بغداد ـ «القدس العربي»: بدأ التيار الكهربائي بالعودة تدريجياً إلى مناطق وسط وجنوب العراق، أمس، عقب انهيار «المنظومة الوطنية» جراء إندلاع حريق مفاجئ في محطة لتوليد الطاقة في محافظة البصرة، فضلاً عن تعرض خطوط النقل إلى «أعمال تخريب» حسبما وصفته وزارة الكهرباء الاتحادية، في وقتٍ حذّر مسؤول عراقي سابق من «الحلول الوقتية» لأزمة الكهرباء التي تفاقم في كل عام تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة.
وقال الوزير العراقي السابق، رئيس حركة «إنجاز» السياسية، باقر الزبيدي في بيان صحافي أمس، «نتابع بقلق شديد الحالة المتردية لمنظومة الطاقة وتراجع تجهيز الكهرباء في البلاد والناتج عن عدد من الحوادث منها حرائق في بعض المحطات وتفجير عدد من أبراج نقل الطاقة».
ويؤكد أن «الحلول الوقتية التي طبقت طوال سنوات في مجال الطاقة لن تحقق ما نتمناه في هذا الملف، ولابد من تطبيق التجارب الناجحة التي قامت بها عدد من الدول مثل مصر والكويت والتعاقد مع شركات عالمية رصينة تأخذ على عاتقها تسليم الحكومة محطات جاهزة للعمل بشكل مباشر بدل إهدار الأموال والوقت على حلول وقتية لن تحل الأزمة».
وزير سابق يحذّر من الحلول الوقتية: المواطن لم يعد قادراً على تحمّل المزيد
وطبقاً للزبيدي، فإن «المواطن لم يعد قادرا على تحمل المزيد من الأزمات في ظل ارتفاع أسعار الصرف (في إشارة إلى تدهور العملة العراقية أمام الدولار) وحرارة الصيف اللاهب وانقطاع الماء والكهرباء وعدم توفر الخدمات، وهو ما يجعل الجميع أمام تحدٍ حقيقي، خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات مجالس المحافظات».
حريق
وسبق أن أعلنت وزارة الكهرباء، تعرض محطة «البكر» التحويلية في محافظة البصرة إلى حريق تسبب بانفصال خطوط المنطقة الجنوبية وتعرض المنظومة للانطفاء التام.
وذكر بيان للوزارة، أن «في الوقت الذي تمر به المنظومة بظروف عصيبة، من شح الوقود وتزايد الطلب على الاستهلاك، وارتفاع درجات الحرارة الشديدة غير المسبوقة، وفي الوقت الذي تواكب فيه الوزارة وتشكيلاتها جميع الازمات والمناسبات الدينية والوطنية، واضطلعت بتحسن ملحوظ بالطاقات المنتجة وساعات التجهيز، يكون للعوارض الفنية الطارئة أثر على المنظومة ومعداتها، حيث تعرضت المنظومة الكهربائية (منتصف ظهر السبت) لانطفاء تام؛ بسبب حصول حادث حريق بمحطة البكر التحويلية الثانوية 132 ك .ف بمحافظة البصرة».
وأدى الحادث إلى «انفصال الخطوط الناقلة كارتباطات المنطقة الجنوبية بالمنطقة الوسطى، وبالتالي صعود ترددات المنظومة وانفصال الوحدات التوليدية بمحطات الإنتاج»، حسب البيان الذي أكد أن العمل جارٍ «وبشكل سريع من مركز السيطرة الوطني والتنسيق مع مراكز السيطرة في المحافظات على إعادة الوحدات التوليدية المنفصلة، والخطوط الناقلة تباعاً، وسيعاود وضع المنظومة بشكل طبيعي خلال الساعات المقبلة».
لجنتان
وعلى الفور، وجه وزير الكهرباء زياد علي فاضل، بتشكيل لجنتين تحقيقيتين؛ الأولى حول حريق محطة البكر في البصرة، والثانية بشأن الاستهدافات التي تطال أبراج وخطوط نقل الطاقة. وفي بيان منفصل، للوزارة ذكرت أن الوزير «أوعز بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة تتولى التحقيق، وبيان أسباب الحريق الذي حصل بمحطة البكر التحويلية الثانوية، والتي أدت الى انفصال ارتباطات الخطوط الناقلة للمنطقة الجنوبية عن الوسطى، وتسببت بالانطفاء التام للمنظومة».
كما وجه الوزير، وفقا للبيان، «بتشكيل لجنة تحقيقية أخرى تتولى التحقيق بالإستهدافات التخريبية التي طالت أبراج وخطوط نقل الطاقة (صلاح الدين الحرارية – حديثة) جهد 400 ك. في منطقة القناطر في صلاح الدين». ولم تقتصر إجراءات التحقيق في الحوادث الأخيرة على وزارة الكهرباء، بل امتدت إلى اللجنة البرلمانية المعنية بالطاقة التي انتقدت تعرض تكرار «انهيار» منظومة الكهرباء.
لجنة الطاقة النيابية أعلنت في بيان صحافي «تشكيل عدة لجان لمتابعة اسباب انقطاع المنظومة الكهربائية في عموم البلاد، حيث انها ليست المرة الاولى التي تتعرض لها المنظومة للانهيار، ومن خلال بعض المعلومات التي حصلت عليها اللجان تبين أن هناك حريقا نشب في إحدى محطات النقل في محافظة البصرة، مما أدى إلى انهيار المنظومة بالكامل».
وأكدت اللجنة «إعداد توصيات بعد انتهاء اللجان من عملها، فيما ستشمل التوصيات تغيير المقصرين في عملهم واحالتهم للتحقيق، وكذلك استخدام التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحالات مستقبلا».
وطالبت، وزارة الكهرباء «بمتابعة كافة خطوطها خلال الفترة القادمة لتفادي هكذا حوادث».
وأكدت وزارة الكهرباء «إعادة تجهيز الكهرباء لجميع المستشفيات والمراكز الطبية، ومشاريع المياه، ومحطات تصريف المياه الصحية».
وذكرت أيضاً أن «المنظومة الكهربائية تعاود وضعها تدريجياً، بإعادةِ عددٍ من الوحدات التوليدية والخطوط المنفصلة بسبب العوارض الطارئة إلى العمل وربطها بالشبكة الوطنية»، مشيرة إلى أنه «يجري إعادة تجهيز المحافظات والمناطق بالكهرباء تباعاً».
كما أكد النائب عن كتلة «الصادقون»، رفيق الصالحي، أمس، إنجاز الكوادر الفنية في محافظة البصرة، أعمال الصيانة وإصلاح الأضرار التي طالت محطات توليد الطاقة في المحافظة، فيما كشف أن عملية توليد الطاقة الكهربائية ستعود إلى ما كانت عليه خلال الساعات المقبلة.
وقال في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي، إن «خط 33 وخط 11 سيعاد للخدمة للخلال الساعات القليلة المقبلة»، مبينا أن «دوائر الكهرباء تعمل حاليا على جلب متنقلات لربط خطوط الطوارئ».
وأشار إلى أن «الملاكات الهندسية والفنية في وزارة الكهرباء تعمل من أجل إعادة منظومة الكهرباء الوطنية بوقت قياسي إلى الخدمة بعد أن تعرضت إلى التوقف التام ظهر امس».
100 ألف برميل
وعلى الرغم من أنه بلد غني بالنفط، لكن تعتمد المحطات الكهربائية في العراق بشكل كبير على الغاز المستورد من إيران التي تقطع الإمدادات مرارا ما يزيد من سوء الانقطاعات المتكررة للكهرباء.
ويؤكد رئيس اتحاد مصدري المنتجات النفطية في إيران، أن الاتفاق الذي توصلت له طهران مع العراق ستحصل بموجبه على 100 ألف برميل يوميا مقابل إرسال الغاز للعراق.
وقال حميد حسيني للإعلام الإيراني، حول مقايضة الغاز الإيراني بالنفط الخام العراقي، إن «مجريات عقد الغاز والنفط بين إيران والعراق واضحة حيث يقدر إجمالي صادرات الغاز والكهرباء من إيران إلى العراق بما يتراوح بين 10 و15 مليون دولار يوميا».
وأضاف: «بناء على تصريحات وزير الخارجية العراقي فإن 18 مليار دولار أو 11 مليار دولار (وفقا للبنك المركزي الإيراني) لا تزال في حساباتنا المصرفية في العراق وغير قادرين على استيفائها».
وذكر أن «تراجع صادرات إيران من الغاز والكهرباء الذي تزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في العراق أوجد بعض الاستياء في هذا البلد والذي دفع حكومته للتفكير في حلول سريعة».
وأكد «عودة العراق إلى نفس الاتفاق الذي تقرر بموجبه أن تتلقى إيران 30 ألف برميل من النفط الخام وحوالي 70 ألف برميل من المازوت يوميا، ما يعني أن إيران ستحصل على 100 ألف برميل يوميا، والتي يمكن أن تغطي جزءا من الطلب المحلي».