الاجماع فانه سيحصل عليه. ويدعي محللون معروفون ان هجوما امريكيا اهدافه هي اهداف الحكم مثل مخزونات السلاح الكيميائي، الوحدات العسكرية الموالية للحكم والمواقع الاستراتيجية، من شأنه ان يؤدي الى هجوم صاروخي غير تقليدي على اسرائيل، ولهذا يجدر باسرائيل أن تستعد لهذا السيناريو رغم ان احتمالاته منخفضة. لم يحصل في اي حالة كان فيها تهديد على اسرائيل في ان تتعرض لهجوم غير تقليدي، أن تحقق التهديد، والحمد لله. والسبب هو واحد ووحيد: المبالغة في قدرة اطلاق الصواريخ غير التقليدية، والتقدير الزائد لولاء رجال الزعيم ممن يكونون مستعدين لتعريض حياتهم للخطر من اجل انقاذ هذا الطاغية أو ذاك، اضافة الى ذلك، فان استخدام السلاح غير التقليدي من قبل سورية أو من اي جهة اخرى في المنطقة الداعمة لها سيعطي الشرعية لاسرائيل لاستخدام كل الوسائل التي تحت تصرفها. في سورية وفي لبنان وفي طهران يعرفون هذا جيدا. كما أنهم في الولايات المتحدة يفهمون جيدا ان عدم الايفاء بالوعد بالهجوم على سورية هو بمثابة مصيبة ردعية لا يقدر ثمنها. اعتقد ان اوباما بالفعل سيصدر الامر بالهجوم، غير أنه ينتظر الشرعية، سواء من الداخل او من الخارج. الجمهور الامريكي، في معظمه، يخشى مزيدا من التورط الامريكي في حرب استنزاف مضرجة بالدماء. ينبغي الاعتراف بانه حتى لو كانت احتمالات التورط جد منخفضة، فلا تزال قائمة. والاقتراح المتبلور في الكونغرس السماح للرئيس بمساحة عمل من ستين يوما للتنفيذ مع امكانية تمديد اضافي لثلاثين يوما، ليس صدفة. كما أن الكونغرس يفهم انه تحتمل خروجات ذات مغزى عن الجدول الزمني المخطط له. وحتى لو لم تنته الحملة بعد تسعين يوما، لا سمح الله، فان اوباما سيحصل من الكونغرس على المزيد فالمزيد من الزمن، الى أن يقرر متى يتوقف. الامريكيون ليسوا اغبياء للدرجة التي يظنونها في اسرائيل.