الرباط ـ «القدس العربي»: عن مؤسسة «مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث»، صدر حديثا العدد الخمسون من مجلة «ذوات» الثقافية العربية الإلكترونية الشهرية، التي ترأس تحريرها الإعلامية والناقدة سعيدة شريف، متضمنا ملفا تحت عنوان «السوسيولوجيا العربية في زمن التحولات» بمساهمة باحثين من اليمن وموريتانيا والسعودية ومصر وسلطنة عمان والبحرين والعراق وفلسطين ولبنان وتونس والمغرب.
يستهل العدد بمقال تقديمي لمعدّ الملف الباحث التونسي منير السعيداني، تحت عنوان «التّغير الاجتماعي والتحوّل السوسيولوجي في العالم العربي»، تتلوه سبع دراسات لكلّ من الباحث اليمني في علم الاجتماع توفيق سلطان بعنوان «الحقل السّوسيولوجي اليمني وإنتاج المعرفة العلمية: الواقع والمأمول»، وأستاذ علم الاجتماع في جامعة نواكشوط العصرية عثمان واقي بعنوان «العلوم الاجتماعية في موريتانيا بين الصعوبات التاريخية والبحث عن دورٍ فاعل»، والأكاديمي والباحث السعودي عبد الرحمن الشقير، بعنوان «الوضع الراهن لعلم الاجتماع في السعودية وآفاقه»، والباحثة في علم الاجتماع في سلطنة عمان هاجر مبارك السعيدي، بعنوان «قراءة تحليليَّة لواقع علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في المجتمع العُماني»، والأكاديمي المغربي وأستاذ علم الاجتماع نورالدين الزاهي بعنوان «الرّبيع العربي» في خطاب العلوم الاجتماعية في المغرب»، والباحث السوسيولوجي المصري أحمد موسى بدوي بعنوان «دور جامعة الإسكندرية في تطور البحث الأنثروبولوجي المصري»، والباحثة التونسية في علم الاجتماع عائدة بنكريم، بعنوان «جودة الرّسائل الجامعية في العلوم الاجتماعية واتجاهاتها».
أما حوار الملف، فخصص لعالم الاجتماع الفلسطيني ساري حنفي (أستاذ علم الاجتماع في «الجامعة الأمريكية في بيروت» ورئيس تحرير مجلة «إضافات»، الذي انتخب أخيرا، في شهر يوليو/تموز 2018 رئيسا للجمعية الدولية لعلم الاجتماع لمدة أربع سنوات، حيث يتحدث بوضوح كبير عن واقع حال السوسيولوجيا في العالم العربي، مشيرا إلى القطيعة التي تشهدها البلدان العربية الإسلامية بين نخب العلوم الاجتماعية والإنسانية من جهة، والنخب الدينية من جهة أخرى، موضحا أنه لا أثر للمجتمع الأكاديمي في صنع القرار السياسي في الوطن العربي، وأنه يجب البحث عن جذور الدولة الداعشية ليس فقط في الفهم المتطرّف للدين، ولكن في ثقافة نشرتها «الدولة الوطنية العربية الاستبدادية» منذ أمد طويل وحتى يومنا هذا.
وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد (50) من مجلة «ذوات» أبوابا أخرى، منها باب «رأي ذوات»، ويضم ثلاث مقالات: «بعد الرّبيع يأتي الشتاء»: تجربة تونسيَّة شابَّة في علم الاجتماع البصري» للباحث التونسي في علم الاجتماع صفوان الطرابلسي، و«الفضاء العام وتغيّر الفاعل الاجتماعي»، قراءة في سوسيولوجيا الثورات العربية للكاتب والروائي السوري جاد الله الجباعي، و«أيّ وظيفة يؤدّيها الإعلام؟» للكاتب والصحافي العراقي بشير الكبيسي. ويشتمل باب «ثقافة وفنون» على مقالين يسلطان الضوء على رمزين عربيين من رموز علم الاجتماع، وهما عالم الاجتماع العراقي علي الوردي (1913- 1995)، المعروف بتبنيه للنظريات الاجتماعية الحديثة في وقته، وتحليل الواقع الاجتماعي العراقي، وعالم الاجتماع العراقي خلدون النقيب (1941- 2011)، المعروف بانتقاده للأوضاع السياسية في الوطن العربي، وتحليله للتأزم السياسي العربي، وكتاباته عن بنية الدولة التسلطية وتدميرها للتنمية والحياة الإنسانية في المجتمع العربي، المقال الأول بعنوان «نحن وعلم الاجتماع الغربي: تجربة علي الوردي» لعالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار، الذي توفي في شهر فبراير/شباط من هذا العام، والثاني بعنوان «خلدون النقيب: نتاج سياقات اجتماعيّة وثقافيّة متميّزة» لعالم الاجتماع من البحرين باقر النجار.
وفي موضوع السوسيولوجيا العربية، يقدم باب «حوار ذوات» حوارا مع أحمد شرَّاك من المغرب، أستاذ السوسيولوجيا في جامعة سيدي محمّد بن عبد الله في فاس، كليّة الآداب ظهر المهراز، الذي يُعدّ من بين السوسيولوجيين القلائل في المغرب والعالم العربي المهتمّين بسوسيولوجيا الثقافة، الذي أصدر أخيرا كتابا ضخما حول «سوسيولوجيا الربيع العربي»، توّج بجائزة المغرب للكتاب في صنف العلوم الاجتماعيّة. أجرت الحوار الباحثة المغربية في علم الاجتماع أمينة زوجي. أما «بورتريه ذوات» لهذا العدد، فهو عن عالم الاجتماع الفرنسي بول باسكون (1932- 1985)، رائد السوسيولوجيا المغربيَّة، الذي لا يمكن التغاضي عن دراساته المهمة، لأنه بحق خبير في الشؤون القرويَّة، انخرط في بناء المعرفة العلميّة لواقع المجتمعات القرويَّة منذ بداية خمسينيّات القرن الماضي. البورتريه من إنجاز عبد الرحيم عنبي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ابن زهر ـ أكادير، الذي تحدث في ثنايا هذا البورتريه عن أزمة السوسيولوجيا في الجامعة المغربية اليوم، التي لا يمكن تجازوها في رأيه، إلا بالعودة إلى بول باسكون، وجاك بيرك تحديدا، لارتباط أبحاثهما بالوقائع المغربية، داعيا إلى الكف عن جلب إشكالات من خارج السياق المغربي، والترويج لمفاهيم لا تعدو أن تكون فارغة المحتوى.