بغداد ـ «القدس العربي»: كشفت أنباء عن اتفاق بين الحكومة العراقية، وجهات تمثل المتظاهرين، على تأجيل موعد تجدد انطلاق الحراك الاحتجاجي، المقرر يوم الجمعة المقبل، إلى الـ22 من تشرين الأول/ نوفمبر المقبل، شريطة أن تُقدّم السلطة تقريراً مُقنعاً عن الجهات التي تقف وراء قمّع التظاهرات، وإصدار الأوامر بإطلاق الرصاص الحي صوب المحتجين.
ووسط تلك الأنباء، ما يزال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في وسط دوامة من الضغوطات، وتلويح بإقالته من قبل كتل سياسية مؤيدة ومعارضة لحكومته، ليكون «كبش الفداء» أمام الشارع العراقي المُحتقن.
رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي، قال لـ«القدس العربي»، إن «الضغط على عبد المهدي موجود. الكتل السياسية التي دعمته وسندته تبحث الآن عن كبش فداء، وربما اختاروا عبد المهدي ليكون هو كبش الفداء»، مبيناً أن «هناك مشكلة كبيرة، تتمثل بأن في حالة استقالة عبد المهدي أو إجباره على الاستقالة، فمن هو البديل».
تشكيك في دستورية الحكومة
وأضاف: «هناك تشكيك في دستورية الحكومة. المادة 76 من الدستور تنصّ على أن يكلّف رئيس الجمهورية الكتلة البرلمانية الأكبر عدد، باختيار رئيس الوزراء، فمن هي الكتلة الأكبر عدداً التي كلّفت عادل عبد المهدي؟ لا توجد. هناك كتلتان اتفقتا عليه (سائرون، والفتح)».
ومضى إلى القول: «في ظل الضغط الموجود بين الكتل السياسية، بالإضافة إلى ضغط التظاهرات، لا تستطيع الكتل السياسية أن تبحث عن بديل لعبد المهدي، ولذلك ستكون هناك فوضى كبيرة»، لافتاً في الوقت عينه إلى معلومة قال بأنها «مؤكدة» تفيد بأن «التظاهرات تم تأجيلها إلى يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر».
وأكمل: «الاتفاق حصل بين أطراف تمثل المتظاهرين، وأطراف أخرى في الحكومة، أفضى إلى تأجيل التظاهرات إلى يوم 22 من الشهر المقبل»، موضحاً أن «في حال لم تخرج اللجنة التحقيقية بنتائج، ورمت الكرة في ملعب ضباط صغار ليكونوا كبش فداء، فإن ذلك الأمر لن يرضي المتظاهرين، وسنشهد خروج تظاهرات أوسع يوم 25 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري».
وبشأن البيان الأخير لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي أعرب فيه عن دعمه للتظاهرات، والتحشيد لها بقوة، أوضح أن «لا يحق لأحد مشترك في الحكومة ركوب موجة التظاهرات»، مبيناً أن «كتلة الصدر هي الأكبر في البرلمان، وهي الكتلة الأكثر التي تمتعا بالمناصب في الدولة العراقية».
وتابع: «تابعت ردود الأفعال والتعليقات على خطاب السيد الصدر. كلها كانت رافضة لركوبه التظاهرات، وتساءلت عن دور الصدر وكتلته الأكبر في البرلمان، ولماذا لا يستقيل وزراؤه ووكلاؤه وسفراؤه، وهم أعداد كبيرة؟»، لافتاً إلى أن «المتظاهرين لن يقبلوا أن يدخل أي خط سياسي على التظاهرات».
الصدر يركب موجة الاحتجاجات: السياسيون يعيشون في حال رعب وهيستيريا من المد الشعبي
وعما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة، رأى أن «في حال لم تلتزم الحكومة والبرلمان بتوقيتات واضحة لتحقيق إصلاحات حقيقية، فإن التظاهرات ستندلع في محافظات جديدة، منها البصرة (أقصى الجنوب) التي لم تشارك في التظاهرات الأخيرة»، مرجّحاً بأن «الوضع يُنذر بتصعيد خطير للغاية، يؤدي إلى الانفلات».
وعن تسريبات تفيد بتعرض اللجنة الحكومية المُكلّفة بالتحقيق في الأحداث التي رافقت التظاهرات، للحيلولة دون كشف أسماء وشخصيات مهمة كان لها دور في قمّع الحراك الاحتجاجي، أشار إلى أن «مطلب المتظاهرين يتمثل بإقالة الرؤوس الكبيرة من وزراء أمنيين وغيرهم. رمي الكرة بملعب ضباط صغار لن يقبل به المتظاهرين»، منوهاً أن «الضغوطات موجودة، تُمارس على هذه اللجنة التي وضعت في موقف لا يحسد عليه».
ومضى إلى القول: «عبد المهدي ذهب إلى هذه اللجنة يوم الخميس الماضي، وطلب منهم إعلان النتائج قبل خطبة الجمعة (الماضية)»، موضّحاً أن «اللجنة أرسلت تقريرها إلى عبد المهدي والكرة الآن في ملعبه».
وأول أمس السبت، أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بياناً بشأن التظاهرات المزمع انطلاقها في الـ 25 من الشهر الجاري، مؤكداً أن كل السياسيين والحكوميين يعيشون في حال رعب وهيستيريا من المد الشعبي».
وقال، في بيانه: «أيها الثائرون. لعلكم عزمتم أمركم على أن تتظاهروا في الخامس والعشرين من الشهر الميلادي، وهذا حق من حقوقكم، لكني أريد أن أطلعكم على ما يجري خلف الستار».
وأضاف أن «كل السياسيين والحكوميين يعيشون في حال رعب وهيستيريا من المد الشعبي»، مشدداً بالقول: «كلهم يحاولون تدارك امرهم. لكن لم ولن يستطيعوا، فقد فات الآوان».
ولفت إلى أن «كلهم يريدون أن يقوموا ببعض المغريات لإسكاتكم، كالتعيينات والرواتب وما شاكل ذلك، وكلهم قد جهزوا انفسهم لأسوأ السيناريوهات، وكلهم اجتمعوا على إيجاد حلول. لكن لن يكون هناك حل»، لافتاً إلى أن «الحكومة عاجزة تماماً عن إصلاح ما فسُد، فما بُني على الخطأ يتهاوى».
وتابع أن «كلهم علموا أنهم سلموا أنفسهم لمن هم خارج الحدود، وأنهم سوف لن يستطيعوا إصدار أي قرار من دون موافقاتهم. كل حسب توجهاته، وكلهم أيقن ان العراق صار ساحة لتصفية الحسابات الداخلية والخارجية، وكلهم أذعنوا أن أغلبية الشعب لا تريدهم خصوصاً بعد أن أضافت ثورة الأكفان رونقا جديدا»ً (في إشارة إلى تظاهرة الصدريين في كربلاء أول أمس)».
وزاد «لذا صاروا يلجأون إلى المكر والدهاء فينعتونكم بالسفهاء، إلا انهم هم السفهاء ولكن لا يشعرون، وينعتونكم بالمندسين والمدعومين من خارج الحدود، وكل ملاذاتهم وملذاتهم من خارج الحدود، وينعتونكم بالبعثية والخيانة مع المحتل، ونحن وإياكم سنصدح كما صدحت حناجرنا بكلا كلا يا بعثي كلا كلا أمريكا، واليوم يشيعون أنكم ستحملون السلاح ولا أظنكم ستفعلون فأنتم غير متعطشين للدماء».
شعب واحد مطلب واحد
وشدد على أن «لا يُصلح العراق من حيث يَفْسُد ولتتحدوا كشعب واحد ولمطلب واحد ولهدف واحد وبشعار واحد»، مشدداً بالقول: «إياكم أن تتفرقوا، فقوتكم بوحدتكم»، موضحاً بالقول: «لتعلموا أنكم أمام أنظار العالم كله، بل البعض تأسى بكم فقد دب الحماس في قلوب الشعوب العربية، وأولها لبنان». واعتبر الصدر إن «أردتم التحرر من الفساد فلتصلحوا انفسكم، ثم لتقولوا قولتكم ولترفع أصواتكم، فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، مؤكداً إن «أردتم أن تكونوا أحرارا في وطنكم فعليكم التخلص من الفساد والمفسدين ولا تأمل من حكومتكم أن تحاكمهم فحاكموهم ليشهد التاريخ لكم «.
وقال إن «العراق أمانة في أعناقكم فلا تضيعوه، وإن شئتم الأحجام عن الثورة، فلكم ثورة أخرى عبر صناديق اقتراع بيد دولية أمينة ومن دون اشتراك من تشاؤون من الساسة الحاليين، فأمنعوهم حتى لا يعودوا عليكم بالفساد والخسران».
وحذر: «يا جيش العراق هذا شعبكم فما هم بدواعش ولا احتلال فإياكم وأن توجهوا سلاحكم ضد أبنائكم وإخوتكم، وإياكم أن تملأوا السجون بهم، بل السجون للفاسد والإرهاب، وإياكم أن تحاكموا الثائر وتتركوا الفاسد والجائر». كما نوه الصدر بالقول: «أيها الجيران، أتركوا الشعب يقرر مصيره، فإذا قرر الشعب فعلى الجميع الإصغاء للصوت الهادر، وإن سكت الشعب فعليكم السكوت».