بغداد ـ «القدس العربي»: يلاقي مشروع قانون الموازنة المالية الاتحادية في العراق، لثلاث سنوات مقبلة (2023 ـ 2024 ـ 2025) ترحيباً سياسياً، يُنّذر بسهولة تمريره تحت قبّة مجلس النواب، ففيما كشف ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، عن آلية توزيع مبالغ الموازنة، وفقاً للتعداد السكاني للمحافظات العراقية ودرجة «محروميتها» يعوّل تحالف «العزّم» السنّي، على جانب «الإعمار» كونه أساس «الأمن الاستقرار» في البلاد.
النائب عن ائتلاف «دولة القانون» المنضوي في «الإطار التنسيقي» الشيعي، محمد الصيهود، قال في بيان صحافي إن «حكومة محمد شياع السوداني قد أنجزت، ولأول، مرة موازنة اتحادية موزعة بشكل عادل وتتناسب والوضع الاقتصادي الذي يمر به العراق».
وأوضح أن «حكومة السوداني شهدت تخصيص أكثر من 750 ألف درجة وظيفية بعد توقف منذ موازنة 2014، وهو إنجاز كبير ومتميز يضاف إلى انجازات الحكومة الحالية المتضمنة تحسين الأراضي الزراعية وانطلاق الجهد الخدمي في المحافظات المحرومة وتأهيل وصيانة المستشفيات واسترداد الأموال المنهوبة والمسروقة من قبل مافيات الفساد، فضلا عن الانفتاح مع المحيط العربي والإقليمي والدولي».
واضاف أن «الحكومة الحالية أنجزت مشروع الموازنة حسب برنامجها الحكومي والإصلاحي ليشمل جميع مفاصل الحياة وفق مبدأ العدالة في تنفيذ مفرداتها، ولم تشهد أي تهميش لمكون معين أو محافظة معينة بل اعتمدت على النسب السكانية ودرجة المحرومية».
تحديات خطيرة
ووفقاً له «العراق مر بظروف وتحديات داخلية وخارجية خطيرة وصعبة جدا ولم نشهد أي توظيف حقيقي وصحيح للموازنة في السنوات الثمان الأخيرة، حيث هناك تدن في دخل الفرد العراقي، وترهل في مستوى الخدمات، وتوقف في عملية البناء والإعمار. وبالتالي فإن الحكومة الحالية ماضية في تنفيذ برا
مجها الخدمية، رغم محاولات البعض وضع العصا في دواليبها».
سنّياً، أكد رئيس الهيئة السياسية لتحالف «العزم» خالد العبيدي، أن تحالفه يدعم إقرار قانون الموازنة على أن تكون «منصفة للشعب».
وقال في «تغريدة» له عبر «تويتر»: «ندعم إقرار الموازنة وحسب رؤية الحكومة، على أن تكون منصفة للشعب وداعمة لتحقيق ما يطمح له العراقيون».
ائتلاف المالكي أكد أن توزيع الأموال يعتمد على النسب السكانية ودرجة المحرومية
وأضاف: «نأمل أن يعم الإعمار الذي هو أساس الأمن والاستقرار في بلدنا الذي عانى شعبه طويلا وحان وقت إنهاء معاناته».
وإضافة إلى الموقفين الشيعي والسنّي، توصّلت حكومة السوداني إلى اتفاق مع إقليم كردستان العراق، بشكل يضمن تصدير النفط الكردي تحت مظلّة الحكومة الاتحادية، وإيداع أمواله في حساب بنّكي «مركزي» مقابل تخصيص نحو 12.6٪ من الموازنة للإقليم.
وسبق أن صرّح فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء الجمعة، أن الاتفاق الذي توصلت إليه أربيل وبغداد ضمن مشروع قانون الموازنة للعام 2023 يفضي إلى إيداع حكومة إقليم كردستان الإيرادات المالية كافة في حساب مصرفي مركزي واحد، واصفا هذا الاتفاق بـ«المنصف».
في المقابل، أصيب الموظفون الحكوميون بخيبة أمل، عقب ورود تأكيدات بعدم إجراء أيّ تعديل على سلّم المرتبات في موازنة 2023.
مدير المركز العراقي الاقتصادي، وسام حدمل الحلو، عدّ ما يشاع عبر المواقع الإخبارية ومواقع التواصل، بأن موازنة العام الحالي، ستشهد تعديلاً عن سلّم المرتبات الذي لم يشهد أي تعديل منذ عام 2008، لا يعدو كونه «تصريحات إعلامية فقط».
وذكر في بيان صحافي: «تابعنا التصريحات الإعلامية في الأيام القليلة الماضية وما خرج من تصريحات نيابية بشأن موضوع سلم الرواتب ومن خلال تواصلنا مع الجهات المعنية بالملف حكوميا، نفت أن تكون هنالك بنود أو مقترحات حكومية في موازنة 2023 لتضمينها سلما جديدا للرواتب».
وأشار إلى، أن «مجلس الوزراء يمكنه فقط اقتراح صيغة قانونية لسلم جديد للرواتب، ولا بد من تصويت نيابي عليها لتكون قانونا ملزما، وهكذا توجه في موازنة العام الحالي لا وجود له على الإطلاق، وحقيقة الأمر، أنه يدرس في الأمانة العامة لمجلس الوزراء كجهة حكومية واللجنة المالية النيابية ولا يوجد أي صيغة متوافق عليها، والموضوع لا يعدو سوى كونه في إطار الدراسة حسب ما أكدته مصادر حكومية ونيابية مطلعة للمركز».
وأوضح أن «آخر سلم رواتب أقره مجلس النواب العراقي صدر في عام 2008 قبل 15 عاما، وأي سلم رواتب جديد لن يصدر بمفرده ما لم يكن جدولا ملحقا بقانون الخدمة المدنية الذي لم يشرع حتى الآن، وما زال حبيس أدراج مجلس النواب منذ العام 2015» لافتا إلى أن «الحكومات الثلاث الأخيرة كررت إرسال مقترح القانون منذ العام 2015 وفي أكثر من مرة سحبته الحكومة لوجود خلافات بشأنه أو رفض شعبي وخاصة مقترح الحكومة السابقة أيام الأزمة المالية».
تباين حقيقي
واشار إلى أن «هنالك تباينا حقيقيا في الرواتب يبين مدى الحيف والظلم الذي يقع على عدة شرائح من الموظفين، إذ أن هنالك فوارق تصل للأضعاف لصالح رواتب ومخصصات الرئاسات وبعض الوزارات والمؤسسات الحكومية قياسا مع رواتب غالبية مؤسسات الدولة ولا بد من تعديلات منصفة يقدرها خبراء لتحقيق العدالة بعيدا عن المجاملات والمحسوبيات».
وأكد أن «القرارات الأخيرة التي سمحت بتحويل الأجور إلى عقود وتثبيت العقود وتعيين الطلبة الأوائل وحملة الشهادات سمحت بإضافة اكثر من 750 ألف شخص لكيان الدولة الوظيفي، وزادت إنفاقها بحدود 20 تريليون دينار، وفقا لما أكده رئيس مجلس الوزراء، بتأكيده أن فقرة الرواتب في الموازنة ارتفعت من 42 تريليونا إلى 61 تريليونا».
وأفاد أن «النسخ التي سربت لمواقع التواصل ما هي إلا مقترح قانون ولم يكتب من الحكومة ولم تصدر قرارا بشأنه مطلقا، وما احتواه من مقترح برفع رواتب الدرجات الدنيا يحتاج الى مبالغ إضافية كبيرة قد تسهم في زيادة نسبة العجز في الموازنة والمقدرة بأكثر من 63 تريليون دينار وفقا للحكومة، وهو ما يعني استحالة تطبيقه هذا العام».
ورأى أن «أي سلم جديد للرواتب يحتاج إلى تخطيط ودراسة حقيقية وإشراك عدد من اللجان المختصة وبعض المختصين في الجانب الاقتصادي للخوض في أدق التفاصيل وبطريقة تجنب الدولة المزيد من الإنفاق الهائل على الرواتب وتحقق العدالة بين جميع الموظفين وتضمن كرامتهم».
وتأكيداً لتصريحات الحلو، كشفت اللجنة المالية النيابية، آخر مستجدات العمل على تعديل سلم الرواتب، مبينة أن المخصصات الممنوحة للموظفين ستبقى خارج التعديلات.
وقال رئيس اللجنة المالية النيابية، عطوان العطواني، للصحيفة الرسمية، إن «اللجنة المختصة بتعديل سلم الرواتب تعكف على دراسته وإنضاجه، وهو الآن في عهدة لجنة الدراسة الاقتصادية التي تدرس الجوانب السلبية وانعكاسه على السوق، وبعد أن يمضي سيمكن لمجلس الوزراء التصويت عليه» مضيفاً أنه «إذا كان السلم في حاجة إلى تشريع سيرفع مجلس الوزراء مسودة القانون المقترح إلى البرلمان». ونفى رئيس اللجنة المالية «تقاطع السلم مع قوانين سابقة شرعها البرلمان، لذلك سيكون ممكناً أن يرفع لأخذ الموافقة بالتعديل» مبينا أن «القانون قد يمكن له المضي بسلاسة من مجلس الوزراء لكونه من صلاحيات السلطة التنفيذية من دون الحاجة إلى البرلمان».
وأضاف أن «مقترح القانون يهدف إلى إنصاف الدرجات الدنيا من الموظفين من ذوي المرتبات الضئيلة جداً التي لا تغطي حاجتهم اليومية» مشيراً إلى أن «مسودة المقترح بلا استثناءات لكونه سلماً لجميع موظفي الدولة من الدرجة العاشرة فما فوق». ونوه أن «موضوع المخصصات، يعود إلى تقديرات الوزارة المعنية، لأن السلم معني بالراتب الإسمي، ولكن المخصصات من صلاحية مجلس الوزراء، وهو من يقدر الإبقاء عليها أو رفعها».
وبشأن الموازنة وسلم الرواتب، بين أن «السلم الموضوع يختلف عن الموازنة وقانونه منفصل، فالبرلمان ماضٍ في تشريع قانون الموازنة الاتحادية، وفي حال إقرار سلم الرواتب فإن الحكومة هي المعنية بتكييف الموضوع وتحقيق التوازن بين القانونين».