لندن-»القدس العربي»: اشتعلت موجة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن بسبب «عزومة عشاء» أطاحت بوزيرين من مناصبهم بعد أن تبين بأن العشاء شكل انتهاكاً للأنظمة والقوانين المتعلقة بالتباعد الاجتماعي والإجراءات الحكومية الرامية للحد من انتشار فيروس كورونا، حيث سرعان ما تداول الأردنيون أنباء الإطاحة بالوزيرين مع عدد كبير من الأسئلة المتعلقة بما حدث.
وطلب رئيس الوزراء الأردني من وزير الداخلية سمير مبيضين ووزير العدل بسام التلهوني تقديم استقالتيهما من الحكومة «لمخالفتها أوامر الدفاع المتعلقة بفيروس كورونا» فيما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» أن «الإرادة الملكية صدرت بالموافقة على قبول استقالة وزيري الداخلية والعدل من منصبيهما اعتبارا من تاريخ 28 شباط/فبراير 2021».
وأقيل الوزيران بعد أن استجابا لدعوة على مأدبة عشاء في أحد المطاعم وتم ضبطهما من قبل مفتشين حكوميين على مائدة تضم تسعة أشخاص داخل المطعم، وهو ما أدى إلى تكبيد المطعم مخالفة بلغت قيمتها 1500 دينار أردني (2100 دولار أمريكي) فيما فقد الوزيران منصبهما بسبب انتهاك قواعد التباعد الاجتماعي.
وجاءت الحادثة في الوقت الذي يُسجل الأردن ارتفاعاً غير مسبوق في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، حيث تراوحت أعداد الإصابات اليومية بين خمسة آلاف وستة آلاف إصابة جديدة يومياً خلال الفترة القليلة الماضية، ليصبح الأردن من بين أعلى المعدلات عالمياً في الإصابات بالوباء.
ونفى وزير العدل بسام التلهوني أن يكون قد خالف القانون، وقال في تصريحات للصحافة المحلية إنه لم يخالف أمر الدفاع لعدم وجود أكثر من تسعة أشخاص على الطاولة، مشيرا إلى أنه قدم استقالته لرئيس الوزراء بشر الخصاونة بناء على طلب الأخير.
وسرعان ما تداول الأردنيون على شبكات التواصل مقطع فيديو حديث يظهر فيه رئيس الوزراء بشر الخصاونة وهو يحل ضيفاً على أحد أعضاء مجلس النواب ومعه عدد كبير من المرافقين إضافة إلى عدد آخر كبير كانوا في استقبال رئيس الحكومة، وهو ما دفع الكثير من الأردنيين إلى التشكيك بسبب الاطاحة بالوزيرين، والزعم بأنها كانت مجرد ذريعة.
وسرعان ما تصدر الهاشتاغ «#العشاء_الأخير» قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن خلال الأيام الماضية، في إشارة إلى مأدبة العشاء التي أطاحت بالوزراء، في حادثة يتم تسجيلها لأول مرة في الأردن.
وطالب العديد من النشطاء الأردنيين رئيس الوزراء بتقديم استقالته إسوة بما فعله مع الوزيرين، قائلين إنه خالف أيضاً القانون منذ أسبوعين.
وقال أحد المغردين عبر تويتر: «الأَوْلى على رئيس الوزراء إن كان صادقا في تطبيق أوامر الدفاع تقديم استقالته بسبب مخالفته الأوامر الدفاع بحضوره مأدبة غداء حصلت قبل أسبوعين في الزرقاء» مضيفا أن «القانون لا يستثني أحدا».
ونشر الناشط معتز الربيحات فيديو للوليمة التي حضرها رئيس الوزراء مؤخراً، وكتب يقول: «رئيس الوزراء بشر الخصاونة يحضر وليمة في الزرقاء بمعية عدد من الوزراء والمسؤولين قبل نحو اسبوعين.. مش هاي كمان مخالفة لاوامر الدفاع؟ قدم استقالتك اذا فعلا تريد تطبق القانون». وكتب مغرد آخر: «يبدو ان قانون الدفاع لا يشمل رئيس الوزراء…!! أجزم ان الأمر مجرد تسلق على حادثة لكسب الرأي العام وللارشفة التاريخية فقط لا غير.. عندما يعجز رئيس الوزراء امام مشاكل البلاد ويتفشش في طاقمه الوزاري!».
وغرد علي الطراونة: «الالهاء أسلوب تُمارسه السلطة في المجتمعات التي يُخشى فيها من ردات الفعل الشعبية المناهضة للقرارات الحكومية، ولا حاجة لممارسته في مجتمع صمت عن اغتصاب إرادته الشعبية تحت مسمى «انتخابات» لم تتجاوز نسبة المشاركة بها 29 في المئة، وعجز عن منع الاعتداء على أكبر كيان مُنتخب (نقابة المعلمين)».
وعلق هشام باشا قائلاً: «مسرحية العشاء الاخير، والضحك على الذقون، وإلهاء المواطنين في مواضيع جانبية»، فيما كتب بسام عواد: «لماذا لم يستقبل الأردنيون خبر اقالة وزيرين من العيار الثقيل لم يتقيدا باحكام قانون الدفاع بشيء من التقدير أو الاشاده بالقرار؟ من أوصلنا لهذه الحالة من السلبية المفرطة وعدم اخذ الامور على محمل الجد؟ الاجابة وبكل وضوح: أنتم نعم انتم فالشفافية لا تجزأ دولتك».
وربط علي الحويطات بين اقالة الوزراء والقرار الحكومي برفع أسعار المحروقات، معتبراً أن الاقالة للفت أنظار الناس عن ارتفاع الأسعار، وغرد قائلاً على «تويتر»: «فاتورة العشاء الأخير يتم دفعها عن طريق المحروقات والحكومة استغلت المواطنين بفلم الاكشن والخيال». وأضاف في تغريدة ثانية: «حتى يكون قرار دولة رئيس الوزراء مقبولاً عند الشعب يجب أن تكون هناك إجراءات مقنعة وليس إجراءات من أجل كسب شعبية وحركات اكشن أكل عليها الدهر وشرب».
وكتب ريحان حتر يقول: «إذا كان رئيس الوزراء يعتبر عمله بطوليّاً فتلك مصيبة، وإذا كان الوزراء المعنيون غير مخالفين لأوامر الدفاع فعلاً فالمصيبة أعظم».
وقالت هيا: «يحاولون استرجاع ثقة الشعب بالحكومة فقاموا ضحوا باثنين أمامكم فقط، ورح يعوضوهم بمناصب ثانية».
وغرد عبد الله الوخيان مشككاً: «دعونا نتخيل أن هناك موظف من وزارة الصحة قام بكتابة مخالفة لوزيري الداخلية والعدل!! وعلى إثر هذه المخالفة تم إقالة المدعوين، ههههه رفقاً بالعقول ياسادة».
في المقابل، أشاد مغردون بقرار إقالة الوزيرين، واعتبروا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح وتعطي أملا في تطبيق «دولة القانون والمؤسسات».
وكتب أسد أبو تايه: «خطوة رائعة وإيجابية من بشر الخصاونة، تعطي أملاً في أن «دولة القانون والمؤسسات» ليست فقط شعاراً، ونأمل أن لا نتوقف عند هذا الإجراء فقط، وأن نلمس أثراً فعلياً للولاية العامة في ملف مكافحة الفساد».
ورحبت صفاء بالقرار لكنها قالت في تغريدة: «بس مش بكرا نشوفهم سفير في اليابان والتاني في مجلس الاعيان!! العقوبة يجب أن تكون عقوبة إبعاد وإقالة عن الساحة السياسية تماماً».
وعلق محمد عريقات: «بعيداً عن كل شي.. لنأخذ الموضوع من زاوية ايجابية وهي أن القانون طُبق بشكل صحيح، السبب العزومة او الوليمة والنتيجه الاستقالة.. استقالة اثنين من الوزراء ومن أهم الوزارء الذين يعرفون القانون جيدا، وزير الداخلية ووزير العدل ويفرضون العقوبات على كل من خالف أوامر الدفاع».
وكتب محمد المستريحي ساخراً: «ويأتي على الأردنيين زمن يتمنون فيه لو كل المسؤولين بلا استثناء كانوا في عزومة المطعم»، في اشارة إلى الرغبة بإقالة باقي المسؤولين والاطاحة بهم من مناصبهم.
وأظهرت وثيقة متداولة، قيمة المخالفة التي تم توجيهها لأحد المطاعم في العاصمة عمان، حيث تناول وزيرا العدل بسام التلهوني والداخلية سمير المبيضين وجبة العشاء التي أطاحت بهما من حكومة بشر الخصاونة.
وبحسب ما جاء في المخالفة، أنه تم تحرير مخالفة للمطعم بمبلغ 1500 دينار (2100 دولار أمريكي) لوجود أكثر من 6 أشخاص على الطاولة ذاتها، فيما لم تتضمن المخالفة أي أمر بإغلاق المنشأة.
يشار إلى الأردن سجل حتى الان نحو 400 ألف إصابة بفيروس كورونا، أما عدد الوفيات فيقترب من خمسة آلاف، وهو ما دفع الحكومة إلى تشديد الإجراءات في الآونة الأخيرة، حيث قررت إعادة فرض حظر التجول أيام الجمعة من كل أسبوع، كما قررت الحكومة تمديد ساعات حظر التجول اليومي الذي كان يفرض بين الساعة 12 ليلا إلى السادسة صباحا، لتصبح من العاشرة ليلا حتى السادسة صباحاً.