القاهرة ـ «القدس العربي»: بين “كمامتين” الأولى الخوف من عواقب نقد السلطة، والثانية خشية المتحور العائد بقوة عاشت القاهرة مزيدا من المخاوف، أبرزها ما له علاقة بـ”الوحش” العائد بقوة بعد تحوره، إذ كشف الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة، عن مزيد من التفاصيل بشأن “ميكرون الجديد eg 5” وطرق الوقاية منه، بعد إعلان وزارة الصحة أن ما يميز المتحور الجديد حتى الآن هو أنه الأكثر انتشارا، موضحا أن الإصابة بأنواع كورونا بما فيها هذا المتحور تشمل ثلاثة أنواع من الإصابات. وأوضح: أن النوع الأول مصابون لا تظهر عليهم أي أعراض، والثاني هو الإصابات التي تظهر على هيئة أعراض البرد المعروفة، والثالث هو بعض الحالات القليلة خاصة أصحاب الأمراض المزمنة قد يصابوا بالتهاب في الشعب الهوائية، مؤكدا أن هذا الفيروس تكون أعراضه عند الغالبة العظمى في الجهاز التنفسي العلوي، وتكون بسيطة جدا.
ومن أخبار المعارضين للسلطة قال الحقوقي والمحامي ناصر أمين كما ورد في “المشهد” وموقع “درب”، إنه تم تحديد جلسة أمس الأربعاء لمحاكمة الناشر هشام قاسم أمام الدائرة الأولى في المحكمة الاقتصادية، مع استمرار حبسه لحين انعقاد المحاكمة. ووصف الحقوقي البارز خلال منشور له على صفحته عبر الفيسبوك القرار قائلا: أنه في منتهى القسوة أن يقدم هشام قاسم مؤسس جريدة “المصري اليوم” للمحاكمة محبوسا في جريمة نشر. وكانت نيابة جنوب القاهرة الكلية قد قررت حبس قاسم أربعة أيام على ذمة التحقيق في اتهامات بتوجيه إهانة لأمناء الشرطة أثناء وجوده في النيابة. وكان قد تم ترحيله من قسم السيدة زينب إلى النيابة في الثامنة صباحا، وتم عرضه الخامسة مساء، بعدما رفض سداد الكفالة التي قررتها النيابة في قضيته الأولى 5007 لسنة 2023 التي بدأت بالبلاغ الذي تقدم به كمال أبو عيطة عضو لجنة العفو الرئاسي والقيادي في حزب الكرامة برقم 8 أحوال بتاريخ 3 أغسطس/آب 2023. وتقدم دفاع قاسم بالطعن على سداد الكفالة المقررة وطالب بإخلاء سبيله، إلا أن أفرادا من قوة مباحث قسم السيدة زينب وهم، النقيب خالد جبر والأمين سلمان مكاوي والنقيب رفعت محمد، تقدموا ببلاغ جديد ضد قاسم بسب وقذف والاعتداء على موظف عام رقم 5384 لسنة 2023 إداري السيدة زينب بتاريخ 21/8 وتم ضم البلاغ للقضية الأولى.
فشل يعقبه بقاء
في 18 أغسطس/آب 2022، تقلد حسن عبدالله منصب القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري، وعلى الرغم من أدائه الذي يصفه عبد المجيد المهيلمي في “درب” بـ”الكارثي” في السنة المنصرمة، فقد أصدر الرئيس السيسي، يوم الخميس الماضي، قرارا جمهوريا بتمديد ولايته قائما بأعمال محافظ البنك المركزي المصري لمدة عام، ينتهي في 18 أغسطس 2024. تنص المادة 220 من دستورنا على: “يختص البنك المركزي بوضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية، ويشرف على تنفيذها، ومراقبة أداء الجهاز المصرفي، وله وحده حق إصدار النقد، ويعمل على سلامة النظام النقدي والمصرفي واستقرار الأسعار في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة، على النحو الذي ينظمه القانون”. وقد جاء في المادة 17 من القانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي ما يلي: “يكون للبنك المركزي محافظ بدرجة نائب رئيس مجلس الوزراء، يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه، لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة”. لقد حددت هذه المادة بشكل واضح لا لبس فيه طريقة تعيين المحافظ (تعيين بقرار جمهوري لمدة 4 سنوات بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب)، لكن الرئيس الذي صدر القانون في عهده وبتوقيعه في 15 سبتمبر/أيلول 2020، لم يكترث حتى بالشكليات عند إصداره قرار التمديد فقد كانت أمامه فسحة طويلة من الوقت للحصول على موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، طوال دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب الذي أصدر الرئيس القرار رقم 284 لسنة 2023 بفضه اعتبارا من يوم الأربعاء 12 يوليو/تموز 2023.
محاولة للفهم
الأمر حقا غريب ومريب كما يتساءل عبد المجيد المهيلمي: فما الذي يجعل الرئيس يتجاوز الإجراءات الدستورية والقانونية ويتعدى على اختصاص مجلس النواب الذي يشترط الحصول على موافقة أغلبية أعضائه (المؤكد أنه كان سيحصل عليها بسهولة تامة) قبل إصدار قرار تعيين المحافظ ليقوم خلال الإجازة البرلمانية بتمديد ولاية حسن عبدالله كقائم بأعمال المحافظ لمدة عام، بعد أن قام بتفويت فرصة ـ كانت متاحة قبل أقل من شهرين من قرار التمديد ـ تعيينه محافظا لمدة أربع سنوات. فإذا كان تعيينه في العام الماضي قد تم أثناء الإجازة البرلمانية بسبب الاستقالة المفاجئة للمحافظ السابق طارق عامر من منصبه في 17 أغسطس/آب 2022؛ فالأمر هذه المرة مختلف تماما. لقد كان يتعين على الرئيس اتباع الإجراءات المنصوص عليها صراحة في قانون البنك المركزي خلال دورة برلمانية كاملة، وذلك إما بتعيين حسن عبد الله محافظا لأربع سنوات، أو اختيار محافظ آخر أكثر كفاءة (أو ربما أقل حسبما يتراءى له) يحل محله لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. فلماذا ضرب الرئيس عرض الحائط بالمادة 17 من القانون المشار إليه؟ إن التحايل على قصد المشرع الدستوري والقانوني مقصود ما في ذلك شك. والتكليف المؤقت بصيغة قائم بأعمال المحافظ لمرة ثانية، دون سبب قاهر يطعن في الاستقلالية اللازمة والمنصوص عليها بالمادة 2 من القانون، ويثير الكثير من التساؤلات حول الغاية منه، ولكنه لا يثير الاستغراب حيث عودنا الرئيس السيسي على اتخاذ خطوات مماثلة في أمور عديدة أخرى. حسن عبدالله غير مؤهل (لا علميا ولا مهنيا) للقيام بمهام ومسؤوليات محافظ البنك المركزي (وهو ما كنت قد أشرت إليه بعد أيام قليلة من تعيينه في مقال بعنوان “الاختيار الخطأ للمحافظ واختياره الخاطئ لمستشاريه” نشر في صحيفة “درب” الإلكترونية المحجوبة آنذاك في 26 أغسطس 2022، وبعد نشره بعده أيام تم حظر المقال على الإنترنت) وأكبر دليل على ذلك ما حققه من إخفاقات تامة في كل الواجبات الأساسية للمحافظ وفقا لمقاييس وأهداف البنك المركزي نفسه الذي يترأسه.
رغما عنهم
تفاقمت ظاهرة هجرة الأطباء المصريين للخارج وباتت وفق ما يرى هشام الهلوتي في “الوفد” تحتاج إلى تدخل سريع من الدولة للقضاء على العجز في أعداد الأطباء، خاصة في المستشفيات الحكومية. نقابة الأطباء حذرت أكثر من مرة ودقت ناقوس الخطر من المناخ الطارد للأطباء، الذي وصل خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى درجة مقلقة نتيجة تدني الأجور التي تتراوح ما بين 3400 و4000 جنيه وزيادة ساعات العمل نتيجة نقص الأعداد، وتأخر صدور قانون المسؤولية الطبية، والتعدي على الأطباء في المستشفيات. أحدث الإحصائيات تشير إلى أن عدد خريجي كليات الطب سنويا تصل إلى 11 ألف طبيب، وهو عدد كافٍ لاستقرار المنظومة الصحية، لكن للأسف أكثر من 60% منهم يعملون خارج مصر، والغريب أن 80% منهم فوق سن الثلاثين، أي أنهم حصلوا على خبرات ومهارات تجعلهم ثروة ومكسبا لأي دولة يتجهون إليها، ومنها بريطانيا التي تعد أكثر الدول الأوروبية جذبا للأطباء المصريين، الذين بلغ عددهم حوالي 5 آلاف طبيب خلال السنوات الخمس الأخيرة. الأغرب أن دراسة حكومية حذرت منذ عام 2018 من خطورة هجرة الأطباء، ونقص أعداد الأطباء العاملين في المستشفيات الحكومية، الدراسة نفسها أوضحت أن أعداد الأطباء البشريين المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب حتى آخر عام 2018 يقترب من 213 ألف طبيب، بينما من يعمل فعليا في مختلف الجهات، وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية والخاصة وغيرها، لا يزيد على 82 ألف طبيب، بنسبة 38% من القوة الأساسية المرخص لها بمزاولة مهنة الطب. ومع ذلك لم تتخذ الحكومة حتى إجراءات حقيقية ملموسة للسيطرة على هجرة الأطباء طوال خمس سنوات، كشفت النقابة عن استقالة أكثر من 11 ألف طبيب من العمل في القطاع الحكومي منذ عام 2019، من بينهم نحو ألف طبيب خلال الثلاثة شهور الأولى من عام 2022. وطالبت الحكومة بـالتدخل لتصحيح الأخطاء والقضاء على معوقات استقرار المنظومة الصحية، والعجز الشديد في أعداد الأطباء الذي بلغ 8.6 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، أي أقل من طبيب لكل 500 مواطن، في حين يصل معدل الأطباء العالمي إلى نحو 23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن، ومن هنا أطالب بإنصاف الأطباء والحفاظ على هذه الثروة القومية، رحمة بالمرضى.
جهود سعيد
تناولت الدكتورة منار الشوربجي في “المصري اليوم”، “الإسلاموفوبيا”، وقدمت للمفكر الراحل إدوارد سعيد الذي يرجع له الفضل في كشف التلفيق الذي ينطوي عليه الاستشراق، فقد قدّم الجذور والأساس الفكري الذي تنبني عليه «الإسلاموفوبيا» اليوم، ومنحنا الأدوات الفكرية التي يمكن استخدامها في مواجهتها. وأفكار سعيد تشرح في ذاتها علاقة الاستشراق بتدنيس المصحف الشريف في السويد والدنمارك والأحداث العدوانية المماثلة. وللاستشراق عند إدوارد سعيد أكثر من معنى. فهو يستخدم الكلمة ليقصد الغربيين الذين تخصصوا أكاديميا في دراسة الشرق. ويقصد بالاستشراق أيضا منهجا فكريا يقوم على «التمييز المعرفي والوجودي» بين الشرق والغرب. والاستشراق عنده معنيّ أيضا بالخطاب العام الذي يتم من خلاله خلق «صورة وتصور فكري» للشرق سياسيا وأيديولوجيا واجتماعيا. ومن هنا، فالاستشراق عند إدوارد سعيد، عبارة عن منظومة فكرية ومعرفية صارت لها نظريات وممارسات على أرض الواقع، وباتت تعطي الشرعية للانحياز الأيديولوجي. فالمواطن الغربي العادي يقول لنفسه إذا كان هذا ما يقوله المفكرون والباحثون (الغربيون طبعا) «المتخصصون» في الإسلام والشرق، فلا بد أنه صحيح.
أدنى درجة
في أطروحته الجوهرية يقول إدوارد سعيد صراحة إنه لا يقدم نقدا للاستشراق حتى يقوم بعد ذلك بتقديم الشرق “الحقيقي”. فنقطة البدء لفهم أطروحة الكتاب كما قالت الدكتورة منار الشوربجي هي أنه في نقده للمستشرقين يرفض أصلا الاختزال والتعميم من نوع «الشرق» بالجملة مقابل “الغرب” بالجملة، أو “المسيحية” بالجملة مقابل “الإسلام” بالجملة. فهو يرفض اختزال ثقافات وشعوب ما يسمى “الشرق” في تعميمات، بجرة قلم واحدة، يتم بناء عليها اختراع هوية جماعية لأعداد ضخمة من البشر. وحذّر من التأثير “القاتل” لمثل تلك التصنيفات لأنها تخلق “أساطير تضفي الشرعية على الانحياز الفكري”. ويشرح أنه في الجوهر من المنهج الاستشراقي فكرة “نحن وهم”. و”هم”، عند المستشرقين، هي نحن طبعا. أما “نحن”، أي الغربيين، فتعني البيض أساسا. فالشرق من تعريفاته ضمنا أنه ليس أبيض، أي يشمل مسيحيي الشرق أيضا، فهم مثل مسلميه ليسوا بيضا. و”هم” (أي نحن الشرقيون) فكلهم “ليسوا مثلنا ولا يحترمون قيمنا”، وهم بالضرورة “أدنى درجة”. لكن لعل أهم ما قدمه إدوارد سعيد كان نقده للمنهج البحثي الذي يستخدمه المستشرق. ففي مقدمته البديعة التي كتبها لآخر طبعة للكتاب صدرت قبل وفاته (2003)، فرّق بين «المعرفة التي يسعى لها المرء، بهدف الفهم والدراسة والتحليل الدقيق، والمعرفة القائمة على التعسف.. وبغرض إثبات الذات والرغبة في تهنئتها على التفوق على الآخر». ويؤكد على الفارق بين “الفهم بهدف التعايش الإنساني، والفهم الذي يهدف للهيمنة والسيطرة”. ويشير سعيد إلى أنه لا يمكن فهم دراسة “الشرق”، من جانب الغربيين، بمعزل عن السياق الذي أجريت فيه تلك الدراسات. وشرح السياق، فبدأ ببريطانيا وفرنسا زمن استعمارهما لذلك “الشرق” قبل أن تلحق بهما الولايات المتحدة. وبالتالي، فسياق تلك المعرفة سياق استعمار وهيمنة. وهو قدم الدليل بعد الآخر على العلاقة الوثيقة بين أولئك المستشرقين وصناع السياسة الاستعمارية في بلادهم، حيث كانوا دوما عونا، بل مستشارين للاستعمار، بدءا بالحملة الفرنسية على مصر، ومرورا بمرحلة الاستعمار التقليدي للمنطقة، ثم للهيمنة الأمريكية، ووصولا لأحداث سبتمبر/أيلول 2001.
وهم المجانية
هناك مثل يقول إنه لا غذاء بالمجان، فلكل أمر تكلفة وثمن؛ ومع ذلك ظل يدهش الدكتور عبد المنعم سعيد في “الأهرام” الحديث في مصر عن مجانية التعليم، فقد كانت معظم دول العالم التي تتحمل ميزانية التعليم تسميه التعليم الحكومي أو تعليم الدولة. كلمة المجاني تضلل كثيرا، لأن العملية التعليمية تتكون من مدرسة ومعلم وتلميذ، ولكل منهم في الإنفاق نصيب وحظ. المدرسة في بنائها وصيانتها ومرافقها وما فيها من معامل وملاعب؛ والمعلم له أجر مستقر ويمنحه النزاهة والكرامة، والتلميذ في ملابسه وأدواته وغذائه. لا يوجد ما هو مجاني، ولكنه في مصر نعت بذلك بينما تحملت الدولة أعباءه. هنا توجد حقيقتان: الأولى هي أنه كان في مصر تعليم تتحمله الدولة قبل ثورة يوليو/تموز 1952؛ والثانية هي أن تعليم الدولة موجود في كل دول العالم تقريبا، تتحمل تكاليفه من الحضانة إلى نهاية التعليم الثانوي. بات التعليم جزءا من وجود الدولة، ففيه يكون الوعي بالهوية الوطنية، ومنه يخرج الذين يبنون الوطن ويدافعون عنه. ما حدث حتى عام 1970 عندما تخرجت في جامعة القاهرة، كانت الدولة قادرة على الإنفاق على التعليم الجامعي وما قبله أيضا. الزيادة السكانية والحرب لتحرير الأراضي المحتلة جعلتا الاستمرار في الإنفاق مستحيلا، ما لم يجُرْ الكم على الكيف. زاد عدد الطلاب في الفصل الدراسي الواحد، وتوقفت البعثات العلمية للخارج، وضعفت المعامل والمكتبات، ومع تراجع المستوى زادت الدروس الخصوصية ومعها السناتر؛ وكان المنتج في النهاية هجرة المدرسين والضعف الشديد لمنتج العملية التعليمية. مع سوء الحال، وعدم القدرة على استيفاء متطلبات المدارس والجامعات، بدأت عملية الالتفاف على تعليم الدولة من خلال إيجاد ازدواجية تعليمية على أساس من اللغة فبات في الكليات واحدة باللغة العربية، وأخرى بالإنكليزية، وثالثة بالفرنسية. تدهورت أحوال المدارس، والجامعات، وهاجر المدرسون والأساتذة إلى بلاد الله الواسعة. ما بقي كان لطم الخدود على حال التعليم، فإذا ما جاء مخلص زاد اللطم على ما تعودناه.
على مضض
بعد طول تمنع.. وافقت الولايات المتحدة على فتح الباب الخلفي لتزويد أوكرانيا بطائرات “فانتوم 16” عن طريق الحلفاء في أوروبا. عدة دول كما اوضح جلال عارف في “الأخبار” أعلنت عن برامج تدريب للطيارين الأوكرانيين على هذا الطراز من المقاتلات الأمريكية، ودول أخرى أعلنت عن اعتزامها تزويد أوكرانيا بأعداد من هذه المقاتلات التي سعت أوكرانيا وراءها طويلا. ورغم اعتراض روسيا وتهديدها بالرد القوي على هذا التحدي، إلا أن الواقع يقول إن وضع «محلك سر» الذي يسود حاليا في جبهة القتال سيستمر لشهور مقبلة.. فطائرات «الفانتوم» لن يتم تسليمها على الأرجح إلا مع بداية العام المقبل، وتأثيرها لن يظهر إلا مع دخول أعداد كبيرة من الطائرات للمعركة، وهو ما يستغرق وقتا أكبر ويستدعي قرارا سياسيا من الولايات المتحدة التي تحسب خطواتها جيدا تجنبا للصدام المباشر بينها وبين حلفائها في الناتو من جهة وروسيا على الجانب الآخر القادة العسكريون في أمريكا حذروا من البداية من فشل هجوم الربيع الذي حشدت له أوكرانيا.. وهو ما حدث بالفعل، وألحق خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية في بضعة أيام.. وكانت الخشية ـ بعد ذلك ـ أن توسع روسيا هجومها، ولهذا توالت الإعلانات من واشنطن والحلفاء في «الناتو» بأن دعمهم لأوكرانيا مستمر. وأعطت أمريكا لأوكرانيا القنابل العنقودية مع اشتراط استخدامها داخل أراضيها، وبدأت أوكرانيا في حرب المسيرات الجوية والبحرية بهدف إبقاء القضية حاضرة. وعلى الطريق نفسه يأتي الإعلان عن تزويد أوكرانيا بطائرات الفانتوم. ورغم كل هذه الجهود، يظل الوضع بلا تغيير حقيقي في ميدان القتال، وتظل أمام أوكرانيا شهور صعبة حتى يمكن أن تحرك قواتها حين تملك حماية جوية كافية، ويظل معدل الخسائر في ارتفاع كبير، ورغم الدعم الذي تقدمه دول التحالف فإن المخاوف الأوكرانية تظل حاضرة مع هواجس التململ الأوروبي من تكلفة الحرب، ودخول أمريكا في عام الانتخابات وقلة حماس الجمهوريين للحرب.. وفوق هذا كله معاناة العالم بكامله من آثار الحرب التي كان يمكن تفاديها منذ البداية حتى الآن.. طريق التسوية مسدود. لم يعد السؤال: متى تنتهي الحرب، بل كيف نمنعها من أن تتحول لصدام مباشر بين روسيا والناتو مع التصعيد المستمر من الجانبين؟
صراع الحيتان
انتبه حسين حلمي في “الوفد” لحقيقة أقرب لمأساة لم تشغل الحكومة يوما ما: أصبحت بعض الدول العربية تتفوق علينا في أعداد السائحين لديها، رغم عدم وجود ما لدينا من بحار وآثار وصحراء. وللحق إذا زاد دخل السياحة في مصر تستطيع منفردة أن تسدد ديون مصر كلها، ولا توجد أزمة في العملات الصعبة كافة في مصر في هذا الزمن والأزمان الآتية. هل هذا يعني أن القائمين على السياحة هم السبب؟ في البداية يجب علينا تقسيم القائمين على السياحة إلى قسمين؛ القسم الرسمي وهم الموظفون، والقسم الأهلي وهم أصحاب المنشآت السياحية. فالصراع بينهم وصل إلى طريق مسدود، كل منهم يحاول أن يثبت أن الفشل في استقدام السياح راجع إلى الآخر. فالفريق الأول الرسمي يرى في القادم إلى مصر غنيمة يفرض عليه الكثير من الرسوم التي تمنع السائح الحقيقي متوسط الدخل عن الحضور إلى مصر، والفريق الثاني يحاول أن يعوض الأعداد القليلة فيحاول أن يرفع من أثمان السلع على السائح، بخلاف سائقي الأجرة وبائعي الأنتيكات، سواء في المزارات أو البازارات، كلهم يحاولون تفتيش السائح بعباراتهم التي لا يفهمها السائح «كل سنة وأنت طيب»، حتى تحولنا إلى شعب غير محبوب على مستوى العالم، كما قال عمنا بيرم التونسي: «بفعل أهل البلد… أهل البلد تنحب… وبفعل أهل البلد… أهل البلد تنسب».
خريف الأبيض
ما شهده نادي الزمالك على مدى الشهور الماضية اعتبره عبد القادر شهيب في “فيتو”، نموذجا صارخا لمحاولة التشبث بالسلطة وعدم التفريط فيها بكل السبل المشروع منها وغير المشروع.. ففي البدء رفض رئيس النادي السابق ترك مقعد الرئاسة وهو في السجن، حيث كان يقضي عقوبة قضائية، وظل يدير النادي من داخل السجن متحديا القانون واللوائح، مستغلا سيطرته على النادي ومجلس إدارته. وعندما طالبته الجهة الإدارية مضطرة بالامتثال للقانون وتعيين قائم بأعمال الرئيس أجبر مجلس الإدارة على تفويضه كل صلاحيات الرئيس، وعندما زادت الضغوط عليه إداريا وجماهيريا، ليترك مقعد رئيس النادي لبضعة أشهر قليلة حتى إجراء الانتخابات الجديدة التي يمكنه المشاركة فيها، قام بتوريث ابنه مقعد الرئيس منذ أيام.. لكنه اضطر مؤخرا إلى الاستقالة هو الآخر مع بقية أعضاء المجلس، الذين قدموا استقالاتهم وهكذا هي السلطة ربما الوصول إليها صعب أحيانا، ولكن دوما مغادرتها أصعب.. لقد ظل رئيس نادي الزمالك السابق يقاوم بكل السبل والحيل المشروعة وغير المشروعة للاحتفاظ بالسلطة، رغم أنه كان سوف يغادرها لبضعة أشهر قليلة فقط حتى موعد إجراء الانتخابات الجديدة، لكنه أبى ورفض حتى اضطر إلى ذلك بعد أن تراكمت المشاكل والأزمات على النادي في اتجاهات شتى، وبات حتى التوريث لم يفده، بل سوف يضره إذا ما خاض الانتخابات المقبلة.. ولعل هذا يذكرنا بما قام به الرئيس الامريكي ترامب قبل سنوات مضت، لمنع تسليم السلطة للرئيس المنتخب الجديد بايدن.. ولا يختلف الأمر حتى في السلطة التي يتم الحصول عليها في مجال العمل التطوعي مثلما هو الحال في الأندية.
غير آدمية
فى ظل ظروف معيشية وصفها أحمد حسان في “المشهد”، بالأكثر سوءاً يعيشها المصريون على مدى عقد هو الأسوأ منذ ثورة 23 يوليو/تموز 1952، نتيجة لسياسات عشوائية ينتهجها النظام الحالي ألقت ظلالها على مناحي الحياة كافة، أصبح المواطن المصري يعيش يومه في ماراثون مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والبضائع والمعدات والأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية، إلخ. نتيجة لذلك ترفع الدولة أجور الموظفين وأصحاب المعاشات بنسب بسيطة تنصب لها الأفراح والليالي الملاح في برامج التوك شو، وتقدم الدولة بعض المساعدات المالية للعمالة غير المنتظمة وزيادات طفيفة للمواطنين المدرجين في برنامج تكافل وكرامة، وتبقى شرائح من المواطنين من أصحاب العمل الحر كأصحاب محلات البقالة والسوبر ماركت والجزارين وسائقي السرفيس والتوكتوك وسماسرة العقارات وبالطبع كل هؤلاء يعملون على رفع الأسعار نتيجة للسياسات التي أدت لذلك، بل أكثر من ذلك مثل تفشي الرشوة والفساد في المصالح الحكومية. ومن بين الشرائح التي تخلى الكثير منها عن ضميره لتحقيق مكاسب طائلة فئة سماسرة العقارات، خصوصا أن هناك “شريحة جديدة” اقتحمت هذه المهنة فأفسدت وشوهت سوق العقارات، في ظل غياب كامل من أجهزة الدولة، حيث أن الدولة الآن مشغولة بالبيع وليس السمسرة، بل أزعم أنها بسبب سياساتها في غلاء الوحدات السكنية التي تبنيها أدى إلى ظهور هذه الشريحة الجديدة التي لا تعمل وفق معايير أو تقدير عادل لا يظلم فيه البائع أو المشتري، فالذين كانوا يعملون منذ سنوات في هذا المجال يحددون قيمة الوحدات السكنية في نطاق المكان الذي يعملون فيه، مع بعض الفروق الخاصة بتميز الموقع، والطابق الذي توجد فيه الوحدة السكنية ومستوى التشطيبات.. هذا النهج كان قائما حتى وقت قريب، حتى زاحم السماسرة شركات التطوير العقاري، فرفعت من سعر الوحدات أكثر مما تسببت في رفعه الدولة، أما الشريحة الجديدة التي دخلت مهنة السمسرة فهي أفسدتها وتلعب دورا – عن جهل – في رفع الأسعار لمستوى فلكي..
فخ السماسرة
هذه الشريحة من السماسرة الجدد أكثر انتشارا في الأقصر والغردقة، كما راقبهم أحمد حسان: يجلسون أمام شاشات التلفزيون ويشاهدون إعلانات الوحدات السكنية والفيلات والشاليهات التي تبلغ أسعارها الملايين، فتفتق ذهنهم عن تقليدهم في رفع أسعار الشقق والفيلات، فقاموا برفع الأسعار لمستوى فلكي، يعلنون عبر جروبات عن شقق بمليون جنيه أو أكثر، في حين أن أقل من هذا المبلغ كان يشتري فيلا في طيبة الجديدة منذ شهور، بالطبع البائع يهمه تحقيق أعلى سعر والبيه السمسار بالطبع أيضا سيحقق أعلى مكسب، فهو قد يتفق مع الطرفين على نسبته من هذه الصفقة وهم يصلون إلى هدفهم أقصد البيه السمسار بطريقة خبيثة عن طريق خداع المشتري أو الراغب في شراء شقة، حيث يعلن عبر الجروب على الفيسبوك عن طلبه لشراء شقة بمواصفات معينة وفي مكان معين، ثم يرد على نفسه من حساب آخر أو يجعل أحدا من طرفه يرد: طلبك موجود ثم يخبره أو يخبر نفسه عن السعر، وسمسار آخر يعلن على الجروب عن وجود شقة ويعدد مواصفاتها وموقعها، ثم يرد على نفسه أو أحد من طرفه من حساب آخر ويسأل عن السعر. بعض المواطنين الآن اكتشفوا هذه الخدعة، السادة السماسرة الإعلانات التي يقلدون أسعارها مع الفارق كلها بالتقسيط على فترة تتراوح بين 6 إلى 12 عاما.. فاتهم أيضا أن هذه الشقق والفيلات داخل كومباوندات عليها حراسة، وفيها مولات ومستشفى وناد اجتماعي ومدرسة دولية وحمام سباحة ولاجون، كما أن المستوى الاقتصادي لمن يسكن في هذه الكومباوندات مرتفع جدا.. السادة البهوات من السماسرة الجدد.. أرجوكم فكروا قبل أن تقلدوا.
ثروة مهدرة
تنهض الأمم وتتقدم بسواعد شبابها الفتية وتمتلك مصر على حد رأي رفعت رشاد في “الوطن” ثروة تتمثل في ارتفاع نسبة الشباب بالنسبة للعدد الإجمالي للمواطنين، حيث يصل عددهم 60 مليون نسمة، وهي نسبة توفر للدولة في مجال طموحاتها قوة كبيرة وطاقة هائلة لتنفيذ مشروعاتها التنموية والاستراتيجية. والدولة إذ تفطن لأهمية تمكين الشباب للاستفادة من طاقاتهم، فإنها أنشأت أكاديمية الشباب التي يدرس فيها الشباب من أعمار معينة علوما معينة، لكي يتخرجوا واعين لدورهم واحتياجات وطنهم، ولكي يمارسوا هذا الدور بمنهجية يكونون قد درسوا وتمرسوا في مجالات عملية قبل أن يخرجوا إلى مواقعهم الجديدة. كما أنشئ أيضا البرنامج الرئاسي الذي يمارس فيه الشباب دورهم ككوادر ويتم تأهيلهم للخروج إلى الحياة العملية. وقد أصدر الرئيس السيسي توجيهاته للحكومة من قبل أن تتم إتاحة الفرصة للشباب، لكي يكونوا في مواقع تؤهلهم لتولي المسؤولية في ما بعد، فعينت الحكومة عددا من الشباب مساعدين ومعاونين للوزراء وتم تعيين آخرين نوابا للمحافظين بجانب إدماج عدد آخر لكي يكونوا نوابا في مجلس النواب. إلى جانب هذه القنوات الفعالة لتمكين الشباب ترعى الدولة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، التي أثبتت قدرتها على أن تكون كيانا مؤثرا يضم كوادر سياسية فعالة شاركت بقوة في العمل السياسي واستطاعت أن تبني جسورا قوية مع الجهاز التنفيذي وكل أطراف العملية السياسية وصارت معملا لتخريج الكوادر القادرة على تولي المسؤولية. لا يقتصر الأمر على هذه البرامج والمجالات فحسب، وإنما تضمن الدستور نصوصا بشأن تخصيص 25% من مقاعد المجلس الشعبية المحلية المنتخبة على الأقل للشباب أقل من سن 35 عاما، لتمكينهم من تمثيل دوائرهم واكتساب القدرة على التفاعل مع قضايا المواطنين، وكذلك اكتساب المهارات السياسية التي تتوفر لهم من خلال ممارستهم داخل المجالس المحلية في كل مستوياتها من القرية إلى المحافظة. تنظر الدولة إلى المجالس المحلية باعتبارها بوتقة تنصهر فيها خبرات المخضرمين مع طاقات الشباب فتنتج أعدادا هائلة من الكوادر حيث يزيد عدد أعضاء المجالس المحلية المنتخبين على 50 ألف عضو في كل الجمهورية.
مصيرها مجهول
وجه الكاتب سيد محمود في ” الشروق” التحية للكاتب محمد سلماوي لأنه بادر في صحيفة “الأهرام” بالتعليق على بيان مجهول المصدر نشر على صفحات التواصل الاجتماعي أشار إلى أن 3 من أهم منشآتنا الثقافية قد تتعرض قريبا لخطر الإزالة، الأولى هي دار الكتب التي أنشئت عام 1870 على يد علي مبارك باشا باسم الكتبخانة، والثانية هي دار الوثائق القومية التي تحوى أغلب ما يتعلق بوثائق تاريخ مصر، وكانت تحمل اسم دار المحفوظات العمومية عام 1828، أي أنها تأسست قبل إنشاء مثيلتها في لندن بعشر سنوات، والمؤسسة الثالثة المهددة هي الهيئة العامة للكتاب التي تعد أكبر دار نشر مصرية. كما هو معروف فإن هذه المؤسسات الثلاث تقع على كورنيش النيل وبعد خطوات من أغلى فندق في القاهرة، وتوجد في مبنى معرض للإزالة خلال أقل من عامين استجابة لطلب إحدى الهيئات المهمة التي ترغب في استثمار الأرض.. وعلى الرغم مما انتهى إليه سلماوي، فإنه يثير التفاؤل لما تضمنه من إشارات مطمئنة، إلا أن المصري الحكيم بخبرته التاريخية يقول «اللي اتلسع من الشوربة، ينفخ في الزبادي» ولأن كل أيامنا (شوربة) فلم يعد أمامنا سوى النفخ في الزبادي وبالتالي الشك في جميع ما لدينا من إجابات إلى أن تثبت مصداقيتها. ونحن نتألم يوميا مما يجري في تراث جبانات القاهرة التي تهدم دون تقدير من أحد لقيمتها التاريخية أو المعمارية والجمالية، على الرغم من وعود رئيس الوزراء بتشكيل لجان لتقدير قيمة ما تم هدمه والبحث في خيارات بديلة وبعد أكثر من 3 شهور تواصل الهدم، وتأكدنا أننا في انتظار جودو.
تركوها للغرق
لم يتم الإعلان عن لجنة واحدة مما وعد بها رئيس الوزراء لدراسة ما تم هدمه من مبان ومقابر أثرية، وبالتالي لم تصدر أي تقارير ولم يعد أمامنا وفق ما يرى سيد محمود، سوى التحديق في الصور التي تثير الألم وتجعل خوفنا يتضاعف من أن يلقى مبنى هيئات الكتاب والوثائق القومية ودار الكتب المصير نفسه، فهو (مطمع كبير) ويثير لعاب جهات وهيئات كثيرة. ولم يعد أمامنا سوى التساؤل عن مصير المبنى، بل ومطالبة وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني بإصدار بيان حول مستقبل المؤسسات المهددة بالتشرد، وهي التي تحتاج إلى تطوير وليس إلى الهدم. أغلب دوريات دار الكتب لا يمكن استعمالها، لأنها في حالة يرثى لها وفي حال طلبها لأي غرض بحثي يرد الموظفون بإجابة وحيدة وهي (الدورية تحت الترميم)، وإذا حدث وطلب الباحثون أي كتاب فالرد الجاهز هو (الكتاب في أحرف الرفوف المقفلة) منذ 1997.. إذا أرادت الوزية أن تدخل التاريخ فأقترح عليها بعث وإحياء قانون دار الوثائق الضائع في أضابير مجلس الوزراء منذ سنوات، وبدء العمل مع أعضاء لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب للدفع به وتمريره ومناقشته خلال الدورة البرلمانية المقبلة، أما هيئة الكتاب فهي ليست أحسن حالا، وتعمل في ظروف صعبة ما بين مشكلات المحتوى والتسويق وأسعار الورق. تحدثت الوزيرة مع الأستاذ سلماوي عن المكاتب الجديدة التي أعدت في العاصمة الإدارية على أحدث الطرز وقالت إنها مجهزة بأحدث التقنيات استعدادا للاستغناء تماما عن التعامل بالورق، وهذا جميل لكن هل لديها تصور عن مستقبل دار الوثائق ودار الكتب وأسألها: هل تم التفكير في عملية رقمنة حقيقية لمحتويات دار الكتب والوثائق القومية، بحيث تصبح مصانة ومتاحة؟ هل تم تدريب موظفيها على التعامل مع التقنيات الجديدة، أم تركوا للغرق في كومات التراب والصراع مع الحشرات في مخازن الدار؟