هناك أسئلة كثيرة عن العلاقة الملتبسة بين الحكومة العراقية وبين حكومة إقليم كردستان. فلم يتم التوصل خلال أكثر من عقد ونصف، إلى حل نهائي وجذري ومتفق عليه للاختلافات بين المركز وإقليم كردستان، فقد ظلت الاختلافات، بلا حلول جذرية بين الطرفين، وأول هذه الاختلافات، (المناطق المتنازع عليها)، وهناك معضلة أخرى هي شكل الحكم في إقليم كردستان، هل هو فدرالية أو كونفدرلية أو هو أبعد من الأخيرة وهذا هو واقع الحال، فحكومة إقليم كردستان، لها صلاحية الدولة المستقلة من جميع الوجوه، بما يتناقض مع مواد الدستور والتي أكدت على أن العراق فدرالي.. ولم تقل أن العراق كونفدرالي..
وهناك المادة 140 من الدستور، لم تطبق حتى هذه اللحظة ولم يجر البحث فيها وفي آلية تطبيقها وما هي (المناطق المتنازع عليها) أي تحديدها بالعدد والمساحة والحدود، بين الإقليم وحكومة المركز.
كردستان جزء من العراق
المسؤولون في الإقليم، يقولون أن كردستان جزء من العراق، فهم وفي كل مناسبة وحتى من دون مناسبة يؤكدون أن كردستان جزء من العراق الفدرالي الديمقراطي (الموحد) وهذه الجملة او التوصيف يجري التشديد عليه وبقوة، وهذا قول جميل وجميل جداً، يعكس الوطنية وحب العراق الواحد، لكن، الملفت هنا، أن الواقع يتناقض بالكامل مع هذه التصريحات وما يؤيد هذا القول، مثالان واقعيان، وهناك أمثلة اخرى، لا نحتاج البحث فيها، في هذه السطور:
الاول هو البيشمركة وهو جيش مستقل عن الجيش العراقي لجهة الحقيقة والواقع الفعلي وليس لناحية التصريحات والأقوال فقط والتى لا يسندها ويدعمها الواقع على الارض.. فليس في قدرة وصلاحية القائد العام للقوات المسلحة العراقية، نقل قطعة عسكرية من الجنوب إلى أربيل مثلاً، وبالعكس نقل قطعة عسكرية من البيشمركة إلى الجنوب..
والثاني هو سيطرة الإقليم على الموارد الطبيعة وفي أولها وأهمها هو النفط استخراجاً وتصديراً، يجري بمعزل عن وزارة النفط العراقية وحتى من غير أن تعلم أو ليس لها علم بالكمية المستجرجة والمصدرة او (الدول) التى يصدر إليها أو تعلم ولكن ليس لها رأي، رفضا أو قبولا أو اتفاقا مع الدول المصدر اليها النفط العراقي المستخرج من الإقليم. جرت عدة اتفاقات لتنظيم هذه العلاقة الملتبسة أو جعلها سوية وترضي الطرفين، لكن الإقليم لم يفِ في أي من هـذه الاتـفاقات وظـلت حبـراً علـى ورق.
في آخر لقاء صحافي لرئيس الوزراء العراقي، أوضح عادل عبد المهدي بأن الإقليم لم يسلمنا برميلاً واحداً.. في خضم هذه العلاقة الغامضة والملتبسة بين المركز والإقليم، صدر قرار من مجلس الامن قبل أيام، بالرقم 2470 بصرف النظر عن ما جاء في القرار ولنركز على أهم ما فيه، من فقرات. أما بقية ما جاء في القرار لم يكن سوى إنشاء وإشارات ليست لها أية أهمية سياسية أو إجرائية:
فقد ركز أولاً: على أهمية تقديم المشورة والدعم والمساعدة إلى حكومة العراق والمفوضية المستقلة للانتخابات، بشأن وضع الاجراءات اللازمة لعقد الانتخابات والاستفتاءات؟!..
وثانياً تقديم المشورة والدعم والمساعدة إلى حكومة العراق ومجلس النواب بشأن مراجعة الدستور وتنفيذ الأحكام الدستورية ومسألة (الحدود الداخلية المتنازع عليها). عند قراءة القرار بتمعن والتركيز على الطبيعة الصياغية للقرار يتوصل أي قارىء له أو أن عنده أقل درجة وأبسط درجة من الفهم السياسي، إلى أن العراق لم يخرج بالكامل من طائلة البند السابع. وما يؤيد ما ذهبنا إليه هو قول مندوب الكويت أثناء مناقشة وضع العراق، من أن الكويت، لم تحصل على أي معلومات عن المفقودين الكويتيين، ولا عن رفاتهم منذ عام 2004 وهذا يعني أن الكويت وهي الطرف الاساس في إتمام إخراج العراق كلياً من طائلة البند السابع، لم تخل ساحة العراق بعد.. أي تقديم ما يفيد من أن العراق قد أوفى بجميع التزاماته.. الأمر الثاني والمهم أو الذي على درجة كبيرة من الأهمية، هو طبيعة الصياغة وحجم ودرجة التدخل في الشأن الداخلي العراقي، فهو قد فوّض المندوب الأممي في إدارة وتنفيذ أو الاشراف على تنفيذ ما رود في أعلاه ولو أن الصياغة كانت مهذبة لتخفي جوهر العمل والتدخل.. لناحية الادارة والاشراف.
عقد الانتخابات والاستفتاءات
وهذا يعني أن للأمم المتحدة الحق القانوني في الادارة والاشراف لتسوية المشاكل العالقة أو التى إلى الآن بلا حل..الفقرة المهمة هي لعقد الانتخابات والاستفتاءات وهنا يقصد الاستفتاءات حول (المناطق المتنازع عليها) أي إجراء استفتاء في تلك المناطق لمعرفة رغبة المواطنيين العراقيين في تلك المناطق في الانضمام إلى حدود الإقليم أو حدود العراق.. لترسيم الحدود الداخلية بين الإقليم والمركز.. سؤالان هنا وهما على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة:
الأول ما هو شكل الحكم في الإقليم هل هو فدرالي، وإذا كان فدرالياً فعلى ساسة الإقليم، أن يطبقوا الفدرالية كما هو متعارف عليها في جميع دول العالم الفدرالية.. وكما نصّ عليها الدستور أو هو غير هذا؟!..وكما بيّنا في السطور السابقة… والثاني ما هو عدد (المناطق المتنازع عليها) التى يتم إجراء الاستفتاء فيها.. فأصحاب القرار في إقليم كردستان يذهبون إلى حدود محافظة واسط جنوبا والى حدود نينوى شمالا، بالاضافة إلى كركوك والتى يقطنها جميع إثنيات العراق أي هي صورة مصغرة للعراق..
نتمنى ان تحل جميع هذه المشاكل وتتم تسوية الأوضاع ولكن بالشكل الواقعي والحقيقي ومن دون أن تلوى أعناق الحقائق الواقعية والموضوعية، على الارض باستثمار اللحظة التاريخية المواتية بسبب أوضاع العراق والأوضاع الإقليمية والدولية، في الوقت الحاضر والتفويض الأممي وان لم يقل قرار مجلس الامن به صراحة ولكنه واضح كل الوضوح.. ان التفويض الأممي الذي، ربما تختفي وراءه (إرادات اقليمية) بعضها من دول الجوار العربي ودولة أخرى، خارج الجوار العربي والاسلامي، لإضعاف العراق وأقلمته؟.. وإرادات دولية ايضاً.. يقتضي من ساسة العراق أن يديروا صراع هذه اللحظة التاريخية، بحنكة وبراغماتية واستخدام جميع عناصر الضغط وما أكثرها، والتى هي بحوزتهم، استخداما فعالا وحاسما، فالقوى الإقليمية والدولية تهمها مصالحها سواء الوقتية او الاستراتيجية، استخداما منتجا، لإحقاق الحق والإنصاف والوحدة كي تستقيم الأمور، صعوداً، عرباً واكراداً، وعراقاً واحداً ولا شيء غير الحق وليس الظلم وإبقاء الألغام في الطريق، على حالها من غير ان يتم نزع فتيلها، فهذا هو الطريق إلى الجحيم..
نتمنى أن يستعيد العراق سيادته ويتخلص كليا وليس جزئيا، من طائلة البند السابع المشؤوم، وتتم تسوية جميع المشاكل والاختلافات بين المركز والإقليم.
كاتب عراقي
مشكلة العراق الأساسية هي أنه لا توجد فيه سيادة وطنية لأن ولاء السياسيين فيه ليس للوطن!! ولا حول ولا قوة الا بالله