العربي انسان مؤجل!

حجم الخط
0

الحضور الانساني له مجاله وتأثيره، وما لم يكتمل هذا المجال وذلك التأثير يصبح هذا الحضور ناقصا او مؤجلا حتى يتم اكتماله، قد تحضر الدولة ولكن لا يحضر المواطن، قد تحضر السلطة وقد يغيب الفرد او يؤجل حضوره لعدم اكتماله، كتأثير وليس كجسم. ولكن ما المقصود بالتأثير، المقصود به هنا البعد القانوني بما هو حقوق وواجبات، المواطن الذي له من مواطنيته جواز سفره فقط مواطن مؤجل، المسؤول الذى لا يمتلك المسؤولية ولا يمارسها مسؤول مؤجل، وان امتلكها وخشي من ممارستها فهو مؤجل ابدي لا يرتجى حضوره لان التأجيل هنا ذاتي. الانسان الذى يعيش بيولوجيا فقط انسان مؤجل. مشروع التأجيل مشروع غيبي يتعلق بالمصير بعد الحياة، ولكن عندما يتحول الى مشروع حياة او يعتمد كذلك يصبح موتا سابقا لاوانه. حضور الانسان في الكون رسالة الهية، وتأثيره في ذلك مطلب رباني. كم كان الانسان العربي مؤجلا اولا بسبب الخارج واليوم بسبب الداخل، حتى الديمقراطية بما هي حضور للانسان حضرت ولم يحضر الانسان في عالمنا العربي. الانسان في هذا العالم يعيش بين قوسين، في الهامش بانتظار الافراج عنه، كم كان التأجيل مؤلما في ظل الحدود والتكتم والتستر، كانت الجاسوسية واساليب التجسس هي الطريق الاوحد للخروج منه، اليوم فتحت تكنولوجيا الاتصال ثقوبا في جدار التأجيل ذاته، فلم يعد الانسان مؤجلا حكما، ولكنه برسم التأجيل اعتمادا على مقدرته في استغلال ما تهبه التكنولوجيا من قفزات تتسم بالسرعة والنفاذ. الانسان المؤجل يعني ثقافة مؤجلة، يعني مجتمعا مؤجلا، وبالتالي دولة مؤجلة. التأجيل ذاته كمشروع يفصل الفرد عن الممارسه خطير ومدمر، في حين ان الممارسة تخلق تأجيلا من نوع اخر يعد ايجابيا لالتقاط الانفاس، الدولة التي تؤجل حضور مواطنيها دولة خطابية لا تتلقى تغذية، وبالتالي الخطأ لديها مميت ومصيري وقاتل.
عندما يؤجل الانسان يختفى النقد ويزدهر النفاق والنقل واللغة والخطابة. تختفي العيوب لانها مؤجلة كذلك، تقتحم دولة الانسان المؤجل التاريخ في معارك خاسرة ويتحمل هو النتيجة، وتقام الاحتفالات الكبيرة بدونه، وتنتصر في معاركها الشخصية فقط. روشتة الانسان المؤجل ليست مكلفة، حيث لا تتعدى مشروع دستور يعطيه حقوقه ويكلفه بواجباته ويحفظ كرامته ويؤطر موقعه القانوني والاجتماعي وسط مجتمعه، وبالتالي يخرجه من رسم التأجيل الى الممارسة والمشاركة في صياغة مستقبله وحاضره، من خلال مساهمته في الاعداد والتصويت لمثل هذا المشروع.
باختصار المواطن العربي سيظل مؤجلا طالما لم يضرب هو نفسه لنفسه موعدا للخروج من دائرة التأجيل، واعاده انتاجه كمشروع خارج عن ارادته.
عبدالعزيز محمد الخاطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية