العراق: الضغط السياسي أبرز العقبات أمام حكومة السوداني للحدّ من الفساد

مشرق ريسان
حجم الخط
1

تعترض طريق السوداني، في محاربة الفساد جمّلة من العقبات؛ أبرزها الارتباطات السياسية «للفاسدين» وفقدان العراق القدرة على استرداد الأموال المهرّبة إلى الخارج.

بغداد ـ «القدس العربي»: تعترض طريق الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، في محاربة الفساد المستشري في عموم مفاصل المؤسسات العراقية، جمّلة من العقبات؛ أبرزها الارتباطات السياسية «للفاسدين» وفقدان العراق القدرة على استرداد الأموال المهرّبة إلى الخارج، في مقابل إجراءات محلّية محدودة التأثير للإطاحة بمسؤولين حكوميين وبرلمانيين متورطين بالفساد.

المحلل السياسي واثق الجابري، يقول لـ«القدس العربي» إن «خطوات السوداني في مكافحة الفساد ستبدأ من الملفات التي كشفها مؤخراً، والتي لها ارتباط بجهات وتجّار وشخصيات سياسية وحكومية» مبيناً أن «السوداني سيتابع ملف تلكؤ الأداء الحكومي والفشل أيضاً وما له من ارتباطات بملفات فساد».
وأشار إلى إن رئيس الوزراء الجديد، يتحرك أيضاً على «نتائج التحقيقات في قضايا الفساد، مع فتح ملفات جديدة وتفعيل دور هيئة النزاهة الاتحادية، وديوان الرقابة المالية، والجهات الرقابية الأخرى» مبيناً أنه «بعد إجراء جميع تلك المراجعات، فإن السوداني سيتوصل إلى تورط شخصيات حكومية متنفذة وتجّار كبار وشخصيات لها ارتباطات داخلية أو خارجية».
وفيما أكد الجابري بأن قضايا الفساد في العراق «لها ارتباطات بجهات حكومية» أقرّ بجملة صعوبات تواجه السوداني في مواجهة الفساد، من ضمنها «طبيعة القوانين أحياناً، فضلاً عن تأثير الجهات السياسية والرقابية والحكومية والبرلمانية المرتبطة بالفاسدين».
ومن بين تلك المعوقات أيضاً- حسب رأي المحلل السياسي العراقي- هي «عدم وجود اتفاقات دولية واضحة لملاحقة الأموال العراقية المهرّبة».
في مقابل ذلك، رجّح الجابري «إثارة شبهات وإشاعات حول توجّه حكومة السوداني بمكافحة الفساد، تقودها جهات سياسية معترضة ولها ارتباطات مع الفاسدين. لاحظنا في الفترة الأخيرة حملات تصوّر خطوات الحكومة في مكافحة الفساد بأنها استعراضية ولن تحقق نتائج، في محاولة لعرقلة مسيرة ملاحقة الفاسدين».
وشدد على أهمية «زيادة وتيرة مطاردة الفاسدين وضرب الرؤوس الكبيرة، ناهيك عن وجوب تفعيل اللجان والإجراءات الرقابية والتحقيقية والعقابية، والإطاحة بأكبر عدد ممكن من الفاسدين».
وسلّمت حكومة السوداني مهامها على وقع قضية فساد كبيرة أطلق عليها «سرقة القرن» تقدّر بـ2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى قضية أخرى تخصّ تهريب النفط العراقي.
ويقرّ العراقيون أن توغّل الفساد في جسد الدولة العراقية، وراء التلكؤ الواضح في جميع القطاعات.
وزير الداخلية الأسبق، ورئيس حركة «انجاز» باقر الزبيدي، يقول في بيان صحافي، إن «كشف ملفات الفساد في الآونة الأخيرة يعطي الأمل بالاستمرار بمواجهة هذا المرض الخبيث الذي أدى إلى تآكل الدولة والنكبات التي تعرضت لها البلاد منذ 2011».
وأشار إلى أنه «رغم الملاحظات الكثيرة على طريقة مواجهة الفساد وفتح الملفات حسب أهميتها، فإن الخطوات الأولى التي اتخذت مهمة وتحتاج خطوات أخرى تضع نهاية لهذه الملفات» موضّحاً أن «عقود التسليح وصفقات طبع المناهج الدراسية والمدارس ومزاد العملة وملف الكهرباء والمنافذ الحدودية والفساد في المحافظات، في مقدمة ملف مكافحة الفساد، لأنها تحتوي أرقاماً مرعبة يجب أن تعود إلى خزانة الدولة». ولفت إلى «حل قضية رواتب المواطنين العراقيين الكرد الذين تستقطع حكومة الإقليم منها رغم أن المركز يرسلها كاملة» مؤكداً أن «هيئة النزاهة بما تمتلكه من أرشيف هائل حول سرقات كبيرة سوف تساهم بشكل كبير بإسقاط الفاسدين وتسليمهم للقضاء العراقي الذي نثق بعدالته».
ولم يستبعد السياسي العراقي أن «الضغوط السياسية من البعض ستكون حاضرة من أجل إطلاق سراح الفاسدين» مشدّداً على وجوب أن «تكشف أسماء من يقومون بهذه الضغوط حتى يعرف العراقيون من يرعى الفساد ويحميه».
ورأى أن «مواجهة الفساد يجب أن تكون بضربات قوية وحاسمة، وعندها سوف يسقط الكثير من الفاسدين بسهولة وسيحاولون الهرب لأنهم غير قادرين على المواجهة» مضيفاً: «نحن اليوم أمام الفرصة الأخيرة لإثبات أهمية الديمقراطية من خلال مكافحة الفساد بصورة حقيقية وعدم تكرار تجارب الماضي القريب».
على المستوى ذاته، أكد رئيس هيئة النزاهة الاتحادية، القاضي حيدر حنون، أن الفساد يُعَدُّ من «أعتى الآفات والمخاطر وأَشَدِّهَا فتكاً» بمُؤسَّسات الدولة ووزاراتها، وهو يُمَثِّلُ «عَائِقًا» لعمليات الإعمار وتقديم الخدمات الفضلى للمواطنين، بل وأكبر عقبة بوجه التنمية والاستثمار.
جاء ذلك، خلال كلمة له أثناء زيارته لمكتب تحقيق الهيئة في محافظة صلاح الدين، الاسبوع الماضي.
وقال إن «مكافحة هذه الآفة واستئصال شأفتها من جسد الدولة ومُؤَسَّسَاتها يحتاج تضافر جميع الجهود، سواء من السلطات الثلاث التشريعيَّة والتنفيذيَّة والقضائيَّة، وكذا الأجهزة الرقابيَّة التي أكدت قوانينها النافذة أنها تساهم في مكافحة الفساد وليست الجهات الوحيدة التي تقع على عاتقها تلك المهمة».
وشدد على أهمية «الموضوعية في عمل الهيئة، والنأي بنفسها عن جميع السجالات والمهاترات السياسية، وعدم الخوض فيها والالتزام بالمهنية العالية، والابتعاد عن الانتماءات والولاءات السياسية والأهواء الحزبية، إذ أن العمل الرقابي يحضر تلك الميول والانتماءات في ساحة عمله» موجهاً بـ«إجراء تغييرات كبيرة في مديريات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمحافظات؛ لإصلاح منظومة مكافحة الفساد من الداخل، عبر اختيار قيادات كفوءة ومخلصة ونزيهة تضطلع بهذه المهمة الوطنية النبيلة».
ونوه في كلمته بأنَّ «مَهَمَّته مَهَمَّةٌ وَطَنِيَّةٌ وَمُقَدَّسَةٌ، تتمثل بمحاربة الفساد من أقصى شمال العراق إلى جنوبه» لافتاً إلى أنه سيعمل مع القضاء والحكومة «فِي جَبْهَةٍ وَاحِدَةٍ ضمن المعركة المصيرية في مواجهة الفساد ومناجزة مرتكبيه» مشيرا إلى أن «ذلك يتطلب العمل على إصلاح المُؤَسَّسة التي تضطلع بهذه المَهَمَّة- وهي أولى مهماته- لأنَّ إصلاحها هو أساس محاربة آفة الفساد المدمرة».
واختتم حديثه بالإشارة إلى سعيه مع الشركاء في مؤسسات الدولة المختلفة إلى «الحفاظ على هيبة البلد وكرامة المواطن، وعدم السماح للثلة الفاسدة بالعبث بمقدرات البلد».
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، نفّذت هيئة النزاهة الاتحادية، 125 عمليَّة ضبطٍ، تمَّ خلالها ضبط 27 مُتَّهماً بالجرم المشهود.
دائرة التحقيقات في الهيئة، وفي معرض حديثها عن عمليَّات الضبط المُنفَّذة خلال الشهر المنصرم، أشارت إلى أنَّ «فريق عمل مكتب تحقيق النجف نفَّذ العدد الأكبر من تلك العمليَّات بمجموع 26 عمليَّة ضبطٍ، يليه مكتب تحقيق ديالى 24 عمليَّةً، فيما نفَّذ مكتب تحقيق واسط 16 عمليَّةً».
وأضافت الدائرة إنَّه «تمَّ خلال تلك العمليَّات ضبط 27 مُتَّهماً خلال 16 عمليَّةً لضبط المُتَّهمين، فيما بلغ مجموع عمليَّات ضبط الأوليَّات المُنفَّذة خلال الشهر الماضي 109 عمليات».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جبارعبد الزهرة العبودي من العراق:

    يساورني الشك في المسعى الذي يتبناه رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني في محاربة آفة الفساد التي تنخر جسم الدولة العراقية منذ سنين طوال من ان خطواته وبسبب هذا الشك اجد انها خطوات استعراضية كالسراب الذي يخدع السفّار في الصحراء على طريق مكافحة الفساد وسوف تكون ايضا من اجل الاستهلاك الاعلامي الذي قد يساعد على تمرير تحرك رئيس الوزراء على انه جاد ومثمر من اجل تجاوز الاوضاع المتردية على صعيد الاقتصاد والامن والرعاية الاجتماعية التي يعيشها العراق على خلفية الفساد وليس تحركا عشوائيا لا طائل من ورائه 0
    فالكل يعرف في العراق انه في اجتثاث الفساد يكمن انتشال قطاعات الخدمات من حالة التردي التي تعيشها والاهم من ذلك التحرك بخطوات مدروسة لا تقبل التريث وكذلك محسوبة فوائدها بدراسة عميقة قد سبقتها من اجل تعزيز البناء الاقتصادي وهو الاهم في سلم اولويات المصلحة العامة في العراق غير ان الشعب العراقي لم يسمع باي صوت لحكومة السوداني يشير صراحة الى الفاسدين بالاسماء الفردية مثل الوزير فلان او عضو البرلمان علان او بالاسماء العامة مثل الحزب الفلاني او التيار العلاني وبهذا فان الفشل سيكون حليفه كما كان شان الذين سبقوه من المسؤولين 0

إشترك في قائمتنا البريدية