العلمانيون وتيارات الإسلام السياسي كلاهما كانا من ضحايا النظام الاستبدادي في مصر

حجم الخط
1

القاهرة ـ ‘القدس العربي’ كان الموضوع الأبرز والأخطر في الصحف الصادرة يومي السبت والأحد عن العملية الإرهابية ضد نقطة الشرطة العسكرية في طريق مسطرد شمال القاهرة، ففي ساعات الفجر الاولى وبعد أن أدى أفراد الشرطة صلاة الفجر، قام ثلاثة إرهابيين بفتح النار عليهم وقتلوهم جميعا، وعندما وصلت قوات الشرطة كادت أن تتعرض بدورها إلى كارثة ثانية، لولا أن لاحظت وجود حقيبة بلاستيك، واتضح أن بها قنبلة موقوتة، فاستدعت خبراء المفرقعات الذين اكتشفوا بدورهم أن لها توصيلات داخل نقطة الشرطة العسكرية، حيث توجد جثث الشهداء، وتم توصيلها بقنبلة أخرى بحيث يحدث الانفجار عند حمل الجثث وبذلك يقتل المزيد. وهذه تعتبر واحدة من اخطر العمليات الإرهابية، لا من حيث عدد الضحايا الذين سقطوا، فقد سقط أكثر منهم في عملية اغتيال جنود نقطة الحدود في رفح في أغسطس/اب سنة 2012 وهم يتناولون طعام الإفطار في رمضان، وتم قتل أكثر من عشرين مجندا بعد إيقاف سياراتهم أثناء عودتهم من سيناء إلى القاهرة، كما تم استهداف قافلة عسكرية بسيارة مفخخة، علاوة على تفجير مديرية أمن الدقهلية في العاصمة المنصورة ومديرية أمن القاهرة، هذه العمليات الضخمة لا تساوي شيئا بجانب هذه العملية التي وضح أنها من تدبير وتنفيذ عناصر علي درجة عالية من التدريب والاحتراف، والعملية أقرب إلى عمليات الوحدات الخاصة، صحيح أن كمائن الجيش، خاصة على طريق القاهرة الإسماعيلية وفي محافظة الشرقية تعرضت لهجمات وسقط شهداء، ولكن كانت العمليات إطلاق نار وفرارا لا إطلاق نار والتأكد من قتل كل من في النقطة ثم تلغيمها، وهو ما يحتاج إلى درجة عالية جدا من ثبات الأعصاب لإتمام المهمة قبل وصول أي نجدات. وكان قد سبق هذه العملية بساعات عملية أخرى قريبة من نفس المكان بإطلاق النار على ميكروباص يقل جنودا للجيش، ما أدى إلى مقتل مساعد، أي أن الهدف هو ضربة معنوية للجيش بالذات لا الشرطة هذه المرة، وقبل إعلان السيسي ترشحه للرئاسة، وقد وصلت الرسالة بسرعة فقد ترأس الرئيس عدلي منصور اجتماعا طارئا لمجلس الدفاع الوطني، وأكد ضرورة استئصال الإرهاب من جذوره.. كما نشرت الصحف أن السيسي سيعلن استقالته الثلاثاء أو الأربعاء من منصبه حتى يتقدم بتسجيل اسمه في كشوف الناخبين أولا، ثم يقدم أوراق ترشحه للرئاسة.
كما نشرت الصحف خبر حرق مجهولين سيارة زوجة الدكتور محمد بديع، مرشد الإخوان المحتجز الآن على ذمة عدد من القضايا التي يحاكم فيها، أثناء وقوفها أسفل منزل ابنها الطبيب في مدينة بني سويف.
أيضا واصلت الصحف الاهتمام بمشروع دولة الإمارات والحكومة المصرية لبناء مليون وحدة سكنية للشباب والمحدودي الدخل على مدى خمس سنوات، لأنها ستحرك قطاع المقاولات الذي ترتبط به حوالي مئة وأربعين صناعة أخرى..
كما واصلت الصحف أيضا نشر التحقيقات عن عيد الفن واستدعاء النيابة للراقصة الجميلة صافينار لسماع أقوالها في بلاغ فندق النبيلة كايرو الواقع أمام نادي الزمالك والمملوك لشاهيناز النجار احدى زوجات رجل الأعمال وأمين تنظيم الحزب الوطني والمسجون حاليا بمخالفة صافينار للعقد الموقع معها لامتناعها عن الرقص فيه والرقص في أماكن أخرى وقررت النيابة إخلاء سبيلها بعد الاستماع لأقوالها ويا بخت من حققوا معها .. والى بعض مما عندنا ..

سيخرج جميع من خدم
مبارك ليرسموا لوحات الشرف

إلى أبرز معارك يوم الخميس وبدأها في ‘الوطن’ زميلنا في ‘اليوم السابع’ علاء الغطريفي ضد كل من زميلنا خالد صلاح رئيس تحرير ‘اليوم السابع’ ومقدم برامج في قناة النهار لاستضافته وزير الإسكان في عهد مبارك الدكتور محمد إبراهيم سليمان وقد أثارته أسئلة خالد وإجابات سليمان فقال: ‘نعم سليمان لم يفعل أي شيء وإليكم أيها المغرضون التالي:
لم يسلم أراضي مصر لطبقة بعينها، لم يخصص شبرا واحدا لمجدي راسخ أو تايكونات عصر ‘مبارك’ من رجال الأعمال، لم يأمر شركات المقاولات الحكومية أن تبني له دارا أو ترمم قصرا أو تشيد حماما للسباحة، لم يتقرب من جهاز القمع البوليسي المباركي ولم يمنحه مترا مربعا واحدا في مدينة جديدة أو على الشواطئ، كان مواطنا صالحا وحاربه أحمد عز والحرس الجديد في عصر مبارك. لم يعاون سوزان مبارك يوما في تطوير ولم يسم أي مساكن باسمها يوما ما، بني للفقراء ومحدودي الدخل مدنا بأكملها.
سليمان إحنا آسفين لقد أخطاءنا في حقك لسنوات وأعادك خالد صلاح بحركاته اللولبية وموضوعيته الخيالية وتوازنه اللافت وأخلاقه العالية إلى نظرائه الشرفاء، سيخرج جميع من خدم مبارك ليرسموا لوحات الشرف واسمحوا لي بختام الحوار القول ان العمل مع الشيطان مبرر، لكن أن تعمل لصالح الشيطان فتلك خطيئة’ .

الإعلام يحاول تنظيف وجه رجال مبارك

والقضية نفسها ناقشها في العدد نفسه من ‘الوطن’ أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ومستشار الجريدة الدكتور محمود خليل بقوله ساخرا:
أولا ـ تحدث المهندس عن قطعة أرض تم تخصيصها لنجله ودافع عن ذلك قائلا: خصصتها لابني لأن القانون يمنع ان اخصص كوزير إسكان، قطعة أرض لي، وأشار إلى أن قطعة الأرض تلك بنى عليها البيت الذي يعيش فيه. وقال إنه من الطبيعي ألا يحرم من الحصول على أرض لمجرد انه وزير إسكان، وإلا فمن الواجب أن تحرم وزير الكهرباء من استعمال الكهرباء ووزير المياه من استخدام المياه وهكذا ‘شوف الحكمة’.
ثانيا : ذكر أنه دفع تعويضات حكمت بها المحكمة في قضايا تم الحكم فيها بشكل بات بلغت قيمتها على ما أذكر 34 مليون جنيه في قضية، و4.5 مليون دولار في قضية اخرى، وقال إن ما دفعه من فلوسه التي جمعها من جهده كأستاذ لهندسة الإنشاءات بجامعة عين شمس. وإن لديه أراضي وشاليهات وعقارات اقتناها قبل دخول الوزارة، كل هذا من عمله كأستاذ للجامعة. وقال أيضا إن له حسابا في سويسرا شوفوا العلام بيكسب ازاي؟! زمان كان هناك مسحوق للغسيل اسمه رابسو ربما يذكر أبناء جيلي تلك العبارة الشهيرة التي كانت تستخدم في الإعلان عنه عبارة: يغسل أكثر بياضا.. وقد اختفى المسحوق وبقيت العبارة. والمتجول بين البرامج التلفزيونية هذه الأيام يلمح أكثر من رابسو يلتقط الأشخاص والقضايا والأحداث التي ارتبطت بمصر مبارك في محاولة منه لتنظيف وجه النظام الذي قامت ضده ثورة 25 يناير/كانون الثاني، فبعد الفراغ من القيام بدور الزبال في اهالة كل ما هو قبيح على الكثير من حسنات هذه الثورة أصبح الدور المطلوب حاليا هو دور رابسو، لست أتحدث عن شخص بعينه لكنني أتناول حالة يمكن وصفها بأن فيها استحالة عودة نظام ساقط يحاول العودة متناسيا أن عودته تحتاج الى معجزة وإحنا في زمان يا عالم مفيهشي معجزات’.

وزير الإسكان يتفق مع مبارك
على ردم جزء من نهر النيل

وأنا لم أشاهد هذه الحلقة، ولكن ما نشر عن إبراهيم سليمان حتى وهو في منصبه كثير… وتولى حمايته مبارك وزوجته السيدة سوزان وابنه جمال، وأنا لن اعدد ما فعله هذا الوزير، ومن أراد الاطلاع عليه يمكنه الرجوع إلى التقارير المنشورة وفيها تسجيل كامل يومي وأبشعها محاولته الاتفاق مع مبارك شخصيا ، يبدأ من عند وكالة البلح في حي بولاق أبو العلا ويمتد ثلاثة كيلومترات حتى سور مجرى العيون، ليكون طريقا موازيا للكورنيش، وكل ذلك تلبية لمطلب أصحاب عدد من الفنادق اشتكوا من الزحام. وهو الذي قدم المشروع لمبارك وكلفه بتنفيذه من وراء ظهر رئيس الوزراء وقتها أحمد نظيف، ووزير الري الدكتور محمود أبو زيد، وللأسف فقد وافقا عليه خوفا من مبارك. ومن وراء ظهر محافظ القاهرة ولولا تفجير زميلنا وصديقنا مكرم أحمد عندما كان رئيس تحرير مجلة ‘المصور’ هذه الفضيحة وأن سليمان يهدد الوزراء بأنه حصل على موافقة مبارك، لما تم إيقاف الفضيحة التي اعترف مبارك فعلا بأنه وعد بدراسة الموضوع ولم يعط موافقة نهائية.

حمدين: أنا مرشح وطني
فخور بانتمائي للناصرية

صحيح انه لا يحب ناصر الا من كان في قلبه مرض فيكرهه، و’من حبنا حببناه ومن كرهنا كرهناه’، كما يقول المثل الشعبي، وهو ما يقودنا إلى زميلنا وصديقنا المرشح الناصري لانتخابات الرئاسة حمدين صباحي الذي ينافس السيسي، مما احدث انشقاقا عميقا بين الناصريين، لأن فريقا كبيرا منهم أعلن تأييده للسيسي باعتباره الامتداد الطبيعي لخالد الذكر.
أما حمدين فقد نشرت له ‘اليوم السابع’ يوم الخميس أيضا حديثا أجراه معه زميلنا عادل النهوري ناصري وشارك معه فيه زميلانا محمد رضا ومحمد سلامة ومما قاله حمدين: ‘لا يوجد انقسام في التيار القومي والناصري فأنا مرشح وطني فخور بانتمائي للناصرية، ولكنني لا أترشح باسم الناصريين أو حزب الكرامة، فمن أراد من إخوتي الناصريين أن يدعمني فمرحبا به ومن شاء دعم مرشح آخر فهو حقه، وأحترم ذلك ولا ألومهم فلديهم تقديراتهم الخاصة التي أحترمها، وهذا لن يمنعني من الاحتفاظ بعلاقاتي السياسية والإنسانية بهم، والكثير منهم لم يقفوا معي في الانتخابات الماضية، إلا في الأسبوع الأخير، ولم يكونوا جزءا من قوتي الأساسية، وكانوا يرون كما يحدث الآن أن فرصتي ضعيفة وأنني يجب ألا أعرض نفسي لمعركة خاسرة، وأرى أن الخسارة الحقيقية لي تكمن في مجهودات كل من خالد، الذي كان له دوره وتأثيره النابع من كفاءته وخبرته، بالإضافة إلى المهندس عبد الحكيم عبد الناصر الذي كان له دور عظيم في جولاتي بالمحافظات وقيمته باعتباره نجل الزعيم عبد الناصر، فالاثنان لعبا دورا حقيقيا في معركتي السابقة، ولا أخوض الانتخابات للحفاظ على الكتلة التي صوتت لي في الانتخابات السابقة، بل لأكسب هذه المعركة التصويتية، اذا توافرت لها شروط النزاهة. واعتمادي على مصدرين هما الأكثر عددا في مصر، الأول هم الحالمون من الأجيال الجديدة بوطن يليق بهم ويعبر عن ثورتهم. والثاني المواطنون المنتظرون لثمار العدل الاجتماعي التي تعوض سنوات الحرمان والسرقة والنهب على حساب الشعب وهؤلاء أمام الصندوق سيعلمون أنني المرشح الأقرب إليهم،
وأعتقد أن العدالة الاجتماعية هي المطلب الرئيسي للمصريين واعتبر نفسي أحد المؤتمنين عليها والمجرب أربعين عاما في النضال من أجلها.

‘الإخوان’ بريئة
من حادث مسطرد

وننتقل الى جريدة ‘المصريون’ التي نشرت في عدد الاحد 16 مارس/اذار خبرا كتبه احمد خالد عن مفاجأة بالفيديو ‘الاخوان’ بريئة من حادث مسطرد قال فيه:’ استبعد أحمد بان الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية تورط جماعة الإخوان المسلمين في تدبير الحادث الذي استهدف الوحدة العسكرية بمنطقة ترعة الإسماعيلية بمسطرد، صباح السبت، وأسفر عن استشهاد 6 جنود من أبناء القوات المسلحة.
وقال بان في مداخلة هاتفية مع برنامج ‘من العاصمة’ الذي يبث على قناة ‘أون تي في ‘ الفضائية (أمس) السبت، أن الحادث يعكس تراجع مستوى قدرات الأجهزة الأمنية التي تتعقب شبكات الجريمة، سواء التي ترتبط بالجماعات الإسلامية أو الجرائم التي تتعلق بشبكات المخدرات ومبيعات السلاح. وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن موقع حادث مسطرد يمثل نفوذا تقليديا لشبكات السلاح والمخدرات، موضحا أن المنطقة لا تحظى بوجود أمني كاف، ويتعرض المواطنين فيها لاعتداءات بشكل يومي.
وقال بان ‘هناك خطرا يستهدف الدولة من تقاطع المصالح بين المجموعات التكفيرية وتجار السلاح والمخدرات، ولكن هذا الخطر يجب ألا يلفت الانتباه الى أن الإخوان قد يكونون خارج نطاق البحث ومن ثم البحث في جوانب القصور الأخرى’.
وأضاف ‘من الصعب الحكم المبكر على انخراط مجموعات من جماعة الإخوان في عمليات عنف واسع، وفي حالة وقوع هذا الانخراط بالفعل فسنواجه وضع أكثر تعقيدا مما نشهده الآن’ .

الاستثمار السياسي
لحادثة مسطرد

ونبقى في الموضوع نفسه ومع رئيس تحرير ‘المصريون’ جمال سلطان ورأيه الذي عنونه بـ’اين الحقيقة في استشهاد الجنود الستة’ والذي قال فيه:’ تداولت مواقع الانترنت شكوكا حول واقعة الهجوم على نقطة شرطة مسطرد واستشهاد الجنود الستة، وتحديدا كانت الشكوك تطرح حول الجهة التي تورطت في هذه الجريمة، وهل هي جماعة الإخوان كما قال المتحدث العسكري، أم هي جماعة ‘أنصار بيت المقدس’ التي نشر بيان باسمها على الانترنت، أم أنها حادث ثأر من إحدى عائلات البلطجة والمخدرات في منطقة شبرا الخيمة التي تقع في نطاقها مسطرد، على خلفية مقتل اثنين من أبنائها قبلها بيوم على يد الشرطة، وهي الحادثة التي أدت إلى فوضى ومصادمات عنيفة حينها، وقطع للطرق وحرق للسيارات ومنع لمدرعات الشرطة من الحركة ومحاولة حرقها، والفرضية الأخيرة نشرها ناشطون منهم الحقوقي هيثم أبو خليل نقلا عن شهود عيان حسبما نسب إليه. والحقيقة أن الفرضيات الثلاث كلها لها حظ من الاحتمال، ولا يمكن الجزم بصحة أي فرضية منها، غير أن الحساسية الأهم تأتي من البيان الذي أصدره المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري العقيد أحمد علي، الذي نسب العملية بعد أقل من ساعة من حدوثها إلى جماعة الإخوان ‘الإرهابية’ حسب تصريحه، وكان لافتا أن تصريحات الشرطة تحدثت عن ‘ملثمين’ قاموا بالعملية الجبانة وفروا، وأن هناك قوات من الشرطة والشرطة العسكرية والتحريات العسكرية والمخابرات الحربية تطوق المنطقة للبحث عن القتلة وللوصول إلى دليل، وقبل الوصول إلى أي دليل يصدر بيان القوات المسلحة لينسب إلى أعضاء بجماعة الإخوان التورط في هذه العملية، هذا هو المحرج والمقلق في الموضوع، لأنه لا يوجد أي منطق أمني ولا واقعي يتيح لأحد أن يحدد الجاني أو المجرم قبل الوصول إلى خيوط حقيقية وإجراء تحقيق يقوم على أسس جنائية صحيحة، أما أن أصدر بيانا أحمل جهة سياسية مسؤولية التورط في العملية بعد ساعة واحدة من وقوعها، ورغم التصريحات المتطابقة من الجهات الأمنية والعسكرية بأنها تبحث عن خيوط الجريمة وتتعقب القتلة للكشف عن هويتهم، فهذا ما كان ينبغي على المتحدث العسكري التحوط له والتريث في إطلاقه .
لا يصح أن نبدو أمام الناس أننا نبحث عن الاستثمار السياسي للحادثة أكثر من اهتمامنا بالبحث الجاد عن القتلة والمجرمين المتورطين في العملية، على الأقل لمنعهم من القيام بعمليات إجرامية أخرى، فقد يظهر بعد ذلك أن العملية قامت بها بالفعل مجموعة بلطجية وتجار مخدرات يعرفون المنطقة جيدا ويعيشون فيها ويدركون كل تفاصيل نقاطها الأمنية، لدرجة أن يقوموا بهذه العملية المروعة بهدوء وكأنهم في نزهة، وبعد أن يرتكبوا جريمة القتل الخسيس يزرعون مواد متفجرة لمزيد من النكاية في أي قوات تحاول نجدة الضحايا، وقد يكون المتورطون مجموعات إرهابية أخرى غير الجهات الثلاث الذين تم توزيع الاتهامات عليهم، وأذكر في هذا السياق أن حادثة شهيرة وقعت في محاولة اغتيال اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية السابق حينها في عهد مبارك، وسارعت مباحث أمن الدولة وقتها الى القبض على عدد من الشباب الإسلامي أخضعتهم ـ بالطبع ـ لحفلات التحقيق الشهيرة وأخذت منهم اعترافات كاملة بارتكابهم الجريمة، وذهبت ببصماتهم إلى مصلحة الطب الشرعي فأكد لهم الطب الشرعي ـ كالمعتاد ـ أن البصمات متطابقة، وأن هؤلاء الشبان هم مرتكبو الجريمة، وتم تحويلهم بالفعل للمحاكمة، ويشاء الله أن يتم القبض ـ مصادفة ـ على مجموعة إرهابية ارتكبت جريمة أخرى، وأثناء التحقيق معهم تكتشف مجموعة التحقيق أنهم هم المجموعة الحقيقية التي قامت بمحاولة اغتيال حسن أبو باشا، واعترفوا تفصيليا وأرشدوا عن السلاح المستخدم وثبت بوجه القطع أنهم هم المجرمون، وتم إطلاق المجموعة الأخرى التي كادت تصل إلى حبل المشنقة ظلما وافتراء، بفعل العجلة في تحميل التهمة لأي جهة والشفافية الزائدة جدا عند الطب الشرعي .
أخشى أن نكرر مثل هذه السقطات من جديد، وأتمنى أن تكون الجهات الرسمية أكثر تريثا وصبرا على مجريات التحقيق حتى نصل إلى المجرمين الحقيقيين، وليس مجرد التضحية بأي بشر، في حين أن القتلة الحقيقيين ربما كانوا طلقاء وربما يخططون لجريمة أخرى’.

التشويش على
برنامج ‘البرنامج’

كما تناولت صحيفة ‘الشروق’ في العدد نفسه قضية التشويش المتعمد على القمر الصناعي نايل سات اثناء عرض برنامج ‘البرنامج’ للاعلامي باسم يوسف ورد الشركة على ذلك:’ قالت شركة نايل سات، إنها تابعت على مدار اليومين الماضيين ردود الأفعال الواسعة جراء التشويش الذي حدث على برنامج ‘البرنامج’، الذي يقدمه الإعلامي باسم يوسف، وتبثه قناة mbc مصر.
وأضافت الشركة، في بيان أصدرته (امس) الأحد، أنه على الرغم من أنها سارعت فور حدوث عمليات التشويش إلى إصدار بيان توضيحي للرأي العام تناول كيفية تعامل الشركة مع تلك الظاهرة، التي طالما عانى منها مشغلو الأقمار الصناعية على مستوى العالم وليس مقتصرًا على القمر المصري فقط، إلا أن بعض التفسيرات حملت أبعادًا لا علاقة لها بالواقع…
وأشارت الشركة، إلى أن عملية تحديد مصدر التشويش تحتاج بعض الوقت للتأكد من الإحداثيات التي ترصدها أجهزة الشركة؛ لذا لم يكن من الطبيعي أن تعلن الشركة عن مصدر التشويش من دون تحديده بدقة وهو الأمر الذي يجري حاليا.
وأكد البيان، أن الشركة سوف تعلن مصدر التشويش بمجرد تحديده بدقة خلال الأيام القليلة القادمة، مشددة على أنها تعاملت بالاحترافية المطلوبة مع ما حدث الجمعة الماضية رغم استمرار التشويش لأكثر من خمس ساعات، مشيرًا إلى أنها تعاونت بشكل كامل مع مجموعه قنوات ‘mbc’؛ من أجل استمرار بث برنامج ‘البرنامج’ سواء على التردد الأصلي، أو من خلال ترددات بديلة وفرتها الشركة في حينها لأن علاقتها بعملائها تقوم على الثقة المتبادلة وليست وليدة اليوم’.

الاستبداد يكون
ضد الجميع

ومن المصريون’ الى ‘الشروق’ ومقال الكاتب عمرو خفاجي الذي يتناول فيه غياب الفكر الرصين في مناقشة الكثير من القضايا يقول:’ إذا كان الاتجاه النقدي العام يؤكد أن العقل العربي عامة، والمصري خاصة، يؤكد الغياب الفكري الرصين في مناقشة قضايا الإسلام السياسي، باستثناء مناقشة هنا أو كتاب هناك، فإننا بذات المقياس نستطيع أن نقول إن العقل العربي أيضا لم يقدم نقاشات جادة بشأن تطور الليبرالية المصرية ومدى إنجازها أو إخفاقها على مدى أكثر من قرن من الزمان، ولم يتبق لنا سوى هجوم متبادل بين المعسكرين، لا يتسم بأي جدية من أي نوع، أللهم إلا في بعض الدراسات العلمية الجادة أو الأبحاث الممنهجة، لكن النقاش المطروح للرأي العام كان في غالب الأحيان عراكا أكثر منه نقاشا وتبادلا للآراء، ناهيك عن الغياب التام لعمليات النقد الذاتي، وربما لم يمارسها سوى عدد قليل من أقطاب الفكر اليساري، لذا يأتي مقال ‘علمانيو مصر أنتم أيضا تنظيم’ للكاتبة بهية صلاح الدين، المنشـــور فى عدد الشروق يوم أمس الأول الجمعة (14 مارس/اذار 2014) ليفتح الباب للنقاش حول هذه القضية…
المقال به الكثير مما يستوجب التوقف عنده، لكن هناك ضرورة تقتضي أن نقف عند غايته الكبرى، وهو حكم العلمانيين طوال هذه السنوات، وأنا ما أعتبره أمرا منافيا للحقيقة، فمن كان يحكم مصر من أنظمة استبدادية، لا علاقة لها لا بالعلمانية (إن وافقنا على المصطلح) ولا بتيارات الإسلام السياسي، بل كلاهما كانا من ضحايا هذا النظام، فسجون الناصرية كما استقبلت جماعة الإخوان لسنوات طويلة، استقبلت أيضا فصائل اليسار المختلفة، وإذا كان هناك من زهقت روحهم من جماعة الإخوان داخل السجون من التعذيب، ففي المقابل زهقت أرواح شيوعيين وليبراليين في ذات السجون، وفي سبعينيات السادات، كان الإخوان (على سبيل المثال) أقرب للمشاركة في الحكم، بينما كان العلمانيون يعانون من الاضطهاد، وما حدث فى العهدين، الناصري والساداتي، تكرر بشكل آخر في عهد مبارك، طبعا طوال العهود الثلاثة كان الضحايا من الإسلاميين أكثر عددا، لأن بعض جماعاتهم حملت السلاح ومارست عنفا وإرهابا واضحا ضد مؤسسات الدولة. أي مراقب أو متابع لسنوات ما قبل ثورة يناير/كانون الثاني، يدرك ببساطة، أن العلمانيين، كانوا في مقدمة صفوف المدافعين عن المعتقلين من جماعات الاسلام السياسي، وكل منظمات حقوق الإنسان التي عملت جاهدة لما يقرب من عشرين عاما في رفض التعذيب ومنح السجناء حقوقهم، كان مؤسسوها ومديروها من العلمانيين، حتى عندما جاء البرادعي قامت القوى العلمانية بصف الاسلاميين إلى جوارهم في الجمعية الوطنية للتغيير، أعتقد أن القصة واضحة: الاستبداد يكون ضد الجميع، ولا عقيدة له سوى الاستبداد، أما الخلافات الأيديولوجية، فيمكن قبولها ومناقشتها، وهذا ما أراه مهما في مقال بهية صلاح الدين، رغم خلافي لما خلصت إليه’.

‘لا مشمش ولا تفاح…
حتى يسقط السفاح’

وموضوع التفاح السوري ونكهته المميزة الذي تعرض لما يتعرض له البشر هناك من تدمير وحرق يضطرنا للبقاء في ‘الشروق’ فالكاتبة المميزة داليا شمس ترثيه لنا قائلة:’ وراء صناديق التفاح التي ترد إلينا من سوريا، عبر طابا ونويبع، أشجار تستحق الرثاء.. بعضها أحرقته القذائف والصواريخ، كما حدث في بساتين ريف اللاذقية، سواء في جسر الشغور أو جبل الأكراد الذي كان ينتج حوالي عشرين ألف طن من التفاح سنويا، لكن إنتاجه انخفض إلى أقل من عشرة آلاف طن، ما جعل المزارعين يقولون إن النظام يعاقبهم على احتضانهم الجيش الحر ويدفعهم للتهجير حتى يتحكم في الساحل. لكن تسللت الحياة إلى بعض الأغصان فأزهرت وأثمرت رغم صعوبة الأوضاع، وهربت من مصير التحطيب.. هنا تصبح التفاحة رمزا للانتصار على الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات ببلد يضم 15 مليون شجرة تفاح وينتج حوالى 350 ألف طن سنويا، فمع بدايات الثورة السورية كان بعض شبيحة النظام يهتفون نكاية فى الإسلاميين: ‘مال المشمش ع التفاح.. دين محمد ولى وراح’، كما ورد على بعض المواقع، فيرد عليهم آخرون: ‘لا مشمش ولا تفاح.. حتى يسقط السفاح’.. هكذا صار التفاح طرفا في المعركة من دون قصد، كما كان من قبل ضالعا في قضية الجولان المحتل منذ 1967 بمحض المصادفة، إذ يشكل العمود الفقري لاقتصاد سوريي الجولان، أي الدروز الذين رفضوا الجنسية الإسرائيلية، واكتفوا بهوية ‘مقيم دائم’، ويقدر عددهم بعشرين ألفا. هؤلاء ينتجون حوالى 50 ألف طن سنويا، وينافسهم المستوطنون اليهود في زراعة التفاح منذ التسعينيات ويسيطرون على حركة البيع والشراء، فما كان من بشار الأسد إلا أن وقع اتفاقا عام 2005 تستورد سوريا بموجبه تفاح الجولان لدعم سكانه وتشجيعهم على الصمود.. وبالتالي يشهد معبر القنيطرة سنويا، في شهر مارس/اذار، حركة نشيطة لتصدير التفاح إلى الشام (رغم الحدود المغلقة)، بدأت بخمسة آلاف طن، واستمرت حتى بعد الثورة، ووصلت إلى حوالى 18 ألف طن نقلت تحت إشراف الصليب الأحمر بواسطة سائقين من كينيا، لكن مؤخرا فضلت إسرائيل توجيه الصفقة إلى غزة خشية عدم قبض ثمن التفاح لتردي الأوضاع في سوريا، بحسب ما ذكرته بعض الصحف… اختفى تفاؤل بدايات الربيع السوري وثورة ‘الأغنيات’، ولم يعد بإمكاننا أن نقضم تفاح الشام بشراهة، من دون أن تمتزج حلاوته بشقاء السياسة.. وقد كتب على التفاح أن يرتبط بها، على ما يبدو، منذ أن غنى الناس قديما في لبنان وسوريا ‘يا محملين العنب تحت العنب تفاح.. كل من حبيبه معه وأنا حبيبى راح، يا ربي نسمة هوى ترد الولف ليا’.. دائما في فراق ومعاناة، وهو ما تشهد به كلمات هذه الأغنية ‘الروزانا’ التي صارت ضمن فلكلور المنطقة منذ الاحتلال العثماني.. وقتها أرسلت تركيا إلى بيروت باخرة باسم ‘روزانا’ محملة بالتفاح لإغراق الأسواق بأثمان زهيدة.. كالعادة تضرر المزارعون وكان التجار على شفا الإفلاس، لجأ هؤلاء إلى نظرائهم في مدينة حلب التي كانت تضم قنصليات وممثليات تجارية لحوالى عشرين دولة منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وطبعا لها وزنها في عملية تنظيم السوق.. تدخل وجهاء التجار هناك، واشتروا البضاعة من بيروت فأنقذوها، وفشلت مساعي ‘الروزانا’ عندما هربوا التفاح من الحكومة ووضعوا فوقه العنب للتمويه.. وكتبت الأغنية الشعبية لشكر أهالي حلب، كما تقول إحدى الروايات العديدة المنتشرة حولها، وجاءت الكلمات كالتالي: ‘عالروزانا عالروزانا كل الهنا فيها.. شو عملت الروزانا الله يجازيها.. يارايحين ع حلب حبي معاكم راح.. يا محملين العنب تحت العنب تفاح’، إلى آخره. استمر الناس إلى اليوم في ترديد ‘الروزانا’، لكن نسوا الحكاية وكالعادة لم يستوعبوا ‘درس التفاح’.. وكالعادة أيضا يظل المتضرر الأكبر هو المزارع والتاجر والمواطن البسيط الذي يؤخذ بذنب آخرين، يقف على أرض محروقة، وسط أشجار تنتظر ما ستأتى به الرياح.. لا يقوى على قطف ثمار التفاح الجميلة الناضجة خوفا من قنابل النابالم.. حتى لو كان شاريه يقف عليه الصقر كما يظهر فى إعلانات التصدير، حاملا صندوق الفاكهة، فهو لا يدري إلى متى سيظل قادرا على الاستمرار’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عبد الله-:

    العلمانيون هم من حكم مصر خلال سنوات الاستبداد فكيف يكونوا من ضحاياه…العبوا غيرها

إشترك في قائمتنا البريدية