العلاقة الملتبسة بين أمريكا والعراق

حجم الخط
1

بنبرة المتردد غير الواثق من حديثه ظهر صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار على إحدى الفضائيات العراقية ليدلو بتصريح «خنفشاري» يثبت من خلاله ان علاقته بالسياسة والمنطق علاقة ضعيفة .
فقد قال بان ( الكرد والأمريكان اخوة في الرضاعة بينما (نحن) كنا دائما بندقية تركض وراء الامريكي )… مع أنني لم أعرف من يقصد بكلمة ( نحن ) إلا أنني ومنعا لاحراجه سوف اتفادى السؤال عن الضمير المنفصل ( نحن ) ….
بداية أقول للبعض من هواة السياسة في حكومة المركز ممن أتى بهم الأمريكان وايران واقعدوهم على كراسيهم في البرلمان العراقي ومجالس محافظاته … عليكم ان تدركوا بان صرعة النعيق الناري ضد الكرد امسى مثار ( قشمرة) الشارع الكردي والعربي في العراق ، ومحاولاتكم المتكررة في إثارة أزمات مع كردستان للتستر على الخواء الفكري والسياسي الذي تعانون منه لم يعد يجدي في حشد تاييد الشارع العربي لكم ، بعد ان فشلتم في تقديم ابسط انواع الحقوق للشارع الذي وضعتم على الكراسي كي تمثلوه .
ان علاقات حكومة اقليم كردستان واضحه للجميع ، تستند على اساس المصالح المتبادلة انطلاقا من احساسها بالمسؤولية تجاه شعبها ، ونجحت في خلق علاقات متينة مع فرقاء السياسة الدولية والاقليمية سواء كانت امريكا واوروبا او ايران وروسيا ، ولم تنجر كما انجر كرحوت والضمير المنفصل ( نحن) الذي استعمله في حديثه الى مواجهات دونكيشوتية مع هذا وذاك تكون نتيجتها تدمير المدن و نزوح مواطنيها لنأتي صاغرين و نستجدي معونة من كنا نحارب .
وهنا نريد ان نوجه بعض الأسئلة إلى كرحوت والضمير المنفصل (نحن) ونتمنى ان تكون عنده الجراءة للرد عليها حتى ولو مع نفسه : – متى كان يركض هو وبندقيته وراء الامريكي ، هل قصد بها عندما كانت الدبابات الامريكية تركض وراء جيشه الهارب من الكويت بعد احتلالها في تسعينيات القرن الماضي ، ام عندما كان الجندي العراقي يقبل يد الجندي الامريكي ليحافظ على حياته من القتل ؟
متى ركض ببندقيته وراء الامريكان او وراء أي محتل آخر ؟ الضمير المنفصل ( نحن ) الذي تكلم عنه كرحوت لم يقاوم طوال تاريخه أي غاز او محتل للعراق . فمنذ الاحتلال الفارسي القديم .. مرورا بولاة الدولة الأموية الجائرين .. ثم الاحتلال العثماني .. وما تلاه من احتلال بريطاني .. فانتهاء بالاحتلال الامريكي والقاعدي والداعشي الحالي .. كان الضمير المنفصل ( نحن ) الذي قصده كرحوت اول من ينبطح لها كلها . وقد يقول قائل بان ( نحن ) هذا قد قاتل الامريكان واجبره على الخروج من العراق في الالفين واحد عشر ، فأقول له بان من قاتل الامريكان في العراق هم القاعدة والتنظيمات الاسلامية المتطرفة التي احتلت بدورها آنذاك الضمير المنفصل ( نحن ) ، واستباحت كل ممتلكاته ، الى ان انشأوا الصحوات العشائرية برعاية المحتل الامريكي وتخلصوا منها .
انا افهم ان الفكر البدوي عادة ما يكون موغلا في الخيال واللاواقعية ، لكن شرط ان لايصل الى درجة ان يكذب الكذبة ثم يصدقها والا فسيتحول الى غباء مدقع .
ان كانت الرضاعة مع أمريكا غير جائزة سياسيا فلماذا تستجدون الان مساعدتها لاخراج الدواعش من اراضيكم ، وان كانت ايران هي عدوة تاريخية فلماذا تخيرون امريكا الان بين .. اما انقاذكم من داعش او فالهروب الى الحضن الايراني سيكون هو الحل ؟ هل الضرورات هنا تبيح المحظورات التاريخية ؟
الغريب ان كرحوت ومن يحسبون على الضمير المنفصل (نحن) موجودون في كل زقاق من ازقة مدن اقليم كردستان معززين مكرمين ، بعد ان هاجروا ونزحوا من مدنهم نتيجة احتلال تنظيم الدولة الأخير لأراضيهم . وهم الان يرضعون من نفس الحليب وعين المرضعة التي ينتقدها كرحوت هذا ، وينتقد سياسات اقليم كردستان وتوجهاته .. وان استطاع سيكون اول من يتامر على التجربة الكردية ويضربها من اساسها .
لقد صدع كرحوت والضمير (نحن ) رؤوسنا بعد الالفين وثلاثة بطرح اخراج المحتل الامريكي ، وبعد خروجه اخذ يندب حظه العاثر في سقوط العراق تحت يد ايران ، فخرج في اعتصامات قال عنها بداية انها سلمية ثم أنهاها بدخول داعش . والان هو حائر بين الاستنجاد بامريكا او بايران لاخراج الدواعش من اراضيه . فهل ان تكون اخا في الرضاعة لامريكا افضل ، ام ان تكون تابعا ذليلا تستجدي المساعدة منه افضل ؟

انس محمود الشيخ مظهر- العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    أهلا وسهلا بك يا أستاذ أنس كاتبا بالقدس العربي
    فلقد قرأت لك أكثر من 40 مقالا بصحيفة العراق تايمز
    يعجبني جدا اسلوبك وحياديتك وخطك الثابت وحبك للعراق

    أكثر مقال مميز لك يا أستاذ أنس كان بتأريخ 19 حزيران 2014
    والمقال هو عن – الخطوط العريضة المتبقية لإنقاذ دولة تسمى العراق –

    شكرا لقدسنا العزيزة أن ضمت لكتابها المميزين كاتبا مميزا مثل الاستاذ أنس

    ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية