بغداد ـ «القدس العربي»: جددت رئاسة إقليم كردستان العراق، الثلاثاء، مطالبتها بتحويل قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى الشمالية، إلى محافظة، تزامناً مع الذكرى السنوية السابعة على حادثة «إبادة الإيزيديين» على يد تنظيم «الدولة الإسلامية» عام 2014، وفيما لا يزال القضاء مدمّراً بشكلٍ شبه كامل، مع وجود آلاف المفقودين حتى الآن، طالب مسؤول محلي في القضاء، بإخراج مسلحي حزب «العمال الكردستاني» من المدينة، عادّاً إياهم السبب الرئيسي في منع عودة المهجّرين، إلى مناطقهم. وقال قائممقام قضاء سنجار، محما خليل علي آغا، في بيان صحافي، بمناسبة الذكرى السابعة «للإبادة الجماعية» للإيزيديين في سنجار : «رغم تحرير هذه المدينة العظيمة في تشرين الثاني /أكتوبر من عام 2015 إلا أن نسبة الدمار في مركز القضاء وأطرافه يصل إلى الـ 85 في المائة، بواقع 8150 منزلا مهدما وتدمير 525 بئرا، ولم يسلم الحيوان والشجر من التدمير، حيث قطعوا 240 ألف شجرة مثمرة ونهبوا وسرقوا 418 ألف رأس غنم وأبقار».
وبين، أن «نسبة الضرر في ناحية الشمال يفوق الـ 65 في المائة وناحية القيروان 60 في المائة، وناحية القحطانية 70 في المائة، لتترك سنجار 450 ألف نازح نتيجة هذا الدمار».
وأشار إلى أن «الديانة الإيزيدية فقدت 1293 شهيدا في الأيام الأولى للغزو، ليخلفوا 1759 يتيما من الأب، و407 أيتام من الأم، فضلا عن 220 طفلا أسروا آبائهم، ما عدا المختطفين الذي وصل عددهم إلى 6417 مختطفا» لافتا إلى أن «الغزو الداعشي خلف 3530 ناجياً وناجية تخلصوا من قبضة العصابات الإجرامية، بواقع 1199 من الإناث، و338 من الذكور، و1041 طفلة، و951 طفل إيزيدي».
تفجير مزارات
وأوضح أن «المزارات الإيزيدية التي فجرها التنظيم تبلغ 68 مزارا، و3 كنائس للمسيحيين، و3 مزارات للمسلمين الشيعة، فيما كانت عدد المقابر الجماعية 81 مقبرة جماعية للمكون الديني الإيزيدي، فضلا عن الأرقام الأخرى من الدمار في هذه المدينة، والتي لا يسعها هذا المقام» مذكرا بـ«حادثة قرية كوجو المنكوبة، التي أباد تنظيم داعش الإرهابي كل أهلها وعلى بكرة أبيهم، ليس لشيء، إنما فقط لأنهم إيزيديون».
وعبر عن أسفه قائلاً: «رغم اعتراف برلمانات كردستان، أمريكا، بريطانيا، البرلمان الاوروبي، الأمم المتحدة، أرمينيا، كندا، اسكتلندا، استراليا، البرتغال، بلجيكا، هولندا، فرنسا، بإبادة الإيزيديين، إلا أن البرلمان العراقي لحد هذه اللحظة لم يعترف بهذه الإبادة، فضلا عن الموقف الذي نعتبره غير المسؤول من قبل الحكومة العراقية التي لم تصنع شيء لهذه المدينة وأهلها رغم إبادة أهلها ومنكوبيتها».
بيئة ملائمة لعودة النازحين
وطالب، الحكومة العراقية، بـ«خلق وتهيئة بيئة ملائمة لعودة النازحين وإعمار المدينة والنهوض بالخدمات وتوفير بيئة أخرى لتشجيع الاستثمار وإعمارها وخلق فرص العمل لأهلها، والعمل بجدية بالبحث عن مصير المختطفات والمختطفين الذين ما زال مصيرهم مجهولا، ومنح الحقوق القانونية والمادية والمعنوية لعوائل الضحايا».
كما طالب بـ«القضاء على خلايا داعش وملاحقة عناصره المشبوهة المتواجدة في محيط سنجار، فضلا عن المجاميع الخارجة عن القانون وانهاء تواجد حزب العمال الكردستاني وفرض القانون في سنجار، لأن تواجد هذا الحزب يمثل عدم استقرار للمدينة، وعائقا ومانعا لعودة النازحين لديارهم، إذ أن قيام الحكومة بهذه المهام الأمنية، سيصنع أجواء للتعايش والاستقرار المستدام».
رئيس الجمهورية، برهم صالح، أكد أن الاقتصاص من مرتكبي الإبادة الجماعية للإيزيديين «حق لن يسقط».
وأضاف، في «تدوينة» له أمس، أن «الإبادة الجماعية للإيزيديين جرح كل الوطن وجريمة نكراء لا تُغتفر» لافتا إلى أن «الاقتصاص من مرتكبيها حق لن يسقط، واجبنا إنصاف الضحايا وتعويضهم».
وتابع: «أمامنا استحقاقات ملحّة في إعادة النازحين وإعمار سنجار وإبعادها عن التجاذبات، والكشف عن مصير نحو 2700 إيزيدي مختطف حتى الآن مهمةٌ لا تقبل التهاون».
إلى ذلك، تعهد رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، ببذل الجهود لإعادة النازحين من الإيزيديين إلى مناطقهم بـ«كرامة».
بارزاني، قال في بيان صحافي : «تمر علينا اليوم (أمس) الذكرى السابعة على الهجوم الوحشي الذي اقترفه إرهابيو داعش بحق الإخوة والأخوات الإيزيديين في سنجار ومحيطها، مستذكرين بألم بالغ ما تعرض له آلاف الإيزيديين من إبادة جماعية وخطف وتشريد وتدمير».
وأضاف: «لقد كانت الإبادة الجماعية بحق الإيزيديين جريمة وحشية نكراء ستظل عالقة في وجدان شعب كردستان وأذهانه وضمير الإنسانية بأسرها، وهو ما يتطلب منّا تخليداً دائماً لذكرى ضحايا هذه الإبادة بإجلال وإكرام. ولا يسعنا إلا أن ننحني، تعظيماً واحتراماً، أمام تضحيات أبطال بيشمركه كردستان الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحرير سنجار بقيادة الرئيس مسعود بارزاني».
إعادة إعمار سنجار
وتابع: «في هذه الذكرى الموجعة، نجدد التأكيد أن حكومة إقليم كردستان ستواصل بذل جهودها لإعادة النازحين من الإخوة والأخوات الإيزيديين إلى مناطقهم بكرامة، كذلك نعمل مع الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي على إعادة إعمار سنجار وباقي مناطق الإخوة والأخوات الإيزيديين».
وشدد على ضرورة «تنفيذ اتفاق سنجار وتطبيع الوضع فيها وتأمين الأرضية المناسبة أمام النازحين للعودة إلى ديارهم برأس مرفوعة وإعادة بناء المنطقة، فإننا نبذل كل ما في وسعنا لمحاكمة مجرمي داعش ومن ساندهم، والكشف عن مصير المفقودين».
مسؤول يتهم «الكردستاني» بإعاقة عودة المهجّرين… ومطالبات كردية بتحويل القضاء لمحافظة
كذلك، أكد رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، الدعم الكامل لمطلب تحويل قضاء سنجار في محافظة نينوى إلى محافظة.
وقال في بيان صحافي :»في الذكرى الأليمة السابعة للإبادة الجماعية لسنجار وأطرافها، نستذكر بإجلال الضحايا من أخواتنا وإخواننا الإيزيديين وننحني إكباراً لهم. فهؤلاء یبقون دوما في ذاكرتنا وذاكرة شعب كردستان والإنسانية. نجدد التعبير عن التعاطف ومشاركة الأحزان مع عوائلهم وذويهم ونؤكد مساندتنا لهم».
وأضاف: «رغم مرور سبع سنوات لم نتعاف نحن وكل الإنسانية من الصدمة التي سببتها وحشية وإجرام إرهابيي داعش، لكن عند أخواتنا وإخواننا الإيزيديين في إقليم كردستان والعراق توقعاتهم، وعلينا في كل الأطراف أن نكثف جهودنا لحل مشاكلهم وتأمين احتياجاتهم، ليتمكنوا بمساندة من الجميع وبمساعدة كل الأطراف، من اتخاذ خطوات عملية في اتجاه معالجة جراحهم وباتجاه المصالحة ومستقبل أفضل وحياة آمنة».
وبين أن «يجب رفع مستوى المشاركة والشراكة الحقيقيين للإيزيديين وكل المكونات وتوسيعها وزيادة فاعليتها من النواحي السياسية والسلطوية والحكومية والإدارية والقانونية والاجتماعية في العراق وفي إقليم كردستان. يجب إنجاز المزيد من العمل المشترك لإنقاذ المختطفين الإيزيديين والكشف عن مصائر المغيبين منهم وحسمها. وأن يتم استتباب الأمن والأمان والاستقرار وأن تتم حماية مناطقهم وإعادة إعمارها ليتمكنوا من العودة إليها أعزة، والأهم من كل هذا هو أن نتعاون جميعاً لتعود إليهم الثقة والطمأنينة».
ولفت إلى، أن «المكون الإيزيدي الذي يمثل منذ آلاف السنين واحداً من الأسس الراسخة للتعايش والتسامح وقبول الآخر، رغم كل الكوارث التي ألمت بهم عبر التاريخ، وخسائرهم بالأرواح والأموال، لم يتزعزع إيمانهم بدينهم وظلوا متمسكين به، ونحن واثقون أنهم بإيمانهم وإرادتهم القوية سيضمدون جرحهم هذا أيضاً، لكن علينا وعلى كل الإنسانية أن نمنحهم الثقة والطمأنينة ونعمل على المستوى الدولي للاعتراف بفاجعة سنجار والإيزيديين كإبادة جماعية».
وبارك «الخطوات الأخيرة في العراق وفي برلماني بلجيكا وهولندا والخطوات السابقة، وسنواصل التنسيق والتعاون في هذا الإتجاه مع الأمم المتحدة وكل الجهات المعنية والمجتمع الدولي بصورة عامة. نعمل على أن ينال مجرمو داعش العقاب القانوني وأن تتحقق العدالة للضحايا».
وجدد دعمه، لـ«مطلب تحويل سنجار إلى محافظة، ونعمل مع الحكومة الاتحادية ومحافظة نينوى لإنجاح هذا المشروع» داعيا الحكومة العراقية لـ«تعويض الضحايا وعوائلهم وذويهم وفقاً لقانون الناجين الإيزيديين الذي صادق عليه مجلس النواب».
تحقيق العدالة
وضمن المواقف السياسية الأخرى، استذكر حزب البيت «الوطني العراقي» الذكرى، مؤكداً، ضرورة تحقيق العدالة، ومحاسبة مرتكبي الجرائم بشفافية وأمام الرأي العام العراقي.
وذكر الحزب في بيان، أن «في الذكرى السنوية السابعة لجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش ضد أبناء شعبنا العراقيين من أبناء الديانة الإيزيدية، يستذكر البيت الوطني هذه الفاجعة، ويؤكد تضامنه العميق والمستمر مع أخوتنا الإيزيديين، وكل ضحايا جرائم التنظيم المتوحش».
وأكد «موقفه المطالب بضرورة تحقيق العدالة، ومحاسبة مرتكبي الجرائم بشفافية وأمام الرأي العام العراقي، وإعلان نتائج التحقيق في مأساة سقوط محافظة الموصل والمآسي التي تلتها، ومنها مأساة سقوط سنجار بيد التنظيم».
وطالب، الحكومة العراقية والجهات الدولية، بـ«العمل على تحرير أكثر من 2700 شخص إيزيدي من الأطفال والنساء الذين لا يزالون مختطفين ومجهولي المصير».
وشدد على «أهمية إعادة الحياة إلى سنجار والمناطق المحررة، وإبعاد أهلها المنكوبين عن الصراعات الحزبية والسياسية» معتبراً في الوقت عيّنه أن «فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في ضمان تعافي المناطق المحررة، ومنها سنجار، ليس سوى فشل آخر يضاف إلى لائحة أداء النظام السياسي الحالي المثقل بالفساد والمحاصصة وسوء الإدارة».
يحدث ذلك في وقتٍ، طالب فيه «المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان» في العراق (مرصد حقوقي) بالكشف عن مصير نحو 3 الاف إيزيدي لا يزالون في عداد المفقودين من عام 2014 ولغاية الآن. وقال رئيس المركز، حازم الرديني صحافي، إن «التقديرات تشير إلى أن أكثر من 5 آلاف رجل لقوا حتفهم في المذابح خلال الأيام الأولى من تلك المجزرة».
وأضاف: «هذه الافعال المرفوضة إدت إلى نزوح 355 ألف إيزيدي بسبب الهجمات التي ارتكبتها تلك العصابات المجرمة، حيث قامت بتدمير 68 موقعا دينيا وثقافيا».
وأكد أن «بعد مرور سبع سنوات على هذه الإبادة، لا يزال حوالي 2950 إيزيديا في عداد المفقودين بعد أن أسرتهم العصابات المجرمة» مطالباً الجهات المسؤولة بضرورة «الكشف عن مصيرهم بأسرع وقت ممكن».
وتابع أن «الوضع في دهوك وسنجار وسهل نينوى لايزال هشا وغير آمن وقابل لحدوث خروقات مع وجود داعش، ولايزال أكثر من 75 في المائة من الإيزيديين النازحين غير قادرين على مغادرة المخيمات، ورغم وجود العديد من الجهات الأمنية، لا تزال داعش تحاول إعادة التسلل والتسبب في الأذى».
وأشار إلى أن «عدم وجود استراتيجية وطنية، تضمنها كل من الحكومة المركزية وإقليم كردستان لجلب الإنفاق العام والاستثمارات إلى المناطق التي دمرها داعش، يمنع مجتمعات الأقليات من ممارسة حقوقها في العودة إلى ديارها في المناطق الصالحة للسكن والممكنة اقتصاديا، لا تزال المقابر الجماعية موجودة في العديد من القرى والبلدات في سنجار، مما يجعل أي عودة آمنة أمرا مستحيلا».