بغداد ـ «القدس العربي» :شيّع أمس، ذوو ضحايا الهجوم الذي شنّه تنظيم «الدولة الإسلامية» مساء الإثنين، على قرية في أطراف محافظة ديالى، وتسبب بمقتل وإصابة أكثر من 10 أشخاص، عقب أقل من 48 ساعة على هجوم بعبوة ناسفة استهدف قافلة لقوات الشرطة الاتحادية، في أطراف محافظة كركوك، تسبب بمقتل 9 من قوات الأمن، بينهم ضابط، وإصابة آخرين.
وطبقاً لصور ومقاطع فيديو انتشرت على مواقع إخبارية محلّية ومنصات التواصل الاجتماعي، شيع أهالي قضاء الخالص في محافظة ديالى، صباح أمس، ضحايا الهجوم المسلّح الذي استهدف قرية البوبالي شمال بعقوبة.
وكشف قائم مقام قضاء الخالص بمحافظة ديالى، عدي الخدران، تفاصيل الهجوم على قرية البوبالي، والذي قال إنه أدى إلى مقتل وإصابة 11 مدنياً.
وقال الخدران للقناة الرسمية إن «مجموعة إرهابيين تستقل دراجات نارية هاجمت قرية البو بالي التي تقع في أطراف قضاء الخالص من ثلاثة محاور في الساعة الثامنة والنصف مساء، حيث تعد من القرى الزراعية والتي يقطنها مزارعون»، مبيناً أن «العشرات من الأهالي هبوا للتصدي للهجوم الإرهابي والذي كان بعضهم غير مسلح».
وأضاف أن «العملية الإرهابية التي استمرت لمدة نصف ساعة أسفرت عن استشهاد 8 أشخاص وإصابة 3 بينهم شخص بجروح بليغة»، لافتاً إلى أن «القوات الأمنية تجري الآن عمليات تفتيش بحثاً عن الإرهابيين».
ذوو الضحايا يشيعون قتلاهم… ووفد أمني رفيع يعاين مكان الحادث
وأكد أن «هناك أشخاصاً مشتبهاً بهم يمكن التحقق معهم لمعرفة الجناة»، مبيناً أن «هناك بؤراً إرهابية قريبة من القرية لم يتم معالجتها سابقاً».
وفي وقت سابق من أمس، وصل وفد أمني رفيع إلى قاطع عمليات ديالى للوقوف على تفاصيل الحادث الأخير.
وذكرت وزارة الدفاع، في بيان، أن «رئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن قيس خلف المحمداوي، وصلا إلى قاطع قيادة عمليات ديالى للوقوف على تفاصيل الحادث الإجرامي الأخير هناك».
ويأتي الحادث بعد نحو 48 ساعة على استهداف دورية تابعة لقوات الشرطة الاتحادية بعبوة ناسفة في أطراف محافظة كركوك- أبرز المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وتسبب بمقتل 9 من قوات الأمن وإصابة عدد آخر.
وانتقد عضو لجنة الأمن النيابية، النائب أحمد الموسوي، الإجراءات الأمنية في محافظة ديالى.
وقال الموسوي في بيان صحافي متسائلاً: «إلى متى ستستمر هذه الخروقات في ديالى، وإلى متى يستمر مسلسل الموت، أين دور الاستخبارات في المحافظة؟»، مستغرباً من قيام «مجموعة من المجرمين تتحرك بهذا الشكل وتقوم بقتل الأبرياء ونحن نمتلك جيشاً وشرطة وحشداً واستخبارات وأمناً وطنياً».
وأضاف: «للمرة الألف نقول هنالك خلل في الجهد الاستخباري والفني ولم نرَ أي حل والضريبة هي دماء الأبرياء العزل».
من جهة أخرى، أدان النائبان عن ديالى، محمد قتيبة، وطه المجمعي، الحادث الذي طال عدداً من المواطنين في منطقة «التحويلة « بقضاء الخالص».
وأوضح أن «هذا الحادث الإرهابي الجبان على أهلنا في قضاء الخالص محاولة خسيسة لزعزعة استقرار أمن المحافظة».
ودعا النائبان الأجهزة الأمنية إلى «تكثيف الجهود للحد من هكذا تعرضات وإفشال مخططات الأعداء وإنزال القصاص العادل بحق من تسول نفسه العبث في حياة الأبرياء».
كذلك، طالب النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي، القائد العام للقوات المسلحة والوزراء الامنين، بالتوجه إلى المحافظة للوقوف على الخروقات الأمنية المتكررة، محذراً من مغبة «انهيار الوضع الأمني» نتيجة ضعف إدارة هذا الملف والتقاعس عن تنفيذ الإجراءات الحازمة.
وقال الدهلكي في بيان إنه «في الوقت الذي ندين فيه استشهاد 8 مواطنين على أيدي العصابات الإجرامية الداعشية في منطقة البوبالي في قضاء الخالص، فإننا نطالب رئيس مجلس النواب بعقد جلسة طارئة للوقوف على التداعيات الأمنية الخطيرة التي تتعرض لها محافظة ديالى».
وأضاف أن «محافظة ديالى شهدت خلال الآوانة الأخيرة سلسلة من الخروقات الأمنية، فبالأمس تم إضرام النيران في مسجدين من مساجدها في قضاء بلدروز (من دون إيضاح تفصيلات الحادث)، واليوم يقتل ثمانية مواطنين من قرية البو بالي بقضاء الخالص بدم بارد على أيدي العصابات الإجرامية، دون أن يكون هناك رادع حقيقي يقف أمام هذا النزف اليومي من دماء أبناء هذه المحافظة».
ودعا الدهلكي، الرئاسات الثلاث، إلى «تحمل مسؤولياتها الوطنية والقانونية والتحرك عاجلاً نحو محافظة ديالى وإيقاف ما يحاك ضدها من مخططات إجرامية قبل فوات الأوان».
على المستوى ذاته أيضاً، حذر رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، مما وصفه بأنه «مخطط شيطاني» يحاك للعراق بعد تكرار الخروقات الأمنية في كركوك وديالى، داعياً الأجهزة الأمنية إلى اليقظة للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» بعمليات استباقية حاسمة.
وقال الحكيم في بيان: «لم تمض على الخرق الأمني الأليم في قضاء الحويحة بكركوك ساعات كثيرة حتى عاد الإرهاب الظلامي ليرتكب مجزرة أخرى تضاف إلى سجله الحافل بالإجرام، حيث نفذت عصاباته الدموية هجوماً على محيط قرية البو بالي في قضاء الخالص أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المدنيين».
ورأى الحكيم أن «تكرار هذه الخروق وفي أوقات متقاربة ومناطق مختلفة ينم عن مخطط شيطاني يستهدف إرباك الملف الأمني، ما يتطلب المزيد من الحذر واليقظة للقضاء على العصابات الإجرامية بعمليات استباقية حاسمة».
وفي كلمته بالمؤتمر الصحافي الأخير، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إنه «ابتدأنا اليوم (مساء أول أمس) بمناقشة الخرق الأمني الذي حصل الأحد في محافظة كركوك ناحية الرياض. للأسف هذه الحوادث تكررت خلال الفترة الأخيرة، وتأتي بعد انتصارات كبيرة لأجهزتنا الأمنية وقواتنا الجوية التي وجهت ضربات موجعة للإرهاب طيلة الشهر الماضي، وتمكنت من قتل عدد من القيادات بما يسمى (الولاة) للمناطق، فضلاً عن الإرهابيين».
وأضاف: «المؤسف بالإضافة إلى خسارة هذه الدماء الطاهرة، أن هناك أخطاءً قاتلة تحصل من قبل بعض الأجهزة الأمنية، وفي هذا الحادث بالذات هناك فريق من القيادات الأمنية عاكف على إعداد تقرير وهناك مجلس تحقيقي شُكل لتحديد الأسباب. لا أريد أن استبق وأحدد المسؤولية، لكن هناك خللاً واضحاً أدى إلى هذا الحادث، ويجب أن تكون هناك محاسبة».
واعتبر السوداني حادث كركوك بأنه «لن يثني عزيمة الأجهزة الأمنية من الاستمرار في توجيه ضربات للإرهابيين»، مؤكداً بالقول: «لا تفريط في الانتصار على الإرهاب، بل هو حافز أمامنا، وقبل أيام عشنا ذكرى الانتصار على داعش، هذا يدفعنا، وفاءً للدماء التي قدمناها في معارك التحرير، أن نحافظ على الاستقرار الذي يمكن الدولة من الإيفاء بالتزاماتها وتنفيذ مشاريعها وأن نستمر بذات الهمة في ملاحقة فلول الإرهاب وعصابات الجريمة».
وأوضح أن «هناك نوعاً من عدم التنسيق يواجه العمل الاستخباري، على الرغم من توافر معلومات مهمة مكنتنا في الفترة الأخيرة من توجيه ضربات موجعة لعتاة الارهابيين وخصوصاً عبر قواتنا الجوية»، لافتاً إلى «أن الإرهاب يتحرك في مساحات ضيقة جداً والعملية مستمرة من قبل الأجهزة الأمنية كافة بكل تشكيلاتها وكل صنوفها. ومقابل أية عملية أو خرق، هناك عشرات العمليات من الانتصارات التي تحققت بضرب أوكار الإرهاب في كل مكان».