بغداد ـ «القدس العربي»: باشر رئيس الوزراء العراقي المكلّف، محمد شيّاع السوداني، مهام عمله رسمياً في القصر الحكومي، تمهيداً لتقديم تشكيلته الوزارية إلى البرلمان، خلال الأسبوعين المقبلين، حسب مصادر في «الإطار التنسيقي» الشيعي، وفيما أكد، السوداني، تركيز برنامج حكومته المرتقبة على ملفي «الخدمات والاقتصاد» تعهّد زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، بدعم ومراقبة الحكومة الجديدة.
ووفقاً لبيان صحافي أورده المكتب الإعلامي للسوداني، السبت فإن الأخير «باشر مهام عمله في القصر الحكومي، لعقد اجتماعاته تمهيداً لتقديم أعضاء التشكيلة الوزارية الى البرلمان ونيل الثقة».
والأحد، استقبل رئيس الحكومة، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، حيث ناقش معها «الأوضاع السياسية العامة في البلاد، والتأكيد على تعزيز التعاون مع المنظمة الأممية، وتدعيم آليات النظام الديمقراطي في العراق» وفق بيان لمكتبه.
وأكد، لبلاسخارت، أن «برنامجه الحكومي، سيركز على معالجة المشكلات الخدمية ومكافحة الفساد، مع حرص الحكومة المقبلة على الاستماع إلى صوت الشباب النافذ، ومراعاة ملف حقوق الإنسان والأقليات».
وأعرب، خلال اللقاء عن «استعداده للعمل من أجل علاقات خارجية متوازنة مع المحيطين الإقليمي والدولي مبنية على أساس المصالح المشتركة التي تحفظ سيادة العراق».
كذلك استقبل، رئيس مجلس الوزراء المكلف، السفير البريطاني لدى العراق مارك برايسون ريتشاردسون.
التعاون المشترك
وجرى خلال اللقاء، حسب بيان لمكتب السوداني، «البحث في مستقبل العلاقات الثنائية وسبل التعاون المشترك بين العراق وبريطانيا، فضلا عن استعراض مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية على المستويين الوطني والإقليمي».
وأكد رئيس الحكومة، خلال اللقاء، أن «العملية السياسية والديمقراطية يجب أن تمضي تحت مظلة الدستور» مبينا أن برنامجه الحكومي سيركز على «الجوانب الخدمية والاقتصادية التي تمس حياة المواطنين» كما شدد على «رفض إقصاء أي طرف وطني فاعل في هذه المسار».
وأشار إلى أهمية «الشراكة البنّاءة مع المملكة المتحدة، والعمل على أن يكون العراق مرتكزاً فعّالا في نظام إقليمي مستقر».
وأعرب السفير البريطاني من جانبه، عن دعم حكومة بلاده «للجهود المبذولة من أجل تشكيل حكومة عراقية جديدة، تلبّي تطلعات الشعب العراقي في التقدّم والازدهار».
وفي السياق ذاته، بحث رئيس تيار «الحكمة» الوطني، المنضوي في «الإطار» عمار الحكيم، مع السوداني، ملف تشكيل الحكومة.
حكومة خدمة
بيان لمكتب الحكيم نقل عن الأخير تأكيده أهمية «تشكيل حكومة خدمة وطنية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب العراقي» مشدداً على ضرورة «استيزار وزراء أكفاء ممن يشهد لهم بالمهنية والكفاءة والنزاهة وحسن الإدارة» حاثّا على وجوب «اختيار فريق منسجم في إدارة المرحلة المقبلة» مجددا التأكيد على عدم «مشاركتنا (تيار الحكمة) في الحكومة».
وأشار الحكيم، حسب البيان، إلى أهمية «تحديد الأولويات الخدمية للحكومة على وفق حاجات المواطنين ومدى تماس الخدمة مع واقعهم المعاشي اليومي» داعيا في الوقت عيّنه إلى «الانفتاح على المحيط الإقليمي والدولي وإيجاد معادلة توازن تضمن حقوق العراق وتحفظ سيادته وتراعي استكمال مشاريع وخطط الحكومات السابقة، والإفادة من الوفرة المالية في مجال الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة».
«هيبة الدولة»
ويعدّ زعيم ائتلاف «دولة القانون» المنضوي في «الإطار التنسيقي» أبرز الداعمين للسوداني، ويرى أهمية أن الحكومة المقبلة »خدمية وتعيد لنا هيبة الدولة».
وأوضح، في كلمة له، خلال مناسبة ذكرى تأسيس حزب الدعوة الإسلامية، بزعامته أيضاً، إنه «ليس عيبا أن نختلف، لكن العيب أن لا نتفق، وكلنا تحت سقف الدستور».
وأوضح أن «استكمال الاستحقاقات الدستورية، يمثل قرار كل العراقيين الأصلاء، ونحن على أبواب تشكيل حكومة جديدة، وهي نتيجة العمل الدؤوب لنواب الشعب».
وأكد أن «الحكومة المقبلة، لن تكون هبة تعطى، بل هي قيد ومسؤولية في رقاب المتصدين لها، وهي ستكون فرصة، لمن يستطيع أن ينجز، ويكون على قدر المسؤولية».
ملفات صعبة
وأشار إلى أن «الحكومة المقبلة أمامها ملفات صعبة في ظل التراجع العام في الخدمات، ونريد منها أن توفر الكهرباء والسكن والعمل والخدمات، وعلاج العشوائيات في توفير البديل وليس في فرض الإيجارات» مبيناً أن »لا عقدة ولا صعوبة في حل أغلب المشاكل، لاسيما أزمة الزراعة والمياه».
أما، ائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي، فقد دعا، رئيس الوزراء المقبل إلى «تدارك الأخطاء التي وقعت فيها الحكومات السابقة، والإسراع في تهيئة المناخ المناسب لإقامة انتخابات مبكرة».
وذكر الائتلاف في بيان صحافي أمس، أن «التهيئة لانتخابات نزيهة بقانون جديد ومفوضية جديدة لتلافي جميع الأخطاء التي رافقت الانتخابات الماضية، ينبغي أن يكون في مقدمة أولويات أي حكومة مقبلة».
وشدد، على «ضرورة تواصل الجهود لإطلاق حوار وطني بنّاء ينصب في إطار تعديل الدستور وتجاوز الإخفاقات السابقة وتفكيك الأزمات التي خلّفتها، وبحضور الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فضلاً عن إشراف مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية».
وأكد البيان أهمية «تعديل وإنفاذ قانون الأحزاب وتفعيل عمل الهيئات واللجان الرقابية لمحاسبة المفسدين، فضلاً عن جملة مقترحات أخرى تهدف لتعزيز التماسك المجتمعي والتخفيف من معاناة أهلنا وتدارك أي ثغرةٍ يمكن أن تعود بالأوضاع السيئة، إلى ما هي عليه، الآن».
حكومة «ميليشياوية»
وتدعم أغلب القوى والأحزاب السياسية العراقي، مرشح «الإطار التنسيقي» في تشكيل الحكومة الجديدة، باستثناء «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، الذي عبّر عن موقفه الرافض لما وصفها حكومة «ائتلافية تبعية ميليشياوية مُجربة».
وتَحَدَّثَ تحالف «الفتح» المنضوي في «الإطار» عن «الفرصة الأخيرة» للصدر، فيما أكد أن الكابينة الوزارية للسوداني ستُحسم خلال أسبوعين، وتُعرض على البرلمان لنيل الثقة.
وقال عضو التحالف، عبد الحسين الظالمي، للقناة الرسمية، إن السوداني، «عمل قبل فترة على كابينته الوزارية وجمع المعلومات عن الوزراء وعن كادر مكتبه، وذلك بعد اتفاق تحالف إدارة الدولة على حسم ترشيحه».
وحسب الظالمي، فإن «السوداني سيطلب من الكتل السياسية المشاركة في تقديم أسماء مرشحي الوزارات، على أن لا تتجاوز الخمسة مرشحين ولا تقل عن ثلاثة».
وأوضح أن «السوداني، ستتوفر له مساحة أكبر من الحرية في اختيار الوزراء، مقارنة مع رؤساء الوزراء السابقين، كونه اشترط ذلك مسبقاً، على القوى التي رشحته، وخصوصاً الإطار التنسيقي».
التقى المبعوثة الأممية وسفير بريطانيا… والمالكي يتعهد بدعم حكومته
وتابع أن «اختيار وزراء مستقلين سيكون كفيلاً في نجاح الحكومة الجديدة ويمكن تشخيص الفشل دون اختلاط الأوراق».
وعن موقفه من زعيم التيار الصدر، أكد أن «للصدر الحق في المشاركة في الحكومة الجديدة أو الذهاب إلى المعارضة أو الانعزال كلياً» مشيراً إلى أن «الصدر اختار القرار الذي يراه مناسبا له ولخططه وبرامجه».
ووفقاً له، فإن «وجود معارضة على مستوى البرلمان ضرورية لتقويم عمل الحكومة، والباب سيبقى مفتوحاً أمام الصدريين للحوار وهناك وساطات مستمرة، من أجل تفويت آخر فرصة للتيار في حال قرر المشاركة أو عدمها، وذلك قبل تشكيل الحكومة».
وأوضح أن، «خلال الأسبوعين المقبلين، سينتهي السوداني من آخر اللمسات على كابينته، وخلال الأسبوع الثالث سيعرض الوزراء على مجلس النواب من أجل نيل الثقة».
وسبق أن أبدى الصدر، موقفه بعد تكليف السوداني برئاسة الوزراء.
وتحدث، صالح محمد العراقي المعروف بـ«وزير الصدر» نقلا عن الأخير: عن «تشكيل حكومة ائتلافية تبعية ميليشياوية مجربة لم ولن تلبّي طموح الشعب ولا تتوافق مع مبدأ (المجرب لا يجرب)» وذلك «بعد أن أُفشلت مساعي تشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية يسود فيها العدل والقانون والقضاء النزيه وينحصر السـلاح بها بأيدي القوات الأمنية الوطنية البطلة، وبعد أن تحوّلت الديمقراطية والائتلافات الحزبية من خلال المسـيّرات والقصف الداخلي والخارجي وكَيْل التهم الجزافية».
«قمع» صوت الشعب
وزاد: «نشجب ونستنكر قمع صوت الشعب الرافض لإعادة العراق للمربع الأول كما يعبّرون ونشجب ونستنكر العصيان الصريح للتوجيهات الشرعية والوطنية الصادرة من أعلى المستويات من داخل العراق أولاً ومن خارجه ثانياً».
وأوصى الصدر بـ«عدم تحوّل العراق إلى ألعوبة بيد الأجندات الخارجية وأن لا يتحوّل السـلاح إلى الأيادي المنفلتة، وأن لا تتحول أموال الشعب إلى جيوب وبنوك الفاسدين».
وشدد أيضاً على رفضه «إشتراك أي من التابعين لنا ممن هم في الحكومات السابقة أو الحالية أو ممن هم خارجها أو ممّن انشقوا عنّا سابقاً أو لاحقاً سواء من داخل العراق وخارجه أو أي من المحسوبين علينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة بل مطلقاً وبأي عذر أو حجة كانت، في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسـدين وسلطتهم ممن لا همّ لهم غير كسر شوكة الوطن وإضعافه أمام الأمم، وكل من يشترك في وزاراتها معهم ظلماً وعدواناً وعصياناً لأي سبب كان فهو لا يمثلنا على الاطلاق بل نبرأ منه الى يوم الدين ويعتبر مطروداً فوراً عنّا (آل الصدر)».
ومضى بالقول: «فلا تعجبوا من ذلك، فإن هناك مساعي لا تخفى لإرضاء التيار وإسكات صوت الوطن، وإن في من ينتمون لنا قد سال لعابهم لتلك الكعكة الفاسـدة التي لم يبق منها إلا الفتات».
خطط خبيثة
وزاد: «كما إننا نبين للجميع، أن هناك خططاً خبـيثة لتجذر وتجذير وتقوية سلطتهم وتقويض ما عداهم لتزداد هيمنة الفـساد والفاسـدين والتلاعب في رقاب ومصائر وأموال الشعب بلا رقيب من خلال خلط الأوراق والهيمنة على السلطات القضائية والأمنية والهيئات المستقلة وما شاكل ذلك».
وحذر «من سلطة الذين يعيثون في الأرض فـساداً وظلماً (وائتلافات لا خير فيها)».
وتعليقاً على موقف الصدر، قال القيادي في التيار الصدري، صباح الساعدي، في بيان صحافي، إن الصدر «وضع قواعد اشتباك جيدة» مشيراً إلى إن من بينها «تمايز فسطاط الإصلاح نهائياً عن فسطاط الفساد، ومن لم يشاهد هذا (التمايز) بين الفسطاطين فهو أما (أعور) يري بعين مصلحته أو (أعمى) لا يعرف الحق ولا يميزه عن الباطل».
ورأى أن «أهل الإصلاح لا يمكن أن يكونوا في فسطاط الفساد بأي شكل من الأشكال، وما كان مقبولاً سابقاً من وجود (خطوط مائلة) أصبح اليوم ممنوعاً منعاً باتاً ولا يبرر (البقاء فيهم عدم الكون منهم)» موضحاً إن «العراق يمر بمرحلة هي الأخطر على الإطلاق باجتماع الثلاثي المشؤوم (الفاسدين والميليشيات والتبعيين) في حكومة مقبلة إن تمكنوا من إكمال تشكيلها وقد (أنذر الصدر) الشعب مراراً من هذا التوجه الواضح منذ البداية وقال لهم (استغلوا وجودي) للقضاء على هذا الثلاثي المشؤوم وانقاذ الوطن في فرصة أخيرة (لا يُعلم هل انتهت أم لا)».
وأكد أن «الصدر وأصحابه لا شرقيون ولا غربيون ولا يمكن أن يكونوا بيادق في رقعة شطرنج بالية ومحاولة (تقزيم مشروع الإصلاح) في حدود هذه الرقعة (لم ولن يفلح) فيكون الإصلاح بيدقاً بيد الشرق أو الغرب يحركه كيف يشاء».
واعتبر أن «الإصلاح (لاعب لا شرقي ولا غربي) يضع (قواعد الاشتباك) في رقعة الشطرنج الجديدة وأقف عند هذا الحدّ من الكلام».
و«العصائب» تدعوه لجعل البصرة منزوعة السلاح
طالب النائب عن كتلة «الصادقون» التابعة لحركة «عصائب أهل الحق» عدي عواد، رئيس الوزراء المكلف، محمد شياع السوداني، بجعل البصرة منزوعة السلاح وإبعاد المقرات العسكرية عن مركز المدينة.
وقال عواد في بيان، أمس، مخاطبا السوداني: «استمعنا لخطابكم ورأينا أن هذا الخطاب بحاجة لجهود وتعاون حقيقي من المخلصين لتحويله على أرض الواقع وإنجاحه، ومن هنا، نعلن دعمنا وتأييدنا لكل ما طرحتموه وأننا مستعدون للتعاون».
واقترح، أن تبدأ خطّة السوداني «من محافظة البصرة على أن تكون نموذجاً لباقي محافظات العراق» داعياً إلى «إعلان البصرة منزوعة السلاح من الفصائل والعشائر وإبعاد المقرات العسكرية بكافة مسمياتها، عن مركز المدينة».
وأشار إلى «البدء بحملة إعمار كبيرة في البصرة، ومن مستحقاتها المالية المتراكمة في ذمة حكومة المركز، وخاصة أننا على أعتاب (خليجي 25) ويجب أن تظهر البصرة، كما يليق بها، وبالعراق» مشدداً على وجوب «استكمال بناء مشاريع ومحطات الماء مع توجيه المحافظات بعدم رمي المياه الثقيلة (المجاري) في نهري دجلة والفرات ووضع مدد زمنية ملزمه للإنجاز».
ولفت إلى «الإسراع ببناء سد شط العرب لمعالجة المد الملحي» حاثّاً على «الاهتمام الحقيقي بميناء الفاو الكبير».
وأكد النائب عن الحركة التي يتزعمها قيس الخزعلي، أهمية «إعادة الحياة للمصانع في جميع أنحاء العراق، وخاصة مصانع البصرة، وبناء مشروع (النبراس) للبتروكيميائيات وجعل ارتباطه بوزارة النفط» مقترحاً على السوداني «توجيه الشركات الأجنبية النفطية باستبدال العمالة الأجنبية بالعراقيين حصراً وبمدة زمنية لا تتجاوز السنة».
وطالب أيضاً بـ«بناء المنافذ الحدودية، فهي واجهة العراق ومصدر من مصادر تمويل الميزانية».
وختم بالقول: «(التنسيقيات) ولقربي منهم واتصالي المستمر معهم منذ سنوات، نستطيع إيقاف جميع التظاهرات في حال أعطيتمونا وعد لهم وتحديد مدد زمنية لحل جميع مشاكلهم، فقط نحتاج لقرارات معينه وما تحتاجونه من مجلس النواب نحن نتكفل به كما نتكفل بسرعة إصدار الكتب ومتابعتها من قبلنا بشكل شخصي».