بغداد ـ «القدس العربي»: تخطط الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي، بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق، إلى إجراء تعداد عام سكاني بعد 22 عاماً على آخر تعداد أجراه العراق في عموم البلاد، باستثناء إقليم كردستان، وسط تخوّف من استغلال نتائج الاستفتاء لأغراض سياسية، وإبعاده عن هدفه الأساس المتعلق بـ«التنمية»، وفقاً لمصدر رفيع في وزارة التخطيط العراقية.
وقال المصدر، الذي رفض لكشف عن هويته، لـ«القدس العربي»، إن «لا علاقة للتعداد العام للسكان بالمادة 140 أو مصير محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل»، مبيناً أن «الهدف من التعداد العام للسكان هو لأغراض التنمية فقط، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة عن الواقع التنموي وخصائص المدن والسكان، للإسهام في وضع الحكومة خطط استدامة مستقبلية».
وأضاف: «هناك سؤال في الاستفتاء عن القومية، لكنه ليس مهماً كثيراً بقدر بقية التفصيلات الأخرى التي تتعلق بخصائص الحياة والسكّان. السؤال ليس من يسكن هذه المنطقة أو تلك، بل كيف يسكن وما هو واقع حياته في هذه المنطقة».
ووفق المصدر، «لا تترتب على التعداد أي التزامات قانونية أو إدارية أو سياسية»، مشيراً إلى أن «هدف التعداد تنموي بحت، وبياناته ستبقى لدى وزارة التخطيط، ولن تستخدم لغير القضايا التنموية».
وزاد: «الجميع متفق على التعداد وآلياته وأهدافه، سواء في الحكومة الاتحادية أو حكومة إقليم كردستان العراق. نريد أن ننأى بالتعداد عن الجوانب السياسية التي أدخلتنا في المرّة السابقة في مشكلة، عندما وصلنا إلى المراحل النهائية في تنفيذ التعداد (مرحلة العدّ)، وقبل فترة وجيزة من الموعد أثيرت قضية المناطق المختلف عليها ولم يُنفذّ التعداد في حينها».
وأكمل: «اشترطنا إبعاد التعداد عن الخلافات السياسية. نحن اليوم في أمس الحاجة إلى تعداد عام للسكان، كون آخر تعداد نُفذ في العراق عام 1997، ولم يكن شاملاً (استثنى إقليم كردستان العراق ولا يعترف به الأكراد) وفقد قيمته التنموية كون نتائجه لم تظهر إلا بعد مرور 4 سنوات من تنفيذه». وتابع: «استعداداتنا (وزارة التخطيط) اليوم جدّية، وتم تشكيل الهيئة العليا للتعداد، وفيها عضوين من إقليم كردستان (أحدهم رئيس الإحصاء في الإقليم والآخر خبير في شؤون الإحصاء لدى حكومة كردستان)، بالإضافة إلى ممثلين عن الوزارات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والأوقاف الدينية. كل هذه الجهات ممثلة في الهيئة العليا»، لافتاً إلى «تشكيل إدارة عليا تنفيذية للتعداد وغرفة عمليات التعداد، فضلاً عن تشكيل 10 فرق عمل بدأت عملها، ناهيك عن خطوة أخرى تتعلق باستخدام الخرائط والصور الجوية في تحديد الحدود الإدارية لحدود المحافظات والأقضية والنواحي».
تعداد إلكتروني
ومضى قائلاً: «لدينا اطلاع على تجربتي الأردن ومصر، اللتين نفذتا تعدادين العام الماضي (2018)، للاستفادة من تجربة البلدين في استخدام الأنظمة الحديثة»، منوهاً بأن تعداد 2020 «لن يكون ورقياً هذه المرة، بل سيكون تعداداً إلكترونياً من خلال استخدام الأجهزة اللوحيّة، الأمر الذي يعطينا دقّة وسرعة في المعلومة».
وعن المدة التي تحتاجها الوزارة في إعلان نتائج الاستفتاء، يقول المصدر: «مبدئياً، التعداد سيجري في تشرين الأول/ أكتوبر من العام المقبل (2020)، لكن لم يتم تحديد اليوم. ربما سيكون في النصف الثاني من الشهر»، مرجّحاً «إعلان النتائج الأولية للتعداد خلال 24 ساعة أو أقل من إجرائه، أما المعلومات التفصيلية فستظهر بعد شهر أو شهرين،
ويؤكد المسؤولون في الحكومة الاتحادية من جهة، وحكومة إقليم كردستان العراق من جهة ثانية، على أهمية إجراء تعداد سكاني، لما له من تأثير في تطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وتحديد «الهوية القومية» لتلك المناطق.
نائب رئيس مجلس النواب، بشير حداد، أكد «ضرورة إجراء التعداد السكاني لتثبيت البيانات والمعلومات الدقيقة حول عدد السكان في العراق».
عجلة التطور
وذكر، في بيان الثلاثاء، بأن «نائب رئيس مجلس النواب، بشير خليل الحداد، استقبل في مقر إقامته في بغداد المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، لؤي شبانة، والوفد المرافق له وبحضور المستشار مهدي العلاق، الأمين العام لمجلس الوزراء السابق». وأضاف أن «جرى خلال اللقاء الموسع بحث سبل تفعيل آليات التعاون المشترك بين مجلس النواب وصندوق الأمم المتحدة للسكان وأهمية تنفيذ المشاريع التنموية الكبيرة، فضلاً عن مناقشة قانون الإحصاء والتعـداد السكاني الذي بات من الضرورات لوضع الخطط المستقبلية لتقدم عجلة التطور والبناء في العراق».
وشدد، وفقاً للبيان، على «ضرورة إجراء التعداد السكاني لتثبيت البيانات والمعلومات الدقيقة حول عدد السكان»، مؤكداً «استمرار جهود المؤسسة التشريعية مع رئاستي الجمهورية والوزراء لاستثمار الطاقات والإمكانيات لإعادة البنى التحتية، وعقد مصالحة مجتمعية بين مكونات الشعب وعودة النازحين والمهجرين إلى مناطقهم».
وأشار إلى أن «هناك إرادة بين جميع أطراف العملية السياسية للتعاون لمحاربة الفساد والقضاء على البطالة والنهوض بالبلاد من جديد وحل الملفات والمشاكل بين بغداد وأربيل وفق الدستور».
كذلك، أكد مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان، لؤي شبانة، على «استعداد صندوق الأمم المتحدة للسكان لتقديم الدعم اللازم للشعب العراقي في إجراء التعداد السكاني لعام 2020 وتنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية المستدامة ومواكبة التطور وتحسين مستوى الخدمات بما يعزز من استقرار البلاد».
ويرى مراقبون أن التعداد سيسهم إلى حدٍّ كبير في حسم الخلاف بين بغداد وأربيل على المناطق المتنازع عليها، في ظل التقارب الأخير بين حكومتي المركز والإقليم. ونصتّ المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، على آلية تضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في عهد نظام صدام وبعده، والثانية الإحصاء السكاني في تلك المناطق، وآخرها الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها، وذلك قبل 31 كانون الأول/ ديسمبر 2007، لكن بقيت هذه المادة مجمّدة.
لن يجري التعداد للسكان وواثقة مما اقول.