بغداد ـ «القدس العربي»: من المقرر أن تحسم الهيئة القضائية ملف الطعون المتعلقة بانتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نهاية الأسبوع الجاري، وسط ترقب وحذر من ردة فعل القوى السياسية، المنضوية في «الإطار التنسيقي» الشيعي خصوصا، في حال كانت النتائج النهائية مطابقة لنظيرتها الأولية، الأمر الذي عده قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بأنه «أخطر مرحلة تمر بها البلاد بعد عام 2003 وسقوط نظام صدام حسين» فيما تبنى زعيم تحالف «قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم، مبادرة سياسية لحل الأزمة التي تنذر بتوتر سياسي وأمني.
إطلاق المبادرة، التي قال أنها يجب أن تجمع القوى الفائزة على مستويات «المقاعد أو الأصوات» و«المتقبل للنتائج أو المعترض عليها» و«القوى الكبيرة أو القوى الناشئة الشبابية والمستقلة» جاءت خلال كلمة له في «مؤتمر السلام والأمن للشرق الأوسط» المنعقد أمس، في مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق، برعاية الجامعة الأمريكية.
وضع صيغة تفاهم
وفي إيضاح للمبادرة، أشار الحكيم إلى إنها تأتي «لوضع صيغة تفاهم تفضي الى إعادة التوازن للعملية السياسية من خلال اتفاق وطني جامع، متبنى من قبل الجميع، بآليات ونقاط وتوقيتات واضحة وعملية».
وأضاف: «مثل هذا الاتفاق في حاجة الى وعي وتضحية من جميع الأطراف، دون الإضرار بحقوق الفائزين ولا القفز على مطالب المعترضين، للمضي قدما والخروج من عنق الزجاجة، متجاوزين الشد والتوتر والاختناق السياسي الحاصل».
وتضمنت المبادرة، مكونة من 10 نقاط، «ضرورة التزام كل الأطراف بالآليات القانونية والسلمية في الاعتراض والتفاوض، واعتبار الدم العراقي خطا أحمر، لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع». ودعا إلى «الالتزام بالحوار الوطني المستقل بعيدا عن التدخلات الخارجية بكل أنواعها وأطرافها، وضرورة معالجة جميع المقدمات والمخرجات الانتخابية في أي اتفاق مقبل، ووضع آليات واضحة لحل الخلافات أثناء وبعد تشكيل الحكومة، ورفع الفيتوات المسبقة وعقلنة سقوف التفاوض من قبل جميع الأطراف».
وزاد: «إبداء أعلى درجات المرونة والاحتواء والتطمين لجميع الأطراف المشاركة في التفاوض، واحترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة أو المعارضة أو الممانعة حكوميا أو برلمانيا، وتقسيم الأدوار بين الحكومة والبرلمان المقبل من حيث تمكين الفائزين في الحكومة كما المعارضين والممتنعين في البرلمان لإيجاد حالة من التوازن السياسي». وشدد على أهمية أن «يتم التصويت على ورقة (الاتفاق الوطني) كقرار برلماني في أولى جلساته الرسمية».
ورأى الحكيم إن «المشاركة الانتخابية المتدنية، والشكوك الواضحة بمصداقية العملية الانتخابية، أمور مقلقة وخطيرة في حاجة الى معالجات جذرية» لافتا إلى إنه «لا يمكن أن نتصور سلاما حقيقيا وأمنا مستداما للشرق الأوسط من دون إعادة النظر في العلاقات بين دول المنطقة على أساس الانفتاح والحوار والاحترام المتبادل. الاستقرار في الشرق الأوسط ضرورة أمنية لكل دول العالم».
في الأثناء، حدد المعتصمون ـ جمهور القوى السياسية الشيعية المنضوية في «الإطار التنسيقي» ـ أمام بوابات المنطقة الخضراء، شديدة التحصين، في بغداد، مطالبهم بـ«5» نقاط. ووفقا للافتات رفعها المحتجون دونوا عليها مطالبهم، فقد جاء المطلب الأول بـ«تقديم رئيس وأعضاء مجلس المفوضين إلى القضاء ليحاكموا وينالوا جزاءهم العادل على المخالفات القانونية التي قاموا بها» فيما شمل المطلب الثاني «اختيار رئيس وأعضاء مفوضية مستقلين فعلا وليس شكلا قبل إجراء أي انتخابات مقبلة». وطالب المحتجون ضد نتائج انتخابات أكتوبر/تشرين الأول أيضا بـ«إجراء مراجعة شاملة لكل كوادر مجلس المفوضية للتأكد من استقلالهم بعد ثبوت انتماء العدد الأكبر منهم إلى جهات سياسية متنفذة استفادت منهم في التلاعب بنتائج الانتخابات» داعين إلى «إلغاء العد والفرز الالكتروني واعتماد آلية العد والفرز اليدوي في الانتخابات المقبلة بعد ثبوت إمكانية تزويرها على مستوى دول العالم». وختم المحتجون مطالبهم بالإشارة إلى «إعادة النظر بقانون الانتخابات الحالي الذي أثبت فشله وعدم قدرته على أن يعكس إرادة الجماهير وحجمها الحقيقي في النتائج بل إمكانية استغلاله من قبل الأحزاب ذات الجماهير الخاصة».
ويخشى المراقبون خطورة المرحلة المقبلة، عقب إعلان نتائج الانتخابات النهائية، في حال جاءت النتائج مطابقة لما أعلنته المفوضية من نتائج «أولية» في وقت سابق من الشهر الماضي، وعدم تقبل القوى السياسية الخاسرة للنتائج.
قيادي في حزب بارزاني: مرحلة ما بعد النتائج أخطر من سقوط نظام صدام حسين
ووصف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيم وفد الحزب المفاوض، هوشيار زيباري، أن مرحلة ما بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا بأنها «أخطر أزمة يمر بها العراق» بعد العام 2003 وسقوط نظام صدام حسين، معتبرا الأيام العشرة المقبلة التي ستصادق عليها المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات مفصلية وحاسمة.
وقال في ندوة حوارية على هامش «منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط» إن «الانتخابات جرت بتوافق عراقي، ولا أحد يستطيع أن يقول أنا لم أؤيد الانتخابات، والقيادات العراقية هي التي وضعت القانون الجديد للانتخابات، ونحن كنا من المعارضين (الحزب الديمقراطي) لهذا القانون».
رقابة دولية
وأضاف أن هذه القيادات «طالبوا بمفوضية جديدة للانتخابات، وهم الذين طالبوا بالتصويت والعد الالكتروني، وبرقابة دولية، ومجلس الأمن اتخذ قرارا بذلك، وإرسال بعثة دولية، وأيضا نحن والقيادات العراقية وافقنا على ذلك، وقمنا بالتوقيع على وثيقة الشرف ومدونة السلوك الانتخابي» مؤكدا أن «نتائج الانتخابات قد لا ترضي الكل، وهي في تقديرنا من الانتخابات السليمة التي جرت في العراق».
وأردف زيباري بالقول: «الانتخابات أفرزت هذه القوى ولم تفز أي منها بالأغلبية» مبينا أن «هذا النظام الانتخابي لا يركز على عدد الأصوات ولكن على عدد المقاعد، لذلك يجب أن نكون واقعيين وعمليين في التعامل مع هذه النتائج».
وعن مطالبات المعترضين على الانتخابات ذكر «أن نلغي الانتخابات يعني لن تكون هناك انتخابات أخرى في العراق وتكون هذه الاخيرة، وعدم التمسك بالدستور يعني العودة الى الرجل القوي والديكتاتوري، وإعادة الفرز اليدوي كاملا يخالف القانون، ولكن في بعض المراكز الانتخابية التي فيها طعون يمكن ذلك».
ولفت بالقول: «نحن نمر بأيام صعبة وحساسة، وهذه أخطر أزمة يمر بها العراق، لأن هناك انقساما نصفيا وشديدا، وهناك أطرفا ترفض النتائج ونبحث عن حلول عن كيفية أن تكون الحكومة المقبلة جامعة» مشددا على أن «الخاسرين يجب ألا يبقوا خارج العملية».
وتابع قائلا: «نحن أمام مرحلة حاسمة تتمثل بـ10 أيام تجري فيها عملية المصادقة على نتائج الانتخابات، ونحن نؤيد المصادقة، أما تعطيل العملية ومنع إجراء المصادقة سيخلق فوضى».
في الأثناء، دعا رئيس الجمهورية، برهم صالح، إلى تشكيل حكومة جديدة تلبي حقوق العراقيين في حياة حرة وكريمة، معربا عن أمله في أن تنتهي الانتخابات بنتائج قانونية ودستورية». وأضاف صالح في كلمته في المؤتمر، أن «المرحلة المقبلة، مرحلة استحقاقات كبيرة في العراق، تتطلب الخوض في مشاكلها الحقيقية» وتابع: «لدينا مشكلة في تثبيت دعائم الحكم الرشيد وطريقة أداء الدولة ينبغي العمل عليها».
المخاوف من المرحلة المقبلة لم تكن لدى القادة السياسيين بل تعدت لتشمل الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الذي دعا إلى التعامل مع نتائج الانتخابات بمسؤولية وطنية عالية وأخلاقية سامية، قبل أن تقود البلاد الى الأسوأ، مبينا أن البلاد لا تتحمل المزيد. وقال ساكو، في بيان له، إن «الكنيسة الكلدانية إذ تعبر عن قلقها البالغ وألمها، حيال أزمة نتائج الانتخابات البرلمانية، وبواعز الحس الوطني الذي يسكننا جميعا، تدعو الجميع الى ضرورة التعامل مع هذه النتائج بمسؤولية وطنية عالية وأخلاقية سامية، قبل أن تقود البلاد الى الأسوأ، فالبلاد لا تتحمل المزيد».
وأضاف: «أننا ومن هذا المنطلق الوطني تناشد الكنيسة الكلدانية كل المعنيين بالانتخابات من الأحزاب السياسية والنخب الأكاديمية والمرجعيات الدينية الى بذل الجهود من أجل احتواء هذه الأزمة، والتعامل معها بحكمة، من خلال تنظيم حوار وطني صريح وشجاع بهدف الوصول الى حل مقبول وفق الدستور والقانون للإسراع بتشكيل حكومة وطنية قادرة على تصحيح المسار ومحاربة الفساد وحماية سيادة ووحدة البلاد وتوفير حياة آمنة وكريمة للعراقيين».
إلى ذلك، أصدرت المفوضية العليا للانتخابات، توضيحا حول عمليات العد والفرز اليدوي للمحطات التي ألزمت بها من قبل الهيئة القضائية للانتخابات. وقالت المفوضية في بيان، إنها «أجرت (أول أمس) عمليات عد وفرز يدوي للمحطات التي ألزمت بها من قبل الهيئة القضائية للانتخابات، حيث قررت الهيئة في وقت سابق التحقق من صحة الإجراءات المتخذة ومدى تأثيرها على أحقية الطاعن في الفوز بعضوية مجلس النواب وعدد الأصوات الحقيقية التي حصل عليها نتيجة الاقتراع».
وبينت، أن «هذه المحطات تقع في الدائرة السادسة (مكتب انتخابات بغداد الرصافة) وشملت 108 محطات، جرى عدها وفرزها في قاعة (الشرف) في بغداد، وتبين أنها مطابقة أثناء المشاهدة العيانية، عدا صناديق ثماني محطات وجدت فيها أوراق اقتراع اتضح عدم بطلانها، من خلال تدقيقها من قبل اللجنة المركزية المشكلة لهذا الغرض، ورفعت النتيجة إلى مجلس المفوضين الذي بدوره سيرسلها إلى الهيئة القضائية للانتخابات لتقول قولها فيها». وأشارت إلى أنه «تمت الإجراءات بحضور المراقبين الدوليين وعدد من منظمات المجتمع المدني المتخصصة بمراقبة الانتخابات، إضافة إلى وكلاء الكيانات السياسية، لمتابعة العملية وفق الضوابط المعمول بها».