العراق: تطورات المنطقة وخطر تنظيم «الدولة» يؤجلان انسحاب القوات الأجنبية المُزمع لإشعار آخر

مشرق ريسان
حجم الخط
0

أعلن العراق توقّف مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة مع الدول المنضوية في «التحالف» عازياً السبب في ذلك إلى التطورات الدائرة في المنطقة.

بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي تشهد فيه المفاوضات بين السلطات العراقية الاتحادية والتحالف الدولي، الرامية إلى جدولة انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، يصر المسؤولون الأكراد في إقليم كردستان، على وجوب استمرار التعاون مع التحالف بُغية ضمان الهزيمة النهائية لتنظيم «الدولة الإسلامية» الذي ترى «البنتاغون» بأنه لا يزال يشكّل خطراً وبإمكانه تنفيذ الهجمات.

وأجرى قائد قوات «التحالف الدولي» المناهض لتنظيم «الدولة» في العراق وسوريا، الجنرال كيفن ليهي، سلسلة لقاءات مع المسؤولين الأكراد في إقليم كردستان العراق، ركّزت على التعاون بين القوات الدولية والبيشمركة والقوات الاتحادية.
رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، اتفق مع المسؤول العسكري الأمريكي في الرأي بأن «داعش لا يزال يشكل خطراً جدياً وحقيقياً ومن خلال هجماته التي ينفذها في العراق وسوريا يهدد الأمان والاستقرار في المنطقة بصورة مستمرة».
وحسب بيان لرئاسة الإقليم فإن الجانبين شددا على أهمية وضرورة «استمرار مهام التحالف الدولي والتعاون المشترك بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة وقوات التحالف الدولي من أجل التصدي للإرهاب، والتأكد من القضاء النهائي على داعش».
وفي محور آخر للاجتماع الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي بحضور وزير شؤون البيشمركة ورئيس أركان البيشمركة والقنصل العام الأمريكي في إقليم كردستان، بحثت التطورات الأخيرة واحتمالات وتداعيات الأوضاع المعقدة في الشرق الأوسط، شدد الجانبان على ضرورة حماية الاستقرار والنأي بالمنطقة عن الفوضى والمزيد من التعقيدات.
وعلى المستوى ذاته، يتفق نائب رئيس حكومة الإقليم القيادي في حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، قوباد طالباني، مع رئيس الإقليم بشأن أهمية استمرار التعاون مع التحالف الدولي.
والتقى المسؤول العسكري الأمريكي أيضاً، طالباني وبحثا «سبل مواجهة مخاطر الإرهاب وتعزيز العلاقات بين قوات البيشمركة وقوات التحالف الدولي» حسب بيان صحافي منفصل.
وقدّم قوباد طالباني التهنئة إلى الجنرال كيفن ليهي لمباشرته مهامه الجديدة قائدا لقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا، آملا له النجاح في عمله، مشيدا بجهود الجنرال جوول فاول، القائد السابق لقوات التحالف، الذي كان له دور ملحوظ في تمتين علاقة قوات التحالف مع البيشمركة والقوات الأمنية الأخرى في كردستان.
وشدد الجنرال كيفن ليهي على ضرورة «المزيد من التنسيق والتعاون بين قوات البيشمركة والتحالف الدولي، من أجل حفظ الأمن والاستقرار في كردستان والعراق والمنطقة».
يتزامن ذلك مع إعلان العراق توقّف مفاوضات اللجنة العسكرية المشتركة مع الدول المنضوية في «التحالف» عازياً السبب في ذلك إلى التطورات الدائرة في المنطقة.
وفي بيان صحافي، أفادت وزارة الخارجية العراقية، بأنه «لا توجد قوات أمريكية في العراق باستثناء المستشارين العسكريين الموجودين تحت مظلة التحالف الدولي. هؤلاء المستشارون مشمولون بمخرجات أعمال اللجنة العسكرية العليا، ويلتزم الطرفان بالآليات المتبعة ومخرجاتها».
ووفق البيان العراقي فإن أعمال اللجنة العسكرية العليا ركّزت خلال الأشهر الماضية على «تقييم خطر تنظيم داعش بهدف الوصول إلى موعد نهائي لإنهاء المهمة العسكرية لعملية العزم الصلب، وعلى هذا الأساس، سيتم إنهاء وجود مستشاري التحالف الدولي بكل جنسياتهم على أرض العراق».
وشملت النقاشات أيضاً تفاصيل تضمنت «تراتبية انسحاب المستشارين من المواقع، ولم يبقَ سوى الاتفاق على تفاصيل وموعد الإعلان وبعض الجوانب اللوجستية الأخرى» حسب البيان الذي استذرك: «كنا قريبين جداً من الإعلان عن هذا الاتفاق، ولكن بسبب التطورات الأخيرة تم تأجيل الإعلان عن إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق».
وأشار أيضاً إلى أن «العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة في جميع المجالات، بما في ذلك العلاقة الأمنية، منفصلة تماماً عن مسار العلاقة مع قوات التحالف الدولي. هذه العلاقة قائمة قبل التحالف وستستمر بعده. وقد ناقش الوفد العراقي مستقبل العلاقة الأمنية في مجالات التدريب والتسليح والتجهيز والتعاون الأمني، وذلك في ضوء ما يسمح به الدستور العراقي وإطار الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة».
ويرى عضو ائتلاف «دولة القانون» المنضوي في «الإطار التنسيقي» الشيعي، سعد المطلبي أن بقاء القوات الأمريكية في العراق يُنّذر باندلاع حرب بين الفصائل العراقية وتلك القوات.
وذكر في تصريح لمواقع إخبارية مقربة من «الإطار» والفصائل، أن «الأحداث الأخيرة في المنطقة والرد الإيراني على إسرائيل بعد اغتيال قادة المقاومة دعا أمريكا للتواجد مدة أكثر لحماية أو للحد من الهجمة على ولدها المدلل نتنياهو» مشيراً إلى أن «بقاء الأمريكان ينذر بحرب داخل العراق بين فصائل المقاومة والقواعد الأمريكية».
ودعا الحكومة العراقية إلى «العمل على تسريع عمل اللجان المشتركة من أجل إبعاد الخطر عن الأراضي العراقية وتجنب الدمار للعراقيين» لافتاً إلى أن «التواجد الأمريكي في العراق طالما كان محل خطر سواء بصناعته للخلايا الإرهابية أو مشكلاته مع دول الجوار».
وعلى الصعيد ذاته، حذّرت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» من قدرة تنظيم «الدولة» على تنفيذ عمليات وهجمات منسقة في العراق.
وأكد تقرير لمكتب المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية، نشره في وقت سابق، ملخصًا عن «العمليات العسكرية التي نفذها التحالف الدولي ضد التنظيم في العراق وسوريا، موضحا أنها «تمكنت من تحييد كثير من قيادات التنظيم وعناصره في عام 2023».
وأضاف التقرير، أن «التحالف الدولي رصد نشاطات كثيرة لتنظيم داعش خلال النصف الأول من العام الحالي، وهو فيما يبدو قادر على تنفيذ هجمات منسقة في العراق وسوريا في الوقت ذاته».
وأشار التقرير إلى «تسجيل هجمات كثيرة استخدم فيها التنظيم الأسلحة الرشاشة؛ المتوسطة والعبوات ناسفة، فضلًا عن كمائن استهدف فيها القوات الأمنية والمدنيين على حد سواء».
وسجل، خلال الأشهر القليلة الماضية، حوادث أمنية كثيرة نتيجة هجمات التنظيم، خاصة في مناطق الطارمية شمال العاصمة بغداد ومناطق غرب محافظة ديالى، في وقت تنفذ فيه القوات الأمنية العراقية دائمًا عمليات أمنية لملاحقة عناصر التنظيم في جبال حمرين ومكحول، فضلًا عن صحراء الأنبار، التي تؤكد التقارير وجود العشرات من عناصر التنظيم فيها.
ونهاية الأسبوع الماضي، نفّذت طائرات حربية عراقية ضربة جوية استهدفت تجمّعاً لمسلحي التنظيم في ديالى.
وفي بيان صحافي لمديرية الاستخبارات العسكرية، أشارت إلى أن طائرات الـ F16 نفذت ضربة جوية ناجحة استهدفت خلالها وكرا للإرهابيين في سلسلة جبال حمرين ضمن قاطع عمليات ديالى.
ووفقا للبيان، فإن الضربة أدت إلى «قتل المفرزة الإرهابية وتدمير ما في الوكر ومنها خزان وقود واعتدة ومواد لوجستية».
وتشير المعلومات إلى أن هذه المضافة كانت نقطة تواجد وتحرك تستخدم لـ«تقديم الدعم اللوجستي إلى عناصر تنظيم داعش» وفقا للبيان.
وقبل ذلك، أوردت وكالة «شينخوا» الصينية نبأ يفيد بتعرض مقر لقوات «الحشد العشائري» في صحراء محافظة الأنبار غربي العراق، لهجوم بطائرة مسيرة، وهو تكتيك جديد لهجمات التنظيم.
ونقلت الوكالة عن مصدر أمني قوله إن «طائرة مسيرة تحمل قنابل هاجمت مقر قوة الشيخ مندول السطم التابعة للحشد العشائري (مقاتلون سنة) المنضوي تحت لواء الحشد الشعبي، بمنطقة جباب في صحراء الأنبار».
وأوضح المصدر أن الهجوم لم يسفر عن سقوط إصابات بين أفراد القوة، مشيرا إلى أن هناك خسائر مادية بسيطة نتيجة سقوط القنابل.
وتعليقاً على الحادثة التي جرت مساء الثلاثاء الماضي، حذّر الوزير العراقي السابق، باقر الزبيدي، من خطورة تطوّر أسلحة التنظيم وتدريب مقاتليه على أسلوب قتالي جديد.
بيان للزبيدي الذي يتزعم تحالف «مستقبل العراق» أفاد بأن «تعرض مقر للحشد الشعبي في منطقة جباب في صحراء الأنبار إلى هجوم بطائرة مسيرة تحمل قنابل يدوية هو تحول نوعي في قوة داعش وجرس‏ خطر لابد من الانتباه له».
ورأى أن «التنظيم خلال السنوات الخمس الماضية فقد القدرة على استخدام تكتيكات وتنفيذ عمليات نوعية بسبب قلة الدعم اللوجستي ووصوله إلى مرحلة الحصول على طائرات مسيرة هو انتقال نوعي لعدة أسباب» أولها، حسب الزبيدي «قدرة التنظيم على تطوير أسلحته وثانيا تدريب عناصر على أسلوب قتالي جديد والأهم قدرة التنظيم على إيصال الطائرة إلى هذه النقطة في عمق الداخل العراقي».
وأضاف: «حسب المعلومات التي تصل إلينا؛ استعاد التنظيم عددا من مقاتليه الهاربين من سجون قسد وهم يمتلكون خبرة كبيرة وقادرين على تدريب مجندين جدد، خصوصا وسط البيئة الخصبة في مناطق شرق الفرات والتي ما زالت أفكار التكفير موجودة هناك».
وأوضح أن «الأموال التي هربها التنظيم طوال سنوات أصبح لها رافد آخر وهو أموال تهريب النفط والمخدرات والتي أصبحت من أكبر النشاطات في المدة الحالية سواء في العراق أو سوريا» معتبراً أن «معادلة الإرهاب المال والمتدربين والسلاح اكتملت والضلع المتبقي هو الرعاية التي توفرها بعض الأنظمة لهذه الجماعات، وهو أمر ممكن أن يتحقق في المدة المقبلة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية