بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي جدد فيه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دعوته للنواب المستقلين لحضور جلسة مجلس النواب، المقررة اليوم السبت، لاختيار رئيس الجمهورية، محذّراً من «نهاية» مجلس النواب العراقي، يصر «الإطار التنسيقي» الشيعي على كسر نصاب الجلسة بـ»الثلث الضامن»، وسط تباين موقف ضبابي من النواب المستقلين من حضور أو عدم حضور الجلسة.
وكشف رئيس «الكتلة الصدرية» البرلمانية، حسن العذاري، ما عدّها «ثمار» جلسة السبت المقررة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقال العذاري، في بيان، إن «من ثمار جلسة مجلس النواب يوم السبت (اليوم) تشكيل الحكومة العراقية بقرار وإرادة عراقية حرة لأول مرة وإقرار موازنة عام 2022 وإخراج البلد من أزمة اقتصادية متوقعة».
الصدر يعوّل على اندماج «الموالاة» و«المعارضة» لتمرير ريبر أحمد
وأضاف: «كذلك الإسراع بإقرار المشاريع الخدمية والبنى التحتية للبلد، وإقرار المشاريع والقوانين التي ترفع من الحكومة إلى مجلس النواب، وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان على الحكومة، وممارسة أعضاء البرلمان دورهم النيابي من خلال تشكيل اللجان وجلسات البرلمان».
ولفت العذاري إلى أن من ثمار الجلسة أيضاً «خلق جو ديمقراطي تنافسي نيابي يصب في صالح البلد والوفاء بالعهود من قبل النواب إلى ناخبيهم وتقديم الخدمة التي يستحقونها، وهناك فوائد متعددة يطول ذكرها»، مشدداً بالقول: «فلا تبيعوا حصاد زرعكم إلى غيركم، العراق أولى به».
تجديد الدعوة
ويتزامن ذلك مع تجديد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دعوته للنواب المستقلين بالمشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال في «تدوينة» له: «يوم السبت… ننتظر النواب المستقلين ونأمل منهم، بل ومن المعارضة الوطنية أيضاً وقفة مشرّفة من أجل شعبهم فهم ينتظرون بفارغ الصبر تشكيل حكومة أغلبية إصلاحية».
وأضاف: «فلتقف الموالاة والمعارضة يداً واحدة لبناء وطن حر مستقل ذي هيبة وسيادة وكرامة بلا احتلال ولا تطبيع ولا إرهاب. فلا تستبدلوا جلسة البرلمان يوم السبت بمغنم أو مأدبة. فإنها وإن كانت (أدسم) إلا أن حضور الجلسة (أتم)».
وتابع الصدر: «بل من المعيب أن يُتَرَّكَ العراق وشعبه بلا حكومة. فإنه إن كان المستقل لا يبايع (الفاسدين) فمن المعيب أن يترك المستقل وطنه وعراقه بلا حكومة أغلبية إصلاحية. ومن المعيب أن نضع في الميزان (حكومة المحاصصة) و(حكومة الأغلبية الوطنية). وخصوصاً أن ميادين المقاومة وخيمة الإصلاح والكصكوصة (في إشارة إلى القصاصة الورقية التي يستخدمها الصدر في توجيه اتباعه) تشهد لنا أننا لم ولن نهادن المحتل، والطغاة والفاسدين والتبعيين. إذن لن تكون الحكومة المقبلة كسابقاتها».
وختم بالقول: «فمن حضر الجلسة وإن لم يصوّت كان مستقلاً بحق وصدق. ومن تركها فهو ليس كذلك كما هو واضح؛ وإلا قد تكون نهاية مجلس النواب».
وردّاً على «تدوينة» الصدر، أكد النائب المستقل، باسم خشان، عدم حضوره، جلسة اليوم. وقال خشان في بيان صحافي: «لم أستبدل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الأولى التي حدد موعدها ضمن المدة الدستورية بالدسم، فحضرت وحضر جل النواب المستقلين، بينما غاب عنها كل النواب الصدريين بقرار من السيد مقتدى الصدر، لكنني لم أنسب إلى أي من الغائبين الخيانة، ولا الانغماس بالدسم، على الإطلاق لأن مقاطعة الجلسات من وسائل التعبير عن الرأي النيابي، وهذا رأيي الذي نشرته على صفحتي في مقالات سابقة».
وأضاف خشان: «أي شيء (أدسم) من مصلحة البلد، ومن الاستحقاقات الدستورية. دفع السيد مقتدى إلى منع نوابه من حضور جلسة الانتخاب الأولى، ليتفق رئيس المجلس ونائبيه (أعضاء التحالف الثلاثي) على خرق الدستور، وفتح باب الترشح لمنصب الرئيس مرة أخرى خلافاً للقانون وخلافاً للدستور، وبطريقة مهينة لكل أعضاء مجلس النواب الذين ركنتهم هيئة الرئاسة على الرف، وتصرفت وكأنها تحتكر قرارات المجلس».
وتابع: «أنا شخصياً لن أحضر إلى جلسة يوم السبت (اليوم) لأن المصلحة الأدسم بالنسبة إلي هي أن تتشكل حكومة نقودها نحن المستقلون، لأن هذا هو استحقاقنا واستحقاق الشعب».
إلى ذلك، أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني، ثقته بتمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية، وفيما أشار إلى أن تحالف «إنقاذ الوطن» يواصل تحركاته للتحشيد من أجل عقد جلسة السبت وكسب التأييد للمرشح، أكد أن التصويت لصالحه سيسمح بتمرير مرشح رئاسة الوزراء.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، للقناة الرسمية، إن «تحالف إنقاذ الوطن يعمل بكل جهده لكسب التأييد النيابي اللازم لتمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية، ويجب ألا يستمر التعطيل وتتشكل الحكومة».
وأضاف أن «إعلان تحالف إنقاذ الوطن يعني إعلان الكتلة الأكبر، وتمرير رئيس الجمهورية بجلسة السبت يعني أن مرشح التحالف لرئاسة الوزراء سيمر أيضاً، والمستقلين وتحالف عزم هم بيضة القبان ولا أحد يستطيع القول، إن نصاب الجلسة مكتمل منذ الآن وأيضاً لم يضمن الطرف المقابل الثلث المعطل».
وتابع أن «الحزب الديمقراطي سيمرر مرشحه ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية، سواء بجلسة السبت المقبل التي تتطلب تأييد ثلثي أعضاء البرلمان أو الجلسة الثانية التي قد تليها والتي تتطلب أغلبية النصف زائد واحد لأن تحالف إنقاذ الوطن هو الأكثر عدداً».
ولفت إلى أنه «لا توجد حالياً أية مفاوضات حول منصب رئيس الجمهورية مع الاتحاد الوطني الكردستاني، وفي حال انضوى في تحالفنا من الممكن أن تكون له مناصب وزارية في الحكومة المقبلة».
لكن في مقابل ذلك، أعلن عضو ائتلاف «دولة القانون»، علاء الحدادي، «استحالة» اكتمال نصاب جلسة السبت وتمرير مرشحي الجمهورية والوزراء.
وقال لمواقع إخبارية مقرّبة من «الإطار التنسيقي»، إن «ما موجود من واقع الآن يؤكد أنه استحالة تمرير مرشح رئاسة الجمهورية وعدم اكتمال النصاب القانوني لجلسة السبت، على اعتبار أن الإطار التنسيقي قادر على تعطيل الجلسة وما زال متمسكاً بالحوار والتفاهم مع التيار الصدري».
وأضاف: «عدم إعلان كتلة (الثبات الوطني) جاء لعدم رغبته بالدخول في جو الاستفزازات، والإطار ما زال متمسكاً بالحوار مع باقي الأطراف السياسية لإعادة التوازن لباقي المكونات».
وأشار الحدادي إلى أنه «في حال ما استمر التحالف الثلاثي في هذا المسار أعتقد أن جلسة السبت ستكون صدمة له، وهو مستوعب جيداً فكرة عدم قدرته على تمرير رئيس الجمهورية».
وبين أن «كل المعطيات تؤكد استحالة تمرير رئيسي الجمهورية والوزراء، فطبيعة المرشح المتقدم لرئاسة الجمهورية والحامي للدستور عليه الكثير من الشوائب والملاحظات»، في إشارة إلى مرشح «الديمقراطي» الكردستاني، ريبر أحمد.
محاولة لتقزيم حجم المكون الشيعي
ومضى الحدادي بالقول: «اما القضية الإستراتيجية التي يعارض من أجلها الإطار بأن هنالك محاولة لتقليل وتقزيم حجم المكون الشيعي من خلال كسره وأخذ جزء منه، ومساواة قراره الوطني بالقرار السني والكردي، وهذا يعني ضياع استحقاق المكون».
ولفت إلى «اختلاف طبيعة التوازنات السياسية في العراق، فلا يمكن أن يكون هناك إقصاء لأي طرف سياسي أو مكون على اعتبار أن العملية السياسية ما بعد 2003 قامت على أساس وجود هذه التوازنات»، محذراً من «محاولة كسر أو زعزعة هذه التوازنات التي ستعود بالضرر على مجمل العملية السياسية».
وختم الحدادي: «هناك خلل وإرباك سياسي وحالة من اللاتوافق ما بين القوى الشيعية، والاستمرار بهذا التحالف يؤدي إلى عدم استقرار داخل القوى الكردية، بالتالي هذه الاختلالات تنعكس سلباً على المجتمع».
في تطورٍ لاحق، وصف المقرب من زعيم التيار الصدري، صالح محمد العراقي، الثلث المعطل بـ»المكر» مؤكداً أنه تسلط على «الشيعة».
وقال العراقي الذي يسمّى أيضاً بـ»وزير الصدر»، في «تدوينة» له أمس: «يقولون من حق الشيعة حصراً ترشيح رئيس مجلس الوزراء لا غير.. ولا يمكن ترشيحه من خلال الفضاء الوطني والتحالف الثلاثي الحالي»، متسائلاً: «ألا يمكن أن يسلب (الثلث المُعَطِّل) الشيعة فعالية ترشيح رئيس مجلس الوزراء؟».
وأضاف أنه «إذا شكّل السنة والكرد ثلث عدد مقاعد مجلس النواب فسوف لن يتمكن الشيعة من تمرير مرشحهم». وتابع أن «الثلث المُعَطِّل مكر مكرتموه.. فعاقبناكم بسحب صلاحيتكم لترشيح رئيس مجلس الوزراء وحددناه بقسم من (الشيعة) مع الكرد والسنة، بل وكما سلبتم الكتلة الأكبر انتخابياً (وهي غالباً شيعية) حق الترشيح سابقاً»، مبيناً أنه «إذا شكّل غير الشيعة كتلة أكبر مكونة من سنة وكرد وعلمانيين وما شاكل فإنه يحق لهم ترشيح رئيس وزراء.. وهذا أيضاً مكر مكرتموه وعليكم إثمه إلى يوم الدين».
وأكمل مخاطباً المحتشدين للثلث المعطل: «أنتم أفقدتم الشيعة حق الكتلة الأكبر انتخابياً وسلّطتم الثلث المُعَطِّل ضدهم».
ومضى يقول: «أما نحن فثبتنا حق الشيعة حق ترشيح الكتلة الفائزة انتخابياً ترشيح رئيس مجلس النواب لكن أعلناه من خلال الفضاء الوطني خروجاً وابتعاداً عن المحاصصة التي أنهكت البلاد والعباد ولم نسلط الثلث المُعَطِّل ضد الشيعة». وتابع: «لم نتهجم على السنة والكرد واتهمناهم بأشنع الأوصاف ولم نستعمل معهم العنف».
إصرار «الإطار التنسيقي»
وفي حين يعدّ الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، إصرار «الإطار التنسيقي» الشيعي على مقاطعة جلسة اليوم، بأنه يؤدي إلى «شلل الدولة». وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، في «تدوينة» له: «يسمونه بالثلث الضامن! وأشهد لهم أنه ضامن لشل الدولة والإبقاء على خنوعها لأولياء نعمتهم».
وأضاف: «ضامن لانفلات السلاح وإدامة نهب موارد الدولة.. ضامن لمنطق الاستعلاء وقهر الشعب وتصفير نتائج احتجاجاته وانتفاضته وانتخاباته.. ضامن لغياب الأمل بأي حاضر ذي كرامة أو مستقبل مزدان بالتغيير».
ووسط شدّ وجذب التصريحات والمواقف، عشية الجلسة المصيرية، أكد رئيسا تحالف «عزم» السنّي، مثنى عبد الصمد السامراي، وكتلة «العقد الوطني»، برئاسة فالح الفياض، بأن الحراك السياسي الحالي متسارع جداً ويحتاج إلى المزيد من الحكمة.
وجاء ذلك خلال استقبال السامرائي في مكتبه ببغداد رئيس كتلة «العقد الوطني»، فالح الفياض وبحضور عدد من نواب وقيادات «عـزم».
وأكد حسب بيان لمكتبه، أن «المشهد السياسي المعقد يحتاج إلى المزيد من الحوارات من منطلق سياسة الباب المفتوح للوصول إلى نتائج تسهم في إنهاء الخلافات بين القوى والأطراف كافة».
وشدد الجانبان خلال اللقاء أن «الحراك السياسي الحالي متسارع جداً ويحتاج إلى المزيد من الحكمة بهدف خلق أجواء سياسية أكثر استقراراً بعيداً عن تفرد أي طرف سياسي في القرارات المهمة والحساسة».
حرجاً من إستعمال “الثلث المعطّل” ، الإطار لجأ إلى “الثلث الضامن”.
أرجو أن لا يتحوّل ذلك إلى “الثلث القاتل”!
اللهم اهدهم الى سبيل السواء وانقذ العراق من براثن الفاسدين