«العصائب» تتهم بلاسخارت بالكذب… والصدر يدعو رافضي نتائج الانتخابات لمراجعة أنفسهم

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: حذّرت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، من خطورة عدم تقبّل نتائج الانتخابات، وعدم لجود المعترضين على نتائجها إلى الأطر القانونية وذهابهم نحو التصعيد، وفيما أكدت أن «لا دليل» على تزوير الانتخابات، اعتبرت حركة «عصاب أهل الحق» المنضوية في «الإطار التنسيقي» الشيعي، حديث الممثلة الأممية، أمام مجلس الأمن، أنه «كذب» في حين دعا، زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، المعترضين على نتائج الانتخابات، إلى مراجعة أنفسهم.
وركّزت بلاسخارت، في إحاطتها أمام مجلس الأمن، مساء الثلاثاء، على الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فضلاً عن التطورات السياسية والأمنية منذ إجرائها.

«إنجازاً كبيراً»

ورأت أن «الانتخابات التشريعية الماضية هي الخامسة التي تُجرى بموجب الدستور العراقي لعام 2005، وكانت تنطوي على الكثير مما يمكن للعراقيين أن يفخروا به» مشيرة إلى أن تقييمها للانتخابات، أنها «كانت بصورة عامة هادئة وحسنة الإدارة وأظهرت تحسناً فنياً وإجرائياً واضحاً، ومثلت بصفة عامة إنجازاً كبيراً يَحسُن بالسلطات والأطراف العراقية الإقرار به علناً».
لكنها أوضحت أن «تلك الانتخابات تحققت بشق الأنفس، ولنتذكر أن انتخابات تشرين الأول /أكتوبر، انبثقت من موجة غير مسبوقة من التظاهرات التي عمت أرجاء البلاد في عام 2019. تظاهرات تخللها عنف واستخدام مفرط للقوة وعمليات اختطاف وحالات استهداف بالقتل. تظاهرات أسفرت عن مئات القتلى وآلاف الجرحى».
وأضافت: «لا يمكننا أن ننكر أن الانتخابات ومخرجاتها، يمكن أن تثير مشاعر قوية، وينطبق ذلك على أي نظام ديمقراطي في أرجاء المعمورة، وليس العراق استثناءً من ذلك. وتبعاً لمواقف الأشخاص، يمكن أن تتصاعد حدة تلك المشاعر» مشيرة إلى أن، «في الغالب، تثير تلك المشاعر الحادة نقاشاً مكثفاً حول أمور مثل: التوجه الذي ينبغي للبلد أن يتبناه. ولا ضير في ذلك على الإطلاق، حيث أن مثل هذه النقاشات هي بمثابة حجر الأساس للتعددية وتدل على المشاركة السياسية».
وتابعت: «إذا أفسحت هذه المشاعر والنقاشات المجال أمام دوافع غير ديمقراطية، كالتضليل أو الاتهامات التي لا أساس لها أو الترهيب أو التهديد بالعنف أو ما هو أسوأ، فعاجلاً أم آجلاً، سيُفتح المجال أمام ممارسات، هي ببساطة، لا يمكن التهاون إزاءها».
ومضت بالقول: «في السابع عشر من تشرين الأول /أكتوبر، شرعت الأطراف التي ترفض نتائج الانتخابات بالتظاهر والاعتصام، وتصاعدت حدة تلك التظاهرات والاعتصامات في الخامس من تشرين الثاني /نوفمبر، وتم الإبلاغ عن خسائر بشرية في بغداد» مبينة أن «في الساعات الأولى من صباح يوم السابع من تشرين الثاني /نوفمبر، وقعت محاولة اغتيال استهدفت رئيس الوزراء، وهي بمثابة هجوم مباشر استهدف الدولة، وفعل شنيع لا يمكن، إلا أن يدان بأشد العبارات».
وزادت: «لا يجوز تحت أي ظرف السماح للإرهاب والعنف و/أو أي أعمال غير قانونية أخرى بإخراج العملية الديمقراطية عن مسارها في العراق» داعية في الوقت عيّنه إلى «تخفيف التوترات من خلال الهدوء وضبط النفس والحوار يمثلان السبيل الوحيد للمضي قدمًا».
ودعت المواطنين إلى أن «يدركوا أن، حتى لو لم تكن النتائج كما كانوا يأملون، فإن العملية على النحو التي هي عليه قد تكون سليمة. وفي الواقع، من أوضح العلامات الدالة على تعزيز الديمقراطية عندما يتعلق الأمر بالنتائج هو قدرة الأحزاب والناخبين على الاعتراف بالنتائج، بغض النظر عمّا يفضلونه، كأفراد».
ولفتت إلى أن «مجموع الأصوات على المستوى الوطني لا يمثل بالضرورة عدد المقاعد التي قد توقعتها بعض الأطراف. وجود عدد كبير جداً من المرشحين في دائرة انتخابية واحدة ربّما يؤدي إلى تشتت الأصوات» مشيرة إلى أن «أداء المرشحات كان يبدو ناجحاً بدرجة كبيرة، وبذلك تمت الاستفادة من (الكوتا) المقررة للمرأة والتي تبلغ 25٪ ومن المرجح أنه تم تجاوزها، وتلك النسبة تمثل الحد الأدنى (لتمثيل المرأة) وليس السقف الأعلى».
وقالت أيضاً: «في حين أن، قد يكون من الصعب تقبل خسارة المقاعد، إلا أن من المهم، لأي حزب في أي نظام ديمقراطي، دراسة أسباب الخسارة والتعلم منها من أجل الانتخابات التي تجري في المستقبل».
وفيما يتعلق بأي مسائل أخرى، بما في ذلك الاتهامات بالتلاعب بالنتائج، أوضحت الممثلة الأممية أن «القنوات القانونية القائمة تبقى متاحة، وقد استخدمت تلك القنوات في حالة العراق على نطاق واسع. ولكن حتى الآن، وكما صرحت بذلك السلطة القضائية العراقية، لا دليل على وجود تزوير ممنهج».

الافتقار للثقة

ولفتت إلى، «افتقار شديد إلى الثقة. افتقارٌ إلى الثقة فيما بين الأحزاب، وبين الأحزاب والمؤسسات، وبين الأحزاب والسلطات، ناهيك عن انعدام الثقة العامة منذ أمد طويل في الساسة والمؤسسات على حد سواء» مضيفة أن هذا الأمر «لا يخلو من مخاطر، حيث يؤدي انعدام الثقة في كثير من الأحيان إلى التصعيد».

المبعوثة الأممية قالت إن الاقتراع جرى بشقّ الأنفس ولا دليل على تزويره

ودعت إلى أن «يسود الحوار السياسي، ومرة أخرى، يتوجب التعامل مع أي من المخاوف الانتخابية التي لا تزال قائمة من خلال القنوات القانونية القائمة حصراً ووفقًا للقانون، ولا معنى لاستخدام الآخرين ككبش فداء للتظلمات الانتخابية».
وحسب الممثلة الأممية «لن تكون النتائج نهائية إلا بعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا عليها، وسيتم ذلك بمجرد أن تبتّ الهيئة القضائية الانتخابية في الطعون المقدمة إليها».
وحثّت على «التحلي بمزيد من الصبر. تقوم الهيئة القضائية الانتخابية بوضع اللمسات الأخيرة على عملها، وتقوم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإجراء مزيد من الفحص لأكثر من 800 محطة اقتراع بناءً على القرارات الصادرة عن الهيئة القضائية الانتخابية. وبمجرد الانتهاء من ذلك، من المتوقع أن ترسل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية العليا».
وواصلت: «في حين أن، من المستحسن أن تتم المصادقة على النتائج النهائية عاجلاً وليس آجلاً، فمن الجدير بالملاحظة عدم وجود مهلة زمنية محددة في الدستور لمصادقة المحكمة الاتحادية العليا على النتائج».

حكومة قادرة

وأكدت أن «أي، محاولات غير مشروعة تهدف الى إطالة أو نزع مصداقية عملية إعلان نتائج الانتخابات، أو ما هو أسوأ: كالقيام بتغيير نتائج الانتخابات عبر الترهيب وممارسة الضغوط، (على سبيل المثال) لن تسفر إلا عن نتائج عكسية. وإنني أدعو كافة الأطراف المعنية إلى عدم الدخول في هذا المنزلق».
وأشارت إلى أن «خطر استمرار الانسداد السياسي حقيقي، فإن العراق بحاجةٍ ماسةٍ إلى حكومة قادرة على التعامل بسرعة وفاعلية مع لائحة طويلة من المهام المحلية غير المنجزة، وهذه هي المسؤولية الأساسية لكافة الأطراف السياسية المعنية» داعية إلى أن «لا يستمر الوضع الحالي كما هو. وهناك حاجة إلى الحنكة السياسية والقيادة وحسن التقدير، كل ذلك مطلوب، وكذلك الالتزام على نطاق واسع بالحوار السياسي باعتماد معلومات واقعية كأساس للمناقشات وصنع القرار».
وزادت: «المرحلة الراهنة لفترة ما بعد الانتخابات هي الوقت المناسب الذي تبرهن فيه كل الأطراف السياسية الفاعلة عزمها لخدمة كافة العراقيين» مبينة إن «انعدام الفرص السياسية والاقتصادية والاجتماعية دفع بعدد كبير من العراقيين إلى الخروج في تظاهرات. ولا تزال مطالبهم وتظلماتهم تتسم بالأهمية كعهدها دائماً. وكما نعلم جميعاً، فإن الغضب المتأجج يزداد بسهولة».
ورأت أن «المشهد الحالي للعراق محفوف بالمخاطرــ وهذا اقل ما يقال. وفي ظل غياب إصلاحات حقيقية، فلن يتحسن الوضع. بل على العكس».

«الابتعاد عن المهاترات»

في الأثناء، علّق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على الإحاطة التي قدمتها بلاسخارت أمام مجلس الأمن.
وقال في «تدوينة» له، إن «تصريحات أممية جديدة في ما يخص الانتخابات العراقية. تبعث الأمل وتوصيات أممية جيدة، ننصح باتّباعها والابتعاد عن المهاترات السياسية والعنف وزعزعة الأمن».
وأضاف: «هي فرصة جديدة لرافضي نتائج الانتخابات بمراجعة أنفسهم والإذعان للنتائج، لا لأجل منافع سياسية فحسب بل من أجل الشعب الذي يتطلع إلى (حكومة أغلبية وطنية) تفيء على العراق والعراقيين بالأمن والسيادة والاستقرار والإعمار والخدمات التي يصبو إليها شعبنا الأبي الصابر».
وتابع: «من أهم ما صدر من مبعوثة الأمم المتحدة، أن لا وجود لأدلة على تزوير الانتخابات، مضافا إلى ما ورد في كلامها من التأكيد على عدم التسويف والتأخير في الإعلان عن النتائج».
وختم الصدر بالقول: «على المحكمة الاتحادية العمل بجد وحيادية على ذلك والتعامل مع الطعون بمهنية، ولا ترضخ للضغوط السياسية كما هو املنا بها.. فالشعب يتطلع إلى ذلك بفارغ الصبر ليصل إلى بر الأمان والعيش الرغيد».
لكن حركة «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، ردّت على إحاطة بلاسخارت، متهمة الأخيرة بـ«الكذب».
وقال عضو المكتب السياسي في «العصائب» محمود الربيعي، عبر تدوينة له، إن «المرأة التي كذبت على المرجع الأعلى ونسبت له في مؤتمرها الصحافي كلاماً لم يقله فور خروجها، وعلى بعد أمتار منه، لا نستغرب منها أن تكذب على منظمة الأمم المتحدة التي تمثلها في العراق، خصوصا إننا نمتلك ما يكفي لكشفها، وهي تمثل دور المسكينة التي لا تعرف شيئا عن التزوير».

تأكيد على النزاهة

يأتي ذلك في وقتٍ أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أن ما تحدثت به بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي، حول الانتخابات العراقية، تأكيد على نزاهة الاقتراع.
وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، للقناة الرسمية، إن «ما تحدثت به بلاسخارت في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي تأكيد على نزاهة انتخابات تشرين».
وأضاف أن «الدعم الدولي ليس جديداً بل تواصل منذ انتهاء العملية الانتخابية، وهذا تأكيد على ما تم التصريح به سابقاً بأن الانتخابات كانت نموذجية وتختلف عن سابقاتها».
في السياق أيضاً، أعلنت المفوضية، الانتهاء من إعادة العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها في جانبي الكرخ والرصافة في بغداد، ومحافظتي النجف والمثنى، بناء على قرار الهيئة القضائية للانتخابات، بحضور ممثلي المرشحين الطاعنين والمراقبين الدوليين والإعلاميين المخولين.
وذكر بيان للمفوضية الأربعاء، أن «نتيجة إعادة عملية العد والفرز اليدويين لهذه المحطات سترفع إلى مجلس المفوضين؛ لاتخاذ التوصية المناسبة بشأنها في ضوء الإجراءات المتبعة ورفعها إلى الهيئة القضائية للانتخابات».
ووفقاً للبيان، فإن اليوم الخميس سيكون «مخصصاً لإعادة عد وفرز محطات محافظة نينوى، آخر المحطات المطعون بها».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية