غزة- “القدس العربي”:
أكثر من أسبوع مر على الطلب الرسمي الفلسطيني الذي وجه إلى الجامعة العربية، لدعوة الدول الشقيقة، لتقديم مساعدات مالية عاجلة للخزينة الفلسطينية، بتفعيل “شبكة الأمان المالية” لمساعدة الفلسطينيين في المواجهة السياسية التي تخوضها حاليا ضد حكومة الاحتلال، لصد مخطط الضم الذي يطال 30% من مساحة الضفة الغربية، دون أن تتلقى القيادة الفلسطينية أي رد إيجابي.
مجمل ما يدور حاليا في تحركات المسئولين الفلسطينيين، يشير إلى أن الطلب الرسمي، الموجه للجامعة العربية، ومن قبله الدعوات العلنية التي أطلقتها القيادة منذ منتصف الشهر الماضي، للدول العربية خصة الغنية منها، عبر وسائل الإعلام، ومن خلال اتصالات ثنائية، لتوفير هذه الشبكة المالية، لم تأتي بأي جديد، ولم تتلقى خلالها أي تطمينات بإمكانية إيصال هذه الأموال للفلسطينيين لمساعدتهم على تجاوز الأزمة.
وتقول مصادر سياسية عليمة لـ”القدس العربي”، إن أي من المسئولين الفلسطينيين، لم يتلقى أي اتصالات من جهات رسمية عربية، تفيد بأن هناك نوايا لتفعيل هذه الشبكة، وهو ما يلقي بظلاله على قدره الحكومة الفلسطينية، للتكيف مع الواقع الحالي، في ظل الحصار المالي الإسرائيلي، والمتطلبات الرئيسة التي يحتاجها المواطنون، وتعمل الحكومة على توفيرها في هذا الوقت، خاصة مع عودة تفشي فيروس “كورونا” بشكل كبير في المناطق الفلسطينية.
وهناك خشية لدى صناع القرار، من استمرار “صم الآذان” من الدول العربية خاصة الغنية منها، تجاه الاستجابة للطلب الفلسطيني، خاصة وأن الأزمة قد تطول لعدة أشهر.
وتشير المصادر إلى أن المستوى السياسي كان يعتقد أن الظرف السياسي الحالي، قد يدفع بالعديد من الدول العربية، لتقديم الدعم المالي، حيث تدور معركة “الضم” التي تنوي حكومة الاحتلال تنفيذها، لا أن يستمر الطلب وعدم الاستجابة العربية، على غرار مرات سابقة، آخرها في بدايات العام الماضي، حين رفضت الحكومة الفلسطينية تسلم أموال الضرائب من الجانب الإسرائيلي، بعد فرضة استقطاع كبير منها، بحجة أن هذه الأموال تدفع لعوائل الشهداء والأسرى.
وهنا لا بد من الإشارة، إلى أن دولة قطر هي الدولة العربية، التي قدمت خلال الأزمة المالية السابقة للسلطة، بسبب الحجر على أموال أسر الشهداء والجرحى، دعما للخزينة الفلسطينية، حين خصصت 480 مليون دولار كمساعدات للسلطة الفلسطينية لدعم قطاعي الصحة والتعليم والمساعدات الإنسانية العاجلة، كان من بينها 300 مليون دولار على شكل منح وقروض لدعم الموازنة.
وهذه المرة كان التوجه إلى الدول العربية، لسد العجز المالي الكبير في الخزينة الفلسطينية، بعدما أوقفت إسرائيل عملية تحويل أموال المقاصة.
ولم يصل الخزينة الفلسطينية أموال ضرائب المقاصة التي يتم جمعها من قبل السلطات الإسرائيلية، من قيمة البضائع التي تمر من الموانئ الإسرائيلية إلى المناطق الفلسطينية، بموجب “اتفاق باريس الاقتصادي”، وذلك بعدما قررت القيادة الفلسطينية التحلل من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، بما فيها الأمنية والسياسية والاقتصادية، حيث توقفت كل أشكال الاتصال من قبل الطرف الفلسطيني.
وطلبت إسرائيل، رغم أن هذه الأموال تعد حق فلسطيني كامل وخالص، أن تعاود القيادة الفلسطينية عن قرارها بالتحلل من الاتفاقيات، وإعادة عمليات “التنسيق الأمني” قبل دفع هذه الأموال، وهو أمر ترفضه القيادة.
وبسبب ما قامت به إسرائيل، لم تقم الحكومة الفلسطينية حتى اللحظة بدفع رواتب موظفيها عن الشهر الماضي (مايو)، رغم اقتراب نهاية الشهر الجاري، وفي حال قررت الحكومة دفع قيمة الراتب، فإنه ستدقع جزءا منه، لعدم امتلاكها الأموال اللازمة لذلك.
في التفاصيل، كانت القيادة الفلسطينية، طلبت عبر مذكرة رسمية وجهة من خلال مندوبية فلسطين في الجامعة العربية، إلى وزراء المالية العرب، بضرورة تفعيل “شبكة الأمان المالية”، بقيمة 100 مليون دولار.
ما كان لافتا في هذه المرة، ان القيادة الفلسطينية لم تطلب هذه الأموال على شكل هبات، لكنها طلبت أن تكون على شكل “قرض مالي” يتم إعادة أمواله لم قام بالدفع، حتى تنتهي أزمة استرجاع الأموال الفلسطينية المحجوزة لدى حكومة الاحتلال.
القيادة الفلسطينية طلبت بـ100 مليون دولار شهريا على شكل قروض وليس هبات
السفير الفلسطيني لدى الجامعة العربية دياب اللوح، قال في تصريحات أدلى بها قبل أيام، إنه حتى اللحظة لا توجد أي استجابة للمطلب الفلسطيني بتوفير شبكة الأمان المالية العربية.
وقد أعرب وقتها عن أمله أن يتم الاستجابة في القريب العاجل لهذا المطلب التزاما بمقررات جامعة الدول العربية، مضيفا “يجب على الاشقاء العرب دعم صمود شعبنا في وجه مخططات الضم، ومساعدة الحكومة في في تخطي الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها جراء الحصار الاسرائيلي”.
واوضح السفير دياب أن تحركاً يجري على كافة المستويات العربية والاسلامية والدولية لرفض مخطط الضم، في محاولة لنزع الشرعية الدولية عنه ، ودعم موقف القيادة الفلسطينية في تحركاتها السياسية والدبلوماسية، وخلق آلية ضغط دولية على الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية للتراجع عن مخططها والالتزام بالقرارات الدولية .
وأوضح مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، يقوم بجهد دبلوماسي كبير لدعم موقف القيادة الفلسطينية، ويجري الاتصالات مع كافة الأطراف الدولية لوقف مخطط الضم.
والمعروف أن “شبكة الأمان المالية” العربية، جرى اقرارها في قمم عربية سابقة، غير أنه لم يصل منها في المرات السابقة التي دخلت فيها السلطة الفلسطينية في أزمات مالية خانقة، جراء سياسيات الاحتلال، سوى مرة واحدة، عن طريق دولة قطر.
وتبلع قيمة أموال الضرائب نجو 200 مليون دولار أمريكي شهريا، وتمثل النسبة الأكبر من قيمة عوائد الضرائب، وتساهم بشكل كبير في موازنة السلطة الفلسطينية، يضاف إليها مبالغ مالية أخرى يتم جبايتها من الجباية الداخلية.
وكانت الدول العربية أقرت في القمة التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد “شبكة الأمان المالية” للفلسطينيين، بقيمة 100 مليون دولار أمريكي شهريا.
وبحث العرب سواء على المستوى الرئاسي أو الوزاري في اجتماعات بعد تلك القمة تفعيل الشبكة، وفي كل مرة كان الفلسطينيون يتلقون وعود بتفعيلها، لكن دون أن يلمسوا شيئا على الأرض، حتى أن هناك تقارير سابقة أشارت إلى وجود ضغوط تماس من قبل الإدارة الأمريكية لعدم تفعيل الشبكة.