بغداد ـ «القدس العربي»: نشب خلاف جديد بين تيار «الحكمة الوطني»، المنضوي في تحالف «الإصلاح والإعمار»، بزعامة عمار الحكيم، من جهة، وبين حركة «عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، المنضوية في تحالف «البناء»، على خلفية اتهام وسائل إعلامية تابعة لـ«الحكمة»، لحركة «العصائب» بالوقوف خلف عملية «قتل» صاحب مطعم، من أتباع التيار الصدري، في العاصمة بغداد، الخميس الماضي.
وهاجم مسلحون مجهولون، بأسلحة كاتمة للصوت، صاحب مطعم «ليمونة» الواقع ضمن مدينة الصدر، والذي ينتمي هو وعائلته إلى التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، حسب مصادر صحافية، أكدت «مقتله في الحال».
وطبقاً للمصادر، فإن القوات الأمنية فتحت تحقيقاً بالحادث، بهدف التوصل إلى الجناة وتقديمهم إلى العدالة لينالوا جزائهم، لكن وسائل إعلام (مرئية، وإلكترونية) تابعة لتيار «الحكمة»، نشرت أنباءً عن اعتقال «القاتل» وبحوزته بطاقات تعريفية تُثبت انتمائه لـ«العصائب».
ونسبت تلك المواقع أنباءها «العاجلة» إلى «وكالات» من دون الكشف عنها، الأمر الذي دفع وزارة الداخلية العراقية إلى الردّ في بيان مقتضب، أعلنت فيه أن قواتها «لم تلقِ القبض حتى الآن على قاتلي صاحب مطعم ليمونة في مدينة الصدر».
وعلى إثر ذلك، توعّدت حركة «عصائب أهل الحق»، وسائل الإعلام التابعة لتيار «الحكمة»، بـ«مقاضاتها بتهمة القذف والتشهير».
وسرعان ما تطور الأمر، ليصل إلى اعتبار الأمين العام لـ«العصائب»، قيس الخزعلي، مهاجمة حركته واتهامها في حادثة مقتل صاحب المطعم، «زور وبهتان».
وقال، في «تغريدة» نشرها على حسابه الرسمي في «تويتر»: «منتهى الدناءة التي يمكن أن يصل إليها إنسان هو أن يتهم الآخرين زورا وبهتانا إذا اختلفوا معه».
وأضاف: «أما إذا كان مأجوراً، فانه يكون معذوراً لأنه سيكون عميلا».
وفي تطور لاحق، وجه المتحدث العسكري لحركة «عصائب أهل الحق»، جواد الطليباوي، أمس الجمعة، رسالة إلى رئيس تحالف «الإصلاح والإعمار» عمار الحكيم، مؤكداً أن اتهام «أهل الحق» بقتل صاحب مطعم شرقي بغداد، ما هي إلا محض افتراءات وأكاذيب.
وقال الطليباوي، في رسالته إن «من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، عمار الحكيم إن اتهاماتكم لمجاهدي أهل الحق عبر قناة الفرات (تابعة للحكيم) هي محض افتراءات وأكاذيب وتحتاج إلى دليل وبرهان لإثباتها»، مؤكداً أنها «نفس الاتهامات التي كان سياسيو داعش يطلقونها ضد من حرر الأرض والعرض».
تحريض
وأضاف، أن «هذه التهم الباطلة تعد رسالة تحريض، وكذلك تملق لأعداء الحشد الشعبي، بعد أن جاءت متزامنة مع انتشار القوات الأمريكية»، مستطرداً «كان الأولى بك يا سيد إن كنت حريصا على الوطن أن تحاسب اتباعك الذين سرقوا ونهبوا قوت الشعب بغير وجه».
وتابع: «فجميع أبناء الشعب العراقي يعلمون جيدا من السارق، ومن الذي بذل الدماء من أجل الحفاظ على ثروات الشعب، وأعلم ياسيد أن لولا وقفة ودماء مجاهدينا لكنت الآن طريدا مشردا ذليلا منكسرا».
في الطرف المقابل، رد صلاح العرباوي، مدير مكتب زعيم، «تيار الحكمة» عمار الحكيم، على أمين عام عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، والذي لمح إلى ما أسماه بـ «عمالة» من اتهموا العصائب بقتل مالك مطعم ليمونة في بغداد.
وقال العرباوي عبر حسابه في «تويتر»: «الاختلاف لا ينبغي أن يفسد للود قضية. الاتهام بالعمالة واتهام الزور وجهان لعملة واحدة».
وأضاف أن «التحقيق شأن حكومي وليس اعلاميا»، لافتاً إلى أن «الحكمة سبيل أهل الحق».
اندلعت بعد توجيه «الحكمة» اتهامات لـ«العصائب» بقتل صاحب مطعم في مدينة الصدر
كذلك، وجه «شباب تيار الحكمة الوطني»، أمس الجمعة، رسالة مفتوحة إلى، الخزعلي، حيث نقلها عنهم عضو المكتب التنفيذي مسؤول إعلام التيار، أحمد سالم الساعدي.
وجاء في نصّ الرسالة: «من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة. اتهامكم الشخصي لنا في التغريدة التي اطلقتها من على الموقع الأمريكي (تويتر)، وتطاول قناتكم التي خانت عهداً كان مقطوعاً، يعد استهدافا ممنهجا وفجاً وسافرا وظالماً لمشروعنا وقيادتنا، وما هو إلا عدوان سافر لم يتوقف عند هذا الحد، بل ذهبت بعض قياداتكم المليشياوية الفاقدة لأي كياسة ودراية وبإسلوب العصابات تكيل الشتائم والاتهامات لمشروعنا الوطني، وهذه الوسائل الفاقدة للياقة الحوار والنقاش دليل صارخ على أنّكم جماعة لا تفقه بالسياسية والثقافة شيء، وكل ما لديكم هو القدرة على ارهاب وابتزاز الناس العزل والأبرياء».
سلاح للإيجار
وأضاف: «الفرق كبير بين من كان سلاحه للإيجار واستغله للدخول في الحشد لأهداف خاصة، وبين من حمل السلاح بعد صدور الفتوى المباركة بدقائق وتخلى عنه بعد النصر تاركاً للدولة أخذ دورها في إدارة الأمن، ولذا، نقول لكم لا تزايدوا على الحشد، فنحن وقياداتنا نعرف القيمة المعنوية الكبرى لهذا التشكيل المجاهد الذي انبثق عن الفتوى المباركة للمرجعية العليا في النجف الأشرف».
وزاد: «كان لنا شرف خوض غمار الحرب منذ لحظة انطلاق الفتوى، وشهداؤنا الذين تجاوز عددهم الألف لن تغيّبهم حماقات واتهامات رعناء. إخلاصنا للحشد يتجلى بدعائنا الدائم أن يتخلص من السراق والمتاجرين والصاعدين على اكتاف الشهداء ودماءهم».
وأكد في رسالته: «إنكم أكثر من أساء للحشد، ولعلك وجماعتك في العصائب تحاولون ذر الرماد في العيون للتعتيم على أفعالكم، أو لعلكم تحاولون تناسي جلوسكم وتحالفكم مع من كان يحرض ضد الحشد والمجاهدين، بل أنكم من أعدتم أعداء الحشد إلى السلطة، فهل نذكركم اكثر؟».
وتابع: «كما تعرف أنت وجماعتك، أو ربما غسيل الأدمغة ينسيهم، لطف الله وتظافر جهود الخيرين وإصرار قيادتنا هو الذي بفضله تم إقرار قانون الحشد الشعبي في مجلس النواب العراقي».
وزاد: إن «كنت حريصا يا شيخ (العصائب) على هذا الوطن، فالأولى بك أن تحاسب أتباعك الذين يشتبه بهم بأنهم نهبوا مصفى بيجي ومعداته التي تقدر بالمليارات، حاسبهم أن كنت صادقاً على مايراه حول سرقتهم لبيوت المسيحيين واستيلائهم عليها في الكرادة وزيونة، وقائمة الموبقات تطول والله المستعان».
وحسب المصدر، «الشعب يعلم ويعرف العصابات التي ترهب الناس وتغتال الأبرياء وتهددهم، وقد اختنقت الصدور بروائح نتنة جراء الممارسات المخلة بالدين والقيم والأخلاق من تلك الأفعال الخسيسة»، خاتماً رسالته قائلاً: «لا تتمادى، ولا ينسى تاريخ الرجال وأفعالهم منذ القدم، فما بيننا طارئ أو تاجر حرب أو زعيم عصابة، دونك تاريخ لونته دماء الشهداء فأقرأ جيداً وأعرف من تخاطب.. لا تظن أنّنا لسنا قادرين على مواجهتكم أو التصدي لكم، فنحن أبناء هذا العراق وشبابه، أبناء الحكمة والحكيم، نواجهكم بالقانون والسياقات التي تقوّم الدولة وتقويها.. ولا نستعمل أساليب العصابات، فنحن الأصلاء في هذا البلد العظيم ومشروعنا الوطني غاية لرفعته وسموه».