العراق: ذكرى اغتيال سليماني والمهندس تجدد مطالبات إخراج القوات الأمريكية

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: جددت، الذكرى السنوية الأولى، لاغتيال قائد فيلق «القدس» في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، المطالبات بتنفيذ قرار البرلمان العراقي، القاضي بإلزام الحكومة إخراج القوات الأجنبية، الأمريكية خصوصاً، من الأراضي العراقية، فضلاً عن الدعوة لـ«محاكمة دولية» للمتورطين بحادثة الاغتيال التي جرت قبل عامٍ بضربة جوية أمريكية في محيط مطار العاصمة العراقية بغداد.
استعدادات إحياء «ذكرى الاغتيال» بدأت منذ ساعات الصباح الأولى، فجر السبت/الأحد، بعد تجمّع العشرات من أنصار «الحشد» عند موقع الحادث ضمن حدود المطار الدولي، إذ جرى افتتاح نصب تذكاري، توسطته بقايا العجلات التي كان يستقلها المهندس وسليماني ورفاقهم، فيما نُصبت سرادق الطعام والشراب على الجانب الآخر من الطريق.
أما في ساحة التحرير، مركز الحراك الاحتجاجي في العراق، وضع أنصار «الحشد» صور سليماني والمهندس ورفاقهم الذين سقطوا في الغارة الأمريكية، بالإضافة إلى العلم العراقي، على مبنى المطعم التركي المطلّ على المنطقة الخضراء شديدة التحصين، فيما تقدّمت «المنصة» مبنى المطعم من الجهة المطلة على الساحة.

«لسنا دعاة عنف»

ومنذ ساعات الصباح الأولى، توافد الآلاف إلى الساحة حاملين صور المهندس وسليماني، بالإضافة إلى أعلام العراق و«الحشد» مرددين هتافات تطالب بإخراج القوات الأمريكية، والثأر من القتلة.
رئيس هيئة «الحشد» القيادي في تحالف «البناء» فالح الفياض، أكد في كلمته بالذكرى، «نحن لسنا دعاة عنف» معتبراً أن القصاص من القتلة يكون بإخراج القوات الأمريكية من العراق.
وأضاف: «إثارة الفتن والنعرات الطائفية والقومية أسهمت في تأخير مسيرة العراق طوال العقود الماضية».
ورأى أن «العراق يُغتال باغتيال قادته ورجاله الذين يصنعون المواقف» مشيرا إلى أن «بالعزّة وبالسيادة نحفظ كل الحقوق ونصون كل المصالح».
ولفت إلى أن «نحن أوفياء للشهداء ونحرص على أن يطال القصاص كل من ارتكب الجريمة» مضيفا أن «هذا الالتفاف على الحق هو الرد على الجريمة وخروج المواطنين بهذه الأعداد الهائلة يعتبر رداً حقيقياً».
وزاد أن «أمّة الحشد أوسع من مؤسسة الحشد الشعبي، ومن خلالها سنصون الأمانة ونحاسب كل من يتطاول على أبناء الشعب».
واعتبر أن «وحدة العراق هي سر قوته، وندعو إلى الوحدة والتماسك تحت راية الوطن والمرجعية».
واستدرك: «نحن لنا رسل حرب ودعاة عنف» ولفت رئيس هيئة «الحشد الشعبي» إلى أن «ما يقوم بعض المهرولين للتطبيع هو ضعف وخواء وانعزال عن الشعوب».
ومضى إلى القول: «الجموع المليونية في ساحة التحرير اليوم تعبر عن الإرادة الوطنية» مؤكدا «أننا متوحدون تحت راية العراق والمرجعية الدينية الحكيمة التي تحضر في الملمات التي توجه وتسدد».
وختم قائلاً: «القصاص من القتلة يكون بتنفيذ قرار مجلس النواب العراقي بإخراج القوات الأمريكية».
أما زعيم تحالف «الفتح» الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، فاعتبر أن «لا مساومة» على قرار إخراج القوات الأمريكية من العراق، فيما استغل الذكرى للتأكيد على وقوفه بـ«الضد» من مشاريع التطبيع مع إسرائيل، وإن «فلسطين ستبقى عربية وعاصمتها القدس الشريف».
العامري، قال في كلمته في الذكرى، إن «استقرار المنطقة مرهون باستقرار العراق، والأخير لا يستقر إلا بخروج كافة القوات الأجنبية من أرضه» مؤكدا بالقول: «سنكمل مسيرة الجهاد وعلى الجميع الاستعداد للمقاومة».
وزاد: «عهدا منا لقادة النصر أننا سنمضي على طريقهم» مشيرا إلى أن «الشهيدين مدارس جهادية ستنجب آلاف الشباب الرسالي المضحي ليس في العراق فقط بل في كل العالم».
وتابع: «لقد تجاوز الشهيد سليماني كل مفاهيم العرقية والطائفية والقومية لمصلحة الدفاع عن الإنسانية والمقدسات. قادة النصر (اصطلاح أُطلق على المهندس وسليماني) كان لهم الدور الكبير في تجاوز الأزمات التي عصفت في العراق».
ومضى يقول: «يجب تحقيق السيادة الوطنية الكاملة وإخراج القوات الأمريكية، وهذا الأمر، لا يمكن المساومة عليه مهما كانت التضحيات» مشدداً على ضرورة «العمل على استعادة هيبة الدولة».

«دفع المؤامرات»

وأكد العامري أهمية «إعادة دور العراق التاريخي في المنطقة، وأن استقرار العراق يعني استقرار المنطقة، وهذا لا يمكن أن يكون من دون إخراج جميع القوات الأجنبية من العراق» وحثّ على «الاستمرار بدعم المقاومة والتصدي لكل مشاريع الهيمنة والاستكبار».
وأشار إلى أن «الشهيد أبو مهدي المهندس استشهد لتحقيق هذا الهدف وهو استعادة هيبة الدولة» مبينا أن «سيبقى الحشد الشعبي جنبا الى جنب مع القوات الأمنية لتحقق السيادة الكاملة للعراق ودفع الشبهات والمؤامرات».

العامري يحثّ على «المقاومة»… الخزعلي يتعهدّ بالثأر… «حزب الله» يتوعد العابثين بسلاحه

أما مستشار الأمن القومي، القيادي في منظمة «بدر» قاسم الأعرجي، فوصف حادثة اغتيال المهندس وسليماني، بـ«الاعتداء الآثم والانتهاك للسيادة الوطنية».
وأضاف في «تغريدة» له، «إنَّ الرّاحلَ إليكَ قريبُ المسافة.شهداءنا. هنيئاً وطوبى لكم الشهادة التي توّجتْ التضحيات. نجدد القول إن ما حصل هو اعتداء آثم وانتهاك للسيادة الوطنية».

أخذّ الثأر

في حين تعهد الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، بأخذ «ثأر» المهندس وسليماني.
وزار الخزعلي والعامري ومجموعة من قادة كتلة الفتح، قبر المهندس في مدينة النجف، في ساعة متأخرة من ليلة السبت/ الأحد.
وكتب الخزعلي رسالة قال فيها: «باسم الله قاصم الجبارين، وقسماً بإسم رب الشهداء أن نسير على طريقهم وأن نأخذ بثأرهم ونكمل طريقهم».
وأضاف: «إلى الأب الغالي أبو مهدي أب كُل المجاهدين والمقاومين. أبنك قيس الخزعلي يعدك بأخذ ثأرك وثأر الحاج قاسم سُليماني وثأر كُل الشُهداء. قسماً بدمائكُم الطاهرة. قسماً. قسماً».
وانضمّ ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، إلى المطالبات بإخراج القوات الأمريكية من العراق، و«عدم مجاملة» أي طرف.
النائب عن الائتلاف، منصور البعيجي، قال في بيان صحافي أمس، إن «استهداف قادة النصر هي خسارة كبيرة لا يمكن أن تعوض، ولا يمكن نكران الدور الكبير الذي قام به الشهداء أثناء معارك عصابات داعش الأمريكية التي لولا هؤلاء القادة وأبناء المقاومة من الحشد الشعبي والقوات الأمنية الأخرى لاجتاحت عصابات داعش المنطقة بأكملها».
وأشار إلى أن «الذكرى الأولى لاستهداف قادة النصر يجب أن يتم خلالها كشف كل من تورط بهذه الجريمة وعدم الرضوخ إلى أي ضغوط أمريكية أو غيرها لتسويف هذه نتائج التحقيق أو تأخير إعلانها إكراماً للدماء الزكية التي استهدفتها قوى الشر داخل أراضينا».
وأضاف أن «على الحكومة العراقية أن تطبق ما صوت عليه البرلمان بإخراج القوات الأجنبية وعدم المجاملة لأي طرف كان، لأننا صوتنا بإخراج هذه القوات على اعتبار أن إخراجها أقل رد على جريمة الاستهداف، ولا مكان لبقائهم على أراضينا مهما كان السبب».
وجرت مراسم استذكار اغتيال المهندس وسليماني، وسط ترقب وحذر شديد من احتمالية قيام الفصائل المسلحة باستهداف السفارة أو المصالح الأمريكية في العراق، خصوصاً في المنطقة الخضراء، الأمر الذي من شأنه أن يكون شرارة تشعل فتيل أزمة جديدة في هذا البلد المُثقل بالأزمات.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، مقطعا مصورا يظهر فيه النائبان في البرلمان العراقي، حسن فدعم ويوسف الكلابي، وهما يتظاهران أمام السفارة الأمريكية في بغداد.
وحسب الفيديو المتداول، فقد علق النائب حسن فدعم، على اعتصامه مع النائب يوسف الكلابي، واصفا السفارة الأمريكية بـ«سفارة الشر» واعتبرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «إرهابياً» وهدد بأخذ «الثأر» منها.
في الأثناء، حذر رئيس ائتلاف «النصر» رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، أمس، من مغبة التصعيد، قائلاً إنه كاد ولا زال أن يدخل العراق والمنطقة في «صراع مدمر».
وقال العبادي في «تدوينة» على صفحته الرسمية في موقع «فيس بوك» «تمر اليوم الذكرى الأولى لحادثة المطار الدامية التي استشهد جرائها قادة قاتلوا معنا لهزيمة داعش، وتم التجاوز على سيادة العراق وخرق أمنه».
وأضاف، أن «التصعيد الذي حذرنا منه كاد ولازال ان يدخل العراق والمنطقة في صراع مدمر، يمكن تجاوزه بالتزام الحكمة وحماية سيادة البلد ومصالحه والتزام أطر الدولة».
لكن كتائب «حزب الله» في العراق، أشارت إلى أن «ما زال في الوقت متسع» وإنه لن يتم اليوم (أمس) الدخول إلى السفارة الأمريكية في بغداد، في حين شددت على عدم السماح بـ«العبث» بسلاحها.

«سفارة الشر»

وذكر الأمين العام للكتائب، أبو حسين الحميداوي، أحمد محسن فرج، في بيان صحافي، أن «حضورنا اليوم في الميدان هو بيعة لله ورسوله والمؤمنين المقاومين، كما أنه رسالة تفويض أن عجلوا بالثأر فدمنا ما زال يغلي».
وأضاف قائلاً: «لن ندخل اليوم إلى سفارة الشر، ولن نطيح بهذه الحكومة، فما زال في الوقت متسع».
وتابع أن «سلاحنا أكثر ضبطاً وتنظيماً من أرقى الجيوش والمؤسسات العسكرية على مر التاريخ، وهو أكثرها شرعية وعقلانية، وسيبقى بأيدينا إلى أن يشاء الله، ولن نسمح لأحد- كائنا من كان- أن يعبث بهذا السلاح المقدس الذي حفظ الأرض والعرض وصان الدماء».
واختتم بيانه بالقول: «سنحفظ عهدنا مع قادة النصر بالثبات على طريق العزة والإباء، وسنكون بعونه تعالى ألف سليماني وألف أبو مهدي، والعاقبة للمتقين».
وسبق لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أن شدد مساء أول أمس، على منع استعمال السلاح خارج نطاق الدولة واستهداف أي من البعثات الدبلوماسية. وقال الصدر في «تغريدة» له، «تريد بعض الجهات وبعض الدول ادخالنا في بوتقة التصعيد العسكري والأمني في العراق» مشددا: «يمنع منعا باتا استعمال السلاح خارج نطاق الدولة ويمنع استهداف أي من البعثات الدبلوماسية أيا كانت بل مطلقا».

عنّف

وأضاف: «كل من يفعل ذلك فهو عاصٍ لأوامرنا وقراراتنا بل هو يضر بأمن العراق أرضا وشعبا وينفع قوى الشر والظلام لجر العراق للعنف وجعله ساحة للصراعات الاقليمية والدولية» لافتا إلى أن «العراق وشعبه بحاجة للسلام والسيادة ولن نركع إلا لله تعالى».
وأعلنت قيادة شرطة بغداد، أمس، المباشرة بتأمين الحماية للوقفات الاستذكارية في العاصمة.
وقالت القيادة في بيان، إنه «باشراف قائد شرطة بغداد اللواء ركن ماجد الموسوي باشرت جميع قطعات قيادة العمليات بتأمين الحماية للوقفات الاستذكارية والتأبينية للشهداء وكذلك المسيرات».
وأعلن مدير المرور العامة، اللواء طارق اسماعيل، أن عددا من الطرق ستقطع في جانبي الكرخ والرصافة في بغداد لتأمين خطة ذكرى اغتيال المهندس وسليماني.
كما أعلنت المرور العامة قطع بعض الطرق في جانبي الكرخ والرصافة وتشمل، الطريق من الخط السريع اعلى النهضة الطريق من الخط السريع باتجاه ملعب الشعب، من ساحة الخلاني باتجاه ساحة التحرير، ومن ساحة الخلاني باتجاه ساحة الطيران، ومن تقاطع الاتصالات باتجاه اسفل جسر الجمهورية، وتقاطع الفنادق باتجاه جسر الجمهورية، ومن ساحة كهرمانة باتجاه ساحة الفردوس، باتجاه ساحة النصر وصولاً لساحة التحرير، وتقاطع التربية باتجاه ساحة الطيران، وقرطبة باتجاه الطيران، ومن مول النخيل باتجاه قرطبة، إلى جانب قطع شارع المطار ذهاباً وإياباً في جانب الكرخ.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية