الدوحة – “القدس العربي” :
قال الدكتور خالد بن محمد العطية، نائب رئيس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري إن بلاده لا تخشى أي تهديد عسكري من دول الحصار المجاورة أو أي جهة أخرى مستقبلا، مشدّداً على أن قطر جاهزة تماما للدفاع عن نفسها دون الحاجة للاستعانة بأي دولة للدفاع عنها.
وخلال استضافته في مؤتمر “العائدون من مناطق القتال” التي يعقد بالدوحة على مدار يومين، قال العطية رداً على سؤال حول مدى تخوف قطر من أي تهديد عسكري سعودي أو إماراتي مستقبلا “نحن نجهز أنفسنا ونستعد.. واليوم، نحن جاهزون مهما كانت التهديد. ومن حيثما جاء هذا التهديد، فقد استعددنا لذلك، مهما كانت جهته”.
وفسّر توجه بلاده لتعزيز قدراتها العسكرية، بالقول: “أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يسعى لتدعم قدراتنا الدفاعية ليس لنكون هجوميين وعدائيين، بل أن يكون لدينا سيفنا ودرعنا للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وهذه استراتيجيتنا في المرحلة القادمة”.
واشنطن لا تمارس أي تهديد أو تخويف أو شروط مسبقة علينا
ونفى وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري أن تكون واشنطن تفرض أي ضغوط على الدوحة من خلال تواجدها في قاعدة “العديد” العسكرية “علاقتنا مع واشنطن استراتيجية ومبنية على الاحترام المتبادل. وحتى خلال الأيام الصعبة في الإدارة الأمريكية، وفي وقت المحن، كان دوما هناك احترام متبادل بيننا، ولا وجود لتهديد أو تخويف، أو شروط مسبقة من الولايات المتحدة، وهي تحترم قراراتنا السيادية”.
كما نفى العطية اعتماد قطر على الدعم الأمريكي للدفاع عنها “هناك تعاون واتفاقيات تقنية وفنية بين قطر والولايات المتحدة. ونحن في قطر نعمل وكأننا بمفردنا، ولو أنه لدينا حلفاء، لكننا لا نفكر أن نطلب أن يدافعوا عنا، بل ندافع عن أنفسنا بأنفسنا.. هذه استراتيجيتنا وعقيدتنا”.
أول أزمة دولية تحدث بسبب خلاف مع شخص (ولي العهد السعودي)
وعن نظرته لمستقبل العلاقات القطرية السعودية في حال بقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في منصبه، قال وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري: “لا يمكنني أن أتوقع ما سيحدث، ولكن في مرحلة ما، لدينا أصحاب قرار في قطر، وسوف يقررون ما هو في مصلحة الاستقرار في المنطقة”.
وفي أول تعليق لوزير في الحكومة القطرية عن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، قال وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري: “نحن نأسف لمقتل الصحافي جمال خاشقجي. لست في موقف للحديث بالتفصيل عن هذه المسألة، هناك تحقيق من جهات عديدة، ونحن هنا لنجلس ونأمل العثور على جثته لينال المرحوم الجنازة التي يستحقها. لقد شكّل مقتلة صدمة وصلت أنحاء العالم، مع الطريقة التي قدمت بها قصة الجريمة وكيفية قتلة”.
وعن قراته للأزمة الدولية التي أعقبت مقتل خاشقجي، قال العطية: “هذه أول أزمة دولية من نوعها يحدث فيها خلاف مع شخص، وليس هناك أي مخرج لها. ونرى قانونيين وسفراء يحاولون التدخل، لكن هذه الحالة غريبة في التعامل معها من الناحية الجيوسياسية”.
ندعم الوساطات ولا نتعامل مع الجماعات الإرهابية
ورداً على اتهامات دول الحصار للدوحة بدعم الإرهاب، قال العطية: “واجهنا هجمات عنيفة من بعض البلدان، وبدأوا بقصة خيالية بتمويل الإرهاب للإساءة لصورة قطر في الساحة الدولية. لدينا في قطر أهداف ورؤية، وقد قررنا أنه لا أحد يمكن أن يؤثر في رؤيتنا، ونحن نثق في أنفسنا وقدرتنا على تحقيق النتائج وخدمة شعبنا.
وتابع قائلاً:”اليوم بعد 15 شهرا من الهجوم على قطر باستخدام جميع الأسلحة من المسرح والموسيقى والأصدقاء وكل الوسائل. في النهاية؛ عرف العالم أن قطر لا تتابع أي أحد من مواطنيها يريد التعبير عن رأيه. هناك حرية تعبير”.
وحول تشكيك بعض الأطراف في الوساطات التي تقوم بها قطر لحل النزاعات، واتهامها بأنا تلعب بالنار، قال العطية: “نحن عضو موثوق في عملية الوساطة للجمع بين الأطراف المختلفة والتوفيق بينها من دارفور إلى لبنان واليمن، وطالبان، والأمريكيون يشجعون جهود الوساطة التي نقوم بها. قطر أثبتت أنها تقوم بأشياء مفيدة للعالم”.
واستطرد قائلاً: “لو أمكن إنقاذ حياة شخص سنبذل كل جهد ممكن لذلك، ونحن تأتينا هذه التوجيهات بجدية من أمير قطر، مهما حاول جيراننا إقناع العالم به. نحن لا نتعامل مع الجماعات الإرهابية، بل نقوم بالوساطة ونقوم بأقصى ما يمكن لإنقاذ حياة الناس، كما حدث مع مواطنين أميركيين وإيرانيين وغيرهم، ومؤخرا مع مواطن ياباني”.
لا بدّ من إدماج العائدين من مناطق القتال
وعلّق العطية على نظرة بلاده لكيفية التعامل مع الإرهابيين العائدين من مناطق القتال، بالقول: “لا بد من اعادة إدماج هؤلاء، وهذا ما فعلنا مع العائدين القطريين من أفغانستان، ولا بد من تجهيز القوانين لذلك لإعادة استوعاب هؤلاء في المجتمع بدل إقصائهم، كما فعلت بعض الدول”.
لا أحد يستطيع احتلال اليمن وينجح في إدارتها مهما حاولوا
وبشأن نظرة قطر لحل الصراع في اليمن، قال العطية: “لا بد لأي حل أن يمكّن كل مواطن يمني من الحق في الجلوس للمفاوضات والتعبير عن رأيه، أما الادعاء أنك مخلّص العالم، فيعني أن لك مصلحة خاصة بك، وحينها قد نرى مناظر فظيعة من نساء وأطفال وأناس يفقدون حياتهم بسبب الأمراض وقصف لمواقع حيوية مثل المدارس والمستشفيات.. ومتى وجدت الإرادة يمكن حل المشكلة”.
وردّ عن سؤال حول مدى استعداد قطر للمساعدة في حل الأزمة اليمنية، بقوله: “لو كان هناك إرادة سيكون هناك سبيل إلى ذلك. لن نذهب أبدا لنفرض أنفسنا، ولو طلب منا الأصدقاء الدعم النجدة، فيمكن أن نقوم بما يلزم لحماية الأبرياء الذين يفقدون حياتهم”، مضيفاً “اليمن تمثل مشكلة للجميع، وثبت ذلك منذ قرون، ولا أحد يستطيع احتلال اليمن وينجح في إدارتها مهما حاولوا، والطريقة الوحيدة هي طاولة المفاوضات، لأنها السبيل الوحيد للتوصل إلى حل، ولا سبيل للحل بالقوة”
نقوم بدور الميسر بين طالبان وواشنطن
وعن دور قطر في المصالحة بين واشنطن وحركة طالبان عبر مكتبها في الدوحة، قال العطية: “طالبان موجودة في الدوحة بناء على طلب من الحكومة الأمريكية، وقطر تقوم بدور الميسر في هذا الوضع، وسنقوم بتيسير ما يرغب فيه الطرفين التوصل إليه، وليس لدي القول الفصل، علينا فقط تيسير الأمن لو كانت هناك إرادة”.
وتابع قائلاً: “من الجيد التحاق 5 أعضاء جدد بالمكتب السياسي لطالبان، لأن الرجال الأقوياء فقط يمكنهم الجلوس لحل الأزمات بالمفاوضات. ليس كافيا مطاردة الإرهابيين والتخلص منهم، ولكن المنهجية الأخرى يجب أن تعالج المشكلة من جذورها. فالعراق مثلا يحتاج منا جميعا أن ندعمه للإسراع في عملية إعادة إعماره”.
واشنطن أكثر حكمة من أن تدخل حربا مع طهران
وبالمثل، فنّد العطية أن يكون البيت الأبيض يفرض ضغوطا على الدوحة بشأن علاقاتها مع طهران. وعلّق على الخلاف الأميركي الإيراني بعد إلغاء الاتفاق النووي بقوله: “أعتقد أن واشنطن ستصل لمرحلة تكون لها علاقات مع إيران ولا ندري متى. أعتقد أن واشنطن أكثر حكمة من أن تدخل حربا ضد إيران، ومهما اعتقد الشخص أن له استراتيجية، فليس من مصلحتها الدخول في حرب، والولايات المتحدة دولة تقوم على المؤسسات وتعرف مصالحها الاستراتيجية”.
ندعم اتفاق إدلب ولن نقف عائقاً أمام أي حل سياسي في سوريا
وفي الشأن السوري، قال وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري: “نحن نشجع الحل السياسي، وكلما طلب من قطر أن تقوم بدور الوسيط أو الميسر أو العمل في سوريا لوضع نهاية للأزمة المؤلمة، تسعد قطر أن تقوم بذلك، لأنه لا بد من حل سياسي، وسيكون سياسيا. واجتماع اسطنبول أعطى بادرة أمل ونحن ندعم أي بادرة أمل”.
ونوّه إلى أن “قطر لن تقف عائقاً أمام أي حل للأزمة السورية. وهي تدعم الاتفاق التركي-الروسي بشأن إدلب”، مضيفا “ليس من السهل الحفاظ على الوضع، وما يقوم به الأتراك تعتبر جهودا جيدة للحفاظ على هذا الاتفاق.. لقد استثمروا كثيرا لإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة”.
قطر لن تتردد في التقريب بين تركيا واليونان
ورداً على سؤال حول وجود وساطة قطرية بين اليونان وتركيا، قال وزير الدولة لشؤون الدفاع: “أنا أعرف أن البلدين لديهما نوايا حسنة، وأؤمن بالصداقة بيننا وبين الطرفين. يمكن التوصل لحل الكثير من المسائل، وقطر لن تألوا جهدا للمساعدة على تقريب وجهات النظر بين البلدين، ولو هناك شيء إيجابي للقيام به، لن نتردد في ذلك.
القوى العالمية تحترمنا..ونريد أن نكون أصدقاء للجميع
وحول تعامل قطر مع موزاين القوى في العالم، في ظل التنافس والصراع القائم بين واشنطن روسيا، وصعود الصين، والثقل الذي يمثله الاتحاد الأوروبي، قال العطية: “نحن نود الحفاظ على رؤيتنا ونكون أصدقاء للجميع، ولا ننتمي إلى مجموعة أو أخرى، بل نعمل على إيجاد منصة للأطراف المختلفة لتبادل الآراء، ولا نريد لمنصتنا أن يستغلها هذا الطرف أو ذاك لتعزيز نفوذه، بل نتعاون مع الجميع. ولحد الآن كل الأطراف تحترم سيادتنا، وهذه إحدى ركائز سيادتنا. الصين قوة صاعدة والكل يعرف حجم هذا البلد، وأوروبا كتلة قوى أخرى” .
جيوش الفساد والتنبلة لا تخيف الرجال.